أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - ماجدة تامر - اقتصاد الظل ظاهرة من ظواهرالتخلف في البلدان النامية















المزيد.....

اقتصاد الظل ظاهرة من ظواهرالتخلف في البلدان النامية


ماجدة تامر

الحوار المتمدن-العدد: 1195 - 2005 / 5 / 12 - 12:18
المحور: الادارة و الاقتصاد
    


اقتصاد الظل أو الاقتصاد المستتر أو ما شابه ، مصطلحات تعني شيئا واحدا ألا وهو كافة الأنشطة الاقتصادية التي يمارسها الأفراد أو المنشآت ولكن لا يتم إحصاؤها بشكل رسمي ولا تعرف الحكومات قيمتها الفعلية ولا تدخل في حسابات الدخل القومي ولا تخضع للنظام الضريبي ولا للرسوم ولا للنظام الإداري والتنظيمي .

ويشمل اقتصاد الظل أنشطة اقتصاديةً مشروعة ونظيفة ولا تتعارض مع الأعراف والمبادئ والقيم والعادات الموروثة مثل كافة الأعمال المنزلية التي يقوم بها أفراد الأسرة الواحدة أو بمساعدة جيرانهم وأقربائهم في المناسبات المختلفة و هي التي لا يتم تسويقها بل يتم استهلاكها داخل المنزل مثل طهي الطعام وتنظيف الملابس وتنظيف المنزل والعناية بالحدائق المنزلية وأعمال الصيانة الخفيفة للمنزل أو لبعض الأجهزة والأدوات .

وكافة الأعمال التي يقوم بها أصحاب المنشآت الصغيرة لصالح منشآتهم دون أن يتقاضوا عليها عوائد مباشرة ودون أن يتم قيدها في السجلات المحاسبية للمنشأة • ومن الأمثلة كذلك استخدام المرء لسيارته الخاصة كسيارة أجرة كما يحدث في موسم الحج وغيره واستخدامه لمنزله أو جزء منه للإيجار بشكل غير رسمي أو لمشاريع أخرى •

ولكن من الأمثلة على الأنشطة الاقتصادية غير المشروعة أيضا وغير النظيفة في الوقت ذاته والتي تدخل تحت مسمى الاقتصاد الخفي : تجارة المخدرات وتجارة السلع المسروقة والسلع المهربة ولعب القمار وتهريب البشر بين الدول والرشاوى والاختلاسات وكافة صور الفساد المالي التي تؤدي إلى كسب المال بطرق غير مشروعة واختفائه من القيود المحاسبية في القطاعين العام والخاص •

والمقايضات غير الرسمية وغير المشروعة بالسلع والخدمات والمصالح والمنافع التي تقود إلى الفساد الإداري والمالي •

ولقد أظهرت دراسات أجراها صندوق النقد الدولي بأن الاقتصاد الخفي تزداد معدلاته في الدول النامية والدول الشرقية بشكل خاص مثل جمهوريات الاتحاد السوفييتي سابقا . حيث إن نتائج المسح الإحصائي الذي أجري خلال الفترة من 1988 وحتى 2000 أظهرت أن الاقتصاد الخفي كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي في المتوسط كان في الدول النامية يتراوح ما بين 35 إلى 44 % ، وفي الدول الشرقية يتراوح ما بين 21 إلى 30 % ، وفي دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية يتراوح ما بين 14إلى 16 % •

ولقد أظهرت نتائج الدراسات التي تمت في الفترة 1998 إلى 2000 على دول متنوعة من العالم أن حجم الاقتصاد الخفي كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي كان مرتفعاً في بعض الدول مثل نيجيريا ، وتايلاند وبوليفيا ، وروسيا ، ويوغوسلافيا واليونان وإيطاليا والدول الاسكندنافية وشيلي . وكان منخفضاً في دول أخرى مثل سويسرا وأوزبكستان النمسا والولايات المتحدة الأميركية ، وسلوفاكيا ، وجنوب أفريقيا ، وهونغ كونغ وسنغافورة .

كما أثبتت الدراسات أن معدلات نمو اقتصاد الظل تكون أعلى في الدول النامية عنها في الدول المتقدمة • وقد يعود ذلك إلى عدة أسباب أهمها :

- 1 الأنظمة الضريبية غير العادلة ، والتي تدفع الأفراد والمنشآت إلى البحث عن الحيل والطرق التي تمكنهم من التهرب من الضرائب وتزوير الحسابات ، أي أنها تقودهم إلى الاقتصاد الخفي بصورة مباشرة أو غير مباشرة • حيث إن النظام الضريبي يجب أن يتسم بمبادئ العدالة والشمول والمساواة والتوازن ، وأن فقدان أي من هذه المبادئ قد يقود بالفعل إلى ظهور مثل هذا النوع من الاقتصاد المرفوض و المدمر .

2 - الأنظمة السياسية غير العادلة ، والتي بدورها تخلق أنظمةً اقتصاديةً واجتماعية غير عادلةً أيضا ً•

3 - إن ارتفاع نسبة مساهمة الأفراد في الضمان والتأمينات الاجتماعية ومعاشات التقاعد قد يدفع معظمهم إلى البحث عن وظائف أخرى خفية أو غير رسمية .

وقد تمت ملاحظة أن بعض العاملين في الأنشطة الاقتصادية الخفية وخصوصاً في الدول النامية يفضلون هذه الأنشطة ويرتاحون إليها إلى درجة أنهم قد يرفضون بالفعل فرص العمل الأخرى الرسمية عندما يجدونها • وقد يكون مكسبهم من الوظائف المستترة يفوق مكسبهم من الوظائف الرسمية بالنسبة لمن لديهم تلك الوظائف .

4 - إن مستويات الأجور المادية والمعنوية المتدنية والتي لا تتناسب مع مستوى المعيشة ، وأنظمة الحوافز والترقيات التي تفتقر إلى العدالة ، قد تشجع الأفراد الذين يقع عليهم الظلم على الانحراف وتدفعهم إلى التهرب من الوظائف الرسمية إلى الوظائف الخفية • وكل ذلك يؤدي إلى تشتيت مقدرات الأفراد وتبديد طاقتهم وبالتالي عدم إخلاصهم للعمل أو إتقانهم له ما يؤثر سلبا على المجتمع والدولة من جميع النواحي .

5 - إن تعقد الإجراءات الإدارية والتنظيمية وارتفاع الرسوم في أسواق العمل لا شك قد تدفع الأفراد إلى البحث عن فرص العمل المستترة الأخرى •

6 - تعقد الإجراءات الإدارية والتنظيمية والقضائية والأمنية في مختلف المؤسسات والهيئات الحكومية ، والتي تدفع الأفراد إلى اتباع الحيل والسبل الكفيلة بتجاوزها .

7 - الفجوة الكبيرة بين مخرجات المؤسسات التعليمية ومدخلاتها أي عرض العمل من ناحية والطلب على العمل من ناحيةٍ أخرى • حيث يؤدي ذلك بدوره إلى خلق جيش من البطالة ، ثم تدفعها ظروف المعيشة إلى البحث عن فرص العمل غير الرسمية وبالتالي تدفع بهم إلى التشتت والضياع و المساهمة بتكريس ظاهرة ما يسمى بالاقتصاد الخفي .

8- إن ظهور الفساد الإداري والمالي لا شك يؤدي إلى ازدياد وتفاقم مشكلات الاقتصاد بكافة أشكاله وبالتالي استبداله باقتصاد ظل جديد .

9 - يؤدي وجود البطالة المقنعة كذلك إلى ظهور مثل هذا النوع من الاقتصاد. حيث ان وجود البطالة المقنعة يخلق لدى العاملين شعوراً بضعف طاقاتهم و إنتاجيتهم فيدفعهم ذلك إلى البحث عن فرص أخرى للعمل الإضافي يجدون بها ذواتهم ويستفيــــــدون منها مادياً ومعنوياً •

والحقيقة أن أنشطة الاقتصاد الخفي ليست كلها سلبية ، حيث إن بعضها سلبي وبعضها الآخر إيجابي لكنه يبقى بعيدا عن سجلات الدولة وحساباتها وتقاريرها الاقتصادية • وبعض تلك الأنشطة والطرق مشروعة وبعضها الآخر غير مشروعة •

كما تجدر الإشارة إلى أن الدول النامية يزداد فيها الاعتماد على النفس في الأعمال المنزلية كطهو الطعام والخياطة والكي والأمور التنظيفية والخدمية الأخرى و إعداد معظم منتجات المعامل والأفران والورشات الأخرى المتعددة ، حيث يتم تصنيعها في المنازل. كما أن الدول النامية تعتمد على الزراعة والمشروعات الزراعية الصغيرة التي غالباً ما تقوم بتدبير شؤونها وإدارتها الأسرة ، وبالتالي فإن أغلب هذه المنتجات لا تدخل في حسابات الدخل القومي وتدخل في إطار الاقتصاد الخفي •

وقد يكون النشاط الاقتصادي الخفي ظاهرةً اقتصاديةً صحيةً إذا كان نشاطاً مشروعاً ، حيث إن إنتاجية العامل في الاقتصاد الخفي قد تكون أعلى منها في الاقتصاد الظاهر أحيانا ً، وذلك نظراً لارتفاع حوافز العمل الخفي وتأقلم العامل مع ظروف العمل وارتياحه لها، وقد يكون ذلك مناسباً للظروف الاقتصادية للدول النامية أيضا ً• ولا شك أن النشاط الاقتصادي الخفي يشكل ظاهرةً سلبيةً منكرةً إذا كانت تلك الأنشطة غير مشروعة أو إنتاجية العامل فيه منخفضة أو أنه يضر بالصالح العام أو الاقتصاد القومي الفعلي وغير ذلك .

وفي كافة الأحوال فإن اقتصاد الظل يؤدي إلى تزايد معدل التهرب من دفع الضرائب والرسوم والغرامات حيث تفقد الحكومة إيرادات كبيرة تؤثر سلبياً على ميزانيتها العامة و على مستوى الإنفاق العام ، ثم على مستوى التنمية الاقتصادية بشكل عام • وقد يؤدي ذلك بالحكومات إلى اتباع سياسات اقتصادية أكثر تعقيداً مثل زيادة الضرائب والرسوم والغرامات وتعقيد الإجراءات الإدارية والتنظيمية والأمنية والقضائية وزيادة النفقات العامة الجارية على حساب الإنفاق الاستثماري وعلى حساب الإنفاق على البنية الأساسية دون مبررات منطقية •

وكلما ازداد معدل اقتصاد الظل على حساب الاقتصاد الفعلي ، الظاهر ، كلما أعطى معلومات وإحصائيات مضللة وغير دقيقة عن الإمكانيات الاقتصادية الحقيقية للمجتمع وأدى إلى سوء تخصيص الموارد الاقتصادية وسوء توزيع الناتج المحلي ، وكذلك سوء إعادة توزيعه •
كما يؤثر اقتصاد الظل كثيرا ًعلى المجتمعات من الناحية الأخلاقية والاجتماعية التي من المفترض أن يعتمد التعامل بين كافة أفرادها على الوازع الديني والأخلاقي السليم النابع من ضمير الأفراد والرقابة الذاتية أولا .

وأخيرا فإن اقتصاد الظل يعتبر مظهرا من مظاهر تخلف المجتمعات ، لأن من أهم سلبياته التي لا بد من التركيز عليها هي عملية هدر الموارد المادية و البشرية وسوء استغلالها . مما يؤدي إلى تفاقم معدلات البطالة ولجوء الأفراد إلى ممارسة أنشطة اقتصادية خفية غير سوية ، بسبب غياب الأنظمة الاقتصادية العادلة والسليمة التي يجب أن تأخذ بعين الاعتبار المصلحة العامة وحاجيات المجتمع الأساسية ، لا المصالح الخاصة والربح السريع الناتج عن عمليات تجارية واقتصادية غير مشروعة ولا تتناسب وحاجيات الأفراد والدول والمؤسسات .



#ماجدة_تامر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التجارة بالشباب والعمر الضائع
- الحركة العمالية ... المقدمات والآفاق
- المرتزقة : جنود الثروة
- البرامج التجسسية الجديدة للاستخبارت الامريكية
- الصين : القوة الآسيوية الاولى
- اوروبا أمام مشكلات الهجرة
- لماذا تعتبر اوروبا مهد الحداثة ؟
- - الادارة الامريكية الجديدة و- تأليه القوة
- التحديات الجديدة للأوروبيين
- آراء حول تعريف الامبراطورية الجديدة
- أزمة المجتمعات الحديثة
- تحديات المنتدى الاجتماعي العالمي
- نحو عالم آخر ممكن
- إشكاليات المجتمع المدني


المزيد.....




- المملكة المتحدة تفرض عقوبات على شركتي تأمين روسيتين
- كيف تحولت إنفيديا من شركة متواضعة لرقائق الألعاب إلى الأعلى ...
- وزير الاقتصاد اللبناني لـ-الحرة-: نتانياهو لن يطلق أي رصاصة ...
- سعر الذهب اليوم الإثنين 25-11-2025
- المصريون يحولون مليارات الدولارات إلى بلادهم
- الوظائف الأعلى أجرا في روسيا
- الذهب والنفط يفقدان مكاسبهما الصباحية والدولار يتراجع
- البنك المركزي: سنطلق آلية جديدة لتحويلات السفر أو العلاج
- بيانات تظهر أكبر شريك تجاري لروسيا في الاتحاد الأوروبي
- وزير الاقتصاد الايراني يغادر طهران متوجها إلى الرياض


المزيد.....

- الاقتصاد المصري في نصف قرن.. منذ ثورة يوليو حتى نهاية الألفي ... / مجدى عبد الهادى
- الاقتصاد الإفريقي في سياق التنافس الدولي.. الواقع والآفاق / مجدى عبد الهادى
- الإشكالات التكوينية في برامج صندوق النقد المصرية.. قراءة اقت ... / مجدى عبد الهادى
- ثمن الاستبداد.. في الاقتصاد السياسي لانهيار الجنيه المصري / مجدى عبد الهادى
- تنمية الوعى الاقتصادى لطلاب مدارس التعليم الثانوى الفنى بمصر ... / محمد امين حسن عثمان
- إشكالات الضريبة العقارية في مصر.. بين حاجات التمويل والتنمية ... / مجدى عبد الهادى
- التنمية العربية الممنوعة_علي القادري، ترجمة مجدي عبد الهادي / مجدى عبد الهادى
- نظرية القيمة في عصر الرأسمالية الاحتكارية_سمير أمين، ترجمة م ... / مجدى عبد الهادى
- دور ادارة الموارد البشرية في تعزيز اسس المواطنة التنظيمية في ... / سمية سعيد صديق جبارة
- الطبقات الهيكلية للتضخم في اقتصاد ريعي تابع.. إيران أنموذجًا / مجدى عبد الهادى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - ماجدة تامر - اقتصاد الظل ظاهرة من ظواهرالتخلف في البلدان النامية