أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - رياض حسن محرم - إشكالية المادة الثانية















المزيد.....

إشكالية المادة الثانية


رياض حسن محرم

الحوار المتمدن-العدد: 4182 - 2013 / 8 / 12 - 23:35
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


تعقد المشكلة يبدأ من أن تيار الإسلام السياسى يحاول الإتجار بهذه المادة وإعتبار أن جميع التعديلات السابقة عليها حقا مكتسبا حققته الجماهيرفى الطريق لترسيخ مفهومه حول بناء الدولة الدينية وتحقيق ذلك فى دستور حاكم يحدد هوية المجتمع، فمنذ الدستور الأول فى 1923 الذى نص على أن الإسلام هو الدين الرسمى للدولة مرورا بتكرار ذلك فى جميع الدساتير اللاحقة عليه وصولا الى دستور 1971 الذى نص على أن مبادئ الشريعة الإسلامية هى مصدر رئيسى للتشريع وما لحق عليها فى التعديلات التى تم الإستفتاء عليها فى 1980 من كون الشريعة هى المصدر الرئيسى للتشريع، ومغازلة التدين الشعبى للأغلبية الساحقة من المصريين والدعاية المزيفة للحديث عن تطبيق شرع الله وأن أى إنتقاص من تلك المادة هو عداء للإسلام ومحاولة للإنقضاض عليه.
فى دستور 2012 الذى تم وضعه من قبل الإسلاميين بعد إنسحاب ممثلى التيار المدنى من الجمعية التأسيسية تم الإبقاء على تلك المادة التى جرى حولها صراع طويل بين التيار السلفى وبعض الإسلاميين المعتدلين وعلى رأسهم ممثلى الأزهر حيث كان هناك إصرار على إستبدال كلمة مبادئ بأحكام الشريعة الإسلامية و فى النهاية تم الإبقاء على هذه المادة دون تغيير لكن تم إضافة مادة تفسيرية لها هى المادة 219 التى فسرت كلمة مبادئ بأنها (مبادئ الشريعة الاسلامية تشمل أدلتها الكلية، وقواعدها الاصولية والفقهية، ومصادرها المعتبرة، في مذاهب أهل السنة والجماعة) وعليه فإن نص المادة الثانية يقرأ قراءة مفسرة على النحو التالي: (الاسلام دين الدولة، واللغة العربية لغتها الرسمية،والمصدر الرئيسي للتشريع هو كل ما جاء في القرآن والسنة الصحيحة، والقواعد المستنبطة من عموم الأدلة الشرعية التي لا اختلافَ عليها والتي تحقق مقاصد الشريعة، والقرآن والسنة والإجماع والقياس حسب مذاهب أهل السنة والجماعة)، كما ذكر فى المادة الرابعة الخاصة بالأزهر النص على أن "يؤخذ رأي هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف في الشؤون المتعلقة بالشريعة الإسلامية" وليست المحكمة الدستورية العليا، وهو ما يعتبر فى حقيقته دستور دينى وضع لدولة دينية على المذهب السنى لا يماثله على مستوى العالم إلاّ دستور الجمهورية الإسلامية فى إيران الذى تنص المادة المادة الثانية عشرة فيه على أن "الدين الرسمي لإيران هو الإسلام والمذهب الجعفري الاثني عشري هو المذهب الرسمى، وهذه المادة تبقى إلى الأبد غير قابلة للتغيير" ، وبذلك يتأكد وجود دولتين ينص دستورهما ليس فقط على الهوية الإسلامية ولكن تحديد المذهب الحاكم أيضا، وهذا طبعا بالإضافة الى الدولة العبرية التى لا يوجد دستور حاكم لها ولكنها تصّر على إعتبارها دولة يهودية.
هى إذن المعضلة التى تواجه من يقومون بصياغة وثيقة للدستور بعد الموجة الثورية الثانية فى 30 يونيو والقرار بتعطيل الدستور وتشكيل لجنة لتعديله، وليس أمامهم الاّ خيارين إمّا العودة الى النص المعدل فى دستور 71 وهو أن تكون مبادئ الشريعة هى المصدر الرئيسى وهو ما سيعارضه تيار الإسلام السياسى أو الرجوع الى النص الأصلى فى هذا الدستور وإعتبارمبادئ الشريعة إحدى مصادر التشريع، وفى كلتا الحالتين سوف يحدث خلاف كبير بين التيارين المدنى والإسلامى وسيحدث شئنا أم أبينا إنشقاق مجتمعى حول تلك المادة، لذا وطالما أن المتوقع ذلك فأرى أن يتم إنتهاز فرصة تلك اللجنة المتوازنة بالعودة الى النص الأصلى فى دستور 71.
سألت أحد السلفيين عن مضمون الدساتير السابقة والقوانين المعمول بها وهل يوجد فيها تعارض مع ما تدعون اليه سوى قضية تطبيق الحدود "المختلف على تفسيرها" فلم يجد إجابة مقنعة وأخذ يلف ويدور كى يجد مثلا واحدا سوى القول بحد السرقة أو الزنا أو شرب الخمر..الخ، فى الحقيقة هم لا يدركون حقيقة ماذا يريدون مما يقولون عنه قوانين إسلامية سوى السلطة وفرض هيمنتهم على الحكم والعودة الى مجتمع بدائى متخلف لا يختلف كثيرا عمّا حدث فى أفغانستان أو الصومال، وما فائدة البرلمان إذن إذا كان مقيدا فى تشريعاته بما هو موجود فى مذاهب أهل السنة، أليس بالأولى أن يقوم على ذلك مجموعة من المشايخ أو علماء الفقه والحديث، وتكون هيمنة رجال الدين على صانعى القرار مثلما الحال بسيطرة الملالى وآيات الله على إيران ووجود مجلس لتشخيص مصلحة النظام كلمته لا ترد وله اليد العليا فى تقييد الحريات والإبداع وجميع أشكال الحياة.
المشكلة فيما يبدو أكبر بكثير من النص على مذاهب أهل السنة والجماعة فى توضيح المادة الثانية وهى فى الحقيقة تكمن فيمن سيقوم على تفسير تلك القوانين حيث أنه لم يتفق فقهاء الإسلام على رأي واحد بالنسبة لأي من مفردات الشريعة الإسلامية، فهناك تأويلات كثيرة وفتاوي أكثر بلا عدد، تصل بنا في كثير من الأحيان إلي الرأي وعكسه تماما، ولم يوجد من يستطيع أن يُرَجِّح أي الآراء هو الأصح وعلى أى من المذاهب الأربعة سيتم ترجيح هذه الآراء، وحتى الشورى فى حد ذاتها هناك آراء حول هل هى ملزمة؟ أم يرّجح الرأى القائل بعدم وجوبيتها، وهل قضية الإجتهاد واردة أصلا أم أن باب الإجتهاد ما زال مغلقا.
بالرغم من إستحداث المادة الثالثة فى الدستور وتخص الديانات الإبراهيمية الثلاث وحدهم وتنص على (مبادئ شرائع المصريين من المسيحيين واليهود المصدر الرئيسى للتشريعات المنظِّمة لأحوالهم الشخصية، وشؤونهم الدينية، واختيار قياداتهم الروحية)، وذلك دون التطرق لحقوق أصحاب الديانات المختلفة كالبهائيين فى حرية ممارسة شعائرهم وذلك بدور العبادة التى حددتها لهم أديانهم وإقتصار السماح للديانات الابراهيمية على أحوالهم الشخصية، لكن يبقى الموقف فيما لم تنص عليه شرائعهم تلك خاصة إذا تعارضت مع الشريعة الإسلامية مثل رجم الزانية أو قطع اليد للسارق أو الزواج الثانى للأقباط، هل يمكن التفرقة بين أبناء الوطن الواحد فى العقاب، وهل يسمح لغير المسلمين بالسرقة أو بالزنا بدون عقاب أو بعقوبة مخففة مثلا، فى الواقع لا توجد إجابة مقنعة عن تلك الأسئلة.
يبقى فى النهاية أننا أمام إمتحان صعب فهل نبقى على المادة الثانية على ما هى عليه فى دستور 2012 أو نعود الى تعديل 1980 أو الى الأصل كما جاء فى دستور1971؟ ، جميعها خيارات صعبة ولكن ليس أمام لجنة الصياغة الاّ أن تقترح دستورا عصريا يتخلص من كل تلك المفردات التى تجاوزها الزمن وتخطتها تجارب الدول الديموقراطية الحديثة فى جميع أنحاء العالم.



#رياض_حسن_محرم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- متلازمة الإخوان -Ekhwan Syndrome-
- القطبيون الجدد
- عن الحسن بن على ..وحقن الدماء
- لماذا تبدل موقف المصريين من القضية الفلسطينية؟
- الإخوان وأوهام دولة الخلافة ..(العثمانيون نموذجا)
- إخوان مصر ..وتكرار النموذج الجزائرى
- 30 يونيو ...صراع بين رأسماليتين
- اليوم التالى .. Next day--
- هانى عمار ...ذلك المقاتل العنيد
- فكرة ربط نهرى النيل والكونغو بين الحقيقة والخيال العلمى
- جوزيف روزنتال..ذلك الشيوعى التائه
- تجربة اليسار فى أمريكا اللاتينية
- من التاريخ الفضائحى للإخوان.. عبد الحكيم عابدين ونساء الجماع ...
- إغتيال حسن البنا ... حصاد العنف
- إيران والإخوان المسلمين
- يهود مصر .. عود على بدء (2)
- يهود مصر ..عود على بدء
- سؤال الوقت... كيف؟
- تحية فخر واعزاز الى أحفاد -محمد نور الدين-
- الإخوان المسلمون ..محنة رابعة أم جرس النهاية


المزيد.....




- مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال ...
- الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي ...
- ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات ...
- الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
- نزع سلاح حزب الله والتوترات الطائفية في لبنان.. شاهد ما قاله ...
- الدعم الأميركي لكيان الاحتلال في مواجهة المقاومة الإسلامية
- إيهود باراك يفصح عما سيحدث لنتنياهو فور توقف الحرب على غزة
- “ألف مبروك للحجاج”.. نتائج أسماء الفائزين بقرعة الحج 2025 في ...
- “ماما جابت بيبي” تردد قناة طيور الجنة الجديد 2024 بجودة عالي ...
- طقوس بسيطة لأسقف بسيط.. البابا فرانسيس يراجع تفاصيل جنازته ع ...


المزيد.....

- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - رياض حسن محرم - إشكالية المادة الثانية