أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الصحافة والاعلام - سهيل حداد - سوق هال الفضائيات العربية، والمزايدات السياسية















المزيد.....

سوق هال الفضائيات العربية، والمزايدات السياسية


سهيل حداد

الحوار المتمدن-العدد: 1194 - 2005 / 5 / 11 - 10:54
المحور: الصحافة والاعلام
    



سوق الهال، هو مكان المزايدات التي تباع فيه الحاصلات الزراعية بالجملة ونصف الجملة وهي عملية بيع وشراء تتم بين المزارع والتاجر بوجود وسيط يسمى السمسار. وحسب سياسة العرض والطلب وبغض النظر عن نوعية المنتج تبدأ المزايدة بين السماسرة والتجار على تحديد قيمة المنتج. وخلال عملية المساومة تبدأ عملية هرج ومرج ويختلط الحابل بالنابل بين هذه المجموعة من الناس تنتهي في عملية بيع للمنتج. لا ترضي دائماً طموح المزارع، وتناسب التاجر في أغلب الأحيان الذي يسعى إلى ربح كبير على كافة المستويات. وبالنتيجة فأن المزارع والمستهلك هما الخاسرين الأكبرين في هذه العملية.
هذه الحالة التي تحدث في سوق الهال ذكرتني بما يحدث الآن في بعض الفضائيات العربية التي تقدم برامج حوارية اجتماعية وفنية، أو اقتصادية، أو سياسية، يسودها الهرج والمرج، والمزايدات والسمسرة على نطاق واسع، يكون في بعض الأحيان أبطالها مقدمي هذه البرامج على كافة المستويات، وسماسرتهم معديها، وضيوفها من كل أنحاء الأرض يتكلمون لغات متعددة مفهومة وغير مفهومة، وخبراء من كل حدب وصوب، ومسوقي الأفكار وتجارها على مختلف أنواعهم ومشاربهم وأطيافهم. ويحدث كل ذلك في جو منفلش تماماً لا ضابط له، وبدون أي رادع أو رقيب ذاتي وداخلي أو خارجي، والخاسر الأكبر في النهاية هو المشاهد العربي الذي يضيع وقته هباءً بدون أية قيمة أو معنى. وكأن هذه البرامج صنعت لإلهاء المشاهد العربي عن ما يدور حوله من أمور كبيرة الأهمية.
ويتم التسويق لهذه البرامج بعناوين ملفتة للنظر وتحت يافطات كبيرة تدعي تماشيها مع الحدث والعصرنة والموضة، أو تحت شعارات براقة ورايات خفاقة كحرية التعبير والرأي، والديمقراطية، ومناهضة لكل شيء في العالم العربي عدا سياسة العم سام ومشروعة. ولا تتوقف الأمور في المنافسة على جذب المشاهد بين برامج القناة الواحدة بل تمتد ساحة التنافس لتشمل عدة محطات بآن واحد، وفي وقت واحد، ولكل يتسابق ويهرول في عرض بضاعته وتسويقها أملاً بقبول الرضا من جهة معينة.
وبعد تقديم بعض الضيوف المغمورين الطامحين للشهرة والنجومية والتحليق في عالم الفضائيات، بهدف تسويقهم إعلامياً للمشاهد العربي لغايات في نفس يعقوب، وإعطاءهم الألقاب المتنوعة (كاتب ومفكر ومحلل سياسي أو..الخ، خبير واسع الطيف، معارض، ليبرالي، أصولي، سلفي، مشاكس، منفي، مناهض، مسؤول كبير...الخ)، والصفات والميزات الرنانة، والتي تجعل من المشاهد العربي مذهولاً ومشدوداً إلى الشاشة لوجود أمثال هؤلاء العمالقة من المفكرين والسياسيين والمحللين والمبدعين في وطننا العربي، والذين لم يسمع بهم أحد من قبل. ليتفاجئ في نهاية الحلقة بالمأساة التي كان شريكاً فيها بدون إرادته.
بدأت مثل هذه النوع من المهازل منذ اتفاقيات أوسلو، ومع بداية التحضير الأمريكي لاجتياح العراق واحتلاله، حيث بدأ يطل علينا من هنا وهناك أسماء أعطيت صفات معارضة أو الليبراليين الجدد لتسويق المشروع الأمريكي، ولتصبح فيما بعد منبراً وتياراً سياسته في المنطقة، وبعد انكشاف أمرها وفشل مشاريعها وشعاراتها لم تستطيع أن تتجاوز حدودها، بعضها من انغلق على نفسه وبعدها من أفل نجمه بسرعة صعوده. وها هي التراجيديا تتكرر بشكل أخر في الآونة الأخيرة فيما يخص سورية ومواقفها، والضغوطات الأمريكية عليها. وبدأ يطل علينا أسماء من نوعية هؤلاء على الساحتين السورية واللبنانية؛ وبدأ كل واحد منهم يدلو بدلوه وينفش بريشه ويوزع ابتساماته وتأتأته ويتكلم بصيغة العارف الدقيق والمطلع على كل تفاصيل الوضع، ويعطي لنفسه دوراً يتجاوز حدوده وحدود الموضوع الذي يتكلم عنه.
هذه المهاترات والمهازل الإعلامية أصبحت الشغل الشاغل لبعض الفضائيات اللبنانية والعربية منذ صدور القرار 1559 وحتى الآن. وكأنها تتسابق لتسويقه وتسويق المشروع الأمريكي المعروف المرامي والأهداف. فعلى سبيل المثال لا الحصر، في مساء 08/05/2005، وبالصدفة شاهدت برنامج حواري بين بعض اللبنانيين على قناة المستقبل اللبناني حول موضوع مستقبل العلاقات اللبنانية السورية بعد خروج الجيش السوري من لبنان. والذي استرعى اهتمامي في هذا البرنامج هو سوية الأشخاص التي تتحدث عن موضوع ذو أهمية كبرى بين البلدين يحتاج خبراء متخصصين في كافة المجالات، وإلى رؤية عالية المستوى ضمن الظروف الحالية التي تمر فيها المنطقة التي أصبحت هدفاً مباشراً لسياسة الإدارة الأمريكية التي لا تتورع عن فعل أي شيء.
واعتقدت للوهلة الأولى أنه برنامج حواري لبناني داخلي يخص مجموعة من اللبنانيين اعتدنا على مشاهدة أمثاله على القنوات اللبنانية في الآونة الأخيرة. ولكن الذي لم أستطيع هضمه هو أن يتحول هذا الحوار للتهجم والتجني على كل المآثر التي قدمتها سورية تجاه لبنان، وأن تصبح بعض الأعمال الفردية والشخصية هي الواجهة التي اتسمت فيها فترة وجود الجيش السوري في لبنان، وأن يصبح هذا البرنامج منبراً لبعض الحاقدين على سورية، ومجالاً لاجترار بعض الحوادث وتضخيمها، وللتشدق في بعض الجمل وكأنها حقيقة يجب تعميمها على الشعبين في سورية ولبنان. فهذا يدل على هزالية مثل هذه البرامج وبعض المشاركين فيها، وخاصة ذلك المدعي السيد الدكتور سمير القصير الذي لا يتوقف ويطل علينا مبتسماً تارة وممتعضاً تارة أخرى، من واجهة بعض الفضائيات العربية ليتحدث عن حقده على سورية والسوريين، ويبث سموم هذا الحقد في كتاباته، والذي يفتخر بأنه أول من نال رضا الإدارة الأمريكية لأنه كتب مطالباً خروج الجيش السوري من لبنان، ويتشدق وهو الرق الذي يسوق سياسة أسياده، بتمنياته للشعب السوري بالحرية، ويمن علينا بقوله أن السوريين يستحقون الحرية، وتعم عليهم ديمقراطية العم سام،. هذا الكلام يا د. قصير يعتبر تدخلاً سافراً وشخصياً في شؤون السوريين وحقهم، ويدل على قصر نظر وضعف في الرؤيا الفكرية والسياسية لدى شخص يعتبر نفسه محللاً سياسياً. أعتقد بأنك تزايد سياسياً وتتاجر في ظرف آني كغيرك من الطامحين لنيل الرضا، فهل يمكن أن تعطى الحرية للأحرار، لعلمك أن السوريين أحرار اقحاح إن أردت أنت وأمثالك، وإن لم تريدوا. وإذا كنت تسمي هذا النوع من الحوارات الذي يجري على الساحة اللبنانية تعبير حر عن الرأي وممارسة للديمقراطية فأنت مخطئ. فمثل هذه الأحاديث يتداولها العامة في المقاهي للتسلية وتمضية الوقت، ولا أرى فيها إلا إلهاء وسفسطائية لا تقدم أي جديد للشعب اللبناني. وأتمنى شخصياً أن تحتفظ بنصائحك وأمنياتك لنفسك، ولا تقحم السوريين في كل شاردة وواردة، ولا تتحفنا باجترار أحداث مضى عليها الزمن لأنها لا تقدم أو تنفع في شيء. وأعتقد بان مخيلتك ومخيلة أمثالك من مسوقي أفكار الديمقراطية على الطراز الأمريكي تقتصر على مفاهيم محددة وضيقة مكشوفة وعارية للخاصة والعامة، ولن يأخذ فيها أحد لأنها لا تلامس واقع ملموس أو محسوس، وهي وليدة ظرف ميت.
أما عن رؤية المحاور الأخر حول والذي يدعى جو غانم هل يعي ما قاله بأن منظوره للعلاقات اللبنانية ينحصر في أن تكون العلاقات في مستوى الند للند، لأن السوريين أخطئوا بأنهم لم يعرفوا بأن اللبنانيين يتنشقون الحرية ويعيشون الحرية !!!!، وأن تستقدم لبنان عمالة سورية، وتصدر لسورية التطور الموجود في لبنان والتكنولوجيا اللبنانية. عجبي عن أي تطور يتحدث، وعن أي تكنولوجيا في لبنان يتحدث، ويمكن أن يصدرها لسورية. فأنا لم اسمع، ولم أرى ذلك خلال زياراتي العلمية القصيرة إلى لبنان إذا كان ذلك موجوداً أم لا. فإذا كان ذلك صحيحاً فهذا ليس فخراً للبنانيين وحدهم بل للعرب جميعاً، وأهلاً وسهلاً فكل الأبواب مفتوحة، لما لا. أما عن إمكانية ما تستطيع سورية والسوريين تقديمه وما قدمته للبنان واللبنانيين فهو معروف للجميع، وهو كثير جداً وكبير، وسورية لم تقدم أو ستقدم ذلك لغرباء، بل إلى أشقاء، وأهل وأصحاب مصير ودرب واحد، وعلينا أن لا ننسى إن سورية هي عمق استراتيجي ومتنفس حيوي للبنان ولشعب لبنان وستبقى كذلك بأحرارها السوريين، وسورية لن تتخلى عن لبنان ومقاومته وهذا ما سمعه الجميع من لسان رئيسها. وستبقى دمشق قلب هذه المنطقة النابض وبوابتها، والنور الذي يشرق عليها. ولا يمكن لأحد أن يفرض عليها إرادته وشعبها وقيادته جسد واحد. وهذا منطق التاريخ والجغرافيا.
في النهاية، هذا ما فيض من غيض، وهذا هو مستوى لأحد البرنامج التي تقدم على الفضائيات العربية، فهل يمكن لمشاهد سوري تقبل أن يحدث ذلك في قناة فضائية عربية تناقش موضوع يهم البلدين، وتدعي بأن برنامجها يهدف إلى رؤية مستقبلية واضحة وشفافة بين الشعبين على أساسه تبنى الآراء العامة. هل هذا ما يبشرنا به إعلامنا العربي المتحرر الديمقراطي في ظل الظروف الحالية المأسوية التي تمر فيها المنطقة العربية قاطبة. كفانا مهاترات إعلامية من هذا النوع، ولنرتفع إلى مستوى الأحداث ولننقل حقائق الأمور وأن نكون فاعلين لا منفعلين، ونرتقي بإعلامنا إلى مصافي الإعلام الراقي الذي عليه أن يبرز صورتنا النظيفة التي شوهها الإعلام الغربي تحت ضغط اللوبي الصهيوني ،ولنحمل رايتها إلى الشعوب الأخرى.



#سهيل_حداد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التخوف الأمريكي وأبعاده
- -سورية في قلب الهدف الأمريكي-
- رسالة ديموقراطية إلى ما يسمى العالم الحر


المزيد.....




- رقمٌ قياسيّ لعملة فضية نادرة سُكَّت قبل الثورة الأمريكية بمز ...
- أهمية صاروخ -MIRV- الروسي ورسالة بوتين من استخدامه.. عقيد أم ...
- البرازيل.. اتهام الرئيس السابق جايير بولسونارو بالضلوع في مح ...
- اكتشاف عمل موسيقي مفقود لشوبان في مكتبة بنيويورك
- وزيرة خارجية النمسا السابقة: اليوم ردت روسيا على استفزازات - ...
- الجيش الإسرائيلي يوجه إنذارا إلى سكان الحدث وحارة حريك في ال ...
- أين اختفى دماغ الرئيس وكيف ذابت الرصاصة القاتلة في جسده كقطع ...
- شركة -رايان- للطيران الإيرلندية تمدد تعليق الرحلات الجوية إل ...
- -التايمز-: الغرب يقدم لأوكرانيا حقنة مهدئة قبل السقوط في اله ...
- من قوته إلى قدرة التصدي له.. تفاصيل -صاروخ MIRV- الروسي بعد ...


المزيد.....

- السوق المريضة: الصحافة في العصر الرقمي / كرم نعمة
- سلاح غير مرخص: دونالد ترامب قوة إعلامية بلا مسؤولية / كرم نعمة
- مجلة سماء الأمير / أسماء محمد مصطفى
- إنتخابات الكنيست 25 / محمد السهلي
- المسؤولية الاجتماعية لوسائل الإعلام التقليدية في المجتمع. / غادة محمود عبد الحميد
- داخل الكليبتوقراطية العراقية / يونس الخشاب
- تقنيات وطرق حديثة في سرد القصص الصحفية / حسني رفعت حسني
- فنّ السخريّة السياسيّة في الوطن العربي: الوظيفة التصحيحيّة ل ... / عصام بن الشيخ
- ‏ / زياد بوزيان
- الإعلام و الوساطة : أدوار و معايير و فخ تمثيل الجماهير / مريم الحسن


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الصحافة والاعلام - سهيل حداد - سوق هال الفضائيات العربية، والمزايدات السياسية