أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - الرفيق طه - تسييس العفو و اعفاء السياسة ملاحظات اولية في العفو عن البيدوفيليا















المزيد.....


تسييس العفو و اعفاء السياسة ملاحظات اولية في العفو عن البيدوفيليا


الرفيق طه

الحوار المتمدن-العدد: 4183 - 2013 / 8 / 13 - 07:59
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


اثارت قضية المدعو دانييل غالفان ،الاسباني الجنسية من اصول عراقية ، مجمؤعة من النقاشات و الجدالات السياسية ،القانونية و الحقوقية كما اخرجت مجموعة من الملفات من الرفوف و عددا من الشخصيات من مخابئها .
دانييل هذا الذي اغتصب عددا كبيرا من الاطفال وحش مفترس بلا منازع ، حاكمه القضاء في المغرب بثلاثون سنة نافذة من السجن و خمسون الف درهم كتعويض لضحاياه الذين شملهم الملف و عددهم احدى عشر.
و قد اكدت مجموعة من الجمعيات التي تابعت الملف اثناء المحاكمة ان الحكم سابقة في تاريخ القضاء المغربي في ملفات الاغتصاب عامة و الاطفال خاصة . و ما كان لهذه النتيجة ان تكون و بهذه الجدية من طرف القضاة لولا الصرامة و الحنكة التي دبرت بها الجمعيات المدافعة عن الطفولة و حقوق الانسان عامة الملف ، و خاصة الجمعية المغربية لحقوق الانسان .التي نصبت نفسها طرفا مدنيا في القضية .
اثناء المحاكمة و بعدها .كانت الجمعيات الحقوقية ، الطرف المدني ، الى جانب عائلات الضحايا في صف و القضاء و اسلوبه القديم في هذه القضايا في صف اخر . الجمعيات الحقوقية بهيأة الدفاع و ضغط العائلات تدفع باعطاء القضية حقها من الاهتمام كجريمة انسانية، في حين ان الطرف الاخر يتعامل مع القضية بنوع من التبسيط و اعتبارها جزءا من القضايا العادية ، هذه لاعتبارات تمليها عليهم شروط محددة . من بينها الخوف من الحرج في العلاقة مع اسبانيا التي ينتمي اليها المتهم. و السياسة المتبعة في المغرب في هذا المجال .حيث ان الاحكام لا تحددها ،في اغلب الاحيان ،الوقائع و لكن العلاقات و الهواتف و ... كما ان الثقافة التي تحاول الجهات المسؤولة تسييدها هي انكار وجود البيدوفيليا و السياحة الجنسية في بلاد امير المؤمنين . هذا اضافة الى ان الملفات التي تضع فيها الجمعيات الحقوقية يدها طرفا مدنيا يتحكم فيها هدف التاثير السلبي على الجمعيات على مصلحة الضحايا ، حيث يتكلف خدام النظام بتانيب عائلات الضحايا على الجمعيات و هيأة الدفاع ، لافقاد هذه الاخيرة اي دعم و مشروعية او شعبية في اطار حرب لا تتوقف على النضال و التخليق لميدان القضاء و حقوق الانسان .
كانت الجمعيات الحقوقية بصفة عامة تهدف الى اعادة الاعتبار للضحايا و الى نيل المتهم ما يستحق من العقوبة . هدف واضح لا يتضمن لا الانتقام من طرف معين و لا استغلال الملف لاغراض اخرى . مطلبها يختزل في ان تتخذ العدالة مجراها بشكل طبيعي . و اذا كانت العقوبة السجنية قد لبت الهدف المنشود من طرح القضية الا ان تعويضات الضحايا جد هزيلة و لا تستجيب لادنى مستوى التعويض عن الجرم النفسي و الصحي و المادي للضحايا و عائلاتهم . و رغم ذلك بقيت الهيئات الحقوقية تشعر بنشوة الانتصار ، لانها تمكنت على الاقل من تقييد مجرم سفاح و حماية ضحايا اخرين مفترضين من اجرامه .
مرت محاكمة المجرم دانييل في صمت مطبق من طرف كل وسائل الاعلام الرسمية و المنابر في المساجد و الشيوخ الماجورين و المفتيين البارعين و الاقلام المجندة للدفاع عن كل شيء يؤمرون بالدفاع عنه . منابر اعلامية و شيوخ و كتاب و حتى "فنانون" تحت الطلب . و حتى ننصف احدى القنوات التي قدمت الحدث في برنامج يتيم لم يثر الاهتمام الكافي للفت الانظار الى خطورة ملف البيدوفيليا في المغرب . بل ان احد وزراء السياحة سبق و اعلن بشكل رسمي ان المغرب لا يعرف سياحة جنسية بالبثة . رغم ان الوقائع اليومية في المدن السياحية و غيرها تكذب اعلانه .
سنة و نصف من الزمان التي قضاها دانييل غالفان في السجن كافية لطي ملف اعتقاله بصدور عفو ملكي عليه يوم الثلاثين من يوليوز من سنة 2013 ضمن قائمة من 48 معتقلا اسبانيا . من بين المعفو عنهم اضافة الى دانييل غالفان الذي اغتصب احدى عشر طفلا من بينهم طفل في السنة الرابعة من عمره احد اباطرة المخدرات الذي حوكم بتسعة اطنان من المخدرات .
هذا العفو شكل قنبلة لا سابق لها في التاريخ . ليس لعدد المعفى عنهم من الاجانب في يوم واحد و من دولة واحدة غادر ملكها المغرب قبل ايام قلائل في زيارة رسمية ، و لكن لان المعنيون بالعفو لا يتقبل عقل طبيعي العفو عنهم نظرا لجرائمهم بغض النظر عن اي اعتبارات اخرى . كيف يبتلع عاقل تحرير مجرم اغتصب اطفالا في عمر الزهور ليخرج مفترسا اجسادا اخرى .كيف يحرر مفترس اجساد الاطفال و يبقى سجناء ذنبهم انهم عبروا عن قناعات سياسية و ثقافية في الشارع او في المواقع الاجتماعية . كيف يتم العفو عن تجار السموم ، تسعة اطنان من المخدرات ، كافية لدوخة شعب بكامله في لحظة واحدة ، و يتم الاحتفاظ بمن صرخوا في الشارع العام باصواتهم ضد الفقر و الجوع و الرشوة و الاستبداد و الاهانة و الفساد الاقتصادي و السياسي ...
مباشرة بعد اعلان الخبر الصاعقة ان دانييل غالفان مغتصب الاطفال ضمن لائحة المستفيدين من العفو ، ارتفعت الاصوات المنددة و الرافضة للعفو و لقانون العفو . الاصوات المنددة بالعفو معروفة بجراتها ضد السياسات العامة المنتهجة في كل المجالات في المغرب . اغلب هذه الاصوات شخصيات ذاتية من صحافيين و حقوقيين و جمعويين،شباب نساء و شيوخ ، طلبة عمال و فلاحين وعاطلين . و معنوية كالجمعيات
الحقوقية و التيارات و الاحزاب السياسية . اغلب هذه الشخصات و الاطارات انتمت او تنتمي او تدعم حركة عشرين فبراير.
الا ان جل الملاحظين اكدوا على الصمت الذي تبنته جماعات ما يسمى الاسلام السياسي من السلفيين و العدل و الاحسان ... و بعض التيارات التي تحسب على اليسار من الاتحاد الاشتراكي و التقدم و الاشتراكية و اخرون . كلهم انتظروا الاشارات من دوائر النظام لتنخرط اما هنا او هناك .
منهم من التحق بقافلة التنديد و الرفض للعفو بشكل محتشم لم يكن في مستوى اهتمامهم بقضايا خارجية من قبيل الملف السوري و دعمهم المكشوف للتحالف بين القاعدة و حكام الممالك و الامارات الخليجية و التنظيم العالمي للاخوان المسلمين الداعمين لسياسة امريكا و اسرائيل لتدمير سوريا و تقتيل شعبها . او في حملتهم المسمومة بدعمهم اللامشروط لطرف ضد اخر داخل البيت المصري ، و الدفع بالصراع الى ما لا يخدم المقهورين و المهمشين في ارض الكنانة . و الامر هنا يتعلق بجماعة عبد السلام ياسين التي تتعامل مع ملفت مثل هذه بانتهازية لا مثيل لها ، لغياب المبدئية اللازمة في الدفاع عن القضايا الوطنية بعيدا عن الاصطفافات و المصالح الانية لاصحابها .
اما السلفيون مجسدون في شيوخهم فقد اختاروا السكن في وكر التملق و الانحلال بدفاعهم المستميت عن العفو متسترين وراء الدفاع عن امارة المؤمنين ناسين او متناسين انهم بذلك يدافعون ثقافة البدوفيليا و الاستغلال الجنسي للاطفال . مقابل فتات قد يحصلون عليه من كعكة يحتكرها النظام و رموزه من قبيل الحصول على مأذونيات في النقل او غيره او تسهيلات في مجالات معينة او كراسي على منابر خطب الجمعة في المساجد . بل ان بعضهم تجاوز المنتظر منهم الى استعمال الوقاحة باتهام الذين خرجوا ضد العفو بالعاهرة التي تحاضر في الشرف . كلام كهذا صدر من المدعو الشيخ الفزازي و الذي ردت عليه المناضلة بالقلم الصحافية فاطمة الافريقي بلغة الرقي و السمو الذي يتميز مناضلوا الشعب المغربي الاشراف و الذين اختاروا لهم نهج المناضل الفذ و القائد البطل محمد بن عبد الكريم الخطابي برفع شارة النصر ضد الخنوع و الخضوع . لم تكن فاطمة الافريقي ترفع سلاح قلمها امام الفزازي و اسياده بلغة الوقاحة التي عاود الرد بها هو لانها لا تتقنها ، و لكن لان فاطمة و من خلالها كل ابرار هذا الوطن نساءا و رجالا ممن نددوا بالعفو جهرا او في صمت ، تعلمت في مدرسة النضال المغربي ان المدافع عن حقه في الكرامة و الحرية و المستقبل الذي يتساوى فيه كل الناس في الانتماء للوطن و الحقوق المادية اجتماعيا و اقتصاديا و سياسيا ، اقوى من حامل العصا و البندقية ضد ابناء شعبه . فاطمة الافريقي امام الفزازي صورة مصغرة لسعيدة المنبهي امام جلاديها .
و اذا كان المتاسلمون منسجمون مع مبادئهم في انحيازهم الى صف القداسة و البيعة و الحكم الفردي و عمق الاستبداد و تكريس الفوارق الطبقية باغلفة دينية بانتاج فتاوي الحاجة من قبيل عدم جواز الخروج عن الحاكم و انصر اخاك ظالما او مظلوما . فان المثير للريبة هو الصمت الرسمي تجاه الاحداث لما يسمى احزاب اليسار الملكي الذي يشار بها الى التقدم و الاشتراكية و الاتحاد الاشتراكي و الفواصل التي انفصلت عنهما . لم يكن مستساغا لكل المتتبعين ان تتموقع قيادات هذه الاحزاب في صف الدفاع عن العفو بالصمت او الانتظارية القاتلة او البحث عن اكباش فداء تتحمل المسؤولية في ما وقع لتبرئة القصر.ليتركوا قواعدهم تائهة بين مبادئها و مواقفها الراقية الحداثية و المواقف و الممارسات السلبية المدمرة لقياداتهم .
انتشر الخبر كالنار في الهشيم على كل الصفحات و المواقع و المقالات و القنوات الدولية . لكن القنوات المحلية و المواقع التابعة لسياسة" كل ما ياتي به الشيخ حلال " و " قولوا العام زين " وقعت تحت الصدمة ، تنتظر الاشارات لتدافع باي شيء .
منها من كذب خبر وجود المدعو دانييل غالفان ضمن لائحة المستفيدين من العفو ، و هؤلاء جيش ممن يطلق عليهم في المواقع الاجتماعية " العياشة " او البلطجية ، فئة من رواد الشبكة العنكبوتية و الذين في اغلبهم لا مهمة لهم سوى الدفاع عن السياسات الفاسدة للنظام و الهجوم على كل صوت يقول للنظام لا، بدون ان يكلفوا انفسهم عناء استعمال عقولهم ، فقط لانهم يؤدون خدمة لهم عليها اجر . و منهم اقلام مستعارة معروفة بتفاهتها يتقنون التلاعب بالكلمات لنشر الشعودة و الخرافة و رص الصفوف ضد الحرية و العدالة و الدمقراطية و الحداثة تحت يافطة محاربة الزندقة و الاستلاب و العولمة و العلمانية و مجموعة من المفاهيم التي يحشرونها في مقالات، تحمل في طياتها ما لا يمكن الجمع بينه . من رابط.لكن منطق الحاجة يجعل منهم كتابا مأجورين تحت الطلب .
تواترت التصريحات و نقيضاتها ، و القصاصات و نفيها و التعليقات ومعارضوها ، الى حد جعل الاعصاب لدى المعارضين للعفو و صف الدفاع عما يسمى السياسات المخزنية . و مما زاد الغموض اكثر اعلان الحكومة على لسان ناطقها الرسمي السيد الخلفي ان دانييل غالفان تم تسفيره الى بلاده اسبانيا و ان لا علم له هو بالعفو عنه . كان هذا التصريح في واضحة النهار من يوم رمضان و من شخص يدعي الصيام و قيادي في حزب بني على هدف اسلمة المجتمع و الدولة في المغرب .
تصريح الخلفي لم يكن كافيا لسكوت الاصوات التي ترتفع و تزيد توسعا ، بنهجه لسياسة الهروب الى الامام .و قصده في ذلك ان الامر قضي و الشخص رحل و ما قبل الترحيل لا فائدة منه . بل ان الدعوة للتظاهر ضد العفو اصبحت لها اسسها المادية ما دام المعني بالامر مباشرة نهج سياسة الاذن الصماء تجاه الحدث. و ان من يدعون انهم يديرون امور البلاد يصرحون ان لا علم لهم بالعفو عن دانييل .
و ما زاد من توفير شروط الادانة و التنديد بالعفو التصريحات التي يدلي بها وزير العدل الرميد ثم ينفيها فيما بعد ، من قبيل ان العفو اتى في اطار العلاقة بين ملكين لبلدين . و كذلك يدخل ضمن خدمة المصالح الاستراتيجية للبلد . و ان وزارةالعدل نبهت لوجود الشخص المجرم ضمن اللائحة و ان العفو من اختصاص القصر الملكي ...
و لما تبين للعياشة و الماجورين بصفة عامة ان المجرم المغتصب لطفولتنا استفاد من العفو تراوحت كتاباتهم و مواقفهم بين " ملك البلاد يعرف مصلحتها " و " قرار العفو قرار ملكي " ليس لاحد الحق في مناقشته .ليطور البعض منهم موقفه بان الملك لا يمكنه ان يصدر هذا العفو و انما تم توريطه بخطا ما .
هذه الثقافة التي ترسخت لدى فئة مهمة من المثقفين الذين يفتقدون للجرأة العادية لمعرفة حدود السليم منالباطل . بل ان ثقافة تقديس الاشخاص و تكريس ثقافة العبودية لديهم جعلتهم يعطلون عقولهم في تحليل ما يصدر من القصر الملكي . امر يتنافى حتى مع ما نص عليه دستور 2011 الذي تجندوا بما اوتوا من قوة لشرعنته . و من ضحايا هذا الموقف المقيت نادية انور التي من المفترض ان تكون في مقدمة الرافضين لقرار العفو ، فان خوفها من فقدان كرسي تستفيد منه ادعت ان قرار العفو قرار ملكي و القرارت الملكية لا تناقش .
حتى النصوص التي وردت في كتب الديانات خضعت للنقاش و اختلفت فيها الاراء . كيف لقرارات سياسية ان لا تناقش و يبدي فيها العقل الانساني رأيه ؟؟ لكن التملق و الخوف و الانحطاط المبدئي جعل مثقفينا يختارون الظلمة على النور .
المواقف التي توحدت ضد الاحتجاج و التنديد بالعفو كلها تلتقي في مضمون واحد و اوحد هو تبرأة الذات الملكية من الخطأ . مضمون تقديس الملك الذي تم التخلي عنه حتى في الدستور دفعهم الى تأليهه . لان الاعتقاد بان الخطأ لا يمكنه ان يات من الملك ينزع عنه انسانيته و يرفعه الى مستوى الاله الذي لا ياتيه الباطل من جهة...
سياسة النظام و ارتباك اجهزته في ادارة الملف جعلت المنطق التحكمي للحاكمين هو الطاغي ، عوض الوضوح و الشفافية . و هذا ما ابانت عنه المجزرة المجزرة التي ارتكبتها الاجهزة القمعية للنظام مجسدة في وزيرها في الداخلية و رئيس حكومته في حق المحتجين السلميين في مجموعة من المدن المغربية ، خاصة الرباط و طنجة ، ضد العفو عن دانيل دالفان .
ارتباك واضح كرسه و اكده اكثر اول بيان للديوان الملكي اعلن فيه ان شخص الملك لم يكن على علم بوجود المجرم مغتصب الاطفال ضمن لائحة المستفيدين من العفو . و هو نفس الاسلوب الذي ابتدعه السيد الخلفي وزير الاتصال و الناطق باسم حكومة بنكران للناي بنفسه عن جريمة العفو
. البيان الاول لم يكن مقنعا لمن يصرخون في الشوارع و المواقع الاجتماعية و القنوات ضد العفو . لكنه دون قصد رد على العياشة و البلطجية و الاقلام المتملقة و الماجورة على تأليه الملك . الملك انسان يمكنه ان يعلم و ان لا يعلم ، و من يعلم و لا يعلم يمكن ان يخطىء او يصيب ، و قد يقصد و لا يقصد . فقط لانه انسان .ان الالوهية لا يليق بعاقل ان يلصقها بالبشر . .
لكن المواطن البسيط يطرح السؤال : اذا كان وزير الاتصال و الناطق الرسمي باسم الحكومة لا يعلم و ملك البلاد لا يعلم ، فمن يعلم في هذا البلد . ؟ اين هي المسؤولية ، اين الاجهزة الاستخباراتية ، اين وسائل الرصد ....
البيان الاول لم ينهي قصة العفو باعلان تعيين لجنة تحقيق و اجراءات من اجل تحديد المسؤوليات في " الخطأ"، بل انتقلت القضية الى اسبانيا .
فقد طرح الحزب الشعبي المعارض المسألة في البرلمان الاسباني ، كما ان وزارة الخارجية الاسبانية قد حذرت المغرب من المس بملكها و اقحامه في ملف العفو المشتعل . و هذا ما زاد الملف تعقيدا و زاد من تشديد الخناق على النظام في المغرب . و كان موقف اسبانيا ذاك رد واضح على جعل الملف في اطار العلاقة بين ملكين و هو ما يحرج الحكومة الاسبانية امام رايها العام ، خاصة ان الملف التنفيذي لا دور للملك الاسباني فيه ، و ان حكومة في بلد ديمقراطي كاسبانيا اذا تورطت في ملف تحرير مجرم اغتصب احدى عشر طفلا و لو انه اسباني فسيفقدها الاحترام و المشروعية . لذلك تبرأت من الملف بشكل مهني و بوضوح و شفافية امام شعبها .
في خضم هذه الاحداث تطلب نائبة امين الحزب الاشتراكي الحاكم في اسبانيا توضيحا من حكومتها حول حيثيات العفو عن مجرم سفاح كهذا . و تناسلت الاحداث لتعلن اسبانيا اعتقال المجرم دانييل في مورسيا و يصدرالبيان الثاني للديوان الملكي المغربي ليعلن سحب العفو عن دانييل و ليس الغاءه .
هذه الاجراءات التي اعلنها الديوان الملكي المغربي بشكل متأخر لم تكن لتثني المتظاهرين و المنددين بالعفو عن مطلب الغاء العفو و اعلان اعتذار رسمي بوضوح و شفافية .
فلغة الخشب التي انتهجها النظام تجاه مطالب الراي العام منذ بداية الازمة لم تزده الا ضيقا و حرجا امام الراي العام ، سواء القسط الذي خرج صارخا في وجه الحاكمين او الذين يدينون العفو في صمت .
فالعفو ثم امضاؤه من طرف الملك ، و العفو بالقانون الدستوري و فصله الثامن و الخمسون يحتكره الملك . فكل ما يمكن ان ينتج عن العفو او في حيثياته ليست المسؤولية ملقاة على اي كان بمن فيهم لجنة العفو و بكل اعضائها . فالمسؤول الاول و الاخير عن العفو هو الممضي عليه . و اقل ما يمكن ان يقدمه المسؤول هو الاعتذار . و الاعتذار عن الخطأ لن يضع صاحبه الا في موقع الشهامة و الفضيلة . و الواقع ان حتى الاعتذار لن يكون له اثر مادي بناءا على ما راكمته تجربة الشعب المغربي مع نظام جاثم على صدره . اما انكار المسؤولية و سياسة التخفي و الابتعاد الزمني عن الحدث بهدف النسيان و سياسة التسويف فقد ولى عهدها ، بل انها اسلوب يزيد في دعم الادلة على ان المغرب بعيد كل البعد عن الدخول لنادي الدول الدمقراطية حتى بوجهها اللبرالي .في شك . كما انه صفعة في وجه من يدعون امكانية التغيير من المؤسسات و بها . ذلك ان هذا الاسلوب القديم الجديد لم يعد مقبولا في مغرب القرن الواحد و العشرين . فقد فرض فيما قبل بالسجون و الاغتيالات و الاختطافات و سياسات الامر الواقع من قبل الانظام و اجهزته القمعية دون ادنى اعتبار للقيم الانسانية . اليوم اصبحت وسائل التوثيق في متناول الكل .
لهذا لازال مطلب الاعتذار هو ابسط و اقل ما يمكن طلبه لكرامة الاطفال المغتصبين و يعيد للحقوقيين املا في امكانية تطوير اليات التفاعل في المجال القانوني .
فالاعتذار الرسمي عن العفو لا يلغي حق المغاربة فيحيثيات الملف ، بل ان مطلب المغاربة ليس فقط عزل المسؤولين من موظفين سامين سواء متورطين او اكباش فداء ، و لكن بمحاكمة المسؤولين محاكمة عادلة تعيد للجمعيات المعارضة لاغتصاب الاطفال ماء الوجه و للمغرب حرمته من الذين يعبثون بكرامته في الداخل او الخارج . العفو عن المجرم السفاح دانييل غالفان مغتصب الاطفال لم يكن سوى احد الملفات التي تضع كرامة المغاربة على طاوولات النقاش ، فاغتصاب الاطفال و العفو عن المنفذ ليس الا الجزء من ملفات الاغتصاب السياسي و الاقتصادي و الاجتماعي الذي تعرض له شعبنا من طرف اشخاص و مؤسسات و اجهزة طيلة عقود لم ينل المسؤولون عنها نصيبهم من العقاب ، بل ان العفو عنهم جار دون اصداره ، بل تقنين عدم متابعتهم بما سمي بهيأة الانصاف و المصالحة . و التي عاقبت شعبنا مرتين ، مرة من طرف منفذي جرائم ما سموه سنوات الجمر و الرصاص و مرة اخرى حين تم تعويض البعض من الضحايا منخزينة الدولة . و الاحتفاظ للمجرمين بمناصبهم بل تم توشيحهم بالاوسمة و احتفظوا بسرقاتهم من الاموال و العقارات و الامتيازات ...
العودة الى كرامة الشعب و الوطن تطرح على ذوي ضمير حي مسؤلية عدم المصالحة و المساومة في حق الوطن و ابنائه الشرفاء من مناضلين و ابرياء .



#الرفيق_طه (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مصر بين شرعية النص و شرعية الميدان. الجزء الاول
- مصر: الاخوان ، الجيش و المعارضة اي سيناريو
- البيان في علاقة 20 فبراير بالعدل و الاحسان
- فاتح ماي/ ايارللعمال اية علاقة ببن كران ؟
- اليسار و اشكالية النضال الدمفراطي ( مساهمة في ندوة psu 7/8/1 ...


المزيد.....




- رجل وزوجته يهاجمان شرطية داخل مدرسة ويطرحانها أرضًا أمام ابن ...
- وزير الخارجية المصري يؤكد لنظيره الإيراني أهمية دعم اللبناني ...
- الكويت.. سحب الجنسية من أكثر من 1600 شخص
- وزير خارجية هنغاريا: راضون عن إمدادات الطاقة الروسية ولن نتخ ...
- -بينها قاعدة تبعد 150 كلم وتستهدف للمرة الأولى-..-حزب الله- ...
- كتاب طبول الحرب: -المغرب جار مزعج والجزائر تهدد إسبانيا والغ ...
- فيروز: -جارة القمر- تحتفل بذكرى ميلادها التسعين
- نظرة خلف الجدران ـ أدوات منزلية لا يتخلى عنها الألمان
- طائرة مساعدات روسية رابعة إلى بيروت
- أطفال غزة.. موت وتشرد وحرمان من الحقوق


المزيد.....

- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس
- دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني / فلاح أمين الرهيمي
- .سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية . / فريد العليبي .


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - الرفيق طه - تسييس العفو و اعفاء السياسة ملاحظات اولية في العفو عن البيدوفيليا