|
المدينة الصائمة
امين يونس
الحوار المتمدن-العدد: 4173 - 2013 / 8 / 3 - 12:51
المحور:
المجتمع المدني
الغالبية العظمى من أسواق المدينة ، مُغلقة طيلة النهار في الأيام الرمضانية .. وتُفتَح المحلات عادةً بعد صلاة العشاء والتراويح .. أي بعد التاسعة والنصف ليلاً .. وكأنما هنالك منعٌ للتجوال بتواطؤٍ من المُجتمع ! . وتبقى المحلات مفتوحة ، لغاية الفَجر ، والشوارع والأسواق مُزدحِمة بالناس .. بينَ مُتبَضِعٍ وبين مُتفرِج . - في الأعوام السابقة ، أيضاً .. كانتْ ليالي رمضان ، تشهد حركةً أكثر من النهارات .. ولكن ليسَ بالدرجة التي نراها هذه السنة .. أعتقد ان السبب ، يكمن في ان الرمضان الحالي ، تصادفَ في تموز وآب .. أحّر شهرَين في السنة . كذلك هنالك عوامل أخرى مُساعدة .. لبقاء الصائمين في البيوت وعدم مُبارحَتها نهاراً : حيث ان الكهرباء مُتوفرة وتكاد لاتنقطع ، مما يُتيح إمكانية تشغيل المُكيفات والنوم والإسترخاء .. وأيضاً إرتفاع القدرة الشرائية ، لقطاعات واسعة من المجتمع ، بحيث ان غالبية البيوت فيها مُكيفات ووسائل تبريد " في حين انها كانتْ نادرة قبل خمسة عشر سنة ، مثلاً " . - حتى حركة البناء والتشييد ، تشهد ركوداً وتوقفاً بشكلٍ ملحوظ ، ويتأجل العمل الى ما بعد العيد . إذ نستطيع القول ، ان نهارات رمضان اليوم ، هي فترة كَسل وركود . إذ ان [ معظم ] الصائمين ولا سيما غير الموظفين والعاملين في الدوائر الحكومية .. يقضون النهار كله في النوم . وحتى في الدوائر ، فأن الدوام والإنتاج والفعالية ، هي في حدودها الدُنيا . - هذا لايعني ، ان الجميع ، يمتلكون ( تَرَف ) النوم في نهارات رمضان . فلا زال هنالك الكثير من الناس ، يعتاشون من عملهم " اليومي " .. وإذا بقى عاطلاً لعدة أيام ، فأنه يُلاقي صعوبة في توفير الطعام له ولعائلته . ولقد رأيتُ إثنين من هؤلاء ، في الأيام القليلة الماضية ، حين عملوا عندي في المنزل ، حيث قمتُ ببعض الترميمات الضرورية البسيطة .. وكان أحدهما صائماً ولم يفطر " رغم ممازحتي وقولي له : إفطِر وانا أتحملُ ذنبك في الآخرة " ! ، والآخر كان إيزيدياً ، والمُدهِش انه كان يرفض شرب الماء او الشاي ، إحتراماً وتضامُناً مع زميله المسلم الصائم ! . نعم هنالك المئات من هذه النماذج ، الذين يعملون في الشمس والحَر ، في هذا الرمضان اللاهب . - لستُ ضليعاً في الشريعة والدين .. لكنني لاأُصّدِق ، ان الله يُساوي بين الصائم ، النائم .. والذي يقوم فقط لأداء صلاة الظهر والعصر ، ثم يعود للنوم لغاية موعد الإفطار .. وفي الليل يقضي مع أصدقاءه وشلّته ، ساعات طويلة في الكازينوهات والمتنزهات ، لغاية وقت السحور .. وهكذا . لا أصّدِق ان الله ، يُساوي بين هذا ، وبين صائمٍ آخر ، يعمل في النهار لكسب قوت يومه .. او حتى آخر غير صائمٍ أساساً ، مُجبرٍ على العمل الشاق في ظروف مناخية صعبة ! . ............................ أرى ان هؤلاء ، الذين يقضون كل نهارات رمضان في النوم .. يبتعدون كثيراً عن " المعاني السامية والنبيلة للصَوم " .. وأن هؤلاء لايشعرون بالتأكيد ، بمُعاناة وجوع وعطش ، الفقراء والمساكين والمُحتاجين .. أنهم يتحايلونَ على الأسباب الحقيقية للصوم ، ويلوونَ عُنق الشريعة ! .
#امين_يونس (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
لا يمكن تبديل الجيران
-
الفيلُ والنملة
-
اللعنةُ .. اللعنةُ !
-
السُمعة الجيدة ، والنوايا الطيبة .. ليستْ كافية
-
فوضى بغداد .. وإستقرار أربيل
-
العقرب السام
-
الإتحاد الوطني .. لِصاحِبهِ .. ؟
-
بينَ التهّور والإتِزان
-
العمل في الشمس .. والتسكع في الفئ
-
على هامش إنتخابات مجالس أقليم كردستان
-
هل سيصبح البرزاني رئيساً لجمهورية العراق ؟
-
أزمَتنا عميقة
-
- السيسي - و - سعدون الدليمي - !
-
مُفتي العمادية .. وأثيل النُجيفي !
-
تأجيل إنتخابات رئاسة أقليم كردستان
-
ساعاتٌ حاسمة ، لشعبِ مصر الحَي
-
ضوء على نتائج إنتخابات نينوى
-
العَمالة المحلية
-
إلتِواءات ديمقراطية في أقليم كردستان
-
( خِدرو ) أكثرٌ شُهرةً وشعبية
المزيد.....
-
بيان مشترك بين الإمارات ودول أخرى حول خطر المجاعة في السودان
...
-
اعتقال رئيس الاتحاد الكولومبي لكرة القدم وابنه بعد نهائي كوب
...
-
شهادات مروعة عن تعذيب أسرى غزة في سجون إسرائيل
-
صحيفة: العنصرية في تركيا لا تقل خطورة عن محاولة الانقلاب
-
منتدى حقوقي بالدوحة يبحث أوضاع المهاجرين في دول مجلس التعاون
...
-
استمرار توافد النازحين إلى القضارف جراء الحرب بالسودان
-
الثاني بتاريخ الفورمولا 1.. رالف شوماخر يعلن هويته المثلية
-
مفوض أممي: تحول مقر الأونروا الرئيسي في غزة لساحة حرب أمر مر
...
-
ألمانيا - اعتقال شخص يشتبه بانتمائه لحزب الله وعمله على شراء
...
-
جدل بعد إيقاف الكويت جوازات سفر البدون
المزيد.....
-
أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال
...
/ موافق محمد
-
بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ
/ علي أسعد وطفة
-
مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية
/ علي أسعد وطفة
-
العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد
/ علي أسعد وطفة
-
الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي
...
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن
...
/ حمه الهمامي
-
تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار
/ زهير الخويلدي
-
منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس
...
/ رامي نصرالله
-
من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط
/ زهير الخويلدي
-
فراعنة فى الدنمارك
/ محيى الدين غريب
المزيد.....
|