|
الاتحاد البرلمانى الدولى ودعم عمل البرلمانات الوطنية
هدى الشاهد
الحوار المتمدن-العدد: 4175 - 2013 / 8 / 5 - 03:37
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
تلعب المنظمات غير الحكومية Non- Governmental Organization كصيغة من صيغ المجتمع المدنىCivil Society المعاصر، دورا مؤثرا فى المجال المتسع بين الدولة بمؤسساتها الرسمية والمجتمع بمؤسساته التقليدية المعروفة.. فإذ يتم النظر الى المجتمع المدنى على أنه انعكاس لمجموعة التفاعلات التطوعية التى تتم خارج مجال مؤسسات الدولة الرسمية وتوفر مساحة من التواصل الديناميكى الفعال بين مؤسسات الدولة والمجتمع عن طريق منظمات طوعية والشركات خاصة واتحادات.. وغيرها من التنظيمات المؤسسية التى تملء المجال بين الدولة والاسرة، يتم النظر الى المنظمات غير الحكومية على انها تنظيمات يتم تكوينها بدون تدخل من قبل الحكومة وتنخرط فى انشطة خاصة بالصالح العام دون ان تتوخى الربح. وبعيدا عن اشكاليات التعريف التى اعترضت المحاولات المختلفة لصياغة تعريف جامع مانع لما يندرج تحت مظلة المصطلح، تشترك المنظمات غير الحكومية فى صفتين اساسييتن: الطابع غير الحكومى لنشأتها وعضويتها، والمبغى غير الربحى لانشطتها، وعلى الرغم من ذلك تأتى المنظمات غير الحكومية على درجة كبيرة من التنوع حيث تغطى انشطتها مختلف مجالات الحياة الاقتصادية، والاجتماعية، والتعليمية، والعلمية، والثقافية، والبيئية، والصحية... الخ.. كما انها قد تمارس نشاطها فى نطاق محدود او غير محدود، كأن يتم نشاطها داخل حدود دولة واحدة او داخل مجموعة من الدول (اى داخل نطاق اقليمى معين او بالنسبة للعالم كله). وفى محاولة لتجاوز صعوبة ايجاد تعريف لمصطلح المنظمات غير الحكومية، لجأت بعض البحوث الدولية المقارنة الى الاعتماد على عدد من المعايير لتحديد المقصود بها، ومن بينها: ان يكون للمنظمة شكل مؤسس محدد يميزها عن مجرد التجمع المؤقت لمجموعةمن الافراد، وان تكون منفصلة مؤسسيا عن الحكومة حتى لو حصلت منها على بعض الدعم، وان تكون المنظمة غير ربحية (بمعنى ان ما تحققه من ارباح لا يذهب الى مجلس ادارتها او اعضائها، وانما لتحقيق الهدف الذى قامت من اجله)، وأن تحكم وتدار ذاتيا وليس من قبل قوى خارجية، وألا تعمل فى السياسية بمفهومها الحزبى (وان كان من الممكن ان تقوم بانشطة عامة ذات طبيعة سياسية مثل التوعية السياسية)، كما يجب ان تشتمل على قدر من المساهة التطوعية. وقد ادت صعوبة ايجاد تعريف واضح ومحدد للمنظمات غير الحكومية الى صعوبة فى الوقوف على انواعها او تبنى معيار واضح لتقسيمها، وهو ما حاول بعض المنظرون تخطيه من خلال تبنى معيارين للتمييز بين الانواع المختلفة للمنظمات غير الحكومية. المعيار الأول جغرافى يتعلق بالنطاق المكانى الذى تمارس فيه المنظمة نشاطها، وتبعا لهذا المعيار يمكن التمييز بين نوعين من المنظمات غير الحكومية: اولهما المنظمات غير الحكومية الوطنية (National Non-Governmental Organizations)، وتتميز بانها تعمل وتمارس نشاطها داخل نطاق محدد، وهو اقليم الدولة الذى نشأت المنظمة فى نطاقه، بمعنى الا يمتد نشاطها خارج حدود الدولة الى دولة او دول اخرى، والا يشترك فى تاسيسها من حيث المبدأ اشخاص اجانب، وان كان يمكن لهم ان الانضمام الى عضويتها العادية، ويخضع النظام القانونى لهذا النوع من المنظمات غير الحكومية الى القانون الوطنى/ المحلى للدولة المعنية. وثانيهما المنظمات غير الحكومية الدولية (International Non-Governmental Organizations)، وتتميز هذه المنظمات انها تعمل وتمارس نشاطها عبر حدود الدول، اى فى اكثر من دولة او فى مختلف انحاء العالم، بالاضافة الى انها تضم فى عضويتها اشخاصا طبيعية او معنوية ينتمون الى جنسيات مختلف، ويخضع هذا النوع من المنظمات غير الحكومية الى القانون الوطنى، والقانون الدولى فى أن واحد. والمعيار الثانى وظيفى يتعلق بالانشطة التى تمارسها المنظمات غير الحكومية بصفة عامة، وتبعا لهذا المعيار يمكن التمييز بين ثلاث فئات من هذه المنظمات: اولها المنظمات التى تقوم على انشطة الخير والرعاية الاجتماعية، والتى تهدف الى مساعدة الفئات المحتاجة، وتندرج غالبية المنظمات غير الحكومية فى مختلف الدول الى هذا النوع من المنظمات. وثانيها المنظمات التى تقوم بانشطة تستهدف المشاركة فى تحقيق التنمية، ومحورها اكساب الفرد والجماعات –بالتعليم والتدريب والتنظيم- قدرة اكبر على الانتاج، وبتعدى ذلك الى تسويق الانتاج فى بعض الاحيان. وثالثها المنظمات التى تقوم بانشطة تستهدف اعداد الاهالى للقيام بدور ايجابى فى اتخاذ القرارات فى المؤسسات المحلية والوطنية والدولية، ويشمل هذا النمط السياسى المباشر الذى يمارس عادة داخل الدولة. وتجد المنظمات الدولية غير الحكومية المرجعية القانونية لوجودها فى المواثيق والمعاهدات الدولية وعلى رأسها الاعلان العالمى لحقوق الانسان الصادر عام 1948 والعهد الدولى الخاص بالحقوق المدنية والسياسية الصادر عام 1966 (الذى جاء لتفصيل ما بالاعلان العالمى من حقوق سياسية ومدنية)، حيث أقر الاعلان العالمى لحقوق الانسان فى مادته رقم (20)، الحق فى التجمع كاحد الحقوق الاساسية للفرد، وذلك بنصه على انه: "1. لكل شخص حق في حرية الاشتراك في الاجتماعات والجمعيات السلمية. 2. لا يجوز إرغام أحد على الانتماء إلى جمعية ما". وجاء العهد الدولى بمزيد من التفصيل فى مادتيه (21، و22)، حيث نصت المادة (2-;-1-;-) على ان "يكون الحق في التجمع السلمي معترفا به. ولا يجوز أن يوضع من القيود على ممارسة هذا الحق إلا تلك التي تفرض طبقا للقانون وتشكل تدابير ضرورية، في مجتمع ديمقراطي، لصيانة الأمن القومي أو السلامة العامة أو النظام العام أو حماية الصحة العامة أو الآداب العامة أو حماية حقوق الآخرين وحرياتهم، فيما نصت المادة (22) علي أنه:"1. لكل فرد حق في حرية تكوين الجمعيات مع آخرين، بما في ذلك حق إنشاء النقابات والانضمام إليها من أجل حماية مصالحه. 2. لا يجوز أن يوضع من القيود على ممارسة هذا الحق إلا تلك التي ينص عليها القانون وتشكل تدابير ضرورية، في مجتمع ديمقراطي، لصيانة الأمن القومي أو السلامة العامة أو النظام العام أو حماية الصحة العامة أو الآداب العامة أو حماية حقوق الآخرين وحرياتهم. ولا تحول هذه المادة دون إخضاع أفراد القوات المسلحة ورجال الشرطة لقيود قانونية على ممارسة هذا الحق. 3. ليس في هذه المادة أي حكم يجيز للدول الأطراف في اتفاقية منظمة العمل الدولية المعقودة عام 1948 بشأن الحرية النقابية وحماية حق التنظيم النقابي اتخاذ تدابير تشريعية من شأنها، أو تطبيق القانون بطريقة من شأنها أن تخل بالضمانات المنصوص عليها في تلك الاتفاقية.". وطالما انه قد جرت العادة على اطلاق مسمى الشرعية الدولية أو الشرعية الدولية لحقوق الإنسان على كل من: الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي صدر عام 1948، والعهدين الدوليين لحقوق الإنسان لعام 1966 (أي العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، والعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية)، والبروتوكول الاختياري الأول الملحق بالعهدين والذي تعترف بموجبه الدولة الطرف في العهد باختصاص اللجنة المعنية بحقوق الإنسان المنشأة بموجب العهد الدولى للحقوق المدنية والسياسية في تسلم ونظر الشكاوى المقدمة من الأفراد الداخلين في ولاية تلك الدولة، فانه يمكن النظر الى تلك المواثيق الدولية باعتبارها تشكل الاطار القانونى المؤطر لاوضاع المنظمات غير الحكومية دوليا. والى جانب ما جاء بالاعلان العالمى لحقوق والعهد الدولى للحقوق المدنية والسياسية ضوابط للحكومات المنضمة اليهم فيما يتعلق بكفالة الحق فى التجمع والتنظيم اهتمت بعض المعاهدات أو الاتفاقيات الدولية الاخرى (كالاتفاقية الأوربية لحقوق الإنسان، واتفاقية هلسنكي لمنظمة الأمن والتعاون الأوربي) بتقنين هذين الحقين (كالاتفاقية الأمريكية لحقوق الإنسان، والميثاق الأفريقي لحقوق الإنسان والشعوب) وان جاءت الصيغة اقل وضوحا. يضاف الى ذلك الاعتراف الدولي من جانب الأمم المتحدة بالمنظمات غير الحكومية وتوفير الصفة الاستشارية لها، والذى كان له دورا فى منحها مركزا دوليا مميزا تمتعت به بعض المنظمات الحاصلة على الصفة الاستشارية التي تكون بموجبها -وفقا لميثاق الأمم المتحدة – مهيأة وصالحة للتشاور مع المجلس الاقتصادي والاجتماعى في أمور تقع في نطاق اختصاصها. لم يكن الاستعراض السابق سوى مقدمة لدراسة الحالة التى وقع عليها الاختيار لبحث دور المنظمات الدولية غير الحكومية فى دعم الاصلاح السياسى والديمقراطى، وهى حالة الاتحاد البرلمانى الدولى (IPU) The Inter-Parliamentary -union-، فبحسب التصنيف السابق ووفقا لمعيارى الحيز المكانى والاختصاص الوظيفى، يصنف الاتحاد البرلمانى الدولى كمنظمة دولية غير حكومية تهتم بالاصلاح البرلمانى كمدخل اساسى للاصلاح السياسى والتحول الديمقراطى فى الدول حديثة العهد بالديمقراطية، اذ يعزز الاتحاد البرلمانى الدولى الديمقراطية بطرق عديدة تتراوح بين اعلاناته السياسية واشهرها "الاعلان العالمى للديمقراطية لسنة 1997 the Universal Declaration on Democracy"، والبرامج التى تدعم المؤسسات البرلمانية وتحمى حقوق الانسان وتعززها، وتبنى شراكة بين الرجال والنساء فى مجال السياسية العامة. ويقوم العمل فى الاتحاد البرلمانى فى الاساس على فكرة بسيطة مفادها ان البرلمان القوى هو علامة مهمة على ازدهار اليمقراطية، حيث ذكر رؤساء البرلمانات الذين وفدوا الى مقر الامم المتحدة من كل ارجاء العالم بكل صراحة ان فى اطار الديمقراطية "يعتبر البرلمان بمثابة المؤسسة المركزية التى يتم من خلالها التعبير عن ارادة الشعب واقرار القوانين، ومسألة الحكومة". أولا: دواعى التعاون بين المنظمات الدولية غير الحكومية والبرلمانات تتمايز الادوار الخاصة بكل من البرلمانات والمنظمات الدولية -حكومية وغير حكومية- بشكل واضح، فقد وجدت المنظمات الدولية لمعالجة قضايا ذات أهمية دولية، وتميل إلى النظر الى الامور من منظور عالمي. أما البرلمانات، فغالبا ما تكون غائبة عن المحافل العالمية حيث يتم التفاوض بشأن القرارات واعتمادها، وعند انتقال هذه القرارات إلى المستوى الوطنى، لا تملك البرلمانات سوى مهلة محدودة جدا لنظر فيها، وغالبا ما توضع امام الامر الواقع. ومع ذلك ونتيجة للعولمة بشكل رئيسى، ليست هناك أي قضية تعالج وطنيا الا وكان لها انعكاسات على الصعيد الدولى (والعكس بالعكس)، وثمة قضايا عديدة اكتسبت بعدا عالميا، لذا بات من الضرورى إشراك البرلمانات بشكل متزايد فى عمليات التفاوض بشأن القرارات واعتمادها على الصعيد العالمي، لكي يمكن إسماع صوت الشعب وتيسر تطبيق هذه القرارات على الصعيد الوطن. وقد شهدت السنوات الأخيرة الماضية مجموعة من التغيرات على الأدوار المنوطة بالمؤسسات السياسية فى مختلف بلدان العالم، واتجهت تلك التغيرات فى معظمها نحو إعطاء دور أكبر للبرلمانات يتجاوز حدود دورها التقليدى. وقد بدأت تلك التغيرات فى بداية التسعينات فى ظل الموجة الجديدة للديموقراطية حيث اتجه عدد متزايد من الدول نحو إجراء تغيرات هيكلية تتجه نحو النظم الديموقراطية البرلمانية المتعددة من خلال أطر دستورية جديدة أعطت للمؤسسات البرلمانية دوراً بارزاً فى تشكيل المجتمع وتحديد طريقة حكمه. وبالفعل أدت التحولات المشار إليها إلى تزايد دور البرلمانات فى مجالات ظلت وقتاً طويلاً خارج نطاق اختصاصاتها، لاسيما مجال إدارة الصراعات (ومن أبرز الأمثلة التى تجدر الإشارة إليها فى هذا السياق المؤسستين البرلمانيتين فى رواندا وبوروندى حيث كانت لهما مساهمات مهمة فى حفظ السلام فى بلديهما من خلال إدارة الحوار بين الفصائل المتنازعة ثم إقامة الإطار القانونى المنظم لمرحلة ما بعد الصراع). من ناحية أخرى يضطلع البرلمان وأعضاؤه فى عدد كبير من الدول بدور مهم فى عملية التنمية التى كان الاهتمام بها مقصوراً على الحكومة، حيث يقوم أعضاء البرلمانات فى دول (مثل الكاميرون والجابون وبنجلاديش) بالمبادرة بتقديم المشروعات التنموية والإشراف على تطبيقها فى دوائرهم الانتخابية. وقد أصبح هذا الدور لأعضاء البرلمان معترفاً به من قبل هذه الدول التى أصبحت تسعى لحشد التمويل اللازم لاستمرار قيام أعضاء البرلمان بدورهم فى هذا الإطار. كما اصبح البرلمانيون فى بعض الدول النامية يقومون بدور مؤسسات الرعاية الاجتماعية، حيث يلجأ إليهم الفقراء للحصول على المساعدات المالية والطبية وغيرها. ومن ناحية اخرى أدت العولمة خلال السنوات الماضية إلى تزايد دور البرلمانات على الساحة الدولية. وهو ما يمكن إرجاعه فى جانب منه إلى الافتقار للديموقراطية فى إدارة العلاقات الدولية وما أدى إليه من تزايد الدعوات المطالبة بمشاركة البرلمانات فى إدارة هذه العلاقات بما يضمن إضفاء قدر من الديموقراطية والشفافية والمحاسبية على عملية الإدارة لتحقق مصالح الشعوب. وهكذا اصبحت البرلمانات مدعوة للقيام بدور مهم إدارة السياسة العالمية لصنع القرار، حيث تتجه المؤسسات البرلمانية العالمية نحو زيادة دورها فى عملية اتخاذ القرارات على المستوى العالمى.ليس هذا فقط اذ ان اكثر المطالبات بضرورة توافر الشفافية والمساءلة فى ادارة الشئون الدولية، بما فى ذلك إدارة المنظمات التى انشئت لهذا الغرض، اصبحت تتضمن الدعوة الى مشاركة البرلمانات فى العملية الدولية. ومن ناحية اخرى أصبح للمنظمات الدولية مصلحة رئيسية فى اشراك البرلمانات فى انشطتها، الامر الذ يعود الى ان هذه المنظمات عادة ما تمول من الموارد التى تخصصها البرلمانات او تأذن بها. والبرلمان فى كل دولة مسئول عن ارساء الهيكل القانونى الذى يمارس المجتمع ضمنه وظائفه، وبالتالى فمن مصلحة المنظمات الدولية ان تقيم شراكة مع البرلمانات تكفل اتخاذ هذه البرلمانات قرارات بشأن الأمور المالية وغير ذلك من القرارات التشريعية التى تتيح لهذه المنظمات تنفيذ برامجها، ومن جانب أخر فان للبرلمانات مصلحة فى العمل مع المنظمات الدولية بالشكل الذى يمكن هذه المنظمات من الاسهام فى تحسين الظروف المعيشية للناس الذين تمثلهم تلك البرلمانات، اى ان الفوائد هنا متبادلة على المستويين السياسى والمادى معا. وفى حالة الاتحاد البرلمانى الدولى، فقد تأسس الاتحاد فى عام 1889 من برلمانات الدول ذات السيادة ليكون بمثابة منتدى للحوار بين برلمانات العالم، يسهم فى تعزيز السلام، وترسيخ الديمقراطية النيابية عن طريق تعزيز قنوات التواصل، والتنسيق، وتبادل الخبرات.. بين البرلمانات والبرلمانيين من شتى الدول، لذا يضم الاتحاد البرلمانى الدولى برنامجا للتعاون الفنى أطلقه فى مطلع سبعينيات القرن الماضى بهدف تعزيز القدرات المؤسسية، والسياسية، والفنية للبرلمانات.. يتوفر من خلاله مساعدات مختلفة لتطوير عمل البرلمانات الوطنية. يذكر ان هناك مدخلان للتطوير البرلمانى، المدخل الأول ينصرف إلى "تفعيل الدور" وينصب على مجموعة من المحددات الخارجية التى تحكم موقع البرلمان فى النظام السياسى للدولة، والمدخل الثانى ينصرف إلى "تطوير الأداء" ويهتم بالقدرة الداخلية لمؤسسة البرلمان على القيام بدورها، وكلا المدخلين مترابطان متكاملان، يتوقف اختيار أى منهما كمدخل للتطوير البرلمانى على الغاية الأساسية من التطوير، والتى قد تكون غاية سياسية ترتبط بتعزيز دور البرلمان فى النظام السياسى، أو غاية مؤسسية ترتبط بزيادة قدرة البرلمان فى خدمة أعضائه، وتمكينهم من مباشرة مهامهم على نحو سليم وفعال. ثانيا: نشأة وتطور الاتحاد البرلمانى الدولى كمنظمة دولية متخصصة بدأت الفكرة الداعية إلى إنشاء منظمة أو اتحاد يضم برلمانيين ينتمون الى بلدان مختلفة مع بداية تنظيم الحركة الداعية الى السلام لصفوفها، حينما اتجهت أوجه نشاط تلك الحركة إلى ميدان السياسة العملية. وكان وراء تلك الفكرة اعتبارين أساسيين: الأول أن البرلمانيين يستطيعون بحكم مواقعهم ممارسة تأثير حقيقى على سياسة الحكومات، والثانى أن المشكلات المطروحة تتطلب دون شك التوصل إلى اتفاق بين مختلف البلدان. ويعتبر النائب النمساوى "روبرت دى والترسكيرش Robert de Walterskirch" هو أول من عبر عام 1870 عن ضرورة وجود اتحاد وثيق يجمع برلمانيين من مختلف دول العالم، ثم توالت بعد ذلك العديد من المبادرات الداعية على تكوين اتحاد للبرلمانيين منها دعوة نائب مجلس الشيوخ الأسبانى "أرتورو ماركوارتو Arturo Marquarto" إلى ضرورة إقامة صلات بين أعضاء البرلمانات. وهكذا ارتبطت فكرة تكوين اتحاد للبرلمانيين برغبة الداعين إلى السلام فى السعى إلى وضع حد للتسلح، ومع تطور الأحداث كسبت هذه الفكرة تأييد وحشد كبير من محبى السلام والداعين إلى إيجاد هيئة تحكيم دولى تصدر قراراتها من أجل وضع حد للحروب. وكانت فرنسا وانجلترا والولايات المتحدة من أبرز مؤيدى هذه الفكرة التى لم تخرج إلى الوجود إلا عندما تبلورت فى شكل مبادرة تقدم بها البريطانى "السير وليم راندل كريمر William Randal Cremer" والفرنسى "مسيو فردريك باسى Frédéric Passy" وأسفرت عن عقد أول مؤتمر للتحكيم فى باريس عام 1889، حضره مندوبون عن ثمانى دول هى: (فرنسا – بريطانيا – إيطاليا – بلجيكا – أسبانيا – الدنمارك – والولايات المتحدة الأمريكية – وليبيريا)، وانتهى هذا المؤتمر بإصدار قرار بأن يصبح المؤتمر البرلمانى الدولى جهازاً دائماً لهذا الاتحاد وأن تكون لندن مقراً للمؤتمر البرلمانى الثانى (1890). وتوالت الاجتماعات السنوية للمؤتمرات الدولية فى روما (1891) ثم فى برن (1892) ثم فى لاهاى (1894).. حيث تم إقرار لائحة المؤتمر البرلمانى الدولى وتشكيل مكتب المؤتمر.. إذ كرست المؤتمرات الخمسة الأولى جزءاً كبيراً من عملها لوضع الأنظمة الأساسية ولوائح الاتحاد ليبدأ الاتحاد البرلمانى الدولى مسيرته نحو تحقيق أهدافه الأساسية الرامية إلى إقرار السلام العالمى من خلال توثيق التعاون بين البرلمانيين فى دول العالم أجمع. وهكذا نشأ الاتحاد البرلماني الدولي كمنظمة دولية مقرها الرئيسى جنيف بسويسرا، تضم برلمانات دول ذات سيادة تقوم على مساهمات اعضائها، ليصبح بصفته هذه المنظمة الوحيدة التي تمثل الفرع التشريعى على الصعيد العالمى. ثالثا: الاتحاد البرلمانى الدولى.. الهيكل والدور تتمثل مهمة الاتحاد البرلماني الدولي -كما ورد بالمادة الأولى من نظامه الاساسى- في العمل على تحقيق السلام والتعاون بين الشعوب وعلى تعزيز المؤسسات النيابية، عن طريق تعزيز الاتصالات والتنسيق ، وتبادل الخبرات بين البرلمانات والبرلمانيين في جميع البلدان، والمساهمة ي حماية وتعزيز حقوق الإنسان التي تعد عاملا أساسيا في الديمقراطية البرلمانية والتنمية، وفي إطار هذه المهمة واسعة النطاق، يعمل الاتحاد البرلماني الدولي على دعم الديمقراطية البرلمانية في جميع أنحاء العالم. ويتمحور النشاط السنوى للاتحاد حول مؤتمرين نصف سنويين يجتمع خلالهما مئات البرلمانيين لمناقشة التحديات الكبرى التي تواجهها المجموعة الدولية، ليعبروا -فى صيغة قرارات- عن رأي البرلمانات بشأن مختلف مواضيع الساعة. ورغم أن هذه الاجتماعات قد نظمت قبل عقود عديدة من إنشاء هذه المؤسسات متعددة الأطراف – حيث تم عقد المؤتمر الأول في باريس عام 1889 - فقد اكتسبت مؤخراً بعداً جديداً. وهذا ما يفسر قيام منظمة الأمم المتحدة فى عام 2001 باعادة النظر فى علاقتها مع الاتحاد البرلمانى الدولى (الذى يتمتع منذ عام 1947 بمركز استشاري من الفئة الأولى لدى المجلس الاقتصادي والاجتماعي) رغبة منها في إقامة علاقة جديدة وراسخة، وكاستثناء من المعايير التي وضعتها الجمعية العامة (في مقررها 4-;-9-;- المؤرخ 9-;- كانون الأول/ديسمبر 1-;-9-;-9-;-4-;-) توجيه دعوة دائمة إلى الاتحاد البرلماني الدولي للمشاركة -حسب الاقتضاء- في دورات وأعمال الجمعية العامة وهيئاتها الفرعية وفي المؤتمرات الدولية التي تعقد برعاية الأمم المتحدة. ويعد هذا القرار بالنسبة إلى الاتحاد البرلماني الدولي منعطفاً مهماً في الحملة التي يباشرها من أجل إعطاء بعد برلماني لأشغال منظمة الأمم المتحدة. وإذا نظرنا إلى القرن الماضي لوجدنا أن مؤتمري الاتحاد البرلماني الدولي قد استخدما كإطار للديبلوماسية البرلمانية –ورغم انه يصعب تقييم الديبلوماسية البرلمانية بعتبارها نشاطاً سرياً بحكم طبيعتها- فإنه يكفي القول إن البرلمانيين قد تمكنوا عن طريق التفاوض في مرات عديدة من إيجاد الحلول اللازمة للمشاكل القائمة عند وجود العلاقات بين السلطات التنفيذية في مأزق، وكثيراً ما اتسمت هذه الحلول ببعد النظر وبالابتكار مما كانت تتوقعه الحكومات نفسها. ومن المفاهيم الكبرى التي يستند إليها الاتحاد البرلماني الدولي في نشاطه، هناك المفهوم الذي يقضي بوجوب الإصغاء إلى صوت البرلمانات الوطنية في المنظمات متعددة الأطراف لكي تتخذ تلك المنظمات قرارات ديمقراطية تعكس انشغالات المواطنين العاديين، مما يعني أنه على البرلمانات أن تؤثر بشكل ملموس في السياسات الحكومية التي لها انعكاسات على تلك الانشغالات. وبالإشارة إلى ما سبق ذكره بشأن العلاقات القائمة بين الاتحاد البرلماني الدولي ومنظمة الأمم المتحدة، تجدر الاشارة الى أن أعضاء الاتحاد البرلماني الدولي يدركون بأن هذه العلاقة تمتد أيضاً الى منظمات أخرى كمنظمة التجارة العالمية التي تؤثر بشكل كبير في ميدان العولمة والتجارة متعددة الأطراف. ولهذا السبب انشغل البرلمانييون اثناء الاجتماع البرلماني الثاني بشأن التجارة الدولية الذى انعقد هذا العام في جنيف بحضور برلمانيون من مختلف أنحاء العالم بعرض انشغالات ناخبيهم على مسؤولي منظمة التجارة العالمية. وغالباً ما تعرف منظمة التجارة العالمية، بحق أو بغير حق، بأنها منظمة غير ديمقراطية، علماً بأن الاتحاد البرلماني الدولي يقوم بدور طليعي في إجراء مناقشات ترمي إلى إعطاء المنظمة المكلفة بالتجارة العالمية بعداً برلمانياً. وانطلاقاً من اقتناعه بضرورة تمثيل النواب لجميع الناخبين، يعمل الاتحاد البرلماني الدولي جاهداً على تحسين تمثيل النساء في البرلمانات. وتجدر الإشارة في هذا الصدد إلى أن النساء ما زلن الأقلية في البرلمانات إذا استثنينا البلاد الشمالية وبعض البلدان الأخرى. وبالإضافة إلى تعميم إحصاءات بشأن هذا الموضوع في جميع أنحاء العالم، يعمل الاتحاد البرلماني الدولي على إعداد برامج نشطة لعقد حلقات دراسية واجتماعات ترمي إلى تشجيع النشاط السياسي للنساء في جميع أنحاء العالم. 1- هيكل الاتحاد البرلمانى الدولى يوجد بالاتحاد البرلمانى الدولى نوعين من العضوية، عضوية كاملة وتقتصر على برلمانات الدول ذات السيادة، وعضوية منتسبة تتمتع بها برلمانات الدول غير الاعضاء فى الاتحاد، والاجهزة والهيئات الاقليمية والدولية ذات الصلة. وحتى نهاية عام 2009 ضمت عضوية الاتحاد البرلماني الدولي 152 برلمانا وطنيا لدول، و8 اعضاء منتسبون.-;- ويضم هيكل الاتحاد البرلمانى الدولى خمسة اجهزة رئيسية، وهى: أ- مجلس الاتحاد البرلماني الدولي IPU Assembly كان يعرف باسم "المؤتمر البرلماني الدولي"، وهو الهيئة القانونية الرئيسية التي تعبر عن وجهات نظر الاتحاد البرلماني الدولي حول القضايا السياسية. وتتشكل الجمعية من البرلمانيين اعضاء وفود البرلمانات الوطنية الاعضاء وفقا للشروط الواردة بنص المادة (10) من النظام الاساسى للاتحاد. ويجتمع المجلس مرتين سنويا، الاولى في النصف الأول من العام في دورة كاملة تستمر خمسة أيام بدعوة من أحد أعضائه، والثانية جلسة أقصر -مدتها ثلاثة ايام- تعقد في النصف الثاني من العام. وتعد جلسات المجلس مناسبة ملائمة لتجمع البرلمانيين الاعضاء معا لدراسة المشكلات الدولية التى تدخل فى نطاق اهتمام الاتحاد بحثا عن حلول لها تصدر فى صيغة توصيات بالإجراءات الواجب اتخاذها بشأن تنفيذها. ومنذ نشأته فى عام 1889 وحتى الآن (ديسمبر 2009) عقد مجلس الاتحاد عدد (121) اجتماعاً دورياً، إذ لم تتوقف اجتماعاته ابدا حتى خلال الحربين العالميتين الاولى والثانية، وان كانت قد تأجلت (الاولى كانت للاجتماع السادس والخمسون الذى كان من المقرر عقده فى موسكو (عام 1967) وتم تأجيله بسبب خلاف على إرسال دعوة لحضور المؤتمر إلى كوريا الجنوبية، والثانية للاجتماع الحادى والستون الذى كان من المقرر عقده فى شيلى (عام 1973) وتأجل بسبب حدوث انقلاب عسكرى بها). ويعاون مجلس الاتحاد فى عمله ثلاث لجان دائمة (هي: اللجنة المعنية بالسلام والأمن الدولي Peace and International Security Committee، واللجنة المعنية بالتنمية المستدامة والتمويل والتجارة Sustainable Development, Finance and Trade Committee، واللجنة المعنية بالديمقراطية وحقوق الإنسان Democracy and Human Rights Committee) مهمتها الاساسية معاونة المجلس فى عمله، حيث يضم تشكيل اللجان الثلاثة ممثلين عن المجموعات الجغرافية الستة بالاتحاد (وهي: المجموعة الإفريقية - المجموعة العربية - مجموعة أسيا والباسيفيك - مجموعة لوراسيا - مجموعة أمريكة اللاتينية، ومجموعة الـ12). وفى هذا السياثق تجدر الاشارة الى ان النظام الاساسى للاتحاد يسمح للبرلمانات الاعضاء لتنظيم مشاركهم فى انشطة الاتحاد بان يقسموا انفسهم الى مجموعات جيو- سياسية (جغرافية –سياسية) The geopolitical groups، حيث تقرر كل مجموعة منها افضل الطرق التى تناسبها للمشاركة، ويكون عليها اخبار أمانة الاتحاد بتشكيلها واسماء اعضاء مكتبها ونظامها الداخلى. ولما كان من حق أي عضو في الاتحاد البرلماني الدولي الانتماء إلى أكثر من مجموعة جيو - سياسية، فإنه فيما يتعلق بتقديم المرشحين للمناصب في الاتحاد البرلماني الدولي لا يستطيع أن يتقدم الا كممثل لمجموعة واحدة، بمعنى انه على الاعضاء الذين ينتمون الى اكثر من مجموعة جيو- سياسية فى حال رغبتهم فى الترشح لاى منصب داخل الاتحاد اختيار مجموعة واحدة فقط لتمثيلها او الترشح باسمها. ب- المجلس الحاكم-;- للاتحاد البرلماني الدولي IPU Governing Council كان يطلق عليه فى البداية اسم "مجلس الاتحاد البرلماني الدولي". ويعد المجلس الحاكم هو الجهاز الرئيسى الذى يحدد سياسة الاتحاد ويوجهها، ويتألف من ثلاثة ممثلين عن كل شعبة وطنية من الشعب البرلمانية المنضمة إلى الاتحاد. ويعقد المجلس دورتين فى السنة حينما ينعقد المؤتمر الدورى، ويتعين أن يكون أعضائه أعضاءً بالبرلمانات الوطنية المنضمة للاتحاد. وتتعدد اختصاصات المجلس الحاكم، اذ يتعلق أهمها بقبول الشعب الوطنية أو إعادة قبولها للاتحاد، فضلا عن اختصاصه فى تحديد مكان وموعد انعقاد اجتماعات مجلس الاتحاد، ويقر جدول أعماله بناء على توصية من اللجنة التنفيذية، بالاضافة الى اختصاصه فى تنظيم كافة الاجتماعات البرلمانية الأخرى. ت- اللجنة التنفيذية للاتحاد البرلماني الدولي IPU Executive Committee وتمثل الجهاز الإدارى للاتحاد وتشكل من رئيس الاتحاد، وخمسة عشر اعضاء من برلمانات مختلفة، ورئيس لجنة تنسيق تجمع البرلمانيين النساء. ويرأس اللجنة بحكم منصبه رئيس الاتحاد البرلمانى الدولى، كما ينتخب المجلس الحاكم اعضاء اللجنة حيث يتم انتخاب اثنى عشر عضوا على الاقل من اعضائه على ان يراعى الا يقل عدد الاعضاء المنتخبين من النساء باى حال من الاحوال عن ثلاث سيدات. ويستمر تشكيل اللجنة لمدة أربع سنوات، على ان يخرج من عضويتها ثنان بصفة دورية –كل عام-، علما انه لا يجوز إعادة انتخاب العضو الذى انتهت مدته قبل مضى سنتين ويجب أن يحل محله عضو ينتمى لشعبة برلمانية أخرى. وتعتبر اللجنة التنفيذية بمثابة الجهاز الادارى للاتحاد البرلمانى الدولى، فهى المسئولة عن النظر فى طلبات العضوية/وتجديد العضوية بالاتحاد من حيث مدى استيفاء الشروط الواردة بالنظام الاساسى، وإبلاغ المجلس الحاكم بما تنتهى اليه، كما تتولى مهمة دعوة المجلس الحاكم للانعقاد فى حالات الطوارئ، وتحديد موعد ومكان انعقاد دوراته ووضع جدول الأعمال المؤقت. كما تقترح على المجلس برنامج العمل السنوي وميزانية الاتحاد، وتبلغه فى كل دور انعقاد عن نشطتها من خلال تقرير يقدمه رئيسها للمجلس الحاكم، فضلا عن أنشطتها في تنفيذ القرارات التي يتخذتها مجلس الاتحاد، وتلقى لهذا الغرض جميع التقارير والمعلومات اللازمة. ث- اجتماع النساء البرلمانيات IPU Meeting of Women Parliamentarians بدأ العمل به كآلية للتشاور بين البرلمانيات فى سنة 1978، الا انه بات منذ عام 19990 يجسد جزءاً رئيسيا من الهيكل الرسمى للاتحاد البرلمانى الدولى تهتم بتطوير برامج الاتحاد بشأن المرأة واسماع صوتها داخله. يضم الاجتماع ممثلات عن هيئات البرلمانات الوطنية الموفدة لعضوية لاتحاد وذلك بوصفهم اعضاء مشاركين بالاجتماع، ويمكن ان يشارك فى حضور مناقشات الاجتماع اعضاء البرلمانات الوطنية من الرجال. ويتولى تنسيق اعمال الاجتماع لجنة تنسيق البرلمانيات التى تكون رئيستها بحكم النظام الاساسى للاتحاد البرلمانى الدولى عضواً فى اللجنة التنفيذية للاتحاد. وتجتمع البرلمانيات عشية انعقاد الجلسة الأولى لمجلس الاتحاد لتعرض أشغالهن على المجلس، كما تجتمع اللجنة المعنية بتنسيق اجتماع البرلمانيات لدى انعقاد جلستي مجلس الاتحاد. وأثناء انعقاد المؤتمرات البرلمانية، يجتمع نحو 150 برلمانية من مائة بلد لمناقشة مواضيع تتعلق بدعم وضع المرأة. وبالإضافة إلى ذلك، تناقش البرلمانيات مواضيع واردة في جدول أشغال الجمعية، مساهمة بذلك برأيهن في أشغال الجمعية. مع العلم ان تقارير الاجتماع تعرض بالتفصيل على المجلس الحاكم للاتحاد. ج- أمانة الاتحاد البرلمانى الدولى IPU Secretariat تتكون الأمانة العامة للاتحاد من جميع موظفيه تحت إشراف الأمين العام للاتحاد الذي يعين من قبل مجلس ادارة الاتحاد، واذ تعد الامانة العامة بمثابة مقر دائم للاتحاد، فهى تتولى جميع المهام التنظيمية لعمل الاتحاد البرلمانى الدولى، اذ يناط بها مهمة تنفيذ برنامج أنشطة الاتحاد طبقا لقرارات الأجهزة الرئيسية. والى جانب الاجهزة سالفة الذكر يضم هيكل الاتحاد البرلمانى الدولى هيئة من امناء عموم برلمانات الدول الاعضاء، ويطلق عليها اسم جمعية امناء عموم البرلمانات الاعضاء The Association of Secretaries General of Parliaments، وهى عبارة عن هيئة استشارية للاتحاد البرلماني الدولي، تقوم بنشاط مكمل لانشطة اجهزة الاتحاد فى دراسة المؤسسات البرلمانية الوطنية، حيث يتم تنسيق جهودها -عن طريق المشاورات والتعاون الوثيق- مع جهود اجهزة البرلمان الاخرى اثناء مراحل إعداد وتنفيذ مشروعات دعم البرلمانات الوطنية، ورغم انه تتم ادارة الجمعية بشكل مستقل، الا انها تتلقى مساهمة سنوية فى ميزانيتها من الاتحاد كما انه يستلزم موافقة مجلس إدارة الاتحاد على لائحتها التنفيذية. 1- مجالات عمل الاتحاد البرلمانى الدولى تتمثل مهمة الاتحاد البرلماني الدولي الموضحة في المادة الأولى من لوائحه الداخلية في العمل على تحقيق السلام والتعاون بين الشعوب وعلى تعزيز المؤسسات النيابية،وفي إطار هذه المهمة واسعة النطاق، يعمل الاتحاد البرلماني الدولي على دعم الديمقراطية البرلمانية في جميع أنحاء العالم. ويتمحور نشاط الاتحاد البرلماني الدولي السنوي حول مؤتمرين نصف سنويين يجتمع خلالهما مئات البرلمانيين لمناقشة التحديات الكبرى التي تواجهها المجموعة الدولية. وتتيح هذه الاجتماعات للبرلمانيين من جميع أنحاء العالم ومن مختلف الاتجاهات والأحزاب السياسية الفرصة لمناقشة واعتماد قرارات، قد تؤثر بشكل مباشر في حياة المواطنين. كما تتيح هذه الاجتماعات أيضاً الفرصة للبرلمانيين للتفاوض بشأن القضايا التي قد تختلف فيها وجهات نظر حكوماتهم، ويعبر ممثلو البرلمانات الأعضاء خلالها عن رأي البرلمانات بشأن مختلف أحداث الساعة، وذلك على شكل قرارات.. وتمتد مجال عمل الاتحاد البرلمانى الدولى الى خمسة مجالات عمل رئيسية، هى: - تعزيز وحماية حقوق الإنسان، فهى من بين الأهداف الرئيسية للاتحاد البرلماني الدولي، حيث تحدد المادة (1) من نظامه الاساسى حقوق الإنسان باعتبارها عاملا أساسيا يؤدي إلى الديمقراطية والتنمية، وبما ان . البرلمان هو المؤسسة التي تمثل الدولة والشعب في إدارة الشؤون العامة، فهو تتحمل مسؤولية خاصة في تعزيز وضمان احترام حقوق الإنسان، ويساعد الاتحاد البرلماني الدولي البرلمانات الأعضاء على أن ترقى إلى مستوى هذه المسؤولية بطريقتين، الاولى هى العمل معها - من خلال لجان حقوق الإنسان بها – على جعل التشريع والرقابة والموازنات البرلمانية اكثر صونا للحريات الاساسية، والثانية عن طريق المساهمة الفعلية فى حماية حقوق الانسان والتدخل فى حال تعرضها للتهديد. - تعزيزالديمقراطية التمثيلية مبادئ الديمقراطية في جميع أنحاء العالم من خلال مجموعة من البرامج والأنشطة تتضمن تطوير المعايير والمبادئ التوجيهية المقبولة لضمان ديمقراطية الانتخابات والبرلمانات، فضلا عن مساعدة البرلمانات الوطنية (المؤسسات التمثيلية) فى تحسين عملها البرلمانى. - تعزيز الامن والسلام الدولى، فالعمل من أجل نزع السلاح كان الشغل الشاغل للاتحاد البرلمانى الدولى منذ تأسيسه، حتى ان الاتحاد كان من بين أول من دعا إلى تبنى لوائح دولية بشأن الأسلحة التقليدية في التجارة.وقد وضعت مسائل نزع السلاح على جدول أعمال الاتحاد البرلماني الدولي بشكل منتظم لاسيما فى المؤتمرات القانونية. - تعزيز الشراكة بين الرجال والنساء في السياسة، حيث يشجع الاتحاد البرلماني الدولي، منذ ما يزيد على عشر سنوات، على وجود النساء في وفود البرلمانات التي تحضر المؤتمرات. ويقوم الاتحاد البرلماني الدولي بإعداد استراتيجيات لدعم شراكة بين الرجال والنساء في السياسة. وخطة الاتحاد البرلماني الدولي لإيجاد حلول للاختلالات القائمة حالياً في مشاركة الرجال والنساء في الحياة السياسية، أعدتها مجموعة من الرجال والنساء، متكافئة من حيث العدد، تمثل أهم الاتجاهات السياسية والثقافية في العالم. وهذه الخطة التي أعدت كمساهمة في أشغال المؤتمر ا لعالمي الرابع المعني بالمرأة (بيجيغ في سبتمبر/أيلول 1995) ساهمت في تحقيق تقدم كبير في هذا الشأن في بلدان مختلفة بما في ذلك داخل الاتحاد البرلماني الدولي. - تحقيق التنمية المستديمة: والتى ينطلق فيها الاتحاد من منطلق ان مفهوم التنمية المستدامة يتجاوز الاعتبارات البيئية للنمو الاقتصادي لتشمل قضايا أخرى حيوية مثل التنمية البشرية ، والعدالة الاجتماعية والاقتصادية، وتعزيز الديمقراطية، وهذا تحديدا النهج الذى يلتزمة الاتحا البرلمانى الدولى فى تعامله مع قضايا السمات البيئة والتنمية الاقتصادية والاجتماعية. رابعا: دور الاتحاد البرلمانى الدولى فى تطوير البرلمانات يقع تعزيزالديمقراطية التمثيلية فى صلب اهتمام الاتحاد البرلمانى الدولى، وكما هو معروف ان هذه الصيغة من الديمقراطية تجسدها مؤسسات وهيئات نيابية منتخبة لتمثيل الشعب فى ادارة الشئون العامة وعلى راسها البرلمان الذى يمثل الشعب ويلعب دوراً مهماً فى إقامة المنظومة القانونية التى تنظم حياة المجتمع، ومن ثم التأكد من أن إدارة الشئون العامة تتم فى إطار من الشفافية والمحاسبية وهى مبادئ الحكم الجيد. ومن خلال القيام بدورها فى هذا الإطار بفاعلية تسهم البرلمانات فى إقامة حكم ديموقراطى جيد، من هنا يأتى اهتمام الاتحاد البرلمانى الدولى بالتطوير البرلمانى كمدخل للتطور الديمقراطى. ووفقاً للاتحاد البرلمانى الدولى تقوم الديموقراطية على حق الجميع فى المشاركة فى إدارة الشئون العامة، وهذا ما يتطلب وجود مؤسسات تمثيلية (برلمانات) تمثل من خلالها جميع فئات المجتمع على أن تتمتع تلك المؤسسات بالقوة والسلطات اللازمة للتعبير عن إرادة الشعب من خلال التشريع ومراقبة أعمال الحكومة. وعلى الرغم من الاعتراف باتجاه المؤسسات البرلمانية العالمية نحو زيادة دورها فى عملية اتخاذ القرارات على المستوى العالمى، الا ان مراجعة ادائها تؤكد أنها فى حاجة ماسة لمراجعة طريقة قيامها بعملها، حيث يحتاج عدد كبير من الدول لإصدار وتعديل القوانين لضمان الوفاء بمتطلبات التوافق مع بيئة أكثر ليبرالية وديموقراطية، كما تحتاج المؤسسات البرلمانية إلى تأمين قدر أكبر من الديموقراطية فى إدارة وتنظيم عملها وهو ما يعنى السماح بقدر أكبر من الحرية للنواب والناخبين فى إطار عملية صنع القرار داخل البرلمان، كما تحتاج البرلمانات إلى أن تضع فى اعتبارها الدور الذى تلعبه الفواعل الجديدة فى المجتمع مثل مؤسسات المجتمع المدنى ووسائل الإعلام. ومن جانبه يرى الاتحاد البرلمانى الدولى أن البرلمان الديموقراطى يجب ان تتوافر فيه مجموعة من الشروط، اهمها ان يتم تكوينه بناء على انتخابات حرة نزيهة يختار خلالها الجماهير ممثليهم فى اقتراع عام، وان يعكس -كمؤسسة تمثيلية- التركيبة الفعلية للمجتمع (سواء من حيث التيارات السياسية أو الجماعات العرقية أو الأقليات… ) وهذا ما يتطلب أن تكون البرلمانات تعددية بطبيعتها بحيث يسمح للمعارضة بالتعبير عن نفسها خلال عملية صنع القرار داخل البرلمان، وان تتمتع بالضمانات الدستورية اللازمة لتأمين استقلاليتها فى أداء عملها، وأن يتمتع كل أعضاء البرلمان بحقوق متساوية فى الحصول على المعلومات وغيرها من الخدمات الإدارية اللازمة لأداء أعمالهم، كما يجب أن يسعى البرلمان لتكريس التكامل والثقة والمشروعية. وتؤكد القراءة المتأنية لحالة المؤسسات البرلمانية لمعظم دول العالم (خاصة الديموقراطيات الناشئة) إنها لا تزال بعيدة عن المعايير السابقة، ومن ثم فهى لا تستطيع القيام بدورها بالكفاءة والفاعلية اللازمتين. وهذا ما يستوجب إجراء عملية إصلاح تمتد إلى: النظام الانتخابى بحيث يتم تطويره على نحو يسمح بأن تعكس الانتخابات البرلمانية التى تجرى بمقتضاه الإرادة الشعبية الحقيقية، وتعديلات دستورية تخول للبرلمانات الصلاحيات والسلطات اللازمة للقيام بوظائفها دون عرقلة من أى جهات أو أفراد آخرين، والهياكل الداخلية وآليات عمل البرلمانات بحيث يسعى للتطوير على نحو جعلهم أكثر ديموقراطية، وتوفير الدعم الإدارى والهيكلى الذى يضمن أداء البرلمانات لمهامها. 1- خبرة الاتحاد البرلمانى الدولى فى الدعم البرلمانى يشارك الاتحاد البرلمانى الدولى منذ بداية السبعينات فى برنامج يسعى إلى تدعيم البرلمانات المختلفة على مستوى العالم من خلال تحسين طريقة عملها. ويقوم ذلك البرنامج بجمع المعلومات وتحليلها ومن ثم تقديم النصيحة لبرلمانات العالم المختلفة بهدف تدعيم مركزها وأداء وظائفها بالكفاءة اللازمة. فضلاً عن تقديم الخدمات الاستشارية المرتبطة بجميع جوانب العملية البرلمانية بما فيه اقتراح وتعديل أنظمة العمل الداخلية، وإجراء التحسينات والتعديلات على الخدمات الإدارية والتشريعية، ورفع درجة الوعى بأهمية وجود علاقة بناءة بين الحزب الحاكم وأحزاب المعارضة، وتأمين درجة أكبر من المشاركة النسائية فى العملية البرلمانية، وزيادة الاعتماد على تكنولوجيا المعلومات فى العملية البرلمانية، وإعداد برامج التوعية والتطوير المهنى لأعضاء البرلمان بما فى ذلك السمينارات وزيارات العمل إلى الخارج، وتدريب العاملين بالبرلمان لاسيما المشاركين فى العملية التشريعية، والمساعدة فى إنشاء وتطوير المكتبات ومراكز الأبحاث الخاصة بالبرلمانات، وإمداد البرلمانات بآليات تكنولوجيا المعلومات الحديثة، وكذلك ربط مشروعات المساعدة بين تنمية الموارد البشرية وتوفير الموارد المادية للبرلمانات. ويمكن توضيح دور الاتحاد البرلمانى الدولى فى دعم عمل البرلمانات بالاشارة الى جهود تعزيز القدرات المؤسسية التى يبذلها فى العديد من الديمقراطيات الناشئة وقد توفر تجربة البرلمان الالبانى رؤية جيدة لتلك الجهود، اذ ظل البرلمان الألبانى (وهو برلمان مكون من مجلس واحد يسمى مجلس الشعب الألبانى يتشكل بالانتخاب المباشر كل أربع سنوات من 140 عضوا)،( ) لسنوات عديدة لا يستفيد من أى نوع من برامج الدعم الفنى، حيث لم توجه جهود الإصلاح الداخلى اهتماماً يذكر فى بدايتها بتطوير عمل البرلمان، لذا اعتمد نواب مجلس الشعب الألبانى لسنوات فى مزاولة اختصاصاتهم البرلمانية على قدراتهم الذاتية المحدودة، لكن بعض الصعوبات حالت دون استمرارهم من دون تلقى مساندة فنية أو مادية لاسيما فى ظل افتقار العاملين بالبرلمان للمهارات والقدرات الضرورية لمعاونة النواب، الأمر الذى أظهر ضرورة ملحة لمراجعة آليات وأساليب عمل البرلمان. من هنا جاء دور الاتحاد البرلمانى الدولى الذى عمل بالتعاون مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائى على تصميم وتنفيذ حزمة متنوعة من برامج الدعم الفنى لبناء قدرات البرلمان الألبانى وتطوير عمله، وقد عمدت تلك البرامج بالأساس فى تحسين مستوى الأداء البرلمانى إلى تطوير مهارات وخبرات النواب والعاملين به؛ فتُحسِن من فهم النواب لدورهم ومسئولياتهم وإجراءات العمل البرلمانى، وتُنمى من مهارات العاملين والباحثين -كل حسب موقعه الوظيفى- إدارياً وفنياً، فضلا عن تعزيز القدرة المادية والفنية للمكتبة البرلمانية، وتطوير آليات التوثيق بها بما يضمن سلامة نظام العمل الداخلى وذلك باستخدام أحدث ما توصلت إليه تكنولوجيا المعلومات فى هذا المجال، إلى جانب دعم وتقوية نظم المعلومات وقنوات الاتصال الخارجى، بهدف تعزيز شفافية الأعمال البرلمانية، وتسهيل تواصل البرلمان والمجتمع مما قد يسهم فى تحسين الصورة العامة للبرلمان أمام الرأى العام. ( ) 2- الدروس المستقاه من الإصلاح البرلمانى خرج الاتحاد البرلمانى الدولى من خبرته فى دعم عمل البرلمانات الدولية بعدد من الملاحظات الجوهرية حول معوقات التطوير البرلمانى يأتى فى مقدمتها استنتاج مهم بأن قضية الإصلاح البرلمانى تقع فى مجال المواجهات الدائمة بين السلطتين التشريعية والتنفيذية، فضلاً عن المواجهات بين المعارضة والأغلبية فى إطار حالة من التوتر الإيجابى، مما يعنى ان الحديث عن الإصلاح البرلمانى يتضمن ولاشك إشارة إلى إعادة توزيع السلطات بين المؤسسات السياسية المختلفة لذا غالباً ما تواجه جهود الإصلاح البرلمانى بمعارضة من خارج البرلمان. كما تشير الخبرات العملية فى هذا الإطار إلى أن موقف أعضاء البرلمان أنفسهم من قضية الإصلاح يختلف حسب انتماء العضو للأغلبية أو المعارضة، فأعضاء البرلمان المنتمون لحزب الأغلبية غالباً ما يدعمون الإصلاح إذا ما اعتقدوا أنه سوف يوفر ضمانات أفضل للمستقبل أو يضمن لهم الحصول على السلطة مرة أخرى إذا ما فقدوها، أما الأعضاء المعارضين فيكونون متحمسين للإصلاح البرلمانى الذى يهدف إلى تدعيم سلطة البرلمان فى مواجهة السلطة التنفيذية. من ناحية أخرى تواجه عملية الإصلاح بمعارضة من قبل الحكومات المختلفة (لاسيما وأن الإصلاح يهدف إلى ضمان استقلال البرلمانات فى مواجهة الحكومة) حيث تواجه معظم الحكومات دعوات الإصلاح البرلمانى بعدائية شديدة أو على الأقل بنوع من عدم التعاون.على صعيد آخر فقد اتجهت معظم الديموقراطيات الحديثة إلى تبنى نظام التعددية الحزبية فى وقت متأخر مع بداية التسعينات. الأمر الذى يعنى أن ثقافة الديموقراطية لم تتأصل فى تلك الدول بحيث تلزمها بالتوجه نحو الإصلاح. ويضاف إلى ما سبق مجموعة أخرى من المعوقات مثل اللغة (كالحال فى بعض البلدان العربية والأفريقية) حيث تجرى الممارسات البرلمانية وفق إحدى اللغات المنتشرة على مستوى العالم، ومن ثم تحرم هذه الدول من المعلومات والخبرات المتاحة حول الإصلاح، ناهيك عن نقص الموارد المالية الذى يعد معوقاً رئيسياً لعملية الإصلاح. وطبقاً لخبرات الإصلاح البرلمانى الدولى تكلل جهود الإصلاح البرلمانى بالنجاح فى حالة إذا ما كانت هناك رغبة سياسية على أعلى المستويات فى القيام بعملية الإصلاح. كما يجب على رئيس البرلمان أن يقود تلك العملية من خلال وضع أجندة عامة للإصلاح والقيام بالإشراف على العملية. كذلك يكون من المهم إنشاء لجنة برلمانية مختصة بالإصلاح تشمل ممثلين عن القوى السياسية المختلفة بالبرلمان، بحيث تكون مسئولة عن وضع وتطبيق استراتيجية لإجراء التغيرات اللازمة على العمل البرلمانى، إلى جانب التنسيق مع جهات خارجية لدعم عملية الإصلاح وقد تم إنشاء مثل هذه اللجان فى دول مثل كينيا، وزيمبابوى، وغينيا الاستوائية، وأوغندا وكان لها دوراً فعال فى تدعيم دور البرلمان. ويحتاج نجاح عملية الإصلاح كذلك أن يصبح البرلمان قادراً على ممارسة السلطات والاختصاصات المنوطة به. ومن ثم يجب أن يتبنى البرلمان طرقاً وآليات جديدة لعمله تدعم من موقفه خاصة فيما يتعلق بالعلاقة مع السلطة التنفيذية، بالاضافة الى ضرورة توازى عملية التغيير الهيكلى والنظامى مع تغيرات بنيوية وتقنية. الخاتمة تفرض البيئة العالمية فى ظل عصر العولمة والتحول الديموقراطى على البرلمانات أن تستمر فى تطوير قدراتها وطرق أدائها حتى يتسنى لها المساهمة الفعالة فى إدارة الشئون العامة على المستويين المحلى والدولى. وتواجه عملية التطوير فى هذا الإطار بمجموعتين من المعوقات السياسية والفنية. فإن كان يمكن للبرلمان التغلب على المعوقات السياسية من خلال التعديلات الدستورية والقانونية بمساعدة الحكومة، الا ان الأمر ليس كذلك بالنسبة لمسألة مسألة تطوير الاداء، حيث تتطلب عملية بناء القدرات المؤسسية للبرلمان الكثير من الموارد الفنية والمالية التى قد يصعب على الفاعلين الوطنيين (رسميين، وغير رسميين) الاعتماد فى تدبيرها على مواردهم الذاتية، خاصة إذا ما كان المستهدف برلمانا لدولة فقيرة أو نامية، لذا ظهر فى مواجهة مسألة تدبير الموارد المالية والفنية المطلوبة لبناء قدرات البرلمان، صيغ من الشراكة بين فاعلين محليين ودوليين عاملين فى مجال تعزيز الديمقراطية، يأتى على راسهم الاتحاد البرلمانى الدولى باعتباره المؤسسة الدولية الاولى المعنية بشئون التطوير البرلمانى. فالاتحاد البرلمانى الدولى اذ عنى بترسيخ الديمقراطية النيابية عن طريق تعزيز قنوات التواصل، والتنسيق، وتبادل الخبرات.. بين البرلمانات والبرلمانيين من شتى الدول، يضم برنامجا للتعاون الفنى أطلقه فى مطلع سبعينيات القرن الماضى بهدف تعزيز القدرات المؤسسية، والسياسية، والفنية للبرلمانات.. يوفر من خلاله مساعدات فنية لتطوير عمل البرلمانات الوطنية وتعزيز بنيتها الأساسية اعتمادا على نوعين أساسيين من الدعم الفنى: النوع الأول: يأتى فى صورة خدمات استشارية حول دور وهيكل وأساليب عمل البرلمانات الوطنية، بما فى ذلك المساعدة فى صياغة أو مراجعة النظام الأساسى واللوائح الداخلية، والتطوير التنظيمى، وترشيد الآليات والخدمات الإدارية والتشريعية، وتطوير المكتبة البرلمانية، وتحسين خدمات البحوث والمعلومات، والحفظ والتوثيق.. وزيادة الوعى بأهمية تناغم العلاقة بين الأحزاب الحاكمة وأحزاب المعارضة، وضمان مشاركة أكبر للمرأة فى العمل البرلمانى. أما النوع الثانى: فينصرف إلى صياغة مشروعات دعم فنى للبرلمانات الوطنية وإيجاد جهات تمويل لها، ويشترك فى صياغة تلك المشروعات استنادا إلى تقييم أولى لاحتياجات البرلمان لتحديد احتياجاته الفعلية من الدعم الفنى مسئولين من داخل البرلمانات الوطنية المستهدفة وخبراء الاتحاد البرلمانى الدولى، حيث يتم بعد تقييم احتياجات الدعم صياغة مسودة أولية تعرض على البرلمان الوطنى المستفيد والاتحاد البرلمانى الدولى للتعليق عليها وإبداء الملاحظات، وبمجرد وضع الصيغة النهائية للمشروع يبدأ الاتحاد البرلمانى بإجراء اتصالاته بجهات التمويل المهتمة لتدبير الموارد المالية اللازمة لتنفيذ المشروع. وهكذا يأتى الاتحاد البرلمانى الدولى كمنظمة دولية غير حكومية على رأس الهيئات الدولية الحريصة على دعم عمل البرلمانات الوطنية كمدخل للتطوير البرلمانى الذى يعد بدوره مدخلا للتطور الديمقراطى، إذ لا يمكن لديمقراطية حقيقية أن تقوم بدون برلمان يدعمها وتستند إليه،حيث يستحيل أن تتحقق الديمقراطية فى غياب برلمان قوى وفعّال يعبر عن مصالح الشعب وتطلعاته من ناحية، ويقدر على رسم وصياغة سياسات وتشريعات واضحة تعكس الحس الشعبى وتقبل التطبيق العملى من ناحية أخرى، وهو ما يسعى الاتحاد البرلمانى الدولى الى تحقيقه من خلال ما يتبناه من برامج لدعم المؤسسات البرلمانية.
#هدى_الشاهد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
دساتير مصرية: نظرة مقارنة من دستور 1923 الى الاعلان الدستورى
...
-
اللامركزية وإعادة هندسة الدولة
-
اللامركزية.. قراءة نظرية فى الأبعاد والصيغ التنظيمية
-
بناء القدرات المؤسسية للبرلمان: مقترح ثلاثى الأبعاد
-
إشكاليات بناء قدرات مؤسسات البرلمانات العربية: مجلس الشعب ال
...
-
بناء القدرات المؤسسية كمدخل للإصلاح البرلمانى
المزيد.....
-
تحقيق CNN يكشف ما وجد داخل صواريخ روسية استهدفت أوكرانيا
-
ثعبان سافر مئات الأميال يُفاجئ عمال متجر في هاواي.. شاهد ما
...
-
الصحة اللبنانية تكشف عدد قتلى الغارات الإسرائيلية على وسط بي
...
-
غارة إسرائيلية -ضخمة- وسط بيروت، ووسائل إعلام تشير إلى أن ال
...
-
مصادر لبنانية: غارات إسرائيلية جديدة استهدفت وسط وجنوب بيروت
...
-
بالفيديو.. الغارة الإسرائيلية على البسطة الفوقا خلفت حفرة بع
...
-
مشاهد جديدة توثق الدمار الهائل الذي لحق بمنطقة البسطة الفوقا
...
-
كندا.. مظاهرات حاشدة تزامنا مع انعقاد الدروة الـ70 للجمعية ا
...
-
مراسلتنا: اشتباكات عنيفة بين -حزب الله- والجيش الإسرائيلي في
...
-
مصر.. ضبط شبكة دولية للاختراق الإلكتروني والاحتيال
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|