خديجة بلوش
الحوار المتمدن-العدد: 4182 - 2013 / 8 / 12 - 06:55
المحور:
الادب والفن
من بعيد بدت كفزاعة بشعرها الأشعث وثوبها الفضفاض تحركه الريح كشراع مهترئ... كل الألوان كانت تغازل جسدها النحيل إلى أن اقترنت بلون محايد.. هالات الأرق ونظراتها الغائرة شحوب يعلو شفاها منفرجة.. حوار يبدو عالقا .. يداها المتعرقتان تتحسسان جهتها اليسرى.. قلبها المتخم بالألم يهدد بالإنفجار... صوتها يتردد بالهواء: "أنا مشغول... نتحدث لاحقا" قالها بتبرم وحنق قبل أن يقفل الهاتف ... ظلت تكابر .. تمنع دمعها من الهطول.. حرقة وغصة بالحلق... هذا الشاطئ يذكرها بكل جنون اللحظات الماضية.. ذات الأمواج كانت شاهدا على لقائهما الأول.. ذات صدفة .. نفس السماء احتضنت لحظات ظنتها ستكون امتدادا لفرح طال انتظاره
_ لا تبدين أبدا كبطلة كتاباتك.. قال مازحا
_ كيف بدت لك تلك التي تسكن حروفي؟
_ مغرورة.. متكبرة
_والآن بعد أن رأيتني...؟؟
_ رائعة أنت.. بسيطة... خجولة.. مد يده لامس أناملها... فاختزل كل مسافات الألم... أحرق مراحل بدت مستحيلة... بلمسة فقط... تكررت اللقاءات... واستمر صوته في الهاتف يحملها كنسمات مسائية تعيد الحياة بعد قيظ قاتل
_ أنت قدري.. همس يكسر آخر حاجز بينهما.... صمتها الباذخ .. إعلان لانتصاره.. هاتفه المقفل.. غيابه المتكرر... شيء كانت تخشاه.. اسمه الرحيل... صوت النوارس يوقظها من شرود يلفها كل حين.. هدير الموج يسكن حواسها.. زبد يتكسر تحت خطواتها المثقلة.. ثمة ضباب يقترب... للرمال أيضا ذاكرة تشبه ذاكرة الوجع.. الهاتف في يدها... وهدير البحر يرتفع.. صوت يهمس لها...
_"ارمي إلي بحزنك... ثقي بي...".
تردد الصوت إلى أن ملأ كل إدراكها... قذفت بالهاتف ... وابتلعته الأمواج... فجأة اختفى الوجع....
#خديجة_بلوش (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟