|
أكل رمضان ومشاعر المسلمين
الطيب طهوري
الحوار المتمدن-العدد: 4176 - 2013 / 8 / 6 - 17:40
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
أدى الإفطار الجماعي لمجموعة من مواطني ولاية تيزي وزو الجزائرية نهار رمضان علنا إلى ردود فعل رافضة في أغلبها لذلك التصرف ، وصل الأمر في بعض تلك الردود إلى طلب معاقبتهم على تجرئهم ذاك واعتبار فعلهم مسا بمشاعر المسلمين ، بل أكثر من ذلك وجدنا البعض يعتبرهم مرتدين عن الإسلام ويطالب بوجوب إقامة حد الردة عليهم، أي قتلهم.. وهنا اطرح السؤال: لنفترض أن هؤلاء الأشخاص كانوا مسلمين بالوراثة ، لا بقناعتهم الذاتية ..وقد قرأوا وقارنوا فتكونت لديهم قناعة ذاتية بأن هذا الدين الإسلامي لا يناسبهم..فهل يطبق عليهم حد الردة ذاك؟..طرحت السؤال فقط لأنتظر كيف ستكون الإجابات من أولئك الذين يعتبرون أكل رمضان جهارا نهارا مسا بمشاعر المسلمين.. وإذ أسجل اعتراضي على تلك الردود الرافضة لفعلهم والمطالبة بمعاقبتهم ، وأعتبر فعلهم ذاك يندرج ضمن الحريات الشخصية والقناعات الذاتية التي لا تنفع غيرهم او تضرهم ،فإنني أتساءل عن معنى المس بمشاعر المسلمين؟ولماذا لا يرى المسلمون المس بمشاعرهم إلا في ما هو ذاتي خاص بصاحبه لا فيما هو جماعي مضر بالآخرين؟.. - عندما نرى أحياء قصديرية يقطنها جزائريون بسطاء فقراء ليس في مقدورهم استئجار او بناء مساكن نتيجة الارتفاع المذهل لأسعار مواد البناء والقطع الأرضية واجور البنائين وفي المقابل نجد الأغنياء يبنون القصور الفخمة التي تتوفر على كل مرافق الحياة في مختلف الأحياء والمدن ويغلقون معظمها ، وهو ما يؤدي حتما إلى ازدياء الم اولئك الذين يقيمون في الاحياء الفوضوية القصديرية التي لا تتوفر على اي مرفق حياتي : لا قنوات صرف صحي - لاماء – لا كهرباء –لا غاز – لا تعبيد ازقة ..الروائح الكريهة تنبعث من كل مكان والأطفال محرومون من أدنى حقوقهم،وحتما سيصابون بالكثير من العقد النفسية أمام زملائهم في المدارس وفي الشوارع وقد يصير الكثير منهم مرضى نفسيا في مستقل حياتهم، ورغم كل تلك الاوضاع المزرية والمخاطر المنتظرة التي ستؤثر سلبا على المجتمع عموما،لا احد يلتفت إليهم من مسؤولينا الميامين أو من اولئك الأغنياء الذين يكرر الكثير منهم تادية العمرة وفريضة الحج ..هنا لا نجد الحديث عن مشاعر المسلمين إطلاقا .. - عندما نرى أغنياءنا يكثرون من امتلاك السيارات ، حيث لكل فرد في الأسرة سيارته غالبا ، وهو ما يؤدي إلى ازدحام الطرق والشوارع بالسيارات وازدياد تلوث البيئة ، ومن ثمة ازدياد الأمراض الناتجة عنها حتما ، إلى جانب ارتفاع أسعر السيارات وحرمان البسطاء من إمكانية امتلاكها وما يؤدي إليه ذلك من شعور بالغبن وربما الحقد..هنا لا نجد الحديث عن مشاعر المسلمين أيضا وإطلاقا كذلك.. - امر صباحا بمسجد ابن باديس في قلب مدينة سطيف فأجد الزنجيات النائمات في فنائه على الكرتون مع اطفالهن وقد بدأن يستيقظن مجهدات يائسات . والحال نفسها في مختلف مدننا..وأسير بعد ذلك في الشوارع فأجد الكثير منهن جالسات مع صغارهن لمتحجبات لاا بسات الخمر ، دلالة على انهن مسلمات يمددن ايديهن للمارة علهم يجودون عليهن ببعض الدناينر التي قد تسد بعض رمقهن.. أتوجه بعد ذلك إلى سوق الخضر والفواكه فأرى بالقرب منه مجموعة من الشباب السود يجلسون وحولهم مجموعة من شباب المسلمين يصيح فيهم: يا صراصير ..يا وسخ الأرض..ما الذي جاء بكم إلى هنا؟..عودوا إلى بلدانكم..أقف مشدوها متألما متحسرا..أحاول التكلم واحجم عنه مخافة تعرضي لبعض السوء من اولئك الشباب المسلم الطائش ..انتظر جماعات المارة من الرجال المسلمين..أقول لعل مجموعة منهم تتقدم لتنهيهم عن تصرفهم العنصري ذاك وتبعدهم عن اولئك الشباب السود اليائسين المتألمين ..هنا يختفي الحديث عن مشاعر المسلمين بشكل تام.. - ياخذني حب الاطلاع فازور بعض مواقع تجميع نفايات المنازل في الأحياء فأرى العجب: خبزا وحلويات ولحوما والكثير الكثير من الأكل مرميا على الأرض عرضة للذباب ومختلف أنواع البعوض الأخرى..تبذير في تبذير..فيما الكثير من الأسر الفقيرة تعجز عن إشباع حتى أبسط حاجاتها الضرورية ..أسترجع ما رأيته من جموع غفيرة تتدافع للشراء متراصة في سوق الخضر الذي زرته قبل ذلك..لا أسمع أي حديث عن مشار المسلمين.. أبدا أبدا.. - أدخل بعض الإدارات لأرى ما يفعله عمالها وموظفوها فأجد العجب..يقرأ البعض الصحف ويحل الكلمات المتقاطعة..يغط البعض الآخر في النوم ..فيما يتعامل البعض الآخر مع المواطنين بنرفزة وتشنج..هنا ايضا لا يتحدث الناس عن مشاعر المسلمين.. - تتوقف الكثير من المؤسسات عن العمل وترجئ ما هي مكلفة من القيام به لصالح المواطنين لما بعد رمضان..بعد رمضان إن شاء الله..بعد العيد إن شاء الله..إن شاء الله..إن شاء الله..ربنا ورحمته...لاأحد يتكلم عن المس بمشاعر المسلمين..إطلاقا ..إطلاقا.. - أقرأ في الصحافة أن العنف باستعمال السيوف والخناجر ومختلف الأسلحة البيضاء يزداد أكثر في شهر رمضان مقارنة بشهور السنة الأخرى وان مستشفياتنا تستقبل الكثير من الذين تعرضوا لإصابات بالغة أدت إلى موت أصحابها في الكثير من الحالات..وأن حوادث المرور المميتة تزداد أكثر في هذا الشهر..هنا ايضا يختفي الحديث عن مشاعر المسلمين.. - أقرأ أيضا: ملايير تصرف من شركات مفلسة على لا عبين جدد عاديين.. يحيى شريف اجرته هذا الموسم 220 مليون شهريا..صبري غربي وحبيب بلعيد أجرة كل واحد منهما 200 م س شهريا..سيكلف اللاعبون الجدد لمولودية الجزائر شركة سوناطراك العمومية طبعا 830 م س شهريا..كتلة أجور العاصر الجديدة لشباب قسنطينة مليار و510 م س شهريا..كتلة اجور لا عبي وفاق سطيف الجدد تناهز المليار و150 م س..و..و..إلخ..فيما أجور الكثير من عمالنا أقل من الأجر القاعدي ( 18000.00 دج ، أي أقل من مليوني س ..لا أحد يرى في ذلك مسا بمشاعر المسلمين.. - الأمثلة كثيرة..والحديث عن المس بمشاعر المسلمين فيها لا أثر له.. - والنتيجة المنطقية لكل ما تقدم هي اننا مجتمع قطيع ديني بامتياز..وأن كل من يخرج عن هذا القطيع لابد أن يعمل القطيع ذاته على إعادته إلى الزريبة..هكذا نحن.. - النتيجة أيضا أن الحديث المسهب في صحافتنا وفي مختلف المواقع الاجتماعية ومن الكثير من الناس بما فيهم المسؤولون عن هؤلاء الذين أفطروا جهارا نهارا في رمضان واعتبار ذلك مسا لا يغتفر بمشاعر المسلمين تجب مواجهته بكل صرامة فيما نتعامى عن كل ما ذكرت مما كان من الواجب اعتباره مسا فعليا بمشاعر المسلمين ..ما هو ( ذلك الحديث) إ مظهرا من مظاهر تخلفنا المزمن الفظيع..
#الطيب_طهوري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
نقاش فيسبوكي العرب والغرب..الإسلام والديمقراطية
-
هل يحدث في سوريا ما حدث في الجزائر في تسعينات القرن الماضي؟
-
الأبواب
-
عن الشعر ولغته
-
كيف يكون احترامنا لأنفسنا ورمضاننا؟..دفاعا عن المفطرين في رم
...
-
يفتح البحر أعماقه
-
الأديب الطيب طهوري : المرأة تمثل قوة انتخابية كبيرة لكن عقلي
...
-
عن الانتخابات البرلمانية في الجزائر( 10 ماي ) ودور المثقف في
...
-
صخرة
-
هيفاء
-
لأديب الطيب طهوري للصقر :- تغيير جلد السياسة الثقافية في الج
...
-
المغزل*
-
عن الدين والعلمانية والأحزاب الإسلامية
-
ممرات ضيقة للكلام لكنزة مباركي.. إرادة التحدي التي لا تلين..
-
لماذا عجز عن القيام بالثورة شباب عشرات الالاف من المساجد في
...
-
عندما تحتقر السلطة شعبها
-
الخطاب الإسلامي الراهن يرسخ التخلف والاستبداد اكثر؟
-
بدمي .وقعت
-
في الشكل الشعري.. في الأنوثة والذكورة ...مناقشة لبعض آراء سه
...
-
ليس في القبو سواه
المزيد.....
-
ليبيا.. وزارة الداخلية بحكومة حماد تشدد الرقابة على أغاني ال
...
-
الجهاد الاسلامي: ننعى قادة القسام الشهداء ونؤكد ثباتنا معا ب
...
-
المغرب: إحباط مخطط إرهابي لتنظيم -الدولة الإسلامية- استهدف -
...
-
حركة الجهاد الاسلامي: استشهاد القادة في الميدان اعطى دفعا قو
...
-
الجهاد الاسلامي: استشهاد القادة بالميدان اجبر العدو على التر
...
-
أختري للعالم: هدف الصهاينة والأميركان إقصاء المقاومة الإسلام
...
-
اسعدي أطفالك بكل جديد.. ضبط تردد قناة طيور الجنة بيبي 2025 ع
...
-
شاهد: لحظة إطلاق سراح الأسيرة الإسرائيلية أربيل يهود وتسليمه
...
-
تسليم الأسيرة الإسرائيلية أربيل يهود للصليب الأحمر في خان يو
...
-
تردد قناة طيور الجنة الجديد على القمر الصناعي النايل سات وال
...
المزيد.....
-
السلطة والاستغلال السياسى للدين
/ سعيد العليمى
-
نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية
/ د. لبيب سلطان
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
المزيد.....
|