أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - سلام ابراهيم عطوف كبة - حوار هادئ مع ائتلاف المهندسين العراقيين















المزيد.....



حوار هادئ مع ائتلاف المهندسين العراقيين


سلام ابراهيم عطوف كبة

الحوار المتمدن-العدد: 1196 - 2005 / 5 / 13 - 09:25
المحور: المجتمع المدني
    



- مقدمات نهوض حركة هندسية ديمقراطية
- المواثيق الائتلافية تتجاهل التشريعات الجديدة للأنظمة الداخلية
- دمقرطة الحياة الهندسية اغفلها عمل الائتلاف
- التستر على الدور الطبقي النفعي للتكنوقراط
- كيفية الفصل بين النقابة والوكر القمعي
- نواقص التزاماتية في المواثيق الائتلافية بالمضمار المهني
- المواثيق الائتلافية خطوة ارتدادية خطيرة
- الائتلاف يقف صامتا امام الاعتداءات الاجرامية


مضى على سقوط النظام الدكتاتوري في بغداد وتنفس الصعداء اكثر من عامين كانا كافيين لغربلة الاوضاع الاجتمااقتصادية والسياسية في البلاد رأسا على عقب .... ورغم ما حققته المؤسساتية المدنية الوطنية في هذه المدة الوجيزة من تقدم باتجاه ترسيخ اسسها كصمام امان الديمقراطية الحقة في بلادنا ، واجراء الانتخابات العامة
..... الا ان ضعف وهشاشة مؤسسات الدولة الوطنية ، وتفشي الفساد الاداري والاقتصادي والاجتماعي ، وتقليعة كسب المال بيسر ، وبيزنس الرشوة ... وتردد مجلس الحكم والحكومة الانتقالية .. وجاهلية تشيع وطائفية الحكومة المنتخبة ما شاء الله ... وتزمت وضيق افق النخب السياسية الفاعلة ... وبقاء الاحتلال الاميركي وتخبطه جاثما على صدور ابناء شعبنا الابي الى جانب نشاط الزمر التدميرية العدمية وعصابات محاكم التفتيش الصدرية وجهابذة الذهنية العنصرية الصدّامية والانتهازية والوصولية المعادية للمسيرة التحررية الوطنية للشعب العراقي ... قد اسهم في تعثر النهوض السليم المعافى لهذا البناء المؤسساتي المدني . وتعد تجربة المؤسسات النقابية والعلمية الهندسية وبالاخص نقابة المهندسين العراقية ونظيرتها الكردستانية أسطع برهان على الواقع المأزوم هذا .
• مقدمات نهوض حركة هندسية ديمقراطية
لسنا بصدد استعراض ما جرى ويحصل اليوم للكيانات الهندسية العراقية وهي منظمات ونقابات غير حكومية كما يفترض ... وما حصل في انتخابات ايار 2003 الصورية من محاولات اقتناص الفرص واستغفال الجموع الهندسية .. وقرار مجلس الحكم المبجل المرقم (27 ) في 25 / 8/2003 عشية انتخابات نقابة المهندسين بايقاف الحركة الانتخابية النقابية في العراق الى اجل غير مسمى بحجة اعداد دساتير و لوائح داخلية وبرامج عمل تنسجم مع مرحلة ما بعد الدكتاتورية ... وافتقار نشاط ائتلاف المهندسين العراقيين لسياسة الحزم في التعامل مع معطيات الاحداث وهو الذي يفترض به ان يتولى زمام قيادة النقابة لطيفه السياسي المتنوع والعريض المؤلف من اكثر من 35 حزبا . ولكن يبدو اليوم اكثر من اي وقت مضى نضوج مقدمات نهوض حركة هندسية ديمقراطية نقابية في العراق تنظم شؤون المهندسين المهنية وتحقق مصالحهم المرتبطة اساسا بالمصالح الوطنية لعموم الشعب ... وتنسجم مع واقع تواجد عشرات الآلاف من المهندسين محرومين ليس فقط من دورهم في الحياة السياسية وانما ايضا من حقهم الطبيعي في العمل والتنظيم النقابي الامر الذي انعكس في حرمانهم الحرية لتأسيس مؤسساتهم النقابية وفق ارادتهم الحرة ودون التدخل في شؤونهم الداخلية عن طريق السلطات او الاحزاب او المرجعيات الطائفية والولاءات اللاوطنية ... وبالتالي تعرضهم للارهاب والاضطهاد والملاحقات .
كانت مرحلة حكم حزب البعث الارهابية من اشد المراحل قسوة وهمجية ليس ضد الطبقة العاملة و حركتها النقابية فحسب وانما ضد جميع الفئات الاجتماعية التي كانت الدكتاتورية تشك بولائها وضد تجمعاتها المهنية والاجتماعية والثقافية ... ومنهم المهندسون بالطبع .... وقد بدأت هذه المرحلة بالسمات الاكثر عدائية ضد العمال ونقاباتهم ، واتسمت بالهيمنة على عموم الحركة النقابية وتجييرها ، والغاء استقلاليتها الحرة ، محرفة توجهاتها الديمقراطية وابدالها بتوجهات حزبية ضيقة لعبادة الفكرة الشمولية في الفرد القائد والحزب القائد والعشيرة القائدة والعرق القائد في الدولة الكومبرادورية مستهدفة افراغ مضامينها التقدمية بالقمع والارهاب . وفي هذا الاطار توالت القرارات القرقوشية (72) ، (91) لعام 1977... (190) ، (543) لعام 1984.... لتجريد العمال من التنظيم النقابي وتعطيل بنود و مواد قانون العمل رقم (150) وقانون التقاعد والضمان الاجتماعي ، وقرارات أرباب العمل - إلغاء الحقوق النقابية في قطاع الدولة(52،71،...،150) لعام 1987 ، وأفراغ قوانين الإصلاح الزراعي رقم 30 لسنة 1958 ورقم 117 لسنة 1970 من محتواها لصالح بقايا الإقطاع وكبار الملاكين. وحولت الدكتاتورية عموم النقابات الى ثكنات عسكرية تجبر الجميع للأنتماء اليها خرقا لمواثيق و دساتير ولوائح الامم المتحدة ومنظمات العمل الدولية والاقليمية والاتحاد الدولي للمنظمات الهندسية ( WFEO ).. وتجاوزت هذه الضغوط الى الاجبار للانتماء لحزب البعث .. وكان الرفض يواجه اقصى الاحتمالات قسوة بالاضرار المادية والمعنوية والجسدية للرافضين . ولم يسلم لا المهندسون ولا العمال من الحروب الكارثية بعد زج الملايين في سعيرها ، وادت الى الغاء المتبقي من المكاسب القليلة جدا بالاصل . وخشيت الحكومات العراقية المتعاقبة منذ العهد الملكي من انبثاق مؤسسات نقابية هندسية ذات طابع جماهيري ضاغط تضم كوادر من انحدارات عمالية وفلاحية .
لم يستطع المهندسون العراقيون نتيجة الإرهاب الدموي الشامل أن يقوموا بما يمليه عليهم الواجب الوطني والوقوف إلى جانب مطالب الشعب العادلة في الحرية والديمقراطية والسلام. وتراجعت عموم الحركة المطلبية بالواقع وانحسر الدور الفاعل للحركة الهندسية الديمقراطية وساد الركود الحياة الهندسية واصطنعت الحواجز القسرية بين العمال والمهندسين وبين المهندسين والمثقفين وشاع بين الجميع الخوف من بطش السلطة . واستثمر النظام هذه الأجواء للامعان في إذلالهم والنيل من كرامتهم . ان ما حل بالمهندسين العراقيين كان عن جهد واع وتصميم مسبق لسياسة الطغمة الحاكمة لتحويل أبناء الشعب إلى قطيع من الأرقاء مغسولي الأدمغة يسهل تسخيرهم لخدمتها والى بوق في الفيلق الميكافيلي الإعلامي المهلل للنظام .... وبينما لجأت أعداد متزايدة من المهندسين إلى ترك النشاط السياسي والانخراط في العمل الحر الخاص والأخطر المساهمة في مشاريع التصنيع العسكري الضخمة للدكتاتورية ، آثر قسم آخر إلى ترك الوطن والهجرة في حين تعرض القسم المتبقي للاضطهاد والقمع والإعدامات والانضمام لمعارضة الدكتاتورية عمليا عبر الأحزاب السياسية في شمال الوطن وبلدان الجيرة والمهجر .. حينها تعاظم خراب النقابات الهندسية وتآكل المراكز الأكاديمية الهندسية. وقد تعمدت الدكتاتورية الفصل المصطنع بين الأنشطة السياسية والثقافية والهندسية بهدف إذابة المهندس في الجسم السياسي الحاكم أو دمجه بالنشاط الإنتاجي اليدوي ليبتذل ويفقد استقلاليته . والناتج هو تدني الثقافة الهندسية العلمية كونها سلطة معرفية ، وفقدان الاستقلالية الهندسية ، والتبسيط الجامد لإشكاليات الوسط الهندسي .
• المواثيق الائتلافية تتجاهل التشريعات الجديدة للأنظمة الداخلية
احتكمت نقابة المهندسين العراقية وجمعية المهندسين العراقية الى لوائحهما الداخلية وبرامجهما ذات الطابع الضبابي العام المعبرة عن مصالحهم الاجتمااقتصادية والمهنية المتناقضة منذ تأسيسهما .. وهذا ما عكسته قوانين رقم (62) لعام 1959 ، رقم (28) لعام 1967 ، رقم (7) لعام 1971 ، رقم (51) لسنة 1979 ، والقوانين اللاحقة التي عاصرت عهد الطغيان الشمولي وهمشت دور المؤسسات الهندسية إلى درجة كبيرة حتى بات نشاطها شبه مجمد. ومنذ تأسيس النقابة غطى الصراع السياسي الحاد على الأهداف المهنية وسخفها فتضررت مصالح المهندسين وفرضت الدكتاتورية ازلامها على قيادة النقابة وشجعت النشاط الطفيلي والمقاولات وطغى الطابع التجاري على العقود الهندسية وانحسر الجانب الأكاديمي والعلمي للمهنة الهندسية واختلطت أوراق وقواعد مزاولتها لتنفتح الأبواب واسعة أمام الأرباح الطفيلية للمهندسين بدعم من الأجهزة القمعية وأثرياء الحروب. هكذا كانت المؤسسات النقابية الهندسية كنقابة المهندسين العراقيين ونقابة المهندسين الزراعيين ونقابة ذوي المهن الهندسية الفنية نماذج صارخة للمنظمات السلطوية وعامل تجميد لطاقات الشبيبة الهندسية وإعاقة حقيقية في مسعاهم للدفاع عن حقوقهم ومصالحهم عبر مختلف البرامج التضليلية واللوائح الداخلية الهزيلة التي كرست سياسة احتكار العمل والتجهيل والممارسات الدوغمائية. وتحولت نقابات المهندسين إلى أوكار أمنية لمطاردة خيرة الكوادر الهندسية الوطنية ومجسات استخباراتية صفراء فقدت الحدود الدنيا من الاستقلالية لتنفيذ أهداف الطغمة الحاكمة في بغداد.اما نقابة مهندسي كردستان التي تاسست بقرار من المجلس الوطني الكردستاني وقانون الجمعيات رقم (18) الصادر في 31/ 10/ 1993 وكان نافذا منذ 6/11/ 1993 حسب جريدة البرلمان رقم (15) فلا زال دورها ودور مجمل الحركة النقابية المهنية والعمالية في كردستان مهشما بفعل النشاط الطفيلي الضار المنفلت المرتبط بالعوز للموارد المالية ودور القوى الإقليمية والدولية في التدخل بالشؤون الداخلية ، وظهور واقع ازدواجية السلطة في اربيل والسليمانية ... الامر الذي أبقى هذه المنظمات شكلية دون مضمون فعلي مؤثر على الحركة الجماهيرية. وبقيت نقابة مهندسي كردستان بعيدة عن الفعل الجماهيري المطلبي الضاغط بسبب فوضى الهيمنة على المجالس المنتخبة وتهميش الوعي الديمقراطي السليم. ورغم مشروعية قيامها والدعم الحكومي لها والرعاية التي تتلقاها من القيادات السياسية فانها لا زالت تعاني من ضعف التفاف المهندسين والشبيبة الهندسية حولها ومن قلة النشاط النقابي العلمي حيث نادرا ما تعقد الاجتماعات والندوات الهندسية العلمية . وكان لانتعاش النشاط التجاري الطفيلي وسطوة العناصر الفنية غير الهندسية (الاسطوية – من اسطة ) الأثر البالغ في تغذية المجمع الهندسي الحزبي العشائري إن صح التعبير . وهم مالكوا اتخاذ القرار بالطبع لا في تحديد وجهة النقابة بل في الوضع السياسي في كردستان العراق ومحاصرة الأغلبية الهندسية المتبقية . ويبقى السلم والمصالحة الوطنية الكردستانية وبناء النظام الديمقراطي البرلماني التعددي الفيدرالي في العراق أساس أي عمل نقابي سليم موحد ، ونشاط هندسي مستقر قائم على المنهجية العلمية والمجتمع المدني الحديث .
ويستلزم كل ذلك أن ترى النور التشريعات الجديدة للأنظمة الداخلية للنقابات المتواجدة في الساحة الهندسية بما يخدم جمهرة المهندسين كمجموعة إنتاجية وفئة اجتماعية تربط نضالها بالنضال العام للشعب العراقي وإلغاء الأنظمة الداخلية السابقة وخاصة رقم 1 لسنة 1980 المتعلق بنقابة المهندسين العراقية .... واعادة النظر بتشريعات المجمع العلمي وبيت الحكمة وجمعية المهندسين العراقيين وجمعية المعماريين العراقيين واتحاد الصناعات العراقي ومؤسسات البيزنيس ( رجال الاعمال ) والغرف التجارية العراقية والجمعية العراقية للحاسبات والمركز القومي للحاسبات وبقانون الجمعيات العلمية رقم 55 لسنة 1981 وقانون تشكيل لجنة وطنية لنقل التكنولوجيا رقم 218 لسنة 1990 وقانون الجمعيات والكليات الأهلية رقم 13 لسنة 1996 باتجاه تحقيق شعار (كل التعليم للشعب ) ، ودعم التعليم التقني العالي (البوليتكنيكي) ... وهذا ما تجاهلته المواثيق الائتلافية مع الاسف الشديد .
• دمقرطة الحياة الهندسية اغفلها عمل الائتلاف
يدرج المهندسون عادة ولا زالوا ضمن الطبقة الوسطى في المجتمع والتي تآكلت أصلا لتشوه النسيج الاجتماعي العام في العراق . وهذه الطبقة بالتعبير العلمي والدقيق مؤلفة من البورجوازية الصغيرة والمتوسطة وتتميز بأنها أكثر الطبقات اتساما بعدم التجانس وعدم التماسك لا في المصلحة ولا في الهموم والمشكلات ولا في التفكير والتطلعات . والطابع الغالب على النشاط الاجتماعي فيها هو طفيلي – خدماتي غير منتج . الا إن المهندسين يشكلون الشرائح المنتجة فيها . ويعتبر مهندسو المؤسسات الحكومية الأكثر اقترابا من صفوف الطبقة العاملة ويعانون معاناتها .. حيث تتداخل وتتفاعل عضويا مطالب تحسين الوضع المعاشي والاجتماعي للمهندسين مع مطالب الطبقة العاملة وكافة الكادحين. ولا زالت النظرة تجاه المهندس في العراق الجديد تتخللها مظاهر الدعم الخجول بسبب ضيق الموارد المالية الحكومية ، وعلاقات النفوذ السياسي السائدة ، إذ تلعب عوامل الهيمنة والولاءات اللاوطنية والنفوذ الطائفي والعشائري أدوارا غير قليلة في تحديد وجهة التطور السياسي .. أو بعبارة أخرى هشاشة مؤسسات المجتمع المدني العراقي والكردستاني وضعف قاعدتها القانونية ، وأخيرا نهوض الخطابات السلفية والغيبية في مواجهة العلمانية والعقلانية .
نقابة المهندسين العراقية ومركزها بغداد كانت مؤسسة تابعة للنظام منذ عقد الستينات ويجري تحديد مسؤول وأعضاء الهيئة الإدارية فيها بالتعيين واشتراطات الطغمة الحاكمة، وتحولت بعد التاسع من نيسان الى نقابة تحفل بالتكافلات العصبوية واسطبل طائفي وعشائري سياسي لتحقيق السيطرة الاجتماعية وخلق اشكال الوعي الزائف بحكم قوة النزعة الطائفية داخل الأحزاب السياسية والتي تعني تشويه التأسيس المدني الديمقراطي والاسهام بفاعلية في خلق بؤر التوتر والاحتقان الداخلي والعودة بالمجتمع القهقرى. وتقوم الحكومات العراقية الجديدة بتعيين البعثيين القدامى الذين كانوا جزء من النظام المخلوع وبمنح بعضهم مسؤوليات كبيرة في ما يسمى بالعراق المُحرر الامر الذي يهدد بتسربهم مجددا الى الهيئات النقابية الهندسية. ومثلما جرت وتجري اليوم في بلادنا اكبر عملية تزوير في استلاب الحقوق والمكتسبات التي حصل عليها العمال والفلاحون والشبيبة والطلاب والنساء وبقية قطاعات وفئات الشعب العراقي طيلة تاريخ العراق السياسي الحديث مارست الطغمة الحاكمة التكريتية وتمارس اليوم النخب السياسية الفاعلة المتزمتة والطائفية كل الأساليب لاحتواء المهندسين والكفاءات العلمية وبعثرة نشاطاتهم أما المنظمات الهندسية غير الحكومية فلا زالت صورية وتحت هيمنة القوى الإقليمية مع الأسف الشديد.
الملاحظ على ائتلاف المهندسين العراقيين لا عبر أهدافه وبرنامجه وميثاق عمله فحسب بل وحتى عبر فعالياته وندواته القليلة تردده وافتقاره الى الحزم وتبسيط مهماته واختزالها الى احكام ذات طابع اداري بحت .... وكان الاجدر به ان يؤكد في مقدمة اولياته ان تمتع المهندسين بحرياتهم النقابية وتحسين ظروف عملهم المعيشية مرهون اساسا برص صفوفهم ووحدتهم وتشديد نضالهم الذي هو جزء من نضال الشعب العراقي وحركته الوطنية .
لقد ولدت الهندسة العراقية المعاصرة مع نشوء الدولة العراقية الحديثة أوائل العشرينات وامتلكت حركتها من الأمجاد والتاريخ ما أهلها لتحتل دورا بارزا في الحياة السياسية والاجتماعية في بلادنا طيلة أكثر من سبعة عقود فربطت بوعي عال بين المهمات الطبقية والوطنية والقومية في الكفاح من اجل الاستقلال الوطني الناجز والتحرر من التبعية للإنجليز ومن اجل الحريات الديمقراطية وتحسين ظروف العمل والأحوال المعيشية وفي سبيل السلم والعدالة الاجتماعية واحترام حقوق الإنسان . وكانت ثورة 14 تموز حدا فاصلا في التحرر الوطني الديمقراطي حيث ترسخت إجراءات الحكومة الفتية في مجال الحقوق والحريات النقابية وتطوير عمل الحركة الهندسية النقابية العراقية. وواقع العراق المأزوم يتطلب أول ما يتطلب توحيد صفوف المهندسين العراقيين وتنظيم جهدهم الكفاحي الوطني والمهني والأكاديمي والديمقراطي والعمل الجاد على دمقرطة الحياة الهندسية وتطوير القابليات والكفاءات الإنتاجية. ودمقرطة الحياة الهندسية موضوعة عقلانية عصرية لها آلياتها ومستلزماتها اغفلها عمل الائتلاف دون قصد مثلما اغفل تضمين مواثيقه الربط الخلاق الواعي بين نضال المهندسين ونضال الحركة الوطنية العراقية. دمقرطة الحياة الهندسية تنفي مظاهر التقليد النقابي الذي يعيد نفسه وينتج ما كان قد أنتجه ! وتبعث الإبداع والبحث العلمي المتواصل ، فتعتمد تعدد الآراء الهندسية والحوار وانعقاد الندوات والمؤتمرات الهندسية الدورية لدراسة وبحث المعضلات العلمية التي تواجه المهندس .... ولتنمية القابليات الإعلامية الهندسية وإصدار الدوريات العلميـة ونزع الطابع الميكافيلي الذي اتسمت به مجلات المهندس وصوت المهندسين والدوريات الهندسية الالكترونية والطباعية الأخرى في العقود الأخيرة .
ان نشاط الحركة الهندسية الديمقراطية جزء من عموم نشاط الحركة الوطنية العراقية وأدواتها النقابية وتستمد حيويتها من المهندسين باعتبارهم كفاءات إنتاجية واعية مثقفة ، وعلى اختلاف قومياتهم واتجاهاتهم وميولهم السياسية ومعتقداتهم الدينية.وتقع على المهندسين العراقيين مهمة تعزيز نشاط حركتهم النقابية في جميع المرافق الإنتاجية والخدمية في جميع المحافظات وتشديد الكفاح لفضح وتعرية الرموز الصدامية الهزيلة داخل النقابات الحكومية ومن اجل تحسين العمل ، والوقوف بحزم بوجه الأجهزة القمعية وأثرياء الحروب ، وتنشيط حركة الاضرابات والاحتجاجات والاعتصامات لانتزاع الحقوق المهضومة والظفر بالحريات النقابية الحقيقية. ومثلما لا يمكن النظر إلى المثقفين عبر أدوات هندسية لا ينبغي معاملة المهندسين من خلال معايير الثقافة التقليدية. فهم وقود الثورة العلمية – التكنولوجية والثورة المعلوماتية ويعملون بتفان لاستيعاب أحدث منجزات العلم والتكنولوجيا وحل معضلات النقل التكنولوجي والأسلوب السليم لحيازة التكنولوجيا بعيدا عن السياسات الانتقائية للانظمة الحاكمة ، والانفعال في مواجهة تحديات الإنتاج والطلب ، وتغليب النهج الاستهلاكي الضار ، والانصياع لطلبات الشركات الاحتكارية التي بينت التجربة ضربها لمصالح وطننا العليا وتسريبها المعلومات التقنية للمنشآت العراقية.
• التستر على الدور الطبقي النفعي للتكنوقراط
لا ندري كيف تفتقت العقلية التي وضعت مواثيق الائتلاف عن التوصل الى ما جاء في الفقرة 14 من الأهداف والبرنامج ان المهندسين يمثلون شريحة مهمة من التكنوقراط .... الامر الذي يعكس محاولة مقصودة لستر الدور الطبقي النفعي للتكنوقراط في العملية الاجتمااقتصادية والسياسية في البلاد وينبئ منذ الآن بفسح المجال له للعب والتسلط على ادارة المؤسسات النقابية الهندسية ... وكان الاجدر لهذه العقلية ان تبرز دور المهندسين ككفاءات علمية إنتاجية مثقفة واعية ومعالم في الثورة العلمية التكنولوجية والثورة المعلوماتية يسهمون في قيادتهما بالكوادر التخصصية لحل معضلات النقل التكنولوجي والحيازة المثلى للتكنولوجيا والتعامل معهم يستلزم درجات عالية من الحرص والجدية والموثوقية ... وهم يدرجون عادة ولا زالوا في الطبقة الوسطى بالمجتمع. وبشكل عام لا يشكل المهندسون العاملون في المؤسسات الإنتاجية لقاء اجر محدد موقفـا مستقلا في نظام الإنتاج الاجتماعي الامر الذي يستلزم من اية مواثيق هندسية ائتلافية وغير ائتلافية ان توليهم الاهتمام الاكبر بنصوص قاطعة واضحة المعالم والتفسير وتجنب النفعية التكنوقراطية مثلما وجب ضمان العمل النقابي الهندسي في عموم مؤسسات الدولة بمراسيم غير مطاطة كي لا تمكن كبار المهندسين من تسخيرها لمضاعفة أرباحهم الطفيلية بدعم من الأجهزة القمعية وأثرياء الحروب.... وإصدار التشريعات العمالية التي تضمن الحقوق والمصالح المهنية للعمال وتشريع قوانين جديدة للتعاون والإصلاح الزراعي . وبذلك نصون عدم اصطناع الحواجز القسرية بين المجموعات الإنتاجية في بلادنا . وعليه النقابة الهندسية الحقة تدافع عن مصالح المهندسين المهنية وتراقب التزامهم بحقوق الانسان في العراق كي لا يحيد مهندس تكنوقراطي او مهندس مقاول عن اهداف النقابة ، ومن واجبها لا محاسبته بل وحتى ملاحقته ضمن الوسائل القانونية والاجهزة القضائية متى ما شخصت فيه مظاهر الفساد ... ومعروف ان العهد الدكتاتوري الاغبر وعهد الجاهلية المتشيعة الحالي احتضنا قطاع المقاولات ليصبح القطاع الاكبر دينامية وهيمنة على الاقتصاد وباتت الأرباح الطفيلية للمقاولين تشكل العبئ الثقيل على كلفة المشاريع الحكومية والاهلية مما زاد من الكلفة الحقيقية لمنتجاتها وخدماتها . ويعتبر نشاط المقاولات جزءا أساسيا مكملا للنشاط الهندسي والعكس صحيح ايضا ، واكتسب المهندس العراقي خبرة فنية في نشاط المقاولات ، لكن انتعاش المقاولين كان في حركة غير منتظمة بيانية للاصطفاف الاجتماعي من الغالبية المعدمة حتى نخب البرجوازية وأثرياء الحروب.
لا يخفى على عاقل اقتران النفعية التكنوقراطية والمصالح المقاولاتية بالفساد ... ومع ذلك غيبتها المواثيق الائتلافية بقصد هذه المرة في الفقرة 14 سيئة الصيت . وغصت أهداف وبرنامج وميثاق عمل ائتلاف المهندسين العراقيين بنواقص و التزامات تنافی مواصفات تأسيس الجمعیات المهنیة التي تعنی بشریحة اکادیمیة مثقفة بل تنافي حتى مواصفات المنظمات غير الحكومية (NGOs)... وكانت متهيبة من تضمينها عبارات دمقرطة المؤسسة الهندسية ،وحقوق الانسان،والعقلانية ،والشفافية المعلوماتية، ومكافحة وملاحقة الفساد الهندسي . ... والادهى من ذلك كله خلت المواثيق الائتلافية من عبارة ( الاحتلال الاميركي ) .
• كيفية الفصل بين النقابة والوكر القمعي
ان محاولات السيطرة على النقابات والاتحادات المهنية واختلاق المنظمات الهزيلة يلحق افدح الأضرار في عموم الحركة النقابية العراقية والكردستانية ويشيع الفرقة والانقسام داخلها مثلما يخنق تسلط العصابات المافيوية الطائفية والحزبية هذه الحركة ويدخلها الكتاتيب القروسطية ... فتتحول المؤسسات النقابية الهندسية مثلا من اوكار صدامية الى اوكار للحزب الاسلامي او لائتلاف المهندسين العراقيين ليتهمش دورها الى درجة كبيرة ويصبح نشاطها شبه مجمد .... الا إن طابعها كونها وكرا للتآمر والتجسس المخابراتي يستمر هنا و هناك مادامت قياداتها المرتبطة أصلا بالأجهزة الحزبية والأمنية للنظام الحاكم والنخب الطفيلية لم تتغير. المسألة هنا ليست معقدة ... وكيفية الفصل بين النقابة والوكر القمعي يتطلب جهودا استثنائية مضاعفة . ولا بديل أمام المهندسين العراقيين سوى الارتقاء بمهماتهم سياسيا واجتماعيا ومهنيا للمساهمة الفعالة في لم شمل قوى الحركة الوطنية والديمقراطية العراقية الحقة ونبذ الطائفية والثيوقراطية والتي تدين بالولاءات اللاوطنية منها لتحقيق عراق جديد مستقل ديمقراطي تعددي فيدرالي موحد لا مكان فيه للدكتاتورية والإرهاب ورموزهما وأتباعهما .
• نواقص التزاماتية في المواثيق الائتلافية بالمضمار المهني
خلت مواثيق الائتلاف من الاشارة الى اهمية توحيد نظام توزيع الرواتب والمخصصات على المهندسين وتطوير الحوافز المادية وتشريع مراسيم خدمة لتتناسب أجور المهندسين مع مؤشرات أهمية العمل الإنتاجي ، الشهادة العلمية، الخبرة ، درجة المسؤولية ، الخطورة ، وتنظيم مخصصات العمل الإضافي ، والعلاوات ، والترقيات ، والمكافآت..... والتحديد الدقيق التصاعدي لاشتراكات المهندسين الأعضاء في النقابات ليتناسب مع مدا خيلهم الحقيقية والأخذ بنظر الاعتبار أن قلة من المهندسين تحسب في عدد الشرائح الاجتماعية العليا وهي بحكم الرواتب والأرباح والمنافع والدخول الأخرى والموقع الاجتماعي وطراز الحياة اقرب إلى النشاط التجاري الطفيلي . إن أجور المهندسين العاملين باجر لدى الشركات الأهلية والقطاع الخاص أعلى من رواتبهم في المؤسسات الحكومية ، والمهندسون العاملون في هيئات الأمم المتحدة ومقاولو الشركات متعددة الجنسية وبالاخص مع الشركات الاميركية وسلاح المهندسين الاميركي يستلمون اجورهم بالعملة الصعبة ، ومع ذلك فان استغلال أرباب العمل لقوة عملهم وساعات العمل الطويلة تجعلهم يعانون الصعوبات التي وجب الاشارة اليها في هذه المواثيق . ولم تشر المواثيق الى مصاعب مهندسي القطاعين المختلط والتعاوني وقطاع الأعمال الخيرية والمنظمات غير الحكوميـةN.G.O.s وكذلك ميادين الهندسة الزراعية والمهن الهندسية الفنية والتعليم الهندسي الجامعي والهندسة العسكرية والفنية العسكرية مثلما لم تتسائل عن تعليق البعض من المهندسين شهاداتهم على الحائط ليتجهوا للأعمال الحرة... بحكم قلة فرص العمل للخريجين حسب اختصاصاتهم، وانخفاض الأجور بالنسبة للمتعينين الجدد، بالإضافة إلى حرية العمل في المهن الحرة أي عدم التقيد بوقت معين للدوام رغم إن العمل في المهن الحرة اصعب من العمل في دوائر الدولة بدنياً وعقلياً.... وليتحول التعليم الهندسي من عملية استثمارية تقوم بها العوائل لصالح أبنائها وتصرف مبالغ كبيرة عليها ، ويفترض أن يكون هذا الاستثمار عملياً وناجحاً لتخريج قادة وأناس فاعلين في المجتمع ، الى صرف الملايين لتخريج سواق تاكسي ولانعاش النشاط التجاري الطفيلي .. وقد مرت المواثيق الائتلافية على هذه المظاهر مر الكرام دون الاشارة لها لخجل بورجوازي او لغاية في نفس يعقوب .كما لم تلتفت هذه المواثيق وتنبه وتوفر المعالجات لظاهرة صعود الكوادر الفنية غير الهندسية من أصحاب الخبرة الطويلة في العمل بالمؤسسات الحكومية واغتنائها عبر العقود والمقاولات وبأساليب تسودها مظاهر الرشوة ونهب المال العام وانعدام الرقابة الحكومية وتهشم النسيج الاجتماعي . وكون هذه الشرائح الطفيلية تعرقل العمل الهندسي السليم لأنها تفتقد أساسا إلى الدقة والمسؤولية وتحتمي بالولاءات الطائفية والعشائرية وأحيانا النفوذ والهيمنة السياسية .ولم تؤكد المواثيق على ضرورة تشريع مراسيم احتساب تعويض الاختصاص وتعويض طبيعة العمل والتعويضات الأخرى على أساس آخر راتب . كما انها ادارت ظهرها الى سبل تنظيم العمل بين المكاتب الهندسية الصغيرة والمكاتب الفنية الحكومية دون اضطرار للمساومة .. وقد تأرجحت هذه العلاقة لصالح المكاتب الهندسية الصغيرة والتابعة للامم المتحدة والشركات متعددة الجنسية والمنظمات غير الحكومية لغياب المكاتب الفنية الهندسية في الدولة وإلغاء معظمها ..ويلعب بعض المهندسين دور اللاعب المزدوج بين المؤسسات الحكومية والاطراف الاخرى ...وهؤلاء اغتنوا وشيدوا حياتهم الخاصة .. في حين أفلست مكاتب خاصة لم يستطع أصحابها دفع اجورها أحيانا . وفات على هذه المواثيق الاشارة الى اهمية تقوية عرى التنسيق بين اللجان النقابية الهندسية والوحدات الهندسية في مواقع العمل ، فالعمل الهندسي له خصوصية من حيث نوعية الأعمال والجهود الذهنية المبذولة ، الا إن ذلك لا يعني عدم التأثر بالواقع العام وإيقاع الحياة الاقتصادية والاجتماعية في البلاد وكردستان . هذا غيض من فيض النواقص الالتزاماتية للمواثيق الائتلافية في المضمار المهني ... وهي نواقص لا تؤكد تواضع مشرعيها من حيث الخبرة الإدارية والمهنية والقيادية فقط بل تجاهلها لاغراض نفعية تكتيكية بهدف تسيير عمل الائتلاف كيفما اتفق الامر الذي يؤكد ما حذرنا منه من استبدال البيروقراطيات الادارية للمؤسسات النقابية باقرانها .
• المواثيق الائتلافية خطوة ارتدادية خطيرة
ان العمل الجاد لإعادة المهندسين المفصولين السياسيين ومن اضطروا لترك الوظائف في أيام النظام الدكتاتوري وتعويضهم عن حقوقهم المهدورة كما ورد في أهداف وبرنامج ائتلاف المهندسين العراقيين لا يستعيض عن التاكيد على منح المهندسين الذين خدموا في حركة الأنصار والبيشمركة والعمل المسلح لفصائل المعارضة العراقية ضد الدكتاتورية البائدة أعلى درجات الثقة والتقدير ونشر تجاربهم وخبراتهم الحياتية والهندسية ، واعادة الاعتبار إلى الشهداء المهندسين الذين سقطوا في معارك الشرف ضد الصدامية او اثناء اقتتال القوى الوطنية فيما بينها ( دعوة رئيس الجمهورية العراقية الاستاذ جلال الطالباني لأعتبار شهداء الحزب الشيوعي العراقي في بشت آشان وبينهم عشرات المهندسين شهداء الشعب العراقي والوطن ... مثلا ) وتعويض عوائلهم ماديا ومعنويا ووضعهم في لوحات الشرف في المقرات والفروع النقابية. وضمان حقوق المعوقين وضحايا الحروب الكارثية والإرهاب من المهندسين وتعويضهم عما لحق بهم من خسائر مادية ومعنوية . وفي الوقت الذي كان يفترض بالمواثيق الائتلافية ان تصر على توخي الدقة في منح الدرجات الهندسية النقابية كان الاولى بها ان تدعو الى إيجاد الآلية المناسبة لمنح مهندسي الحركة الوطنية العراقية الدرجات التي يستحقونها والسعي لإيجاد التوافق ما بين درجة المهندس النقابية ودرجته في موقع العمل .
اتسمت المواثيق الائتلافية بالتردد والسطحية وتعتبر خطوة ارتدادية خطيرة نسبة الى اعلام قوى المعارضة الوطنية في مضمار العمل النقابي الهندسي في العراق وكردستان وكانت متهيبة من نقد المدرسة الصدامية و فضح وتعرية رموز النظام السابق الهزيلة في النقابات الهندسية وفروعها في المحافظات وما سببته سياسات التبعيث من مضار على مصالح عموم الشعب ولم تدعو الى سحب الشهادات العلمية والعليا من مرتزقة النظام وواجهاته الكارتونية لعدم استيفائها الشروط العلمية وخضوعها لسوق الفساد والإفساد. كما لم تدعو الى اختيار أعضاء الهيئات الإدارية النقابية بعد التحقق من سيرتهم الذاتية ومصادر ملكيتهم والتمييز ما بين مهندسي المعارضة العراقية الوطنية وحرامية القطط السمان الذين تضررت مصالحهم الشخصية مع الطغمة الحاكمة. ولم تدعو المواثيق – المهزلة الى السعي لاستئصال الكوادر الهندسية التي تبوأت المناصب القيادية في النقابات او مؤسسات الدولة من البعثيين الوصوليين والانتهازيين والحرامية بألوانهم وكشف العناصر النفعية المتقلبة حسب الأهواء والمناخات السياسية واحالة المسيئين منهم إلى مجالس الانضباط النقابية والإحالة إلى المحاكم المختصة.
وخلت هذه المواثيق من تقديم الاعتذار للشعب العراقي وجموع المهندسين عن الوثائق التي سرقتها الايادي الحاقدة والخبيثة من مكاتب المؤسسات النقابية الهندسية في الايام الاولى التي تلت سقوط النظام والتي كان يمكن ان تميط اللثام عن مصير عشرات المهندسين الذين غيبتهم اقبية الدكتاتورية ومعتقلاتها . والاخطر من ذلك ان ائتلاف المهندسين العراقيين غض النظر عن إعادة توزيع المهندسين بين قطاعات الدولة والميادين الإنتاجية الأخرى عبر التخطيط التنموي والتنمية المستدامة واعادة النظر بقانون شركات البناء الجاهز رقم 8 لسنة 1989 والسعي لفضح سياسة الخصخصة Privatization التي انتهجها النظام السابق ومغازلته الاحتكارات الغربية والرأسمال الأجنبي ووصفات البنك الدولي ( WB ) واعادة النظر بالمراسيم ذات العلاقة ، وقانون الشركات رقم 22 لسنة 1997 ... وإعادة النظر بالتشريعات والأنظمة الداخلية لقطاع المقاولات العراقية والسعي الجاد لتنظيم العمل الهندسي المقاول وجعل المقاولات قطاعا إنتاجيا متميزا في الاقتصاد الوطني .وهذا يعني إعادة النظر بقوانين شركات المقاولات رقم 66 لسنة 1987 واتحاد المقاولين العراقيين رقم 59 لسنة 1984 والأنظمة الداخلية للعشرات من شركات المقاولات وقانون تسجيل المقاولين العراقيين لسنة 1992 وتعديلاتها والتشريعات ذات العلاقة مثل قانون اتحاد الصناعات العراقي رقم 34 لسنة 2002 وأنظمة اتحاد الغرف التجارية وما يسمى باتحادات رجال الأعمال . وفضح الألاعيب والتداخلات القانونية التي تتيح لجماعات قليلة من المهندسين جمع الثروات الطائلة على حساب البقية المتبقية من المهندسين وقوت الشعب .
التأكيد على مبدأ التفاوض السلمي وحل المشاكل والمعضلات الوطنية بالحوار والإقناع والاقتناع ونصرة الحلول السلمية اياً كان مصدرها لدعم المصالح الوطنية للشعب العراقي.... واعتبار بناء المجتمع المدني والمؤسساتية المدنية هدفاً اساسياً لضمان الأمن والاستقرار.... وهذا يشمل بالطبع الجمعيات والنقابات الهندسية... مهمة اساسية ، خلو المواثيق – المهزلة منها تؤكد الضحالة الفكرية لمشرعيها .. فكيف بالمهندس العاقل ان يقبل الانضمام الى ائتلاف بهذا الطيف الواسع من الاحزاب دون تضمين ميثاقه هذا البند .. الم يتعض الائتلاف من خبرات وتجارب الحركة الوطنية العراقية .
جاء في الفقرة 3 من المادة الثانية من ميثاق عمل ائتلاف المهندسين العراقيين "عدم تسييس النقابة لأي جهة كانت والابتعاد عن التكتلات الدينية والطائفية والعرقية ، والعمل على إبعاد المتطرفين والانتهازيين والوصوليين والمسيئين للوطن والمهنة والموالين للنظام السابق" . هل هذا يكفي ضمان عدم تحويل النقابات الهندسية إلى منتديات سياسية ومنابر لقوى سياسية أو دينية او قومية وحتى طائفية او عشائرية والى مساجد وحسينيات وكنائس وحتى مطاعم وبارات شرب ومقاهي وجلسات سمر . لقد غطى الصراع السياسي الحاد على الأهداف المهنية والاكاديمية منذ تأسيس النقابات والجمعيات الهندسية وسخفها فتضررت مصالح المهندسين وذوي المهن الفنية الهندسية ، وتحاول اليوم القوى الطائفية أسلمتها وتشييعها وتبذل البيروقراطية الادارية جهدها لأبقاءها اسيرة السفسطة الاجتماعية .
• الائتلاف يقف صامتا امام الاعتداءات الاجرامية
تجاهلت المواثيق الائتلافية بوقاحة ضمان حق الشبيبة الهندسية في ممارسة حقوقها النقابية وإزالة معوقات تجميد طاقاتها وضمان توظيف الخريجين الجدد واعادة النظر بقانون الانسيابية والقبول الجامعي بما يخدم رغبة ومصلحة الطالب والمهندس معا واعادة العمل بقوانين مجانية التعليم والتعليم الإلزامي والصحة المدرسية ومجانية الأقسام الداخلية ومنح المخصصات الشهرية والسعي لمحاربة النزعة الاستهلاكية وتشجيع النشاط الاجتماعي الهادف والثقافي ومحاربة المظاهر الغريبة عن تقاليد شعبنا وعاداته الوطنية والتقدمية، وضمان حرمة المنابر الهندسية الاكاديمية وكليات الهندسة في الجامعات العراقية ....وتجاهلت ايضا بوقاحة الدفاع عن حقوق المرأة المهندسة ومساواتها بأخيها المهندس في الأجر وأوقات العمل وحقوق العمل وتبوء المراكز القيادية النقابية وتحديد نسبة في الهيئات الإدارية النقابية لا يمكن تجاهلها تشغل فيها المرأة المهندسة عضويتها . كما تجاهلت برعونة قل نظيرها توجيه النقد للارهاب السلفي الاصولي والظلامي ومحاكم التفتيش الصدرية ... وليس مستغربا ان يقف هذا الائتلاف – المهزلة صامتا صمت ابي الهول امام اعتداءات عصابات مقتدى الصدر الاجرامية بالضرب على طلبة وطالبات كلية الهندسة في البصرة والكلية التقنية في الزعفرانية باغلظ العصي والكيبلات واللكمات واطلاق النار وتمزيق الملابس .. وبتحويل بعض الكليات الهندسية الى بوق طائفي تفترشه الكراريس والكتب الطائفية، وتحميل لوحات الاعلانات فيها والتي من المفترض ان تكون وسائل اعلامية اكاديمية ومهنية ... وتحوي أسماء الاساتذة والتبليغات الجامعية .... تحميلها بدلا من ذلك الفتاوي ومنها مشروعية الحجاب وفتاوي السيد السيستاني .. وهذا شمل المعاهد التقنية واعداديات الصناعة ... وكافة الدوائر الحكومية .
الديمقراطية والعمل النقابي وحقوق الانسان لا تعني التساهل مع التمردات المسلحة والارهاب ، ومع العصابات ، ومع جهلة البعث . فأما الولاء للطائفية وينتهي العراق كدولة أو الولاء للوطنية العراقية لينهض من تحت الركام ويواصل مسيرته الحضارية في بناء دولته العصرية الديمقراطية المسالمة والمزدهرة. ممارسة الطائفية والتمييز الطائفي والتعشير هي الالغاء العملي للحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان والحقوق النقابية. وترتبط الحقوق الإنسانية فيما بينها بعلاقة جدلية .... حرية الرأي والتعبير عنه وحرية الضمير والانتماء والتنظيم السياسي والنقابي والاجتماعي والثقافي وحرية الاجتماع . كل ذلك يقع ضمن حقوق الإنسان المنصوص عليها في إعلان الامم المتحدة الصادر عام 1948 والمواثيق الدولية الصادرة عام 1966 والخاصة بالحقوق المدنية والسياسية واقامة دولة القانون ومؤسساتها المنبثقة عن إرادة الشعب بالانتخابات الحرة الدورية ومراقبة المجتمع الدولي عبر الامم المتحدة لتنفيذ ذلك حسبما جاء في قرار 23/3/1976 . لا معنى للاعمار واعادة الاعمار ان كان يصب في النهاية في مجتمع يسوده الاستغلال والظلم الاجتماعي . والمجتمع المدني وحده يضمن رعاية الدولة وحمايتها للحقوق المدنية والسياسية ، وتأمين الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية وحق التنمية . ان التقدم الاجتماعي والتنمية يجب ان يقوما على أساس من قيمة وكرامة الإنسان ، وان يؤديا الى مزيد من احترام حقوق الإنسان والعدالة الاجتماعية . توفير مستلزمات نجاح أي اعمار مستقل او اعادة اعمار لا يمكن أن يتم إلا على أساس طوعي وديمقراطي .... وتتطلب الاحترام الكامل لحقوق الإنسان المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية واحترام التعددية السياسية والابتعاد عن القهرية الحزبية والطائفية والميكافيلية والتدخل في الحياة الشخصية للناس وتوفير آليات التداول السياسية بالطرق السلمية وتعضيد فعالية المؤسسات الأهلية والمدنية والديمقراطية والنقابية والسير قدما باتجاه العراق الفيدرالي التعددي الديمقراطي العلماني الموحد . في عكس ذلك ، يجري تكريس الطغيان والحكم الاستبدادي واللامبالاة والفساد والتطلعات الاستهلاكية ، ويصبح المجتمع عرضة للاختراق الخارجي دون جهد يذكر.
من جديد تعيد الحكومات العراقية الجديدة الاعتبار للبعثيين حسب اتفاقيات سرية وتقوم بتعيينهم وبمنحهم المسؤوليات الكبيرة فيما يسمى بالعراق المُحرر الامر الذي يهدد بتسربهم مجددا الى الهيئات النقابية الهندسية . ويأتي تأجيل الانتخابات النقابية وفق قرار 27 في سياق هذه اللعبة _ المهزلة . واسهم تبوء البيروقراطية الادارية قيادة ائتلاف المهندسين العراقيين ذو الطابع الوطني شكلا والذي يضم قوى متطرفة واصولية وثيوقراطية في عرقلة استلام الهيئة الادارية لنقابة المهندسين في بغداد والتي تتمسك بها جماعة طائفية أخرى محسوبة على الحزب الاسلامي والشرائح الطفيلية الصاعدة ... واذ تحتفظ الحركة الهندسية الديمقراطية العراقية بحقها في سبيل العمل النقابي الحر بعيدا عن التدخل من قبل الحكومات الرجعية المتعاقبة ... فانها تدعو الى تشذيب ائتلاف المهندسين العراقيين وصقل وحبك مواثيقه وتفعيله ليكون ظهيرها وسندها داخل المؤسسات والهيئات النقابية الهندسية العراقية والكردستانية .

بعض المصادر المعتمدة

• "ورقة عمل للمساجلة والحوار الهندسي الديمقراطي" المذكرة المؤرخة في 28/6/ 2003 ... المقدمة الى الجهات الهندسية ومواقع اتخاذ القرار ذات العلاقة ومنها مجلس الحكم .
• المهندس سلام كبة / المهندسون العراقيون يواجهون مهام جسام / ريكاي كردستان/ عدد (153)/ 1997.
• المهندس سلام إبراهيم كبة / المهندسون والحركة النقابية في العراق / ريكاي كردستان/ عدد مزدوج (170- 171)/ 1998.
• المهندس سلام إبراهيم كبة / من اجل تفعيل نقابة المهندسين في كردستان العراق / ريكاي كردستان/ عدد (180)/ 1999.
• المهندس سلام إبراهيم كبة / العمل الهندسي في كردستان العراق / ريكاي كردستان/ عدد (185)/ 1999.
• المهندس سلام إبراهيم كبة / التصاميم قاعدة قرارات الاستثمار والتمويل الكردستانية العراقية / ريكاي كردستان/ عدد (186)/ 2000.
• النظام الداخلي لنقابة المهندسين في كردستان العراقK.E.U واللائحة الداخلية لنقابة المهندسين العراقية.
• أعداد مختلفة من (المهندس) و(صوت المهندسين) في السبعينات .
• أهداف وبرنامج ائتلاف المهندسين العراقيين
• بيان ائتلاف المهندسين العراقيين في 27 نيسان 2005
• توصيات ندوة ائتلاف المهندسين العراقيين المقامة على قاعة جمعية المهندسين العراقية بتاريخ 27/4/2005
• ميثاق عمل ائتلاف المهندسين العراقيين
• دراسات تمهيدية لحركة ديمقراطية هندسية نقابية في العراق / مذكرة بتاريخ 17/4/2004 مقدمة الى
حميد البياتي | مجلس الحكم والحزب الشيوعي العراقي
حكمت فرحان | كادر نقابي في نقابة المهندسين العراقية
فاضل الصراف | هيئة المهندسين في الحزب الشيوعي العراقي
شاكر الدجيلي | رئاسة المجلس الوطني .
• سلام إبراهيم كبة/ العمل النقابي الهندسي في العراق وكردستان/
http://www.iraqoftomorrow.org/viewarticle.php?id=27102&pg=civil_studies



#سلام_ابراهيم_عطوف_كبة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أيتها الحرية ! ليكن شبابك خالدا !/حقوق الإنسان في العراق و ك ...
- صو ت الشعب العراقي / إذاعة الحزب الشيوعي العراقي
- ثورة اكتوبر والديالكتيك الاجتماعي
- العراق – معسكر حجز واسع ومنسي
- التصاميم قاعدة قرارات الاستثمار والتمويل الكردستانية العراقي ...
- التشيع الشعبوي ضحية أزمات وعهر النخب الشيعية والماسونية
- الحكومة التركية وعقلية القرن التاسع عشر
- كلاديس مارين نجمة وضاءة في سماء تشيلي والعالم
- السلطات تنفي عمالنا الأوائل إلى مدينة السليمانية
- عمال الطاقة الكهربائية في العراق وكردستان
- عمال الطاقة الكهربائية في العراق وكردستان
- مهما بلغ بك الفقر لا تطرق ابواب الشيخ ومولانا - العقلية الصد ...
- عشائرية ، طائفية ، فساد ، ارهاب في حقبة العولمة
- طورانية التشيع التركماني
- شركات النفط الأجنبية والراحل ابراهيم كبة
- اخش الاحمق.. ولا تخش العاقل!- إرهاب الدولة والإرهاب الدولي – ...
- اخش الاحمق.. ولا تخش العاقل!- إرهاب الدولة والإرهاب الدولي- ...
- الحرب سلام السادة ورغيف من طين_ ثقافة السلام في العراق وكردس ...
- المعلوماتية والحرب والجيش في العراق
- جرائم البعث ضد الانسانية - تهجير الأكراد اجراء منسي !* وجريم ...


المزيد.....




- الأونروا: أكثر من مليوني نازح في غزة يحاصرهم الجوع والعطش
- الأونروا: إمدادات الغذاء التي تدخل غزة لا تلبي 6% من حاجة ال ...
- الاونروا: الحصول على وجبات طعام أصبح مهمة مستحيلة للعائلات ف ...
- الأمم المتحدة: السودان يواجه أكبر أزمة نزوح في العالم
- غرق خيام النازحين على شاطئ دير البلح وخان يونس (فيديو)
- الأمطار تُغرق خيام آلاف النازحين في قطاع غزة
- 11800 حالة اعتقال في الضفة والقدس منذ 7 أكتوبر الماضي
- كاميرا العالم توثّق معاناة النازحين بالبقاع مع قدوم فصل الشت ...
- خبير قانوني إسرائيلي: مذكرات اعتقال نتنياهو وغالانت ستوسع ال ...
- صحيفة عبرية اعتبرته -فصلاً عنصرياً-.. ماذا يعني إلغاء الاعتق ...


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - سلام ابراهيم عطوف كبة - حوار هادئ مع ائتلاف المهندسين العراقيين