كاظم حبيب
(Kadhim Habib)
الحوار المتمدن-العدد: 1194 - 2005 / 5 / 11 - 11:29
المحور:
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
الأخ الفاضل الأستاذ هشام الشبلي, المحترم/ وزير المالية السابق- بغداد
تحية طيبة
نقلت الأنباء خبر رفضكم قبول حقيبة حقوق الإنسان.في وزارة الدكتور إبراهيم الجعفري. أهنئكم بحرارة على موقفكم الوطني الجرئ والواعي للمطب الذي مارسته قوى الاحتلال في العراق ودفعت إليه القوى المذهبية التي تتسم بالطائفية والتمييز الديني والطائفي., موقفكم النبيل والمشرف ورفضكم قبول منصب وزاري, وخاصة وزير الدفاع عن حقوق الإنسان, على أساس مذهبي, وكأن المذهب أصبح الهوية المميزة للعراقيات والعراقيين وليست المواطنة المتساوية التي لا تميز في الحقوق والواجبات بين العرب والكرد وباقي القوميات, وبين المسلم والمسيحي والصابئي المندائي والإيزيدي والكاكائي والشبكي واليهودي ...الخ, وبين المسلم السني والمسلم الشيعي, وبين أتباع الفلسفات والآراء المختلفة.
كلنا يرى ويسمع ويشاهد بأن هناك قوى إسلامية سياسية تريد أن تدفع بالبلاد إلى مصاف الدول الطائفية التي تتعامل مع الناس على أساس التمييز بين مكونات الشعب العراقي, وهي ظاهرة خطرة يفترض محاربتها ورفضها. إذ إن ما كرسه صدام حسين عملياً يفترض أن يرفض كلية لا أن تمارس نفس القاعدة المرفوضة بشكل مقلوب. إن هذه الممارسة التي تسعى الأحزاب الإسلامية الشيعية المعتدلة منها والمتطرفة فرضها على الساحة السياسية العراقية من جانب, وردود فعل هيئة علماء المسلمين السنة التي تحاول فرض عكس ذلك, وكلاهما يريد الغالبية له أو الدخول إلى الحكم على أساس مذهبي, يسيئان إلى الوطن ووحدته ونسيجه الوطني ومستقبله الديمقراطي, إنها الذهنية المغلقة التي تعود إلى قرون خلت لا يمكن أن يكون لها أي مكان في عالمنا الجديد في القرن الحادي والعشرين وفي عصر العولمة والحداثة, حتى لو استطاعت أن تفرض حالة مؤقتة من حالات الارتداد الاجتماعي على المجتمع العراقي, إنها الردة الفعلية على المجتمع المدني الذي سعى المجتمع العراقي إلى بنائه, ويسعى اليوم إلى تحقيقه.
شعرت بارتياح كبير حين علمت بنبأ رفضكم لهذا المنصب على أساس مذهبي, لأنكم برهنتم فعلاً على أنكم تحسون وتعيشون إنسانيتكم الحقة, وأنكم من نسيج ذلك الحزب الوطني الديمقراطي الذي أسسه الراحل الكبير الأستاذ كامل الجادرجي منذ عام 1946, أو بتعبير أدق من جماعة الأهالي والإصلاح الشعبي حيث ظهرتا إلى الوجود في الثلاثينات من القرن الماضي.
إن رفضكم هذا سيكون بادرة خير للعراق على المدى اللاحق, إذ لا يمكن أن يرتضي المجتمع بالتوزيع الحصصي الطائفي.
وإذا كان التكوين القومي هو المقبول في المجتمعات الإنسانية الديمقراطية, فلا يمكن أن يكون التكوين الديني والمذهبي له أي معنى في إدارة الحكم في البلاد. فليس الدين سوى علاقة فردية خاصة بين الإنسان الفرد وما يؤمن به سواء أكان ذلك إلهاً أم شيئاً آخر, كما في حالة البوذيين أو الهندوس أو غيرهم من الأديان السماوية وغير السماوية.
تحيتي لحزبكم الذي رفض هذه الممارسة, وتحية لكم لتقديمكم النموذج المنشود في عراقنا الجديد, وتحية لمن يمارس مثل هذا الرفض مستقبلاً.
برلين في 9/5/2005
#كاظم_حبيب (هاشتاغ)
Kadhim_Habib#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟