أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - جبران الشداني - كلكم دانيال... يا مغاربة















المزيد.....

كلكم دانيال... يا مغاربة


جبران الشداني

الحوار المتمدن-العدد: 4175 - 2013 / 8 / 5 - 03:46
المحور: حقوق الانسان
    


كثير من الأحزاب اليسارية و المنظمات الإسلامية، تتحدث اليوم عن صدمة المغاربة و شعورهم بالإهانة، بعد عفو الملك عن مجرم اسباني اغتصب أحد عشر طفلا مغربيا.
ذكرني الخبر لما قرأته، بقصيدة لمحمود درويش، وردت في ديوانه" أحد عشر كوكبا" يقول فيها:
أَنتَ سمَّيتني يُوسُفًا
وهُمُو أَوقعُونيَ في الجُبِّ، واتَّهموا الذِّئب
والذِّئبُ أَرحمُ من إخوتي..
أبتي! هل جنَيْتُ على أَحد عندما قُلْتُ إنِّي:
رأَيتُ أَحدَ عشرَ كوكبًا، والشَّمس والقمرَ، رأيتُهُم لي ساجدين؟

و قد اشتبهت علي الحكايتان، ففيهما معا يصل عدد الأبناء الضائعين لأحد عشر ، و فيهما معا، يلقي الناس بالتهمة على الذئب، و يحملونه كل أوزار الضحية.
و بينما يبكي أب يوسف،يعقوب، كمدا و حزنا على ابنه، و هو على علم بحقيقة الجاني، الذي لم يكن أحدا غير الإخوة. نجده لا يعاقبهم و لا يرميهم في السجن أو يقيم عليهم القصاص.
فهل هذا ما أدركه الملك ، و هل عفوه، كان لحكمة و علم في نفسه ، مثلما كان صبر يعقوب و حلمه و تسامحه؟
إن التشابه بين القصتين مربك و محير فعلا، و لو كنا من عامة المتدينين، لحلفنا أنها رسالة مقصودة ، دبرها الله في عليائه، لندرك حل لغز أو أحجية، أو ننتبه لإجابة حكيمة غابت عنا.
تلك الأحزاب اليسارية و الشخصيات الإسلامية، التي سارعت للبس موضة انتقاد القرارات الملكية، ستكون أول من يدافع عن النظام و إخفاقاته، بمجرد الدخول في حكومة مقبلة، ألم يفعل الاشتراكيون ذلك من قبل؟ و بعدهم الإسلاميون الذين كانوا يرون في الملك الحالي حاكما عاضا، لا يحكم بأمر الله؟
لذلك.. لا تصدقوا أحدا ، ممن يتقلد المنابر اليوم، و لا تصدقوا حتى المظاهرات التي خرجت للتنديد بالعفو، فكلها مظاهر كاذبة، كلهم مغاربة منافقون ، و لا أحد فيهم يعلو مقامه على كثير من منظمات الدفاع عن الطفولة، التي لم تندد بالقرار، بل كانت أقرب للدفاع عنه.
إننا شعب من المنافقين، و هذا الغضب الذي نراه في الشوارع، سيتبخر بعد حين.. و سيعود إخوة يوسف لأحقادهم، و سيرمون بعضهم البعض في الجب، اليوم و غدا و بعد غد.
لنفهم أسرار هذه الدراما الوطنية، و هذه الغضبة الشعبية المنافقة، علينا أن نتأمل معنى أن نكون أطفالا في المغرب.
فالأطفال عندنا لا يشبهون في شيء أطفال أوربا،تلك القطط الوديعة التي تظهر في علب الشوكولاتة، و بطاقات البريد الفخمة، إنهم أقرب للكلاب الضالة، لأنهم ملاحقون بالأحجار و الركلات منذ ولادتهم، لا يعرفون من الوطن إلا اسمه، و لا يحظون من الرعاية الصحية و الغذائية إلا بالفتات، لذلك،من الرياء أن نثور أمام أجهزة الصحافة العالمية، كما لو أننا نهتم بهم فعلا، كما يهتم الفرنسي بكلبه، أو الإنجليزي بقطته.
الأطفال في شوارعنا يتضورون بردا و جوعا، يقتاتون من الزبالة، و يغتصبهم الناس بشكل دارج و يومي . في الأزقة الخلفية، و مقرات و مخيمات الجمعيات السلفية و الإخوانية، و في المدارس و البيوت و المكاتب العمومية، و المحظوظون فقط يقعون بين براثن مغتصب اسباني.
أقول إنهم محظوظون، لأن الوقوع في اليد المجرمة لسائح يأتي و يذهب، هو أفضل بكثير من الوقوع في يد مجرم مغربي، حيث يسارع أهالي الطرفين لوأد الواقعة، أو يتصالحان على عتبة كرامتها المسفوحة. هذا إن تم الاقتناع أصلا بوجود حالة اغتصاب.لأن الجريمة تقع في الغالب، دون اعتراض أحد.
لم يتظاهر أحد، من هؤلاء الثائرين الكذابين، حين أجاز الشيخ المغراوي، اغتصاب الفتيات ، في إطار مؤسسي و قانوني، سماه زواج الصغيرة. و هو رئيس جمعية دينية معروفة، و صاحب العديد من دور القرآن،لم يقل أحد، أن بقاء هذا الرجل و أتباعه خارج السجن، إهانة للمغاربة ، و خطر على أبنائهم. و لم يتظاهر أحد، كما لا يمكن أن يتظاهر أحد ضد الاغتصابات اليومية المتكررة، التي تتعرض لها النساء من قبل أزواجهن. في أغلب البيوت و العوائل المغربية.
ذلك أن المغاربة، لا يهينهم فعل الاغتصاب في حد ذاته، و إن ادعوا ذلك، و إنما يصدمون لوقوعه خارج علاقة الزواج.. فلو أن المجرم دانيال، أتى بورقة زواج من أربعة أطفال، أو ادعى أنهم ممن ملكت يمينه، لما اعترض على الأمر إلا قلة!
كثير من أهالي هؤلاء الثورجيين، يزوجون بناتهم في السن العاشرة أو أدنى، و لا يعنيهم الأذى النفسي و الجسدي، الذي يحدثه هذا الاغتصاب الشرعي، في روح طفلة كانت تلعب الحجلة بالأمس، و قد يرى ذلك حلالا مباحا و طيبا، إن كتب عقد النكاح بطريقة شرعية يرضاها الله.
كثير من جرائم الاغتصاب الشرعي، تقع تحت سمع و بصر الأحزاب المعارضة و الدينية، و مؤسسات الدولة و فقهائها و ملكها و مفكريها، و الناس لا يعترضون، و بعضهم يراها سنة نبوية لأن النبي تزوج عائشة و هي بنت تسع.

كثير من هؤلاء الذين كانوا يصرخون ضد الملك، يرى جسد زوجته متاعا له، يأتيه وقتما يريد ، كرها و إجبارا، فالزوجة في عرفهم لا تملك حق الرفض، و لذلك فهي لا تغتصب و إن اغتصبت، و إن ألقاها الزوجة كالبهيمة، و قيدها كالنعجة المعدة للذبح. و إن صرخت متسولة أو مستغيثة.
إني أشعر بالغثيان، كلما رأيت هذه الثورات الكاذبة،
فأطفالنا يتسولون السياح أمام عيون الكل، و يتسولون أمام بيوتنا صباح مساء، و الذي يتسول رغيفه، لا يصعب عليه بيع مؤخرته ان استبد به الجوع.
و كل ذلك يحدث و كأننا، غير معنيين، دعوهم يتدبرون رزقهم، دعوهم يقضون لياليهم في الشوارع و الزوايا المظلمة، لكن لا تغتصبوهم، فنحن نغضب إن مس أحد شرف ابنائنا !
مضت ستون سنة، على استقلال هذا البلاد، و أقول بلاد ، لأني أحس نفسي منافقا إن قلت وطن. و لا يزال أطفالنا يتسولون في الشوارع و محطات المسافرين، و لا زال الملك مقيما في قصره، و لا زلنا .. لا نغار على
كرامتنا، إلا حين ينتهكها أجنبي .و كأن مؤخرات أكبادنا، و مقدمات بناتنا، حلال علينا ، حرام على الفرنجة.
إن الملك أقلنا نفاقا، و أكثرنا تواضعا، و أرجحنا عقلا، و هو يدرك كل هذا، و أشياء أكثر تخفى عنا، و لذلك... لا ترموه بأحجاركم أيها الأغبياء، فكلكم اغتصب هؤلاء الأطفال، و لم يلاحقه شرطي أو محقق، و لو كنت مكانكم، لشكرته و قبلت يده، فالعفو الملكي... واقع عليكم جميعا.



#جبران_الشداني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لطيفة أحرار و تقنية الكشف الجميل


المزيد.....




- تحليل.. مذكرة اعتقال نتنياهو على المحك باختبار دول ومدى التز ...
- السعودية تتحدث عن حقوق الإنسان بينما تستعد لاستضافة كأس العا ...
- روسيا: جرائم المسلحين تفاقم الوضع بسورية وتخلق موجة جديدة من ...
- الأمم المتحدة تحذر من تفاقم النزوح القسري في ظل نقص التمويل ...
- الأمم المتحدة تدين القصف المميت على مخيم زمزم للنازحين في دا ...
- الأمم المتحدة تتبنى قرارا بإنهاء الاحتلال الإسرائيلي وإقامة ...
- شاهد.. مراكز الايواء بحماة تستقبل النازحين من حلب
- حكام الولايات الجمهورية يخططون لمساعدة ترامب في خطط ترحيل ال ...
- قطر تدين استهداف إسرائيل المتكرر للنازحين ومدارس الأونروا بغ ...
- الأمم المتحدة تسعى لجمع 47 مليار دولار لمساعدة 190 مليون شخص ...


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - جبران الشداني - كلكم دانيال... يا مغاربة