|
هل فشل - الربيع العربي - ؟....
محمد سيد رصاص
الحوار المتمدن-العدد: 4177 - 2013 / 8 / 7 - 09:22
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
في دور السينما السورية توجد فترة عرض اسمها "المناظر" تستغرق حوالي الربع ساعة،تعرض خلالها مقاطع من الأفلام القادمة ،قبل أن يبدأ الفيلم. في "الربيع العربي" كانت تونس هي "المناظر" وكانت مصر هي بداية الفيلم،كعادة أرض الكنانة منذ القرن العشرين في أن تكون مفتتحة المراحل العربية وخاتمتها(1919المرحلة الليبرالية مع سعد زغلول،1952العروبية مع عبد الناصر،النصف الأول من عقد السبعينيات مع بداية المد الاسلامي). في 25يناير- 11فبراير2011حصلت ثورة فعلية ضد نظام حسني مبارك،انطلاقاً من تعريف الثورة بأنها (اشتراك أكثر من نصف السكان في مظاهر احتجاجية ضد الحاكم عبر اليد واللسان خلال فترة زمنية محددة ). نجحت هذه الثورة في اسقاط رأس النظام،ولكن نجاحها الأكبر كان في تدشينها لسابقة تاريخية عند المصريين من خلال فرضها لرقم جديد في السياسة هو (قوة الشارع) بالتوازي مع قوة (الخارج الأميركي) و(المؤسسة العسكرية)،اللذان كانا الأرضية التي استند إليها حسني مبارك خلال ثلاثة عقود من وجوده في السلطة،وعندما ابتعد هذان العاملان عن مبارك بفعل عامل مراعاتهما للعامل الجديد ،وهو(قوة الشارع)، حصلت عملية سقوط رأس النظام عند غروب شمس يوم الجمعة 11فبراير2011. في فترة (مابعد 11فبراير) لم يعد التعبير عن قوة الشارع عبر المظاهرات والاعتصامات في الميادين بل عبر صندوق الاقتراع. خلال يومي19مارس 2011و 12ديسمبر2012جرى استفتاءان على اعلان دستوري مؤقت وعلى مشروع دستور ومابينهما جرت ثلاثة انتخابات لمجلس الشعب ولمجلس الشورى ولرئاسة الجمهورية،فاز في خمستهما التيار الاسلامي،الذي أظهر من خلال هذه الاقتراعات الخمسة بأنه الأقوى في الشارع المصري. حاولت المؤسسة العسكرية فرض معادلات جديدة بوجه بروز قوة التيار الاسلامي عبر محاولتين ،جرتا قبيل الانتخابات البرلمانية والرئاسية:الأولى في نوفمبر2011عبر وثيقة مقترحة من نائب رئيس الوزراء المصري الدكتور علي السلمي ل"المبادىء فوق الدستورية"حاولت وضع المؤسسة العسكرية خارج سلطة المؤسسات المنوي انتخابها برلمانياً ورئاسياً عبر جعل اختصاص "المجلس الأعلى للقوات المسلحة دون غيره بالنظر في كل مايتعلق بالشؤون الخاصة بالقوات المسلحة"،وهو مارفضته كل القوى المصرية السياسية من اسلامية وغير اسلامية ،ماساهم في افشال محاولة لتشريع حالة غير مشرعنة من السلطة الفعلية نجدها في باكستان والجزائر للعسكر من وراء الستارة المدنية،وقد وجدت في تركية بين عامي 1963و2010من خلال سلطات (مجلس الأمن القومي) قبل أن يتجه أردوغان لاصلاحات دستورية قلمت أظافر المؤسسة العسكرية.المحاولة الثانية جرت يوم17يونيو2012قبيل الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية لماأصدر (المجلس الأعلى للقوات المسلحة) ،بحكم امتلاكه(مع سلطات رئيس الجمهورية منذ تفويض حسني مبارك سلطاته له يوم11فبراير2011) لسلطة التشريع مع حل المحكمة الدستورية العليا لمجلس الشعب المنتخب، (الاعلان الدستوري المكمل) الذي نص على اختصاص "المجلس الأعلى للقوات المسلحة بالتشكيل القائم وقت العمل بهذا الاعلان الدستوري بتقرير كل مايتعلق بشئون القوات المسلحة "،مع تأكيده على احتفاظ هذا المجلس لمابعد تولي الرئيس لمنصبه بسلطة التشريع لحين انتخاب مجلس شعب جديد وعلى حق هذا (المجلس الأعلى )،في حال نشوء مانع ، في تشكيله لجمعية تأسيسية جديدة تصيغ مشروع الدستور الجديد قبل عرضه على الاستفتاء الشعبي. في 11أغسطس 2012ألغى الرئيس مرسي،بعد واحد وأربعون يوماً من توليه منصبه،هذا "الاعلان الدستوري المكمل"،وأحال المشير طنطاوي وزير الدفاع ورئيس الأركان سامي عنان للتقاعد،وفي اليوم التالي قام بتعيين اللواء عبد الفتاح السيسي وزيراً للدفاع،في انقلاب مدني رئاسي على سلطة المؤسسة العسكرية الحاكمة في القاهرة منذ صباح يوم23يوليو1952. كانت قدرة الرئيس مرسي على القيام بهذا الانقلاب المدني ضد العسكر آتية من استمرار توحد القوى السياسية المعارضة القديمة لحسني مبارك وراءه،كماحصل في الجولة الثانية ضد المرشح الرئاسي المنافس لمرسي أحمد شفيق الذي فاز ب48,27% فيماحصل مرسي على 51,73%،ومن تفضيل واشنطن لحليفها الجديد،أي الاسلام السياسي،على حليفها المصري القديم،أي المؤسسة العسكرية.على الأرجح كان هذا هو الذي دفع الرئيس مرسي إلى خطوة جديدة،ربماهي التي أودت به بعد سبعة أشهر وعشرة أيام،لمااستغل الاتفاق الأميركي – المصري على جهود التهدئة في حرب نوفمبر 2012بغزة،من أجل اصدار اعلان دستوري جديد بيوم21نوفمبر "جعل سلطته وقراراته خارج نطاق الطعن أوالاستئناف القضائي" وأعطى نفسه سلطة تعيين النائب العام،وسلطات استثنائية "إذا قام خطر يهدد ثورة25يناير". منذ ذلك الوقت انقسم الشارع المصري ،وبدأت قوى النظام القديم بالتحرك والاقتراب من معارضي مرسي في "جبهة الانقاذ"التي تشكلت آنذاك،وقد كان ملفتاً أن يصدر الفريق السيسي في تلك الفترة دعوة باسم القوات المسلحة يد عو فيها "أطراف الأزمة"للحوار:حسب صحيفة"وول ستريت جورنال"(12يوليو2013)بدأت بعيد ذلك الاعلان الدستوري ، في 21نوفمبر 2013، في نادي ضباط البحرية عند النيل اجتماعات لرجال أعمال محسوبون على نظام مبارك،منهم المحامي هاني سري الدين محامي أحمد عز،مع قيادات (جبهة الانقاذ) ومع ضباط يمثلون المؤسسة العسكرية لدراسة الخطوة التالية ضد نظام الحكم القائم بقيادة الاسلاميين.تم الاتفاق على تكرار سيناريو 11فبراير2011 ،الذي مورس ضد مبارك،وأن يطبق ضد مرسي وفق المعادلة التالية:"إن امتلكت المعارضة القوة الكافية لانزال محتجين كثر للشارع،عندها سيقفز العسكر للواجهة ويزيحوا الرئيس بالقوة".يذكر مقال الصحيفة الأميركية بأن المفاتيح الانتخابية القديمة لنظام مبارك قد ساهمت بفعالية في حشد التوقيعات لحركة تمرد بين ابريل ويونيو2013،وبأن الأساليب التي اتبعت من المجموعات التي أحرقت مقرات (الحزب الوطني) قبيل أيام قليلة من سقوط مبارك قد تم تكرارها ضد مقرات (الاخوان) في الأسبوع الأخير من حكم مرسي مع اغماض عين البوليس والجيش. في مظاهرات 30يونيو2013ضد مرسي كان من الواضح الحجم الكبير للمعارضة ضد حكم ( جماعة الاخوان المسلمين)،الذين كان هناك سلم نزولي لأصواتهم الانتخابية خلال أشهر عام2012في ثلاثة اقتراعات نيابية ورئاسية ثم في استفتاء الدستور،قبل أن تؤول الأمور إلى هبة جماهيرية ضد (الاخوان)كان من الممكن أن تنتهي إلى تكرار سيناريو 25يناير- 11فبراير2011. لم تجر الأمور هكذا: انقسم الشارع المصري بين ساحتين في (ميدان التحرير) وبين(ميدان رابعة العدوية)،و لم تكن هناك غالبية جماهيرية في "اليد واللسان"كانت مستعدة لأن تستمر حتى تحصد بيديها ماتم البدء به في 30يونيو2013.على العكس من هذا اتجهت حشود (ميدان التحرير) نحو دعوة العسكر للنزول ضد حكم مرسي،وهو مالم يتأخر العسكر به وليقوموا بانقلاب 3يوليو،الذي هو في الحقيقة استعادة لسلطة كانت للمؤسسة العسكرية في عهد مبارك وقبله وقبله، ثم حصلت ثنائية بين (الشارع) و(العسكر) في فترة مابعد مبارك،قبل أن يحسم مرسي الأمور لصالحه ويقيم السلطة المدنية في يوم11أغسطس2012. من هنا كان انقلاب 3يوليو2013نهاية لثورة25يناير2011،تماماً كماعاد آل بوربون للحكم في عام1815بعد 26سنة على ثورة1789الفرنسية،وعاد الملك الانكليزي للحكم عام1660بعد احدى عشر سنة من نجاح ثورة البرلمان في قطع رأس والده. في انكلترا تجاوزت ثورة1688-1689ماحصل عام1660،وفي فرنسة احتاج الأمر لثورتين بعامي1830و1848قبل أن تنتكس الأمور من جديد مع تجاوز الجمهورية عبر تنصيب لويس بونابرت نفسه امبراطوراً وتجاوزه للديمقراطية،ولم تستقر الأمور في بلاد الغال وتتحقق أهداف الثورة الفرنسية ل(سلطة الشارع) و(العلمنة) إلافي عام1905.
#محمد_سيد_رصاص (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
انسداد الثورات والبحث عن -المنقذ الفرد-
-
فراغات ما بعد توقف المدّ الإسلامي
-
المجتمع والسلطة في ايران
-
حدث (اسطنبول – الدوحة – القاهرة) -
-
الوضع الداخلي والسياسة الخارجية
-
سورية وحرائق الجوار
-
لماذا سوريا بكل هذه الأهمية للعالم والاقليم ؟...
-
حراك التيّارات السياسيّة العربيّة
-
انفجار بنية عراق بول بريمر
-
ماهذا البالون المنفوخ الذي اسمه دولة قطر؟.....
-
نزعة الإستعانة بالأجنبي في المعارضات العربية
-
9نيسان2003:تدشين مرحلة جديدة في الإقليم
-
تداعيات غزو العراق على سوريا
-
ترابط أحداث الاقليم -
-
خريطة المعارضة الحزبية السورية
-
هوغو تشافيز:ظهور الشعبوية الوطنية في أميركا اللاتينية
-
مؤشرات على اضطراب التحالف الأميركي- الإخواني
-
تضعضع القطب الواحد للعالم
-
فراغات القوة العربية وصعود الجوار الاقليمي
-
ستة أشهر من حكم الاخوان المسلمين في مصر
المزيد.....
-
الشرطة الإسرائيلية تحذر من انهيار مبنى في حيفا أصيب بصاروخ أ
...
-
نتنياهو لسكان غزة: عليكم الاختيار بين الحياة والموت والدمار
...
-
مصر.. مساع متواصلة لضمان انتظام الكهرباء والسيسي يستعرض خطط
...
-
وزير الخارجية المصري لولي عهد الكويت: أمن الخليج جزء لا يتجز
...
-
دمشق.. بيدرسن يؤكد ضرورة وقف إطلاق النار في غزة ولبنان ومنع
...
-
المكتب الإعلامي الحكومي بغزة: القوات الإسرائيلية تواصل انتها
...
-
الدفاع الروسية تعلن القضاء على 360 عسكريا أوكرانيا على أطراف
...
-
في اليوم الـ415.. صحة غزة تعلن حصيلة جديدة لضحايا الحرب الإس
...
-
بوريل: علينا أن نضغط على إسرائيل لوقف الحرب في الشرق الأوسط
...
-
ميقاتي متضامنا مع ميلوني: آمل ألا يؤثر الاعتداء على -اليونيف
...
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|