|
ما الفائدة من الاديان ؟
سامر حميد
الحوار المتمدن-العدد: 4178 - 2013 / 8 / 8 - 10:04
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
الجنة والنار هما الخيارات التي تقدمها لنا الأديان على أنها المصير النهائي لأي إنسان عاش ويعيش وسيعش. والمجهول هو مصيرنا من وجهة النظر اللادينية سواء كانت الإلحاد، اللاأدرية، أو اللادينية. ولكن ما هو المصير النهائي الحقيقي الذي ينتظرنا؟ لا أحد يعرف. ولكني الآن بصدد التعامل مع وجهة النظر الدينية بما أنها محددة ومعروفة وليست مجهولة كحالها في اللادينية. ما الذي يحدد من سيدخل الجنة والنار في نطاق الأديان؟ من سيدخل الجنة ومن سيدخل النار؟ وعلى أي أساس؟ هذا يختلف طبعاً بحسب الأديان. فالمسلم يرى أن سواه ذاهب للنار، وفي ذلك خلاف بين المدارس الفكرية الإسلامية وبعضها. المسيحية كذلك. من المسيحييين من هم يعتقدون بأن سواهم مصيره النار، ومنهم من يظن أن الأعمال الخيرة هي الفيصل. يعني حتى داخل الأديان لا يمكنك أن تحدد من سيدخل الجنة ومن سيدخل النار. هل الإيمان بالرسالة الصحيحة مع الإلتزام بفعل الخير ضروريان لدخول الجنة؟ أم أن فعل الخير وحده كاف؟ ويزداد الأمر تعقيداً عندما نكتشف أن فعل الخير نسبي هو الآخر. فأنت قد تقتل الأبرياء وتظن في ذاتك أن هذا فعل خير. فأي فعل خير الذي نتكلم عنه؟ فعل الخير من وجهة نظرك أنت؟ أم من وجهة النظر الإلهية؟ وبما أن الأوراق اختلطت وتداخلت ولم نعد نعرف حتى رأي الدين الصحيح، يجب أن ننظر للثوابت الدينية التي لا خلاف عليها لا بين أنصار الدين الواحد وبعضهم البعض، ولا بين أنصار الأديان المختلفة وبعضهم البعض. الثوابت هي أن الله عادل ورحيم ويحب الخير. لا يختلف المسلمون والمسيحيون واليهود وغيرهم في ذلك الأمر. وبما أن هذا ثابت، يمكننا أن نستخدمه في تحليل الموقف والخروج بنتيجة أراها أنا منطقية ولانقاش فيها. هناك عاملان يحددان مصير كل واحد من البشر. الرسالة التي يؤمن بها، وفعله للخير أو الشر. لا توجد عوامل أخرى على حد علمي. فعلى أساس هذه العوامل يختلف الناس. فتجد المسلمون بعضهم يقول: ليس كافياً أن تفعل الخير لتدخل الجنة، ولكن يجب أن تكون مسلماً كذلك. هنا هو له رؤية خاصة يوظف بها هذه العوامل بطريقة معينة. غيره يرى أن العامل الأول (الرسالة) ليس مهماً طالماً أن العامل الثاني (فعل الخير) متوفر. وبما أن هذه هي العوامل التي تحدد مصائرنا، فالإحتمالات القائمة يمكن جردها كالتالي: 1- يجب لكي تدخل الجنة أن تؤمن بالرسالة الصحيحة (أياً كانت) وتفعل الخير (من وجهة النظر الإلهية). إذا فعلت الخير من وجهة نظرك أنت وشرعت أمورك والحلال والحرام بنفسك ستدخل النار. 2- يجب لكي تدخل الجنة أن تؤمن بالرسالة الصحيحة وتفعل أي خير والسلام. سواء كان هذا من وجهة نظرك أو من وجهة النظر الإلهية. المهم أن لست شريراً في ذاتك. 3- يجب لكي تدخل الجنة أن تفعل الخير الذي هو من وجهة النظر الإلهية، ولا يهم ما هي الرسالة التي تؤمن بها. 4- لا يهم ما هي الرسالة التي تؤمن بها، ويمكنك أن تفعل الخير الذي تراه مناسباً سواء كان هذا من وجهة نظرك أو من وجهة النظر الإلهية. المهم أنك لست شريراً في ذاتك. هذه هي كل الإحتمالات الموجودة. والآن لنحلل كل احتمال من هؤلاء. الإحتمال الأول: يتناقض مع الثوابت الموجودة في كل الأديان. لنفترض أن الدين الصحيح هو الإسلام. فبحسب هذا الإحتمال، أي إنسان مسيحي، أو يهودي أو بوذي، مهما بلغ حبه للناس وفعله للخير، ومهما بلغت صلاته لله المسيحي وبكاؤه له ودعاؤه له، سيدخل النار لأنه كافر. لأنه يبكي لله ويصلي له في المكان الخطأ. طبعاً هذه سطحية إلهية لأنها تدل على أن الإله لا يهتم على الإطلاق بكونك إنسان طيب ونظيف من داخلك بقدر ما هو يهتم بالمظاهر التعبدية كمكان الصلاة وطريقتها والإعتراف ببعض البشر على أنهم رسل من عنده. ودعنا نتذكر، الثوابت هي أن الله عادل ورحيم ويحب الخير. فأي إله عادل يرمي شخص طيب كان يصلي له ويبكي له ويدعوه ليلاً نهاراً في النار وفي العذاب الأليم؟ أي إله رحيم ومحب للخير هذا؟ الإحتمال في رأيي مرفوض. الإحتمال الثاني: نفس الموضوع. فمهما بلغ حبك لله وللخير، لن تفلت من عذاب النار فقط لأنك غير مؤمن بالله بالطريقة التي يريدها هو. الإحتمال الثالث: يجب أن تفعل الخير من وجهة النظر الإلهية. ولايهم أي رسالة تؤمن بها. ولكن هنا توجد مشكلة كبيرة وهي أن الناس من الممكن أن يفعلوا أشياء محرمة بشدة من وجهة النظر الإلهية ولكنهم لا يعرفون ذلك لأن الرسالة التي يؤمنون بها لا تمانع فيها. قد تكون رسالتك التي تؤمن بها لا تحرم الخمر والخنزير ولا ممارسة الجنس مع من هم ليسوا أزواجك. وعلى هذا الأساس فقد تمارسها طيلة حياتك غير عالم أن الله غاضب منك بشدة الآن. كيف يعاقبنا الله على أفعال كنا نفعلها بحسن نية؟ الإحتمال الرابع: أن تفعل الخير من وجهة نظرك وأن تؤمن بالرسالة التي تختارها لنفسك. وهذا هو الإحتمال المنطقي الوحيد الذي لا يعيبه شيئ واحد. ولكن هذا الإحتمال يلغي أهمية الأديان من الأساس. فالدين بالنسبة للبشر هو الخلاص من العذاب. فإذا كان عدم اعتناق هذا الدين يخلصك من العذاب، فما هي فائدة الدين؟
#سامر_حميد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
كيف تحاور الآخرين ..؟ رتب افكارك
-
ستيفن هوكينغ، راي كورزويل، ميشيو كاكو: الافكار الاكثر تأثيرا
...
المزيد.....
-
أول رد من الإمارات على اختفاء رجل دين يهودي على أراضيها
-
غزة.. مستعمرون يقتحمون المقبرة الاسلامية والبلدة القديمة في
...
-
بيان للخارجية الإماراتية بشأن الحاخام اليهودي المختفي
-
بيان إماراتي بشأن اختفاء الحاخام اليهودي
-
قائد الثورة الاسلامية آية اللهخامنئي يصدر منشورا بالعبرية ع
...
-
اختفاء حاخام يهودي في الإمارات.. وإسرائيل تتحرك بعد معلومة ع
...
-
إعلام العدو: اختفاء رجل دين اسرائيلي في الامارات والموساد يش
...
-
مستوطنون يقتحمون مقبرة إسلامية في الضفة الغربية
-
سفير إسرائيل ببرلين: اليهود لا يشعرون بالأمان في ألمانيا
-
المقاومة الاسلامية في لبنان تستهدف مستوطنة -أفيفيم- بصلية صا
...
المزيد.....
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
المزيد.....
|