داود روفائيل خشبة
الحوار المتمدن-العدد: 4172 - 2013 / 8 / 2 - 17:09
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
عماد الدين حسين، مدير تحرير "الشروق"، عاقل دائما، هادئ دائما، يصعب أن يختلف معه أى قارئ موضوعى، وينطبق هذا على مقاله فى عدد "الشروق" بتاريخ 2 أغسطس 2013 حول فض اعتصام الإخوان وما بعد الفض، فلا يمكن لأحد أن يرفض شيئا مما جاء فى هذا المقال، إلا أن بضع جزئيات فى المقال تستدعى وضع بعض النقط على الحروف.
يقول عماد الدين حسين: "إذا حدث الفض دون حل سياسى سنجد أنفسنا بصدد أكثر من اعتصام فى أكثر من مكان آخر. فماذا نحن فاعلون؟" ومع الاعتراف بأننا أمام مأزق حقيقى إلا أنه لا مفر لنا من أن نتساءل: كيف يكون الحل السياسى مع جماعة لا تقبل إلا إملاء شروطها التى لا تقبل عنها بديلا ولا تقبل لها تعديلا؟
يشير الكاتب إلى أنه "ليس لدى الجماعة ما تخسره الآن. وبالتالى فهى مستعدة للذهاب إلى آخر مدى حتى لو كانت النتيجة هى خراب الوطن." هنا مربط الفرس كما يقولون. فحتى لو سلـّمنا بأن الكثيرين من أعضاء الجماعة قد يقبلون المهادنة والعودة للعمل كجماعة دعوية (مع أنها لم تكن كذلك بالفعل على مدى تاريخها) فإن قياديى الجماعة يقاتلون دفاعا عن بقائهم وهم قد أعلنوا صراحة أنهم مستعدون للتضحية بالوطن وكل ما يمثله الوطن. ولعل الأمر لا يقتصر على القياديين، فأكثر الأعضاء معرضون للشحن من قبل القرضاوى وأمثاله. فهل تستسلم سلطات الدولة لتهديدهم؟
يمضى الكاتب فيقول: "مطلوب صيغة ما تشرك الإخوان فى العملية السياسية حتى نقنع الأعضاء العاديين بأنه لا يوجد استئصال أو إقصاء لهم." فى رأيى أن هذا القول يوقفنا على شفا منزلق خطير. وأعرف أن ما سأقوله لن يكون مقبولا عند كثيرين حتى ممن يصحبوننى فى بعض الطريق. إننى أصر على أن الإخوان وكل التنظيمات والجماعات الدينية ما كان لها أصلا أن تدخل المعترك السياسى. لقد كان السماح بقيام الأحزاب الدينية خطأ بل جريمة لا تـُغتفر، جريمة وضعت فى قلب العملية الديمقراطية لغما كان لا بد أن ينفجر فيدمر العملية الديمقراطية ويهدم الدولة المدنية من أساسها.
فكيف يكون إشراك الإخوان فى العملية السياسية؟ الأسلوب الوحيد المشروع والعادل هو التوكيد على حق أفراد جماعة الإخوان فى التمتع بكل حقوق المواطن، مع الإصرار على أنه لا مكان فى العمل السياسى لأى حزب أو تنظيم يقوم على أساس الدين، مع الحرص على عدم السماح بالالتفاف حول هذه القاعدة بمختلف أساليب التحايل التى مورست من قبل.
إذا أردنا أن نتقدم، إذا أردنا أن نتمتع بأى قدر من الحرية، فلا دين فى السياسة ولا سياسة فى الدين؟
#داود_روفائيل_خشبة (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟