|
معركة السلطات المحلية: معركة على وجه ووجهة مجتمعنا
عايدة توما سليمان
الحوار المتمدن-العدد: 4171 - 2013 / 8 / 1 - 08:20
المحور:
القضية الفلسطينية
على الجبهة، الاطار القائد لمسيرة هذه الجماهير، مسؤولية من نوع خاص
ما أحوجنا الى العودة الى منابتنا الفكرية وجذورنا السياسية والتجدد في طرح البدائل الحقيقية لواقع مشوه وليس استنساخ هذا الواقع وتكريسه عن وعي أو بدون وعي
علينا تسييس المعركة الانتخابية واعادتها الى محك المواقف المبدئية والمرجعيات السياسية والكشف عن النجومية الزائفة والفردانية والمال السياسي وشراء الذمم
*اليوم ونحن مقبلون على معركة انتخابات محلية جديدة ترتفع فيها حرارة الساحات المحلية وتتراكم اسماء المرشحين في كل قرية ومدينة نتساءل هل ما زال في الافق وضوح لمعالم المعركة الانتخابية ارتكازا الى هذين الهدفين الاساسيين اللذين شكلا البوصلة في عملنا المحلي في السابق؟ أم أن غبار المعارك الشخصية والعائلية والطائفية الطاحنة يطغى على اعتباراتنا وخياراتنا وتحالفاتنا الانتخابية؟*
// عندما قررت الحكومة الاسرائيلية في بداية عهدها تأسيس السلطات المحلية العربية كانت تهدف الى تحويل هذه السلطات الى اداة ضبط وتحكم من بعيد بالجماهير العربية، بحيث تشكل وكيلا بين الحكومة والمواطنين العرب لتسيير الامور اليومية الخدماتية وتكون وسيطا يمتص غضب الجماهير على التمييز اللاحق بهم، ويتحول الى هدف لهذا الغضب مما يخفف من وطأته على السلطة المركزية – الحكومة. رغم وضوح أهداف المخطط السلطوي الا ان قيادة الجماهير العربية في تلك المرحلة – الحزب الشيوعي تحديدا وبعض الشخصيات الوطنية- رأت في اقامة هذه السلطات فرصة تنفّذ من خلالها هدفين مركزيين تحويل هذه السلطات الى ادوات تنظيم للجماهير العربية، سياسيا واقتصاديا واجتماعيا، ومن ثم تقديم الخدمات المباشرة للمواطنين ومنبرا لتحصيل حقوقهم من السلطات الرسمية. واليوم ونحن مقبلون على معركة انتخابات محلية جديدة ترتفع فيها حرارة الساحات المحلية وتتراكم اسماء المرشحين في كل قرية ومدينة نتساءل هل ما زال في الافق وضوح لمعالم المعركة الانتخابية ارتكازا الى هذين الهدفين الاساسيين اللذين شكلا البوصلة في عملنا المحلي في السابق؟ أم أن غبار المعارك الشخصية والعائلية والطائفية الطاحنة يطغى على اعتباراتنا وخياراتنا وتحالفاتنا الانتخابية؟ في زمن نحن نعلم علم اليقين أن السلطة تخطط وتبرمج بمنهجية واضحة لضرب ركائز المجتمع العربي في البلاد وتمارس سياسة تمييزية عنصرية وتهدف من خلال نهج " فرق تسد" الى التحكم بالجماهير وشرذمتها وتحويلها الى فئات متناحرة سياسيا وطائفيا وعائليا وطبقيا، من غير الطبيعي التعاطي مع ما يسيطر على اجواء المعارك الانتخابية بشكل متسامح أو المرور عليه مر الكرام . رأينا دوما في المعركة الانتخابية المحلية والقطرية زمنا وفرصة لادارة معارك سياسية بامتياز، تشحن الجماهير بالوعي السياسي والاقتصادي والاجتماعي، وتشحن الناس بالانتماء الوطني والمحلي باعتزاز وفخر ودون أي شكل من أشكال العصبية، وحيزا لطرح رؤية متكاملة تدمج بين ادارة المعارك أمام الحكومة وعكاكيزها وزلمها في مجتمعنا وضد مخططاتها لنهب الاراضي والتضييق على قرانا ومدننا ولتحصيل المزيد من الحقوق في الميزانيات والبرامج، وهي بدون شك فرصة لطرح نموذج جديد ومختلف لحكم مختلف يثور على انماط السلطة التقليدية والحكم السائد وكل ما يكرس الرجعية، نموذجا يقود الجماهير نحو مجتمع متماسك وطنيا واجتماعيا يصعب اختراقه ويلتف حول قيادته الوطنية ويعتمد مبادئ المهنية والشفافية والنزاهة الشخصية والمؤسساتية.
*"برايمرز عائلي"..!*
في هذه الايام ونحن نرى العائلات تجتمع تحت شعارات دمقرطة الانتخابات الداخلية (برايمرز عائلي) لضمان تمثيل عائلي، لا يقوده في غالبية الحالات، سوى تمثيل مصالح العائلة ويعزز في مداه البعيد والقريب ، الانتماء القبلي للمجموعة التي تجمعها رابطة الدم، وتحولها الى قطيع لا مكان فيه للخيارات الشخصية أو الانتماءات الفكرية أو الحزبية، وفي الوقت الذي يتناحر فيه اصحاب المصالح التجارية على شراء المواقع القيادية المحلية رغبة في السيطرة على احد المواقع الاقتصادية الهامة في مجتمعنا لمراكمة المزيد من المال الشخصي أو جريا وراء هيبة ومكانة اجتماعية مفقودة، ويجري تنحية الخطاب والبرنامج السياسي الذي يستند الى الضوابط الوطنية والمصلحة الجماعية لأهل البلد لحساب خطابات طائفية وحاراتية وفردية، لا بد لنا من وقفة تعيد حساباتنا بتوجه نقدي جريء. محاولات البعض من داخلنا بتعليل انزلاقنا في السنوات الأخيرة الى مهادنة بعض من هذه الاعتبارات واستعمالها في حساباتنا الانتخابية والوصول في بعض المواقع الى عقد التحالفات والائتلافات مع اطر عائلية ورجعية بأن هذا هو المجتمع وأن "الطوباوية والمثالية" لن تجدينا وقد تؤدي الى تراجع قوتنا الانتخابية هو محاولة لتعليل الخطأ بالخطأ كتفسير الماء بالماء . لقد جاء تشكيل الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة في العام 76 لبلورة بديل سياسي اجتماعي اقتصادي جامع لجميع القوى التقدمية والديمقراطية والوطنية في البلاد وخاصة بين جماهيرنا العربية. وطرحت الجبهة في بداياتها وما زالت تصورا متكاملا لشكل السلطة والمجتمع الذي نريد ونسعى له، هذا البديل الذي مكّننا من الانتصار الكبير في بلدية الناصرة ومن ثم في معظم المواقع التي خضنا فيها الانتخابات، لأن الناس كانوا يبحثون عن هذا البديل واقتنعوا بما قدمناه لهم. في المعارك الانتخابية نطمح الى زيادة قوتنا السياسية والانتخابية وعلينا سلوك نهج مرن في تعاملنا على الساحة السياسية ولكنْ بين هذا وبين التراجع عن المبادئ السياسية والمهادنة في البرامج الاجتماعية بون شاسع . اننا لا نسعى للوصول الى السلطة حبا بالسلطة ذاتها، وانما لنطوّعها اداة لتنفيذ برامجنا وأهدافنا ورؤانا على الصعد كافة. من هنا، فان أي تناقض في ممارساتنا مع هذه الاهداف والمبادئ بحجة انه يخدم وصولنا الى السلطة، مرفوض وغير مبرر وعلى المدى البعيد، وفي معظم الحالات، يتحوّل الى خلل يضعفنا ويقلل من فرصنا. نشهد في السنوات الاخيرة تراجعًا واضحًا في ثقة الجماهير بالقيادات والاحزاب والاطر السياسية، بعض اسباب هذا التراجع يعود الى حملات اعلامية مركزة تشارك فيها أحيانا وسائل اعلام عربية تعطي مساحات لجوقات التحريض السلطوية ضد الاحزاب السياسية والهيئات القيادية للجماهير العربية، ولكن لا بد أن نعترف ان اسبابا موضوعية مثل ترهل الاداء وتراجع العمل الشعبي وانحسار النقاش الفكري والسياسي والاجتماعي الذي يبرز التمايزات والاختلافات، موجودة وحقيقية . في اجواء من هذا النوع ما أحوجنا الى العودة الى منابتنا الفكرية وجذورنا السياسية والتجدد في طرح البدائل الحقيقية لواقع مشوه وليس استنساخ هذا الواقع وتكريسه عن وعي أو بدون وعي.
*مسؤولية خاصة على الجبهة*
هذه الايام وفي خضم تشكيل قوائم الانتخابات للسلطات المحلية يقع على الجبهة الدمقراطية للسلام والمساواة، الاطار القائد لمسيرة هذه الجماهير، مسؤولية من نوع خاص نلتفت اليها ونشدد عليها ليس لأن الآخرين لا يقعون في الاخطاء ولا تعتريهم الشوائب بل قد يكون العكس تماما ولكن لأننا نرى الدور الريادي للجبهة ولأنها البيت الوطني والسياسي لأوسع القطاعات الشعبية بين هذه الجماهير ولأنها صاحبة الرؤية السياسية والاجتماعية الأكثر تطورا وتقدما . هذه المسؤولية لا بد أن تتم ترجمتها الى محورين مركزيين : تشكيل قوائم تعكس الوجه النيّر والحضاري لمجتمعنا بمنأى عن العائلية والطائفية والانتماءات الضيقة، تمثل مختلف القطاعات المثقفة والوطنية والشابة والعاملة ، وتقدم نموذجا لمجتمع يحترم افراده جميعا ويقيّمهم بحسب عطائهم ومواقفهم، ولا بد أن ينعكس الامر في ترشيح نساء كفوءات قادرات في مواقع متقدمة من هذه القوائم لتحويل القائمة الى مقولة اجتماعية ومهنية لا تقبل المساومة أو المهادنة . المحور الثاني في تسييس المعركة الانتخابية واعادتها الى محك المواقف المبدئية والمرجعيات السياسية والكشف عن النجومية الزائفة والفردانية والمال السياسي وشراء الذمم وتحويل المعركة الانتخابية على السلطة المحلية الى معركة على تنظيم الجمهور والتفافه حول سلطته المحلية من أجل مقارعة مخططات السلطة المركزية - الحكومة اليمينية- واكتساب المزيد من الحقوق والخدمات اليومية للنهوض بقرانا ومدننا. ان النجاح على هذين المحورين لا يحتمل المسايرة ولا القطع والبتر في اللحم الحي من جهة أخرى، وهو نجاح محكوم الى رأي الغالبية داخل كوادرنا المخلصة ومن خلال شفافية تامة في المكاشفة والمحاسبة والانتقاد والانتقاد الذاتي وكل ذلك يحتاج الى اتساع الصدر والابتعاد عن الأنانية الشخصية والانصياع التام للمصلحة العامة ولما تقرره الكوادر، من أجل التخلص من الشوائب والوصوليين والانتهازيين الذين تسللوا الى الركب في غفلة من الزمان أو من الرفاق ومن أجل تحقيق النصر في المعركة على وجه مجتمعنا.
#عايدة_توما_سليمان (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
أفكار في النكبة
-
مقاطعة مسيرة العودة... بداية صراع أم اعلان هزيمة
-
قراءات أولية في الائتلاف الحكومي: حكومة المستوطنين والليبرال
...
-
يوم الارض، عبر وتداعيات
-
أنا لست... نسوية
-
تبقى المنارة والبوصلة
-
النقد المجتمعي والنسوي للصلحة العربية
-
الصفقة 38 - خلفيات ، أسباب وتداعيات والاهم أسئلة مفتوحة ...
-
جثة تبحث عن هوية
-
ما لم تفهمه يحيموفيتش حتى الآن..
-
أيلول - هل نحن مستعدون؟
-
اللُّعب بالسياسة باسم -النقاوة القومية-
-
مبادرة أيلول
-
البعد الشعبي المفتقد
-
الخيار الثالث وارد، وان بهظ الثمن
-
حل الدولتين وحلم الدولة
-
نضال العمال الاجتماعيين والدرس المُستفاد
-
اشكالية نسبة الفتيات العالية في -الخدمة المدنية-: إستغلال سل
...
-
التمثيل النسائي في العمل البلدي الجبهوي
-
غادرتنا ابتهاج خوري، العلم والمشهد العكي النابض بالحيوية وال
...
المزيد.....
-
السعودية تعدم مواطنا ويمنيين بسبب جرائم إرهابية
-
الكرملين: استخدام ستورم شادو تصعيد خطر
-
معلمة تعنف طفلة وتثير جدلا في مصر
-
طرائف وأسئلة محرجة وغناء في تعداد العراق السكاني
-
أوكرانيا تستخدم صواريخ غربية لضرب عمق روسيا، كيف سيغير ذلك ا
...
-
في مذكرات ميركل ـ ترامب -مفتون- بالقادة السلطويين
-
طائرة روسية خاصة تجلي مواطني روسيا وبيلاروس من بيروت إلى موس
...
-
السفير الروسي في لندن: بريطانيا أصبحت متورطة بشكل مباشر في ا
...
-
قصف على تدمر.. إسرائيل توسع بنك أهدافها
-
لتنشيط قطاع السياحة.. الجزائر تقيم النسخة السادسة من المهرجا
...
المزيد.....
-
الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024
/ فهد سليمانفهد سليمان
-
تلخيص مكثف لمخطط -“إسرائيل” في عام 2020-
/ غازي الصوراني
-
(إعادة) تسمية المشهد المكاني: تشكيل الخارطة العبرية لإسرائيل
...
/ محمود الصباغ
-
عن الحرب في الشرق الأوسط
/ الحزب الشيوعي اليوناني
-
حول استراتيجية وتكتيكات النضال التحريري الفلسطيني
/ أحزاب اليسار و الشيوعية في اوروبا
-
الشرق الأوسط الإسرائيلي: وجهة نظر صهيونية
/ محمود الصباغ
-
إستراتيجيات التحرير: جدالاتٌ قديمة وحديثة في اليسار الفلسطين
...
/ رمسيس كيلاني
-
اعمار قطاع غزة خطة وطنية وليست شرعنة للاحتلال
/ غازي الصوراني
-
القضية الفلسطينية بين المسألة اليهودية والحركة الصهيونية ال
...
/ موقع 30 عشت
-
معركة الذاكرة الفلسطينية: تحولات المكان وتأصيل الهويات بمحو
...
/ محمود الصباغ
المزيد.....
|