|
إثنتان أرعبتا صداما وواحدة أرعبت صولاغا !
سهر العامري
الحوار المتمدن-العدد: 1194 - 2005 / 5 / 11 - 10:46
المحور:
الصحافة والاعلام
أعداء الحرف على سنة واحدة ، ومذهبهم التهديد والارهارب ، وأخشى ما يخشون هو القلم الحر الجريء الذي لا تأخذه في الحق لومة لائم ، فرغم كل الارهاب والموت ، والدمار ، والخوف الذي أنزله صدام على شعبنا الأبي ، المكافح ، لكنه لم يستطع أن يكم أفواه العراقيين الشجعان الذين نذروا أنفسهم لقول كلمة حق كلما توفرت وسيلة اعلامية ، نظيفة لهم ، وفي أي مكان كانت تلك الوسيلة ، ومع هول الخطر الرهيب الذي كان يحيط بهم ، وهم على بعد من وطنهم العراق ، فكم من مرة سمعنا فيها أزلام صدام ، وفي مقدمهم نعيم حداد ، يرددون من بغداد ، مهددين الكتاب العراقيين المتواجدين على أرض الله الفسيحة بقولهم : إن يد العراق طويلة ! لقد طالت تلك اليد القذرة بعضا من أصحاب الكلمة الشريفة ، فقتلت مخابرات النظام الساقط كاتبا هنا ، وآخر هناك ، ولكنهم لم يستطيعوا أن يوقفوا هدير اقلام الحقيقة التي ظلت تدوي من أجل خلاص الشعب العراقي ، والعراق من كابوس ظل جاثم على صدور الناس فيه . أنا واحد من مئات من الكتاب العراقيين الذين خدموا الحقيقة بقلمهم ، وما كانوا يريدون من وراء ذلك مغنما يغنمون ، ولا مركبا يركبون ، فالكثير منهم قد مناهم النظام المقبور الأماني ، وأراد أن يشتريهم بموال الناس التي سرقها من خزينة الدولة في العراق ، وكان يظن أننا سنموت من الجوع خارج العراق ، ولكننا لم نمت ، ولم نتوسل حزبا أو حركة أو نظام حكم من أجل لقمة عيش ، مثلما فعل الكثير من السياسيين الذين يحكمون العراق اليوم بمشيئة جند بوش الميامين ! نعم . لقد عملنا عمالا في صناعة الصابون المتخلفة ، مثلما عملنا في لحام الأساور ، ولكن أبت نفوسنا أن تستجدي أحدا ، مهما كان هذا الاحد ، مثلما أبت العيش كسالى على أموال صدقة ، أو خمس ، أو زكاة ، أو العيش بذل على اموال المخابرات الامريكية التي أحلها لانفسهم دعاة النزاهة ممن يتربعون على عرش العراق اليوم ، وراحوا بكل صلف يرفعون راياتها نفاقا ، ويتبجحون فيها باقوالهم زورا ، وهم الغاطسون حتى آذانهم في وحل الموبقات ، ويتصورون أن الناس في العراق لا تعرفهم ، ولا تعرف تاريخهم القريب ، وكيف كانوا يقفون قياما وبخشوع لشرطي مخابرات من شرطة الدول التي استضافتهم سنوات . ومع هذا التاريخ المشين تراهم اليوم ينفشون ريشهم كالطواويس ، يتهددون هذا ، ويتوعدون ذلك، وهم يعرفون ، وغيرهم يعرف حق معرفة ، أنهم جاءوا للحكم بقطار أمريكي مثل أسلافهم الذين ركلتهم جحافل الجيوش الامريكية باقدامها ركلة ما قامت لهم قائمة بعدها ، وربما لا يطول الوقت كثير بهؤلاء ليروا ركلة جديدة مثلها ، هذا إذا لم يعاجل شعبنا الأبي بركلهم بعد أن يكتشف أن هؤلاء لا يعرفون من الديمقراطية إلا مقالب غوار الطوشي ! وبث الدعايات السخيفة من أجل التنكيل بالآخرين ، وليس من أجل مصلحة شعب ووطن ، وإنما لمصلحتهم هم ، ومصلحة رفاقهم في اللوبي الايراني الذي تشكل بهدوء وتحت ظلال الديمقراطية الامريكية . في أول خروجنا من العراق ، وبعد أن هجرنا وطننا العزيز مكرهين ، نشرت أنا مقالة مطولة على صفحات جريدة 14 اكتوبر العدنية ، وتحت عنوان حقيقي ، ومثير هو : اثنان لا يموتان في العراق : النخل والحزب الشيوعي ! لقد هزت المقالة هذه جهاز مخابرات صدام في سفارته في عدن ، فهبوا الى شوارع تلك المدينة على عجل ، وقاموا بشراء جميع أعداد الجريدة البالغ عددها عشرة آلاف عدد من الاكشاك والمكتبات التي كانت تبيعها ، مما اضطر هيئة تحرير تلك الجريدة الى اتخاذ قرار فوري باعادة طبع عشرة آلاف عدد جديد ، وانزالها الى الشوارع ، مع عدم السماح ببيع اكثر من عدد واحد للشخص الواحد . لقد وصل الفزع من تلك المقالة الى بغداد ، وذلك بعد أن وصلت اعداد من تلك الجريدة لها ، فقد نقل لي محرر الصفحة الرياضية فيها ، المرحوم محمد فارع ، الذي كان في زيارة لبغداد وقتها طبيعة هذا الفزع ، والاثر الكبير التي القاه عنوان المقالة في نفس كل من قرأها هناك . أما المقالة الثانية التي أفزعت صداما فهي مقالة كتبتها هذه المرة من دمشق العاصمة السورية ، وتحديدا من بيت صغير في السيدة زينب كنت قد استأجرته بعد أن غادرت اليمن ، وساعتها نزل بي ضيف من العراق فجأة ، وهو واحد من أبناء مدينتي في العراق ، وعضو في حزب الدعوة الاسلامية ، وكان قد عبر الحدود السورية سيرا على الاقدام ، وقد حدثني عما حل بأهل مدينتي من دمار ، وكيف أكلت الحرب ، والاعدامات العشرات منهم . باشرت أنا كتابة تلك المقالة اعتمادا على المعلومات الدقيقة التي نقلها لي صديقي المذكور ، وكان الزمن ساعتها صيف سنة 1981م ، وبعد أن فرغت من كتابتها زينتها بالعنوان التالي : حصة ناحية الفهود من قادسية صدام ! لم يمض يومان وإذ المقالة مسطرة على صفحة ملحقة بجريدة طريق الشعب ، جريدة الحزب الشيوعي العراقي ، والتي كانت تصدر بأربعة صفحات فقط . كانت المقالة لدقة معلوماتها ، وصواب طرحها ، قد أرعبت صداما ، فراحت أجهزته تطارد الناس في تلك المدينة ، وتصب غضبها عليهم ، ظنا منهم أن المقالة خرجت منهم ، ثم وصلت الى الحزب الشيوعي الذي تعهد صدام لاسياده الامريكان بالقضاء عليه ، مثلما تعهد لهم نوري السعيد من قبل ، أو مثلما يحلم الواهمون اليوم بإزالته من جذوره ! ! رحلت أنا من سورية الى ليبيا ، ورحل صديقي الى بلد آخر كذلك ، لكنه بعد أشهر أرسل لي خبرا يطلب مني فيه عدم نشر أية مقالة عن مدينتنا الجنوبية ، وذلك لان صداما قد أقام قيامة أخرى بها بعد نشر مقالتي تلك ، والتي ، على ما يبدو ، قد أدخلت الرعب في قلوب صناديد القرن العشرين ! ولا أذكر أنني قمت بكتابة مقالة أخرى من ليبيا بعدها ، فقد أنصرفت الى عملي في التعليم حيث كنت اعمل في وظيفتين في اليوم الواحد ، ولكني قرأت مرة في احدى المجلات العربية الصادرة في العاصمة القبرصية ، نيقوسيا ، قصيدة للشاعرة سعاد الصباح الكويتية في مدح الطاغية صدام ، وذلك قبل أن يفرق صدام الكويتين أيادي سبأ . كانت سعاد تتغزل بصدام وجبروته في قصيدتها تلك ، وتنزل عليه أوصافا ما نزلت على أنسان ، فضلا عن شيطان ، قبله ، وكان عنوان القصيدة ، على ما أذكر ، يقول : أريد سيفا عراقيا ! بعد أن فرغت من قراءتها هاجت مشاعري ، وجال شيطان الشعر برأسي ، فطالما كان الموقف أبا للقصيدة ، وليس الشاعر أحيانا ، فكتبت قصيدة هجاء مقذعة بحق تلك الشاعرة ، وبالعامية العراقية ، وأرسلتها الى اذاعة يسار البعث العراقي في سورية ، فأذاعتها مرتين سمعتهما وانا في ليبيا . ومما أذكره من تلك القصيدة الاتي : ?ولي ?ولي اشما ت?ولي وفو? كل جرح العميق البينا صولي ?ولي سيف و?ولي نخله و?ولي حولي ** احنه نتمزل? ، يسعده ، وانت بولي ! لقد هجوت سعاد الصباح ، تماما مثلما هجوت في قصيدة من قبل رئيس الجمهورية العراقية ، عبد الرحمن عارف ، وامام مبنى رئاسة جامعة بغداد ، حيث احتشد آلالاف الطلاب في تظاهرة ضخمة ، مثلما احتشدت قوات عارف وعناصر مخابراته ، وذلك بعد الجريمة التي ارتكبتها تلك القوات بحق طلاب كلية التربية المضربين عن الدراسة ، والمتمثلة باطلاق النار عليهم ، وسقوط أربعة جرحى من بينهم ، كانت أغلب اصاباتهم في أرجلهم . ومما يعلق في ذاكرتي من تلك القصيدة البيت التالي : لا خير في هذا الشجاع وسيفه = = = إذ راح يقتل في بنيه ويعقرُ واليوم يريدنا صولاغ أن نسكت عنه ، وعن وزارته ، ويسألني فيما كنت قد كتبت مقالا ضد صدام من قبل ، وذلك عبر رسالة تهديد بلغتني من وزارته التي يقودها المستشار الامريكي ، وعلى شحط المسافة بيننا ، تلك الرسالة التي ذكرتني برسالة الزرقاوي التي هددني بها بقطع رقبتي من قبل ، والتي اودعتها عند الشرطة الدولية ( الانتربول ) قبل ثلاث شهور، وما كان في نيتي الحديث عنها لولا رسالة التهديد التي وصلتني من وزارة داخلية صولاغ على إثر مقالتي الاخير التي نشرتها لي بعض المواقع العراقية تحت عنوان : " البعثية " تهمة صارت تطارد العراقيين شيعة وسنة ! فوا أسفي على وزارات العراق التي صار يركبها كل من هب ودب ، وفوا أسفي على العراق وأهله حين صار اللوبي الايراني يلعب به وبهم ! -------------------------- * صرفت ( صولاغا ) بالتنوين مع أنه ممنوع من الصرف لعلتين : العلمية والعجمة ! ومعناه باللغة الفارسية : الثقب . ** الحولي : الطلي الذي مر عليه حول كامل .
#سهر_العامري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
البعثية تهمة صارت تطارد عرب العراق سنة وشيعة !
-
حلفوا بقسم مزور !
-
العراق في العهد الأمريكي !
-
مواعيد صولاغ !
-
الحكومة البتراء !
-
الموت خبط عشواء !
-
الكربلائيون يتظاهرون ضد الهيمنة الايرانية !
-
نطقت عن اليمن وصمتت عن الأحواز !
-
هكذا تكلم رامسفيلد !
-
ملا رسول : المثيولوجيا والواقع !
-
دولة على ظهر حمار !
-
اللوبي الإيراني : اجتثاث البعث أم اجتثاث العرب ! ؟
-
الأعجميان وفوضى الحكم في العراق !
-
البصرة وضراط القاضي !
-
شيوعيون في ضريح الامام الحسين !
-
الى وزير خارجية العراق ونوابه !
-
الجعفري بين الرضا الانجليزي والحذر الامريكي !
-
قراءة أخرى في نتائج الانتخابات العراقية !
-
التوافقية !
-
المقهى والجدل *
المزيد.....
-
رقمٌ قياسيّ لعملة فضية نادرة سُكَّت قبل الثورة الأمريكية بمز
...
-
أهمية صاروخ -MIRV- الروسي ورسالة بوتين من استخدامه.. عقيد أم
...
-
البرازيل.. اتهام الرئيس السابق جايير بولسونارو بالضلوع في مح
...
-
اكتشاف عمل موسيقي مفقود لشوبان في مكتبة بنيويورك
-
وزيرة خارجية النمسا السابقة: اليوم ردت روسيا على استفزازات -
...
-
الجيش الإسرائيلي يوجه إنذارا إلى سكان الحدث وحارة حريك في ال
...
-
أين اختفى دماغ الرئيس وكيف ذابت الرصاصة القاتلة في جسده كقطع
...
-
شركة -رايان- للطيران الإيرلندية تمدد تعليق الرحلات الجوية إل
...
-
-التايمز-: الغرب يقدم لأوكرانيا حقنة مهدئة قبل السقوط في اله
...
-
من قوته إلى قدرة التصدي له.. تفاصيل -صاروخ MIRV- الروسي بعد
...
المزيد.....
-
السوق المريضة: الصحافة في العصر الرقمي
/ كرم نعمة
-
سلاح غير مرخص: دونالد ترامب قوة إعلامية بلا مسؤولية
/ كرم نعمة
-
مجلة سماء الأمير
/ أسماء محمد مصطفى
-
إنتخابات الكنيست 25
/ محمد السهلي
-
المسؤولية الاجتماعية لوسائل الإعلام التقليدية في المجتمع.
/ غادة محمود عبد الحميد
-
داخل الكليبتوقراطية العراقية
/ يونس الخشاب
-
تقنيات وطرق حديثة في سرد القصص الصحفية
/ حسني رفعت حسني
-
فنّ السخريّة السياسيّة في الوطن العربي: الوظيفة التصحيحيّة ل
...
/ عصام بن الشيخ
-
/ زياد بوزيان
-
الإعلام و الوساطة : أدوار و معايير و فخ تمثيل الجماهير
/ مريم الحسن
المزيد.....
|