أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي - عبد الرؤوف العيادي - حركة الاعتصام و معركة الكرامة و استقلال القضاء















المزيد.....

حركة الاعتصام و معركة الكرامة و استقلال القضاء


عبد الرؤوف العيادي

الحوار المتمدن-العدد: 1194 - 2005 / 5 / 11 - 11:07
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي
    


تتكرر منذ ما يزيد عن الشهرين اعتداءات السلطة على المحامين, والتي
اتخذت نسقا تصاعديا فبعد اختطاف البوليس السياسي للأستاذ محمد عبو في
الليلة الفاصلة بين1 و2 مارس 2005 تم الاعتداء على المحامين بقصر
العدالة بتونس أمام مكتب التحقيق الثاني المتعهد بالقضية التي لفقت له
يوم 2 مارس 2005, ثم الاعتداء على السيد عميد الهيئة الوطنية يوم 16
مارس 2005 ثم تم الاعتداء على المحامين بتقييد دخولهم إلى فضاء المحكمة
يوم محاكمة الأستاذ محمد عبو يوم 28 أفريل 2005 ثم وقع الاعتداء على
الأستاذة سنية بن عمر من طرف مدير سجن الكاف وأعوانه يوم 29 افريل 2005
حال قيامها بواجبها المهني في زيارة الأستاذ محمد عبو, ثم تم إيقاف
الأستاذ فوزي بن مراد و محاكمته بدعوى المس من هيبة المحكمة وإصدار حكم
بالنفاذ العاجل في حقه وتلا ذلك الهجوم البوليسي على المحامين المجتمعين
بدعوى من هياكلهم الشرعية بباحة قصر العدالة و إخراجهم منها إلى الخارج
باستعمال القوة والعنف يوم 6 ماي 2005 ينضاف إلى ذلك الحملة الاعلامية
الهوجاء التي رافقت تلك الاعتداءات, و ما صدر عن المجلس الأعلى للقضاء من
تعليمات للقضاة والذي سعت السلطة إلى جعله يتدخل فيما لا اختصاص له بعد
خيبتها في فرض الوصاية على جمعية القضاة التونسيين الممثل الشرعي
الوحيد بإطلاق التعليمات إلى القضاة للتعامل مع المحامين بلغة التهديد
والوعيد.

العناصر الموظفة لتنفيذ هذا المخطط :
حشدت السلطة لتنفيذ مخططها العدواني عدة عناصر جعلت منها أدوات موظفة
لخدمة أهدافها الخبيثة و يأتي جهاز البوليس السياسي على رأس هذه الأدوات
بالنظر إلى مركزية دوره سواء من خلال تدخله أو عبر إيكاله الأدوار
المتممة لبقية العناصر الموظفة, ثم يأتي دور القضاة المتذيلين للسلطة و
الذين شكلوا منذ قيامها ظاهرة قضاء النظام و ليس قضاء الدولة – جهازا
ملحقا بالسلطة التنفيذية يتلقى تعليماتها وينفذ رغباتها ومخططاتها في
تصفية خصومها و قمعهم وأخيرا يأتي دور المحامين الموالين الملحقين
بجهاز البوليس السياسي و الذين باتت رموزهم معروفة من طرف بقية
المحامين يتحركون لتنفيذ ما أوكل لهم من جوانب في خطة الاعتداء والاحتواء.

كشف جوانب المخطط :

لجأت السلطة في توظيف الموالين لها باستعمال الإشاعة لضرب تجند المحامين
في قضية اختطاف زميلهم والاعتداء عليهم عبر الترويج من حين إلى آخر بأن
الأستاذ عبو تم إطلاق سراحه, و كذلك الترويج الى استعداد وزارة العدل
لاتخاذ عدة إجراءات إيجابية في اتجاه معالجة أوضاع المحاماة وأن ذلك
يقتضي فقط التهدئة والعودة إلى طاولة الحوار.

كما لجأت في الآن نفسه إلى محاولة تأليب القضاة ضد المحامين وتقديم
نضالهم على أنه يستهدف التمرد على القضاء بأسره, وصولا إلى جعل المعركة
تدور بين القضاة والمحامين وهو ما ظهر جليا من خلال محاولة تحريك قضاء
الموالاة ضد قيادة جمعية القضاة التونسيين وهو ما وصفته الجمعية
المذكورة "بالعمل الموازي" وما صدر عنه بالبيانات الجاهزة ضمن بيانها
المؤرخ في 5 أفريل 2005 ثم باستدعاء المجلس الأعلى للقضاء في جلسة طارئة
كما سبق أن أسلفنا الإشارة إليه فيما تمثل المظهر الأخير من المناورة في
إيجاد هوة مفتعلة بين الهياكل الشرعية للمحاماة ولجنة الدفاع عن
الأستاذين عبو وبن مراد من خلال تصوير الاعتصام على أنه خروج عن الهياكل
وتحدي لها, وهو ما لم ينقطع رموز الولاء من المحامين عن ترديده ومحاولة
إقناع السيد العميد به طلبا لانهاء الاعتصام وبالتالي التخلص من الضغط
الذي يحدثه عليها عبر تجنيد المحامين وجعل فضاء دار المحامي فضاء نضال
وتحرك من أجل المطالب المشروعة للمحامين.





التخبط في المأزق :

خلال الاتصال الذي أجراه وفد لجنة الدفاع عن الأستاذ عبو برئيس الاتحاد
الدولي للمحامين الأستاذ بول نيمو بمناسبة افتتاح محاضرات التمرين يوم 9
افريل 2005 كان حديثه عن المأزق الذي وقعت فيه السلطة بعد اعتدائها على
السيد العميد وهو أمر تأكد بمرور الأيام إذ لم تجد السلطة من بد سوى
الإمعان في الاعتداء بل والتسلق فيه درجات إلى أعلى, فهذا العميد الذي
تطاول عليه قاض التحقيق يوم 16 مارس 2005 وحاول إخراجه من المكتب
بالقوة, يتم إخراجه باللجوء إلى العنف مع بقية الزميلات والزملاء من طرف
أعوان البوليس يوم 6 ماي 2005 من قصر العدالة فضاء عمله الطبيعي والمقر
الذي يأوي مكتبه وجزءا من إدارة الهيئة الوطنية وهو ما يشكل إجراءا
قمعيا بالغ الخطورة يرمز إلى إقصاء أحد أطراف عائلة القضاء الرئيسية من
دار القضاء باللجوء الى أسلوب العنف والقمع حتى أن بعض الملاحظين ممن
حضر المشهد شبهه بإخراج الأطباء من المستشفى.

المواجهة المادية و المواجهة المعنوية :

من المعلوم أن المواجهة بما تنطوي عليه من اختبار للقوة ليست غاية في
حد ذاتها ولا يمكن أن تكون كذلك, بل هي وسيلة لفرض إرادة وتحقيق هدف فما
هو هدف السلطة أو أهدافها في هذه المواجهة ؟ علما أن الهدف لكي يصبح
مسوغا ويكسب التأييد لابد من ربطه بالقيم والمبادئ السامية.

أخذ تحرك السلطة ولجوئها إلى أدواتها القمعية العديدة في ذهن المحامين
صورة قهر المحامين على القبول بما ارتكب في حقهم من اعتداء و تجاوز,
أنها سياسة فرض الأمر الواقع, واقع العدوان والإخضاع والإهانة وهو ما لا
يمكن أن يرتبط بقيمة سامية أو أن يقوم عليها.

في حين يهدف نضال المحامين وتحركهم إلى جعل السلطة تتوقف عن الاعتداء
واستباحة السلامة الجسدية وحرية المحامي وحقوق الدفاع واستقلال القضاء
وهي جملة من الأهداف مرتبطة وثيق الارتباط بمبدأ المشروعية وبقيم الكرامة
والحرية والعدل. لذلك كانت المعركة المعنوية محسومة في هذا الجانب
لفائدة المحامين.

تعطل قضاء الموالاة :

إن ردة فعل السلطة البوليسية منتظرة بعنفها المتصاعد وإذا ما أدركنا
أنها ومنذ أكثر من عشرية ونصف العشرية وهي تتوسل القضاء في إطار خطة
الإخراج القمعي المعد للخارج خاصة الدول الغربية التي لا تسمح عادة إلا
بتجاوزات في حدود "مقبولة ".

أما أن يصبح القمع مكشوفا ومعرى يتولاه فقط جهاز البوليس السياسي فإن
ذلك يجعلها تخشى ردة فعل القوى الغربية على وجه الخصوص بما يجعل صورتها
تبدو بشعة وغير مقبولة.

لذلك كان شعورها بالخوف – من تعطيل – حركة الجهاز القضائي الملحق بجهاز
البوليس السياسي والمتمم لدوره فعدم إتمام الاستنطاق في الطور التحقيقي
في القضية التي أحيل فيها الأستاذ محمد عبو ثم اضطرار القاضي محرز
الهمامي إلى وقف المحاكمة ووضع حد للمرافعات, إنما رأت فيه السلطة
تحديا غير مقبول من الدفاع يعطل الإخراج العادي للصورة التي تريد
ترويجها عن نفسها لدى الأوساط الغربية خاصة وقد أثقلت كاهلها بما أمضته
من التزامات باحترام الحقوق والحريات حيال الاتحاد الأوروبي أو ما التزمت
به من إصلاح الأوضاع حيال الولايات المتحدة الأمريكية.

نهاية حقبة و بداية أخرى :

إن ما لا تريد استيعابه السلطة الدكتاتورية البوليسية أن الخطة القمعية
التي تصدت بها إلى المجتمع وقواه الحية طيلة أكثر من عشرية لم تعد
صالحة بحكم تغير الظروف وطنيا ودوليا بعد تهرؤ أدواتها وفقدانها
لمسوغاتها في ذهن قطاعات متزايدة سواء لدى النخبة أو لدى الرأي العام
الدولي ويكفي لتبين ذلك استعراض ما رفع من شعارات خلال المواجهة بين
المحاماة و السلطة خلال الشهرين الماضيين والتي لم ير فيها المجلس الأعلى
للقضاء سوى "تشويشا وتعطيلا لسير العدالة" ولم تر فيه صحف التشويه
والإسفاف والتعتيم سوى "عدم تحل بالأخلاق الفاضلة" .



فما أكد عليه المحامون من خلال الشعارات هوالذود عن كرامة المحامي
واستقلال القضاء باعتباره الضمانة الأساسية لحرية المواطن وسلامته من
اعتداء البوليس السياسي, كما طالب المحامون بإخلاء المحاكم من عناصر هذا
الجهاز لإنهاء أجواء الترهيب والاعتداءات المتكررة على الدفاع كإنهاء
وصايته وضغطه على جهاز القضاء.

و لم يكن استقبال المحامين النائبين لزميلهم الأستاذ محمد عبو يوم
محاكمته بالتغني بالنشيد الرسمي سوى تعبيرا منهم على أن القضية
المطروحة هي قضية وطنية في أهدافها وأبعادها أنها قضية كرامة المحامي
وحرية الدفاع واستقلال القضاء ووضع حد للقمع والتعسف كأسلوب في ادارة
شؤون البلاد.

كما أن إطلاقهم لصيحات ( أووه اووه على القضاء ) إنما هو تعبيرا منهم
على أن القضاء الملحق بالجهاز البوليسي السياسي قد انتهى أمره ولا يستحق
وصفه بالقضاء.

تلك كانت إذا ما يمكن وصفه بحركة المحامين من أجل الكرامة واستقلال
القضاء وإنهاء عدوان البوليس السياسي عليهم ووصايته على القضاء وهي
ستكون بلا ريب مقدمة لحركة وطنية تهدف إلى فرض المواطنة بما تنطوي عليه
من تقيد الحاكم بالشرعية والمشروعية وما يشكله استقلال القضاء كضامن
لتحويلها إلى الواقع وإنهاء حالة القطيعة بين شعارات السلطة وحقيقة
الأوضاع.

و قد بدأت تتشكل حركة التحرر من دكتاتورية البوليس السياسي من خلال ما
تشهده عدة قطاعات من انشطار يشق المجتمع كافة بين شق المولاة للسلطة وشق
المعارضة (القضاء -المحاماة – الصحافة و النقابات وأحزاب مستقلة) وهو
ما سيكون المدخل المهيئ لدخول الشعب المقصى حاليا إلى حلبة الصراع
ليتولى الحسم فيه لفائدة من يتجاوب مع تطلعاته في الحرية والديمقراطية.



الأستاذ عبد الرؤوف العيادي
دار
المحامي في 7 ماي 2005




#عبد_الرؤوف_العيادي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- العراق يعلن توقف إمدادات الغاز الإيراني بالكامل وفقدان 5500 ...
- ما هي قوائم الإرهاب في مصر وكيف يتم إدراج الأشخاص عليها؟
- حزب الله يمطر بتاح تكفا الإسرائيلية ب 160 صاروخا ردّاً على ق ...
- نتنياهو يندد بعنف مستوطنين ضد الجيش الإسرائيلي بالضفة الغربي ...
- اشتباكات عنيفة بين القوات الروسية وقوات كييف في مقاطعة خاركو ...
- مولدوفا تؤكد استمرار علاقاتها مع الإمارات بعد مقتل حاخام إسر ...
- بيدرسون: من الضروري منع جر سوريا للصراع
- لندن.. رفض لإنكار الحكومة الإبادة في غزة
- الرياض.. معرض بنان للحرف اليدوية
- تل أبيب تتعرض لضربة صاروخية جديدة الآن.. مدن إسرائيلية تحت ن ...


المزيد.....

- عن الجامعة والعنف الطلابي وأسبابه الحقيقية / مصطفى بن صالح
- بناء الأداة الثورية مهمة لا محيد عنها / وديع السرغيني
- غلاء الأسعار: البرجوازيون ينهبون الشعب / المناضل-ة
- دروس مصر2013 و تونس2021 : حول بعض القضايا السياسية / احمد المغربي
- الكتاب الأول - دراسات في الاقتصاد والمجتمع وحالة حقوق الإنسا ... / كاظم حبيب
- ردّا على انتقادات: -حيثما تكون الحريّة أكون-(1) / حمه الهمامي
- برنامجنا : مضمون النضال النقابي الفلاحي بالمغرب / النقابة الوطنية للفلاحين الصغار والمهنيين الغابويين
- المستعمرة المنسية: الصحراء الغربية المحتلة / سعاد الولي
- حول النموذج “التنموي” المزعوم في المغرب / عبدالله الحريف
- قراءة في الوضع السياسي الراهن في تونس / حمة الهمامي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي - عبد الرؤوف العيادي - حركة الاعتصام و معركة الكرامة و استقلال القضاء