|
يوم نيساني من أيام زيارتي للعراق 2013، بصحبة الأصدقاء زيارة لمعرض بغداد للكتاب /ج2
يحيى غازي الأميري
الحوار المتمدن-العدد: 4178 - 2013 / 8 / 8 - 23:00
المحور:
سيرة ذاتية
قبل الساعة الثالثة ببضعة دقائق رن هاتفي النقال، كان المتحدث صديقي الحاج عبد الحسين الربيعي يطلب مني التهيؤ والاستعداد، ارتديت ملابسي على جناح السرعة، ورحت أنتظرهم على بعد عدة خطوات من بيتنا. فتحت باب السيارة الخلفي واندفعت بتأني داخل حوض السيارة، بعد أن حييتهم وشكرتهم على هذه الفرصة الثمينة زيارة معرض الكتاب وبصحبة أصدقاء أحبة. الجو خارج السيارة كان في أوج حرارة شهر نيسان، كانت السيارة تلتهم شارع الإسفلت متجه إلى بغداد، أغمضت عينّي منتعشاً ببرودة التكيف الذي ملء حوض السيارة الخلفي، سرحت بعيداً، مع سلسلة أفكاري التي بدأتها قبل أن أركب معهم في السيارة { شهر نيسان} ورحت أسرح مقلباً مناسبات هذا الشهر بين النشوة والألم، ماذا في أيام هذا الشهر العجيب؟ كم من المفارقات والأشياء فيه؟ ففيه حدثت وتحدث تغيرات كثيرة وكبيرة كتغيرات الطقس والأمزجة والألوان والمواقف، الاحتفالات والاتجاهات، والفيضانات، لنتصور شهر بدايته كذبه{كذبة نيسان} تتناقلها أفواه الناس من جيل لجيل بنوع من المزاح والمرح. ورحت أستحضر بجهد كبير كلمات أغنية وطنية، انتشرت بعد إقامة الجبهة الوطنية لــم أتذكر منها إلا المقطع الأول [ نيسان أخو آذار والجبهة أمهم ] ضحكت بمرارة وألم وأنا استرجع ذكريات السبعينات ونحن نردد هذه الأغنية في احتفالاتنا؛ ضحكت من ألمي وسألت نفسي كيف كانت تنطلي علينا هذه الحكايات الحالمة. أفقت من حلمي على صوت صديقي الأستاذ عبد الحسين حبيب الربيعي الذي يجلس في المقعد الأمامي جنب صديقنا الأستاذ حسام حمزة حبيب الذي يقود السيارة، وهو يكرر تسأله لي: ـ أبو مخلد نايم؟ وأردف يقول: ـ شنو أشو بسرعة نمت!؟ تنحنحت وسحبت نفس، وأجبته : ـ لا ولذت بعدها بالصمت، فماذا أقول لهم هل كنت أسرح في أخيلتي في (نيسان) بهذا الشهر العجيب، هل أبدأ أذكرهم بأعياد ميلاد 28 نيسان، وكيف كان تقام في عموم العراق، وتمتد إلى سفاراتنا ورجالها في الخارج، وكيف كانت تقطع آلاف من أطباق الكيك المزينة بالشموع، فيما كانت قد تحولت ملايين من الشعب تحت خط الفقر، وآلاف تصطف جنب آلاف من الأيتام والثكالى ينهشها الجوع والفقر والعوز والمرض، أم أذكرهم باحتفالات وطنية هطلت علينا كالصواعق في هذا الشهر وامتدت لسنوات طوال! فأولها نهاية أسبوع نيسان الأول ( 7 نيسان) لتضاف بجوارها هدية جديدة هبة من هبات هيئة الأمم المتحدة بموجب قرارها المرقم (1483) ليتوج في 9 نيسان 2003 بسقوط حكومة صدام واحتلال العراق، من قبل قوات الائتلاف بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية ومجموعة ما يسمى "ائتلاف الراغبين" ليدخلنا العهد الجديد بدهليز نيساني جديد فيه مزيداً من الاحتفالات و كثيراً من المتاهات والاحتقانات والرعب والفلتان! لم يكرر صديقي الأستاذ عبد الحسين استفساره أو سؤاله لي مرة أخرى ودخل في حديث مع الأستاذ حسام؛ فرجعت أغفو مع أحلام اليقظة من جديد على هواء التبريد مقلباً مع نفسي مناسبات وحوادث مفجعة وفيضانات وسيول شهر نيسان العجيبة في العراق! لا أعرف كيف جاء الربط بين تاريخ هذا اليوم 26 نيسان على بالي مع أحد أعمال الفنان العالمي (بيكاسو) رحت أسترجع مع ذاكرتي معلومات قرأتها من ضمن ما قرأت أشياء عن أعمال الفنان العالمي (بيكاسو) وتذكرت هذا اليوم 26 نيسان فقد رسم الفنان بيكاسو لوحته التي تعد الأشهر في لوحاته، أنها لوحة ( جورنيكا) والتي رسمها بعد ان دكت طائرات ألمانيا النازية أحدى القرى الواقعة شمال أسبانيا قرية (جورنيكا) بتاريخ 26 نيسان من عام 1937 وراح ضحية عدوانها 1600ضحية. تعد اليوم لوحة( الجورنيكا) رمزاً عالمياً لدمار وخراب الحروب. آه يا بلدي الذبيح آه يا عراق كم وكم مئة جورنيكا ذبيحة تغرق في بحر الخراب الذي أصابك ! عند أول انعطافنا من شارع قناة الجيش إلى الطريق السريع المؤدي إلى وسط بغداد، استفقت من أحلامي وأكدت على صديقنا الأستاذ حسام حمزة حبيب الذي يجلس خلف مقود السيارة، أن أفضل طريق لنا هو أن يكون طريقنا من مدخل الباب الشرقي، بعد وصولنا إلى ساحة التحرير طلبت منه أن يتجه صوب جسر السنك، كان كل شيء ملفتاً للنظر مركز العاصمة خالٍ من الازدحام، اليوم مساء الجمعة كنت أتوقع أن يكون الازدحام على أشده في مثل هذا الوقت، أنه شيء ملفت للنظر حقاً، بسهولة عبرنا جسر السنك باتجاه (حي 28 نيسان ) - لا أعرف ماذا يسـمّى الآن - متجهين إلى ساحة المتحف - كراج علاوي الحلة - في الجهة الثانية لكراج علاوي الحلة، من جهة اليمين كانت بنايات حديثة ذات طابع معماري مميز أبرزها بناية (محافظة بغداد ) بأعمدتها الشاهقة، وشبابيكها التي أخذت طابعـاً من الريازة الإسلامية والعربية، فيما نُقشت على جانبي البناية النخلة العراقية {السومرية } عبرنا جسراً تم إنشاؤه حديثاً ؛ ينقلك إلى الجانب الأخر من الشارع بسهولة وانسيابية دون اللف والدوران، ويخفف كثيراً من شدة الازدحام، سرنا باتجاه الطريق المؤدي للمنصور، قرب معرض بغداد ركنا السيارة في أحد كراجات السيارات في المدخل المودي إلى حي المنصور المجاورة للمعرض، دفع صديقنا الأستاذ حسام مبلغ وقوف السيارة ثلاثة ألاف دينار، دخلنا من بوابة أعدت للتفتيش، بجوار مدخل البوابة الرئيسية من جهة شارع الكندي- منطقة الحارثية- ينتشر مجموعة من الجند المدججين بالسلاح على جانبيها، وفي أماكن متفرقة أخرى لحراسة مدخل معرض بغداد. دخلنا بوابة المعرض التي رحت أحدق فيها بلهفة وشوق، فقد مضت سنوات طويلة لم أدخل من برج بوابته، كانت الشمس قد خففت من لهيب حرارتها، بدأت تتجه نحو الغروب، فيما كانت تنسل خيوطها الذهبية بخدر من بين سعفات النخيل، كان منظر صف النخيل وحركة الناس وهم بملابسهم الجميلة الأنيقة ينسابون في شارع نظيف تحيط به حدائق بمروج وورود نظرة مرتبة بهندسة ماهرة، كان شيء يُبهج النفس؛ شجعتني روعة المكان أن التقط صور لأصدقائي، فيما طلبت بلطف من مجموعة من الشباب الذين صادفونا أن يلتقطوا لنا صورة - بكامرتي طبعاً- وطلبت منهم أن يظهرون لنا فيها بوابة معرض بغداد، تبرع أحدهم كنت أشاهد كل لقطة يلتقطها، بعد عدة صور، شكرته على الصورة الأخيرة؛ فقد كانت هي المطلوبة. الشارع المؤدي إلى معرض الكتاب كان شارعاً - يفتح النفس -، هادئ نظيف تصطف على جانبيه صفوف من النخيل الباسقات والمروج الخضراء، وتُضفي عليه النافورات والأبنية الحديثة النظيفة رونقاً بديع المظهر، كنت أقارنه بالشوارع الأوربية وشوارع مالمو السويد، تمنيت مع نفسي أن تكون شوارع كل بلادنا هكذا ولم لا؛ أليس جميع شوارع مديني ( مالمو السويدية) مثل هذا الشارع نظافة وجمالاً وهندسة. تزين مدخل قاعة المعرض نشرة ضوئية مدون على شريطها الضوئي (بغداد عاصمة الثقافة2013 العربية؛ تقيم دائرة الشؤون الثقافية العراقية، معرض بغداد الدولي الثاني للكتاب للفترة من 25 نيسان لغاية 5 أيار2013 ) عند مدخل القاعة التقطت بكامرتي بعض الصورة... البقية في الجزء الثالث ! مالمو /السويد 2013-08-08
#يحيى_غازي_الأميري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
يوم نيساني من ايام زيارتي للعراق2013 ، خيبة أمل من أول فرصة
...
-
جامعة كريخان ستاد السويدية أقامت معرضاً للرسم، لطلاب قسم الف
...
-
الفنان ستار الساعدي وفرقة الأندلس أحيوا أمسية ثقافية غنائية
...
-
على هامش مهرجان الأفلام السينمائية العربية الثاني في مالمو
-
التركمان حقوقهم ومعاناتهم في ندوة سياسية مطولة في مالمو
-
لقاء لغرض التحاور بين وفد وزارة الثقافة العراقية والجالية ال
...
-
ومضات من خزين الذاكرة... نقطة تفتيش، و زوجين قنادر، و 6 دجاج
...
-
ذكريات في الذاكرة راسخة، من العزيزية إلى أربيل
-
ردا ًعلى تعليق الدكتور - يوسف الهر- والذي ورد على مقالنا الم
...
-
تكريم العالم العراقي المندائي الفذ د. عبد الجبار عبد الله, م
...
-
قاسم عبد الأمير عجام في عيد الصابئة
-
أحد ضحايا صدام وحرب تصفية الحسابات إعدام نصب الجندي المجهول
...
-
يا لقلب أمك يا ناجي
-
من خزين الذاكرة .. أبي يهدينا بفرح غامر كتاباً مندائياً
-
الأحلام المحترقة
-
مأتم عراقي مندائي من الذاكرة المهمومة
-
محمد عنوز في كتاب من منشورات تموز
-
احتفالية لبعث الأمل ب ( طراسة ) * رجل دين مندائي جديد في سور
...
-
الشاعر السوداني الكبير محجوب شريف يكتب كي يوقظ الضمير الإنسا
...
-
أكتب إلى مهدي و ذكريات مهدي وعيون مهدي وضحكات مهدي/الحلقة ال
...
المزيد.....
-
كيف يرى الأميركيون ترشيحات ترامب للمناصب الحكومية؟
-
-نيويورك تايمز-: المهاجرون في الولايات المتحدة يستعدون للترح
...
-
الإمارات تعتقل ثلاثة أشخاص بشبهة مقتل حاخام إسرائيلي في ظروف
...
-
حزب الله يمطر إسرائيل بالصواريخ والضاحية الجنوبية تتعرض لقصف
...
-
محادثات -نووية- جديدة.. إيران تسابق الزمن بتكتيك -خطير-
-
لماذا كثفت إسرائيل وحزب الله الهجمات المتبادلة؟
-
خبراء عسكريون يدرسون حطام صاروخ -أوريشنيك- في أوكرانيا
-
النيجر تطالب الاتحاد الأوروبي بسحب سفيره الحالي وتغييره في أ
...
-
أكبر عدد في يوم واحد.. -حزب الله- ينشر -الحصاد اليومي- لعملي
...
-
-هروب مستوطنين وآثار دمار واندلاع حرائق-.. -حزب الله- يعرض م
...
المزيد.....
-
سيرة القيد والقلم
/ نبهان خريشة
-
سيرة الضوء... صفحات من حياة الشيخ خطاب صالح الضامن
/ خطاب عمران الضامن
-
على أطلال جيلنا - وأيام كانت معهم
/ سعيد العليمى
-
الجاسوسية بنكهة مغربية
/ جدو جبريل
-
رواية سيدي قنصل بابل
/ نبيل نوري لگزار موحان
-
الناس في صعيد مصر: ذكريات الطفولة
/ أيمن زهري
-
يوميات الحرب والحب والخوف
/ حسين علي الحمداني
-
ادمان السياسة - سيرة من القومية للماركسية للديمقراطية
/ جورج كتن
-
بصراحة.. لا غير..
/ وديع العبيدي
-
تروبادورالثورة الدائمة بشير السباعى - تشماويون وتروتسكيون
/ سعيد العليمى
المزيد.....
|