أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - محمد الحمّار - تونس: إنقاذ وطني بلا سلطة للتجديد الديني؟














المزيد.....

تونس: إنقاذ وطني بلا سلطة للتجديد الديني؟


محمد الحمّار

الحوار المتمدن-العدد: 4182 - 2013 / 8 / 12 - 03:57
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


يبدو أنّ المعارضة التونسية، أو بالأحرى المعارضات، فكرت في كل شيء، في برنامج الإنقاذ الوطني وفي كل الترتيبات والآليات التي من شأنها أن تساهم في إنجاح مسار الإنقاذ، لكنها لم تفكر أبدا في الآلية الضرورية والحياتية التي من شأنها تمكين نفسها والمجتمع بأكمله من مجابهة الاحتقان العام والواقع المظلم وتجتث الشر من جذوره: سلطة للتجديد الديني.

لا يكفي إعداد اعتصام الرحيل والسهر على مواصلته، ولا يكفي إرساء جبهة للإنقاذ الوطني وما سيتمخض عنها من مجلس أعلى للإنقاذ الوطني يعنَى بتحقيق الأهداف العاجلة المتفق عليها بين أحزاب المعارضة المنضوين تحت راية جبهة الإنقاذ مثل تشكيل حكومة كفاءات مستقلة وغير متحزبة، وإصلاح مشروع الدستور، و إعداد القانون والمجلة الانتخابيين، وتفعيل الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، وإجراء استفتاء حول الدستور. لا يكفي كل ذلك، وما شابه ذلك، إن لم تعِ المعارضة وكل الطبقة السياسية بأنّ السبب الحقيقي للورطة التي نحن فيها، مهما تعددت أسبابها المباشرة ومهما تجلت بكل قوة مرارا وتكرار (إخفاق حكومة الترويكا؛ تدني مستوى المعيشة؛ استشراء الفساد والعنف والإرهاب وما إلى ذلك مما نعيشه ونتألم منه يوميا)، يبقى انغلاق المجتمع، نخبا وسياسيين ودهماء، على كل أفق مؤدٍّ إلى الفهم الرشيد لطبيعة الإسلام السياسي، مع أنه هو الذي يحكم البلاد منذ ما يقارب العامين.

فبينما الإسلام السياسي ظاهرة زائلة بزوال أسباب بروزها، يُصر المجتمع على تناوله وعلى التعامل معه كواحد من المكونات السياسية ، والحزبية بالخصوص، المرشحة لأن تدوم. بينما التحزب باسم الدين حالة فريدة في تاريخنا بما أنها استنساخ ركيك ومعقد للنموذج الأوروبي والأمريكي في مجال التعامل مع الفكر السياسي ذي المرجعية الدينية، تحرص مجتمعاتنا، باسم كلمات خيرٍ مثل التسامح وقبول الاختلاف وشجب الإقصاء، على التعامل مع الأحزاب الدينية وعلى رأسها حزب حركة النهضة لكأن هذه الأحزاب لم تكن ذات طبيعة هجينة، لكأنّ التحزب الديني لم يكن بالأساس تعبيرا عن مشكلة عميقة ودفينة أكثر منها دواء لداء أو بديلا لنظام فاسد.

ليس الإسلام السياسي بالبديل عن الديمقراطية ولا عن الجمهورية ولا حتى عن المُلُكية. ولا علاقة للإخوانية (المصرية والتونسية والعالمية) بهاته المفاهيم ولا بالباراديغمات المؤسسة لها. أما الدليل على ذلك فهو أنّ في غضون عامين اثنين، أو ما يزيد، لم يسفر الحكم الإخواني في مصر وتونس إلا على الانقسام والفرز والحقد المتبادل والكره الدفين. وهذا مما لم ولن يساهم في خلق المناخ المطلوب لما يسمى (إنشاءً) بـ"الوفاق" أو "التوافق".

في ضوء ذلك ، هل ينجز إنقاذ وطني في ظل هذا الاحتقان، أم أنه يتطلب تسريحا مسبقا له حتى يخلو للمجتمع الجوّ بأن يستعيد الناس ملكة الإصغاء إلى بعضهم البعض وبأن يتشارك الفرقاء السياسيون مع بعضهم البعض؟

ما من شك في أنّ خصوم النهضة لا يضمرون لا الكره ولا الشر لأتباع حزب النهضة بعينهم ولكنهم في المقابل مستاءون أيما استياء مما يمثله هؤلاء: الظاهرة المتأسلمة. إذن ما من شك في أنّ القابلية الجماعية للعمل الإيجابي والمؤدي إلى الوفاق الحقيقي وإلى إزالة البغضاء (المفتعلة) بين أتباع النهضة وأتباع التحرر من مفعول هذا الحزب لن تأتي كنتيجة لمجرد برنامج للإنقاذ، لا في شكله المصري (تدخّل الجيش) ولا في شكله التونسي الحائم حول بارونات السياسة (التقليدية) والفكر السياسي الميت. وإنما برنامج الإنقاذ الحقيقي هو الذي من المفترض أن يصاغ طبقا لمتطلبات المرحلة وبناءً على الحاجيات الحقيقية للفرد والمجتمع.

بالتالي، أليس من الضروري الآن تشكيل سلطة للتجديد الديني (متكونة من علماء الدين ومن علماء الدنيا) تعنى برَتق البَون الحاصل بين "كيف يرى المجتمع المشكلة" و"كيف هي المشكلة بالضبط" حتى يصحح هذا الأخير نظرته إلى الأمور والأحوال، وذلك بأن تعمل هذه السلطة على تسهيل خندقة الوازع الديني في داخل سبل غير السبيل السياسي؟

وتكمن الضرورة لتحقيق هذا الإنجاز في أنه ليس بالإمكان مطالبة سلطة الإسلام السياسي الحاكمة حاليا، تبعا لكونها خصما وحَكَما في الآن ذاته، بأن تكون هي المحررة للفكر الديني بصفةٍ تسمح له بالتقاطع الإيجابي والطبيعي والمرِن والسلس مع الفكر السياسي، وبصفة تهيأ بواسطتها المناخ الملائم للإنقاذ.

حوصلة كل هذا أنّ غض المجتمع بصرَه، قطعيا ونهائيا، عن الدين كلصقٍ للسياسية من شأنه أن يحرر الدين والسياسة معا وفي الآن ذاته، وكذلك المجتمع بكل مكوناته بما فيها المكوّن الإخواني "النهضوي"، فتكون النتيجة أن تكسب هذه المكونات الثقة اللازمة للاستعداد للتحاور وللتشاور في ما بينها على أسس إنقاذية فعلية.



#محمد_الحمّار (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المجتمع والإخوان: طرقُ الباب بلا تطرّق إلى الأسباب؟
- مصر وتونس: انقلاب الضلالة أم انقلاب على العمالة؟
- تونس: على النهضة أن تغير اسمها أو أن تتحول إلى جمعية
- تونس: توحيد العقيدة التشريعية ضمانة الإنقاذ الوطني
- تونس: اعتصام الرحيل وعربة بلا سبيل؟
- لماذا هناك سلفيون وإخوان وما البديل؟
- الاغتيال السياسي في بلاد الإسلام والإسلام الموازي
- هل اغتيلت الديمقراطية باغتيال محمد براهمي؟
- هل من انقلاب علمي على الإسلام السياسي؟
- متى سيمرّ العرب من الديمقراطية التابعة إلى المصلحياتية؟
- تونس: باكالوريا أم امبريالية الرياضيات؟
- تونس: هل انقلبت علينا الديمقراطية؟
- تونس: هل التجديد التربوي مسألة مباهج أم مناهج؟
- من تحزب خان..
- تحكمت بنا كلمة فاستباحتنا موزة..
- تونس والسلفية: هل عُدنا إلى التعلل بدولة القانون؟
- ما البديل عن الديمقراطية الإرهابية؟
- المشروع العربي التونسي: -مدرسة ومجتمع الغد-
- تونس بين الإبهام والإرهاب
- ما -الإسلاميات اللغوية التطبيقية- وما -اليسار المؤمن-؟


المزيد.....




- المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه ...
- عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
- مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال ...
- الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي ...
- ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات ...
- الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
- نزع سلاح حزب الله والتوترات الطائفية في لبنان.. شاهد ما قاله ...
- الدعم الأميركي لكيان الاحتلال في مواجهة المقاومة الإسلامية
- إيهود باراك يفصح عما سيحدث لنتنياهو فور توقف الحرب على غزة
- “ألف مبروك للحجاج”.. نتائج أسماء الفائزين بقرعة الحج 2025 في ...


المزيد.....

- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - محمد الحمّار - تونس: إنقاذ وطني بلا سلطة للتجديد الديني؟