|
اسقاط المشاعر..هل يعيد الاتزان ام يكشفها؟
اسعد الامارة
الحوار المتمدن-العدد: 1194 - 2005 / 5 / 11 - 10:52
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
لا اعتقد ان احداً من البشر في حضارتنا المعاصرة لم تداهمه نوبة انفعال شديد كان سببها شخص محدد او زحمة الشارع او ردود افعال غير مسيطر عليها حتى احتقنت في النفس لحين من الزمن وانفجرت كتلة واحدة امام اقرب الناس وخصوصاً الزوجة اذا كان الشخص متزوجاً او الام تجاه ابنها وهي في خلاف مع زوجها او الاب تجاه زوجته او ابنه وهو قد وصل للتو من عمله مشحوناً بانفعالات سببها له مديره في العمل بسبب زحمة العمل وشدته وعدم قدرته باللحاق بكل مجريات العمل ومتطلباته فتراه يعنف من قبل مسؤوله لتهاونه او نسيانه لبعض الامور مما جعل منه ان يقف امام المدير وتلقى التعنيف او الكلمات الجارحة او التوبيخ وبدوره هذا الموظف ظلت هذه الانفعالات تشحن في داخله لحين وصوله الى بيته حيث انفجر بوجه زوجته وهي النصر الاضعف في دائرة حياته الاسرية فتراه اسقط مشاعر التعنيف والاحتقان الشديدة وهكذا نجد ان هذه الآلية الدفاعية "الميكانزم"لها اثرها في كل حياتنا ولا يوجد احد في هذا الكون لم يستخدم هذه الحيلة الدفاعية ،ويقول عالم النفس"سيجموند فرويد"مؤسس التحليل النفسي ،يشير الاسقاط اولا الى حيلة لا شعورية من حيل دفاع الانا بمقتضاها ينسب الشخص الى غيره ميولاً وافكاراً مستمدة من خبرته الذاتية يرفض الاعتراف بها لما تسببه من الم وما تثيره من مشاعر الذنب ،فالاسقاط بهذه المثابة وسيلة للكبت اي اسلوب لاستبعاد العناصر النفسية المؤلمة عن حيز الشعور ويضيف "فرويد"ان العناصر التي يتناولها الاسقاط يدركها الشخص ثانية بوصفها موضوعات خارجية منقطعة الصلة بالخبرة الذاتية الصادرة عنها اصلاً،فالادراك الداخلي يلغى ويصل مضمونه الى الشعور عوضاً عنه في شكل ادراك صادر عن الخارج بعد ان يكون قد لحقه بعض التشويه. اذن الاسقاط Projection آلية نفسية شائعة يعزو الشخص بوساطتها او عن طريقها للاخرين احاسيس وعواطف ومشاعر يكون قد كبتها بداخله. ونلاحظ ان هناك العديد من الامثلة في حياتنا اليومية ونعايشها وندرك من خلالها سلوك الاخرين، ومن امثلة ذلك ان الرجل الذي يخون زوجته كثيراً ما يتهم زوجته بالخيانة ويشك فيها كثيراً او الزوجة الخائنة التي دأبت على كبت ميولها الى اقتراف الزنا،تصبح على درجة مبالغ فيها من الغيرة بحيث تتهم زوجها بالخيانة ويمكن ان تحدث اوهام الاضطهاد من خلال الشعور بالذنب الذي يحمل الشخص على تخيل الآخرين وكأنهم يتكلمون عنه ويلقون بالاتهامات عليه. وهناك العديد من الامثلة في حياتنا اليومية ويقول علماء النفس ان الافراد الذين يستخدمون الاسقاط هم اشخاص على درجة السرعة في ملاحظة وتجسيم السمات الشخصية التي يرغبونها في الاخرين ولايعترفون بوجودها في انفسهم ،ويظن الكثير من الناس ان هذه الاستراتيجية او"الحيلة الدفاعية"تقلل من القلق الناتج من مواجهة سمات شخصية مهددة،وتظهر هنا مرة اخرى آلية القمع او الكبت . وجد علماء النفس ان الافراد العدوانيين الذين لا يدركون مدى شرههم الجنسي حيث يلاحظون ذلك في الاخرين. ان آلية الاسقاط هي الية نفسية لا شعورية بحتة وهي عملية هجوم لاشعوري يحمي الفرد بها نفسه بالصاق عيوبه ونقائصه ورغباته المحرمة او المستهجنة بالاخرين،كما انها عملية لوم الاخرين على ما فشل هو فيه بسبب ما يضعونه امامه من عقبات وما يوقعونه فيه من زلات او اخطاء ،فيقول الشخص في لاشعوره : انا اكره شخص ما ولكني اقول هو يكرهني،هنا أريد ان اخفف من اثمي ومشاعري الدفينة تجاه ذلك الشخص ويقول علماء النفس اذا ما قارنا الاسقاط بالتبرير،وكلاهما حيل دفاعية يلجأ اليها الفرد فأننا نجد ان الاسقاط عملية دفاع ضد الاخرين في الخارج،اما التبرير فهي عملية كذب على النفس ويضيف علماء النفس ان الاسقاط اذا كان قائماً على شعور عنيف بالذنب ادى الى حالة اضطراب البرانويا او ما يصاحبه من هذاءات وهلاوس. ففي المرض العقلي"الذهان"يسقط المريض رغباته ومخاوفه على العالم الخارجي وفي الهذاءات يعتقد المريض ان زوجته تريد قتله لكي تسيطر على ثروته وترثه،ويعتقد ايضاً ان جميع الناس ضده ويريدون ان ينالوا منه،وهي مشاعر اسقاطية لا اساس لها في الواقع. ومن امثلة اسقاط المشاعر في حياتنا اليومية التي لا ندري هل تعيد التوازن الى النفس ام تكشف خفايا وحقيقة الشخصية،فالفرد الذي يخاف من نزعاته العدوانية والجنسية يصيب شيئاً من التخفف من قلقه حين ينسب هذه النزعات العدوانية والجنسية الى غيره من الناس،ولاشعوره يقول انهم هم الذين يميلون الى العدوان وهم الذين يفكرون بالاعتداء على الناس و..هم..لا انا. كما يعتقد،وهو اسقاط مشاعر دفينة في النفس يلصقها الفرد بالاخرين،ويرى"فرويد"ان الاسقاط حيلة نفسية ينسب فيها الشخص سماته الذاتية وعواطفه وميوله لموضوعات بيئته من اشخاص واشياء وازاء ذلك يقول "فرويد"فالاسقاط لا يقصر على كونه حيلة دفاعية وانما يفهم بالمعنى الواسع للفظه.
#اسعد_الامارة (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الشخصية الانطوائية
-
العقدة النفسية.. حقيقة ام وهم
-
الالتزام الديني ..بين الطاعة والطاعة العمياء
-
الدافعية واستجابة الانجاز
-
!!نحن .. بين السواء والسواء النسبي
-
الشخصية ..ما هي؟
-
الطبقة العاملة وهوية المجتمع الانساني
-
الدين ..عامل حسم ام صراع في النفس!!
-
العنف ...سرطان الحضارة المعاصرة
-
السلوك غير الاجتماعي لدى الاطفال
-
الشخصية الاعتمادية Dependent Personlity
-
التدين الجديد..التدين الوسواسي
-
العلاقة الزوجية ..اللذة وعبث الخلاص
-
الشخصية الهستيرية
-
الشخصية الانبساطية
-
الدماغ وسيكولوجية الادراك والتفكير
-
الاطفال والتشتت الذهني
-
الشخصية الناقصة -الضئيلة-
-
خطوات نحو التوافق النفسي
-
الشخصية الشيزية -الفصامية-
المزيد.....
-
الحكومة الإسرائيلية تقر بالإجماع فرض عقوبات على صحيفة -هآرتس
...
-
الإمارات تكشف هوية المتورطين في مقتل الحاخام الإسرائيلي-المو
...
-
غوتيريش يدين استخدام الألغام المضادة للأفراد في نزاع أوكراني
...
-
انتظرته والدته لعام وشهرين ووصل إليها جثة هامدة
-
خمسة معتقدات خاطئة عن كسور العظام
-
عشرات الآلاف من أنصار عمران خان يقتربون من إسلام أباد التي أ
...
-
روسيا تضرب تجمعات أوكرانية وتدمر معدات عسكرية في 141 موقعًا
...
-
عاصفة -بيرت- تخلّف قتلى ودمارا في بريطانيا (فيديو)
-
مصر.. أرملة ملحن مشهور تتحدث بعد مشاجرة أثناء دفنه واتهامات
...
-
السجن لشاب كوري تعمّد زيادة وزنه ليتهرب من الخدمة العسكرية!
...
المزيد.....
-
كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج
/ زهير الخويلدي
-
معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية
/ زهير الخويلدي
-
الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا
...
/ قاسم المحبشي
-
الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا
...
/ غازي الصوراني
-
حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس
/ محمد الهلالي
-
حقوق الإنسان من منظور نقدي
/ محمد الهلالي وخديجة رياضي
-
فلسفات تسائل حياتنا
/ محمد الهلالي
-
المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر
/ ياسين الحاج صالح
-
الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع
/ كريمة سلام
-
سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري -
/ الحسن علاج
المزيد.....
|