|
المجتمع الدولي يعزز الانقسام بالمجتمع المصري
محسن ابو رمضان
الحوار المتمدن-العدد: 4171 - 2013 / 8 / 1 - 15:20
المحور:
القضية الفلسطينية
" المجتمع الدولي يعزز الانقسام بالمجتمع المصري "
المراقب للمواقف الدولية تجاه الأحداث المصرية وخاصة الموقف الأمريكي والأوروبي يصل الي استنتاج ان هناك دفعاً من قبل تلك البلدان باتجاه تعزيز الفرقة والاختلاف والانقسام في بنية المجتمع المصري. فكيف يمكن تفسير المواقف المزدوجة، حيث يتم الاجتماع بالقوى التي أطاحت بالرئيس السابق د. مرسي، بما يشير إلى اقرار واعتراف تلك البلدان بالنظام الجديد حيث تعقد الاجتماعات مع وزير الدفاع الفريق السيسي وكذلك مع أعضاء الحكومة التي جرى تشكيلها كخطوة في اطار خارطة الطريق ، وفي نفس الوقت نجد أن مبعوثه الاتحاد الأوروبي كاترين آشتون تستقل طائرة عمودية خاصة لزيارة د. مرسي في سجنه وتمكث معه ساعتين ، تخرج بعدها بتصريح أنها تدين فض الاعتصامات بالقوة وتطالب بضمان الحق بالتظاهر والتجمع السلمي وكذلك الافراج عن القادة السياسيين بما يشير ولو بصورة غير مباشرة بضرورة الافراج عن الرئيس السابق د. مرسي بوصفه أحد القادة السياسيين ، إلى جانب العديد من قادة الاخوان الذين تم اعتقالهم ومنهم خيرت الشاطر ومحمد مهدي عاكف ،كما يتضمن هذا التصريح رفضاً لقرارات القضاء المصري الرامي إلى اعتقال قادة سياسيين آخرين من تنظيم حركة الاخوان المسلمين من ضمنهم المرشد محمد بديع . إن موقف آشتون يتكرر مع المبعوثين الأمريكيين الذين كرروا ذات العبارات التي ترفض استخدام العنف لفض الاعتصامات في اشارة إلى رفض اتخاذ اية أحراءات تجاه الاعتصام المستمر الذي تنظمه حركة الاخوان المسلمين في ميدان رابعة العدوية ، كما يستمر هؤلاء المبعوثون باللقاءات مع قادة الاخوان المسلمون، وفي نفس الوقت الذي يجرى التأكيد به بأن ما تم في مصر هي حالة استثنائية في مسار التطور الديمقراطي وأنه ليس انقلاب كما صدر عن الناطق باسم البيت الأبيض. يتضح مما تقدم ان السياسة الأمريكية والأوروبية تهدف إلى تكريس حالة من ازدواجية السلطة في مصر، حيث أن الاجتماع مع د. مرسي الذي ابتدأته آشتون سيستمر عبر زيارة العديد من السياسيين والدبلوماسيين له في سجنه الذي سيتحول تدريجياً مقراً للرئاسة أو المقر الوزاري للرئاسة الرسمية، حيث قام وفداً من لجنة الحكماء الافارقة بزيارته ايضاً في محبسه . إن زيارة د. مرسى تسير جنباً إلى جنب مع استمرار الاعتصام في رابعة العدوية والتي يزورها ايضاً العديد من الوفود الدبلوماسية، ويترافق مع تصعيد اللهجة الصادرة عن العديد من المنظمات الدولية والتي تطالب بالحوار والمصالحة وبعودة الاخوان إلى مكانه رئيسية في اطار المشهد السياسي المصري، علماً بان الإدارة الأمريكية وممثلين رسميين أوربيين كانو قد طالبوا وبعد احداث 30/ يونيو بالافراج الفوري عن الرئيس المعزول د. مرسي وتستمر اللغة الحقوقية الصادرة عن منظمات حقوق الإنسان بالتصعيد عبر المطالبة بمنع فض الاعتصام بالقوة وبمنع اعتقال القادة السياسيين وبالإفراج عن القادة الذين تم اعتقالهم ، بمعنى ان هذا الموقف لم يعد موقفاً رسمياً صادر من هذه الدولة أو تلك بل ايضاً موقف منظمات حقوق الإنسان والمجتمع المدني بالعالم. والسؤال هنا هل نظرية " الفوضى الخلاقة " التي كانت قد أطلقتها وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة رايس مطلوب ترجمتها بالمجتمع المصري، وذلك بالوقت الذي انهكت الفوضى العديد من البلدان منها سوريا والعراق وليبيا وغيرهم ، هل بات واضحاً ان المجتمع الدولي في مساعاة لتكريس ازدواجية السلطة يدفع باتجاه تعميق الاحتقان والتوتر والانقسام من اجل الوصول إلى " شرعيتين متنازعتين " بوسائل مختلفة ومنها وسائل القوة والعنف، بما يمهد إلى دخول مصر بداية الحرب الأهلية وبما سيهدد بالضرورة وحدة النسيج الاجتماعي الداخلي والذي سيؤدي إلى مزيداً من التشظى والشرذمة لماذا هذا الإصرار على التدخل السافر بالشأن المصري وبهذه الطريقة المكثفة عبر زيارة العديد من الدبلوماسيين والسياسيين الدوليين الذين غلباً ما تكون نتائج زيارتهم تعزيزاً لحالة الانقسام وتعميق التنافس على الشرعية، بما يثير سؤالاً مربكاً حول اياً من الشرعيات سيتعامل معها المجتمع الدولي هل هي شرعية الصندوق أم شرعية الحراك الشعبي الواسع والكبير الذي تم في 30/ يونيو والذي افرز حكومة انتقالية جديدة ؟؟. إن المدخل الانسب لمعالجة الأزمة المصرية لا يكمن بالرهان بالحصول على الشرعية من المجتمع الدولي الذي بات واضحاً أنه يدفع الاطراف المصرية إلى مزيداً من التفرقة والاختلاف بل يكمن في إدراك أهمية الحرص على المصلحة الوطنية المصرية وذلك من اجل مواجهة كافة الاطماع التي تتهددها من قبل المجتمع الدولي والذي يستهدف السيطرة على مصر ، لما تحتله من مكانة قيادية مميزة بالساحة العربية ، وهذا يتأتى من خلال نزول كافة الأطراف المتخاصمة عن الشجرة والبدء بحوار جدي يبدأ بإقرار عقد اجتماعي توافقي غير اقصائي ومبنى على المشاركة " دستور " وعلى فلسفة المواطنة المتساوية والمتكافئة التي تؤكد على ضمان حقوق الجميع بدون تمييز ، يترتب عليها انتخابات ديمقراطية، تحترم بها النتائج الصادرة عن صندوق الاقتراع . لقد أثبتت التجربة ان إدارة المرحلة الانتقالية بعد إسقاط الأنظمة الشمولية يجب أن تتم بصورة توافقية وبمشاركة كافة الأطراف وليس من خلال طرف واحد بعينه وعبر إقصاء الآخرين. وكما عانت قطاعات شعبية واسعة من سياسة التفرد والتي اتبعها الرئيس السابق مرسي ، وبالتالي فشل في إدارة شؤون البلاد ،فإن إدارة المرحلة الانتقالية ما بعد30/ يونيو لن تنجح هي الأخرى دون إشراك حركة الإخوان المسلمين جنباً إلى جنب مع باقي الفاعليات والفصائل في إدارة شؤون المرحلة الانتقالية بعيداً عن سياسية الاقصاء، حيث أن التوافق هو الشرط الضروري للبلدان التي تمر في مرحلة انتقالية إن بديل الحوار والمصالحة مزيداً من الاحتقان والتوتر بما يتيح للقوى المتنفذة دولياً من التدخل بالشأن المصري وصولاً لمحاولة اضعافه وتفكيكه من اجل السيطرة على موقعه وموارده ، بهدف إدخاله في مرحلة الفوضى التي ليست خلاقة بالمطلق .
#محسن_ابو_رمضان (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ماذا بعد قرار العودة للمفاوضات؟
-
بعد فشل الرهانات الكبرى هل من فرصة حقيقية للمصالحة ؟؟
-
التوافق الوطني هو المخرج الوحيد للازمة المصرية
-
30 يونيو - فشل سياسة الاقصاء هو الدرس الأهم
-
ستة سنوات على الانقسام المخاطر والتحديات
-
حملة المقاطعة بالمنظور الحقوقي والتنموي
-
مخاطر وانعكاسات مبادرة كسر الجمود
-
حماس التي نريد
-
من اجل استعادة البنية التشريعية الموحدة
-
دور منظمات المجتمع المدني في محاربة الفساد
-
المجتمع المدني الفلسطيني ودوره في تعزيز حركة التضامن الشعبي
...
-
نظرة تقيمية للمنتدى الاجتماعي العالمي
-
اسبوع مقاومة الابارتهايد فرصة لفضح ممارسات الاحتلال
-
حول الدور الرقابي المتبادل بين المنظمات الأهلية والحكومة
-
المنظمات الأهلية وتحديات التمويل
-
الانتفاضة الثالثة بين الموضوعي والذاتي
-
لقاء القاهرة - اجراءات تعيق القرارات
-
المصالحة في سياق فلسطيني ملتبس
-
سب التصدي لمشكلتي البطالة والهجرة لدى الشباب
-
عن الانقسام وحقوق الانسان مرة أخرى
المزيد.....
-
تحقيق CNN يكشف ما وجد داخل صواريخ روسية استهدفت أوكرانيا
-
ثعبان سافر مئات الأميال يُفاجئ عمال متجر في هاواي.. شاهد ما
...
-
الصحة اللبنانية تكشف عدد قتلى الغارات الإسرائيلية على وسط بي
...
-
غارة إسرائيلية -ضخمة- وسط بيروت، ووسائل إعلام تشير إلى أن ال
...
-
مصادر لبنانية: غارات إسرائيلية جديدة استهدفت وسط وجنوب بيروت
...
-
بالفيديو.. الغارة الإسرائيلية على البسطة الفوقا خلفت حفرة بع
...
-
مشاهد جديدة توثق الدمار الهائل الذي لحق بمنطقة البسطة الفوقا
...
-
كندا.. مظاهرات حاشدة تزامنا مع انعقاد الدروة الـ70 للجمعية ا
...
-
مراسلتنا: اشتباكات عنيفة بين -حزب الله- والجيش الإسرائيلي في
...
-
مصر.. ضبط شبكة دولية للاختراق الإلكتروني والاحتيال
المزيد.....
-
الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024
/ فهد سليمانفهد سليمان
-
تلخيص مكثف لمخطط -“إسرائيل” في عام 2020-
/ غازي الصوراني
-
(إعادة) تسمية المشهد المكاني: تشكيل الخارطة العبرية لإسرائيل
...
/ محمود الصباغ
-
عن الحرب في الشرق الأوسط
/ الحزب الشيوعي اليوناني
-
حول استراتيجية وتكتيكات النضال التحريري الفلسطيني
/ أحزاب اليسار و الشيوعية في اوروبا
-
الشرق الأوسط الإسرائيلي: وجهة نظر صهيونية
/ محمود الصباغ
-
إستراتيجيات التحرير: جدالاتٌ قديمة وحديثة في اليسار الفلسطين
...
/ رمسيس كيلاني
-
اعمار قطاع غزة خطة وطنية وليست شرعنة للاحتلال
/ غازي الصوراني
-
القضية الفلسطينية بين المسألة اليهودية والحركة الصهيونية ال
...
/ موقع 30 عشت
-
معركة الذاكرة الفلسطينية: تحولات المكان وتأصيل الهويات بمحو
...
/ محمود الصباغ
المزيد.....
|