خالد عياصرة
الحوار المتمدن-العدد: 4175 - 2013 / 8 / 5 - 23:33
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
فشل استخباري
5 أغسطس، 2013، الساعة 11:47 صباحاً
خالد عياصرة – خاص
ثمة علاقة واسعة بين صناع القرار السياسي من جانب، والعاملين في الأجهزة الاستخباراتية للدولة من جانب
مقابل، هذه العلاقة أشبه ما تكون بالتكاملية.
فصانع القرار لا يعلنه الا بعد استشارة الأجهزة الاستخباراتية، التي بدورها تدرس زواياه، ومن ثم تعرض النتائج على طاولة صاحب القرار.
فإن حاولت الأجهزة خداع صاحب القرار بتزويده بمعلومات خاطئة، فإن القرار يخرج خاطئاً، غير ذي صلة بالحقيقية، ما
يؤدي إلى إثارة الرأي العام، مجرد انكشاف الأمر.
المحزن في ذلك، أن الانكشاف يصيب مصداقية الأجهزة بمقتل، وسيما وأنها شيدت توقعاتها على خداع صانع القرار، ما يجعلها عرضة للانتقاد والاتهام، دون أن يدافع عنها صانع القرار السياسي.
في عين الوقت، لا أحد ينكر أن للأجهزة الاستخباراتية دوراً كبيراً في حماية الدولة، فدروبها شديدة الوعورة.
لقد نجحت في محاربة الإرهاب مثلا ً، مما كان لها كبير الأثر في نجاح القرار السياسي، بناء على صدق التحليلات والمعلومات التي تم التوصل اليها وزودته بها.
لكنهم، فشلوا فشلاً ذريعاً فيما يتعلق بتزويد النظام بالتوقعات والتنبؤات والأثار السلبية الناتجة عن بيع مقدرات الدولة ومؤسساتها، كما فشلوا في تزويد النظام بالقادرين فعلياً على إدارة الدولة وقيادتها.
وبدلاً من ذلك قاموا بـ " تعيين " أسماء معروفة بفسادها، في مناصب متقدمة، عليهم الكثير من " بقع " الاستفهام، هذا الفشل كان له تأثير على التخطيط والسياسة، أوصلت البلد إلى حدود الافلاس والانهيار.
من المؤسف أن نجد الأجهزة التي ناطحت الإرهاب بحرفية عالية، هي عينها التي فشلت في كشف سرقات الدولة، بل وأصرت على تزويد صانع القرار، بنتائج مخالفة للواقع الحقيقي، ما أسفر عنها قرارات سياسية كارثية.
إذن، كيف لنا أن نصدق، كيف لنا أن نؤمن، بدور الأجهزة في حماية الدولة، أن كانت هي عينها من خدعت صاحب القرار، ليخرج قراراً معاقاً، يفتقد للبعد الوطني ؟
مثال ذلك، بدأ واضحاً في ملفات الفساد الكبرى التي أهلكت البلد، بداية بالفوسفات وتتبع حركات - الملك - وليد الكردي، كذلك تتبع حركة أموال شركة موارد، وليس نهاية ببيع ميناء العقبة، وشركة الكهرباء وشركة المياه، وأراضي الدولة، وتصرفات المؤسسات المستقلة، وغيرها.
هناك مشهدان لفهم القصة :
الأول : إن الأجهزة قاصدة مع سبق اصرار وترصد بالاتفاق مع طغم الفاسدين – الحرس القديم والجديد - بحيث يتم التمهيد لهم وتغطيتهم وحمايتهم من قبلها، مقابل اخضاعهم لإرادتها، حتى وإن ترتب على ذلك خداع صاحب القرار السياسي.
الثاني: إن صانع القرار السياسي متفق معها – أي الأجهزة - عالم بأفعالها، وكيفية صناعة "رجالها " لذا هو يقر ما يصدر عنها، دون مراجعة، لان حركاتها في صالح النظام، وقادته، واستمراريته، حتى وأن كانت غير وطنية ولا شعبية، تثير حفيظة الرأي العام.
السيناريو هذا كارثي ومخيف، إذ يسقط كذبة الفصل بين السلطات، بحيث يضعها بيد سلطة واحدة تتمثل بيد صانع القرار، لا يشاركه أحد سواه.
فهل فشلت أجهزتنا الاستخبارية في حماية الدولة من الداخل، وكانت معولاً للهدم، بدلاً من أن تكون ساعداً للبناء.
خالد عياصرة
[email protected]
#خالد_عياصرة (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟