أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير - جبران الشداني - العربية ليست لغتنا














المزيد.....

العربية ليست لغتنا


جبران الشداني

الحوار المتمدن-العدد: 4178 - 2013 / 8 / 8 - 10:03
المحور: القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير
    


الجدل حول مكانة اللغة العربية في مجتمعاتنا ليس جديدا، فهو مرتبط مرة بالنضال ضد لغة المستعمر، و مرة بخطاب التأكيد على هوية عربية مفترضة. و الأسئلة المرتبطة به تتعدد و تختلف في مدى مقاربتها لعمق إشكالية اللغة الوطنية، لكنها في أغلب الأحيان ترتطم بإجابات موغلة في السطحية و العاطفية، و العنف أحيانا كثيرة.
لقد انطلقت محاولات تعريب مناهج التعليم ، و لغة العلم و التواصل، من إيديولوجية خاطئة، مضمونها أن هويتنا مهددة بسيادة اللغات الأجنبية ، لغة المستعمر في العموم، و أن الوطنية تفترض عودتنا للغتنا الأم، كما أنها عودة تفرضها قيمنا الدينية ، باعتبار نزول القرآن بلسان عربي.
لكن هل العربية لغتنا فعلا؟
هو سؤال بسيط للغاية، لعلنا لأسباب تاريخية و اجتماعية، و لتعقد و لبس مفاهيمنا حول اللغات و اللهجات، لا نملك جوابا نهائيا له.
إنها حالة تدعو للضحك، فقليلة هي الشعوب التي لا تفقه لغتها، و لعل هذه الحالة الطريفة،لا تتكرر في مكان آخر على الأرض باستثناء الأقطار العربية.
الأجنبي ، مهما بلغ جهله بمفردات القواميس، و حتى إن لم يكن قد دخل المدرسة طيلة حياته، يستطيع أن يفهم دون أدنى عناء، كلام الجرائد و الكتب المكتوب بلغة فرنسية أو انجليزية أو إيطالية فصحى. و هذه خاصية على تنطبق على أغلب الشعوب، فلماذا لا نفهم نحن العرب لغتنا العربية، إلا بعد دخول المدارس؟
لأنها ببساطة ليست لغتنا، و هذه هي الحقيقة التي لا نريد الاعتراف بها، حين ندعي بأن لغاتنا ليس سوى لهجات... رغم أن المسافة بين اللهجة المغربية مثلا، و اللغة العربية، هي أكبر بكثير من المسافة بين اللغتين الاسبانية و البرتغالية.
جدة صديقي الإسبانية التي لم تدرس البرتغالية طوال حياتها، تستمع للمسلسلات البرتغالية بانتظام، و تدرك فحوى القصة، و مضمون الجمل و معاني الكلمات، أما المرحومة جدتي ، فكانت فلا تفقه أغلب فقرات الأخبار العربية. و كنت أجد صعوبة بالغة في إقناعها بأن المذيع يتحدث لغة هي لغتها و أنها بدورها.. كانت تتحدث لغة المذيع أيضا.
في ذلك الوقت، كنت أغضب حين يقال لي بأن الأمازيغية أيضا لغة. كنا حساسين لأي فكرة يمكن أن تشوش على نقاء لغة الضاد، و هيمنتها المطلقة على الألسنة و العقول.
الحقيقة ببساطة، هي أننا لا ندرس لغتنا، و لا نكتب بها إلا فلكلوريات كالزجل و المسرحيات، التي تظل في ذهن أغلب المثقفين ، نتاجا أدبيا من الدرجة الثانية.
و الحقيقة الأقسى، أن دستورنا الوطني لا يعترف بالمغربية لغة، و يقيم العربية، مكانها، رغم أن أغلبية الشعب المغربي لا تتكلمها و لا تفقهها. إن غضضنا الطرف عن آيات القرآن التي يحفظها العامة بشكل أتوماتيكي، دون إدراك لمعانيها.
إن حالتنا اللغوية هذه، لا يمكن إلا أن تكون استلابا، إن لم تكن احتلالا فكريا. فاللغة العربية القادمة من الشرق، لم تحمل إلينا لا علما و لا ثقافة يعتد بهما، و تمسكنا بها لا تدعمه حجة موضوعية، سوى الإصرار الغبي في فرض لغة غير مفهومة على ملايين المواطنين.
هؤلاء المدافعون عن اللغة العربية، يحترمون لغة الشرق، أكثر من احترامهم لعقل الشعب، إذ لا يوجد إذلال أكبر، من أن تجعل لغة المدرسة و الإدارة و التواصل، فرنسية استعمارية ، أو عربية مشرقية لا تربطها باللغة المحلية سوى تشابهات سطحية و عابرة. إنها مذبحة ثقافية و مَهانَة، و عبث تاريخي يشبه إجبار الشعوب الأوربية ، على تكلم لغة شبه ميتة كاللاتينية. و قد كان هذا حال الرعية في القرون الوسطى، حيث فرض عليهم سماع العظات و الإنجيل بلغة غريبة غامضة، و لم تترسخ حركة الإصلاح الديني، إلا بعد ترجمة الإنجيل باللغات المحلية.
إننا نصرف ملايين الدولارات، لتدريس أساسيات اللغة العربية، و إن كان تعلم اللغات مستحبا، و تدريس اللغة العربية واجبا ، نظرا لخصوصياتنا التاريخية، فإن لا شيء يبرر إهدار سنوات من التعليم و التحصيل، لاكتساب التلميذ لغة جديدة، اكتسابا جزئيا، لتكون بعد ذلك، اللغة الوحيدة لتعليم باقي المواد و الفروع المعرفية، ألا يبغي العقل، أن تلقن هذه المواد أصلا بلغة الطفل التي تعلمها منذ نطق كلماته الأولى، بدل أن نتعامل معه كإنسان غبي فاقد للغة؟
ماذا استفدنا من إدراج اللغة العربية في مدارسنا و كل نواحي حياتنا ؟ إنها ليست لغة دول متقدمة حتى نفرض على أبنائنا إتقانها، و لا هي لغة العلم، و لا هي لغة التكنولوجيا، و لا هي لغة الشعب.
هي طبعا كما يقال لغة القرآن، و هذا موضع لبس كبير، فالقرآن لم ينزل عربيا، لأن العربية لغة الله، أو لأن الله فضلها على باقي اللغات، بل لأنها كانت لغة محمد و لغة أهله، و لو كان محمد يونانيا لنزل القرأن باليونانية ، و لو كان مغربيا ، لنزل بالمغربية، لأن غرض الله هو مخاطبة عقول الناس، و خطاب الإقناع يتوسل لغة المُخاطَب، لذلك تجد القرآن يقول:
إنا أنزلناه قرآنا عربيا لعلكم تعقلون
نحتاج إذن، ترجمة القرآن للمغربية، و التخلص من اللغة العربية تدريجيا، و هذا سيكفينا الكثير من أثقال الفكر المشرقي ، الذي لم ينقل إلينا منذ بداية عصر الانحطاط، سوى كتب التكفير و الحيض و النفاس. نحتاج الانفتاح على لغات عالمية حية ، تتكلم الحرية و العلم و حقوق الإنسان، و لكننا يجب قبل ذلك، أن نعيد الاعتبار للغتنا المغربية، عبر تقعيدها، و اعتمادها اللغة الرسمية للثقافة و المدرسة و المسجد.



#جبران_الشداني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- خواطر في الطابو الفلسطيني
- كلكم دانيال... يا مغاربة
- لطيفة أحرار و تقنية الكشف الجميل


المزيد.....




- أوكرانيا تعلن إسقاط 50 طائرة مسيرة من أصل 73 أطلقتها روسيا ل ...
- الجيش اللبناني يعلن مقتل جندي في هجوم إسرائيلي على موقع عسكر ...
- الحرب في يومها الـ415: إسرائيل تكثف هجماتها على لبنان وغزة ...
- إسرائيل تعلن العثور على جثة الحاخام تسفي كوغان في الإمارات ب ...
- اتفاق الـ300 مليار للمناخ.. تفاصيله وأسباب الانقسام بشأنه
- الجيش اللبناني: مقتل جندي وإصابة 18 في ضربة إسرائيلية
- بوريل يطالب بوقف فوري لإطلاق النار وتطبيق مباشر للقرار 1701 ...
- فائزون بنوبل الآداب يدعون للإفراج الفوري عن الكاتب بوعلام صن ...
- الجيش الأردني يعلن تصفية متسلل والقبض على 6 آخرين في المنطقة ...
- مصر تبعد 3 سوريين وتحرم لبنانية من الجنسية لدواع أمنية


المزيد.....

- الرغبة القومية ومطلب الأوليكارشية / نجم الدين فارس
- ايزيدية شنكال-سنجار / ممتاز حسين سليمان خلو
- في المسألة القومية: قراءة جديدة ورؤى نقدية / عبد الحسين شعبان
- موقف حزب العمال الشيوعى المصرى من قضية القومية العربية / سعيد العليمى
- كراس كوارث ومآسي أتباع الديانات والمذاهب الأخرى في العراق / كاظم حبيب
- التطبيع يسري في دمك / د. عادل سمارة
- كتاب كيف نفذ النظام الإسلاموي فصل جنوب السودان؟ / تاج السر عثمان
- كتاب الجذور التاريخية للتهميش في السودان / تاج السر عثمان
- تأثيل في تنمية الماركسية-اللينينية لمسائل القومية والوطنية و ... / المنصور جعفر
- محن وكوارث المكونات الدينية والمذهبية في ظل النظم الاستبدادي ... / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير - جبران الشداني - العربية ليست لغتنا