أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - امال قرامي - رداء الدين خير «ستار» للعيوب














المزيد.....

رداء الدين خير «ستار» للعيوب


امال قرامي

الحوار المتمدن-العدد: 4183 - 2013 / 8 / 13 - 15:57
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


تمر تونس بأزمة سياسية حادة ترتبت عنها انعكاسات اقتصادية واجتماعية خطيرة أبرزها إقامة الأسلاك الفاصلة بين التونسيين فى ساحة باردو، علامة دالة على انقسام بات واضحا للعيان، وانطلاق مرحلة بناء الجدران العازلة بين فئات من المجتمع: الأغنياء/الفقراء، الكبار/الصغار، الرجال /النساء، الإسلاميون/العلمانيون، المسلمون/الكفار.. ولكن كيف حاول الفاعلون السياسيون إدارة هذه الأزمة؟

تحولت ساحة باردو إلى ركح يعتليه كل من رام اختبار مهاراته: الدعوية ــ الخطابية... الكل يتنافس من أجل تبكيت الخصوم، والتأثير فى الجموع، وتفنيد المزاعم، وتجييش الجماهير.. وفى تكريس ثقافة التباغض والكراهية.. فليتنافس الخصوم.

راهن «أهل اليمين» على تعاطف الأتباع معهم، ومؤازرتهم لحكومة «مظلومةس شكك الخصوم فى شرعيتها التى اكتسبتها عن طريق الصندوق، فى محاولة لاسترجاع سردية الضحية التى يتربص بها «أصحاب الثورة المضادة» و«الانقلابيون»، و«الأزلام» و«أعداء الثورة».. وحين تغيب الإنجازات ولا يلتزم الحكام بالوعود والمواثيق، وتتعدد الأخطاء، ويعسر على المتكبرين الاعتراف بغياب الرؤية والتصور وباضطراب السياسات والمعايير.. حينها يكون الاستناد على المرجعية الدينية خير منقذ، فرداء الدين خير «ستار للعيوب».

ولا غرابة والحال هذه، أن يشبه الغنوشى اعتصام أتباعه فى باردو بفتح مكة، وأن يرى تطابقا بين حال المهاجرين والمدافعين عن الشرعية، وأن يبارك صمود «فتية الإسلام» ودفاعهم عن الثورة... وأن يبرر ما يجرى وفق «نظرية» التدافع السياسى الاجتماعى، وأن يحلله من منظور الفكر الجهادى. فما يحدث اليوم فى تونس ومصر هو «مجاهدات سياسية واجتماعية ودينية» تروم الوقوف بوجه من «سرقوا الثورة» ولذلك ينتصب «المرابطون» فى الساحات للقضاء على الانقلابيين. ولم يفت الغنوشى التوجه إلى أتباعه وإلى الأمة وإلى الثوار فى مصر وسوريا وغزة وغيرها بكلمة يوم العيد يحثهم فيها على المجاهدة والتضحية بالنفس والمال «فى سبيل الله».

ويلوح أننا دخلنا مرحلة التباس المفاهيم وإحداث تشويش متعمد على الجهاز الاصطلاحى بهدف إرباكه. فالثورة تغدو ثورة الصامدين فى ميدان رابعة، وفى اعتصام الشرعية فى باردو، ثورة من أجل إقامة الخلافة من المحيط إلى الخليج. أما الثوار فهم الفئة المظلومة التى اغتصب حقها الشرعية ولذلك فإنها مطالبة بالدفاع عن الثوب الذى ألبسها إياه الله، وتصبح مسئولية السياسيين لا أمام الشعب بل أمام الله.

ولأن هؤلاء يستظلون بالشرعية وبالمرجعية الدينية، ويؤمنون بحكم مكنهم الله منه فإنهم يتصورون أنفسهم الناطقين نيابة عن الله، والمدافعين عن الإسلام. وهكذا تنتقل الخصومة السياسية من مجالها السياسى الرئيس إلى مجال الدينى الذى تحكمه مقتضيات مختلفة ومعايير مغايرة. ويتحول الصراع بين الخصوم السياسيين إلى صراع بين مؤمنين، يجاهدون فى رمضان، وكفار يجاهرون بالإفطار، ويؤدون صلاة العيد مختلطين رجالا ونساء.. وتتحول العلاقة بين الخالق والمخلوق إلى «تدين قشورى»: طقوس تؤدى أمام العباد لنيل صكوك الغفران ويتم الفرز بين «إسلام شعاراتى» و«إسلام مدنى» وتتأسس تبعا لذلك التراتبية بين التونسيين حسب معيار الموالاة.


ولئن كان هذا السلوك الدعوى متوقعا من قبل الإسلامويين فإن المستغرب هو توظيف أهل اليسار للدين من أجل تشكيل صورة مغايرة، والقطع مع النسق التنميطى الذى يقرن العلمانيين بالكفر. فلأول مرة يتم الاستنجاد برجال الدين الزيتونيين، والمناهضين لحركة النهضة لينهضوا بالدعوات والصلوات، ويوشى الخطاب السياسى بعبارات تنتمى إلى المعجم الدينى.

فهل أريد للمسار الانتقالى أن يعيش على وقع الصراع الأيديولوجى بعد أن أفلست كل المحاولات للارتقاء بالفعل السياسى إلى المستوى المنشود؟ وهل سيستمر استغلال الدين والرموز الدينية وعواطف الناس فى ظل الفراغ الفكرى.. فى سباق محموم من أجل التموقع ونيل السلطة؟.



#امال_قرامي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ما عاد «الشعب» قطيعًا يساق قسرًا إلى «بيت الطاعة»
- حكومة شرعية.. وإرهاب واغتيالات سياسية
- إذا الشعب يوما أراد الحياة.. فليتمرّد
- إياك أعنى.. واسمعى يا جارة
- تونس ليست مصر.. ومصر ليست تونس
- مصر التى فى خاطرى
- الدستور التونسى.. بين البسط والقبض
- فى الموقف .. من الإرهاب
- كلٌ يناجى سلفه
- المُستكبرون
- الموازى
- على الخطى «المباركيّة» نسير
- كل شىء بالسيف.. إلا المحبة بالكيف
- «ستربتيز» striptease.... أو عرى الثورة
- ارفعوا الوصاية عن النساء التونسيات
- حرمة المجلس التأسيسي
- حَملتمونا على أعناقكم ...ثمّ هويتم بنا أرضا
- كرّ وفرّ.. وإقبال وإدبار
- إن شعبا لا يُجيد الرقص لا يمكنه أن يُنجز ثورة
- مجلس حكماء.. غيّبوا فيه النساء


المزيد.....




- أبرزهم القرضاوي وغنيم ونجل مرسي.. تفاصيل قرار السيسي بشأن ال ...
- كلمة قائد الثورة الاسلامية آية الله السيد علي خامنئي بمناسبة ...
- قائد الثورة الاسلامية: التعبئة لا تقتصر على البعد العسكري رغ ...
- قائد الثورة الاسلامية: ركيزتان اساسيتان للتعبئة هما الايمان ...
- قائد الثورة الاسلامية: كل خصوصيات التعبئة تعود الى هاتين الر ...
- قائد الثورة الاسلامية: شهدنا العون الالهي في القضايا التي تب ...
- قائد الثورة الاسلامية: تتضائل قوة الاعداء امام قوتنا مع وجود ...
- قائد الثورة الإسلامية: الثورة الاسلامية جاءت لتعيد الثقة الى ...
- قائد الثورة الاسلامية: العدو لم ولن ينتصر في غزة ولبنان وما ...
- قائد الثورة الاسلامية: لا يكفي صدور احكام اعتقال قيادات الكي ...


المزيد.....

- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - امال قرامي - رداء الدين خير «ستار» للعيوب