|
حقوق الانسان وحقوق البشر
هشام حتاته
الحوار المتمدن-العدد: 4170 - 2013 / 7 / 31 - 23:52
المحور:
حقوق الانسان
فى البداية لابد ان نفرق بين البشرى والانسانى من خلال الرحلة التطورية التى قطعها هذا الكائن عندما خرج من احد فروع الشجرة الداروينية متميزا عن سائر اقرانه بالعقل . نقول : الطب البشرى ، ثم نقول : العلوم الانسانية فالطب البشرى هو المعنى بالجسد الذى تتساوى فيه مكونات جميع الاعضاء بين بشر وآخر سواء خارجيا ( الرأس والرقبة واليدين والصدر والبطن والاعضاء التناسلية ثم الساقين وصولا الى القدمين ) أو داخليا ( المخ والقلب والمعده والامعاء والشرايين والعظام ........... الخ ) اما العلوم الانسانية فهى ( علم النفس والفلسفة والمنطق والتاريخ وعلم الاجتماع بكافة فروعه والفنون والاداب بكافة انواعها.......... الخ ) أو هى مجموع العلوم والاختصاصات التي تتناول النشاط البشري من العلوم الاجتماعية إضافة الى الانسانيات فما فيها الفنون .
1) نستطيع ان نقسم رحلة البشر التطورية الى ثلاثة مراحل رئيسية : ** المرحلة الاولى بدات عندما استطاعت احدى فصائل القردة العليا الانتصاب على القدمين ثم ممارسة العمل الواعى فى قطف الثمار وتخزينها واستعمال الاحجار بعد شحذها وصقلها فى صيد الحيوان معتمدا على يدية بدلا من انيابه ومخالبه . وفرضت عليه ظروف مجابهة الحيوانات المفترسة فى الغابة ان يعيش فى قطيع بشرى مشابه للقطيع الحيوانى الذى خرج منه توا .
**المرحلة الثانية : اكتشاف النار وطهى الطعام واتخاذ الكهوف سكنا واستعمال جلود الحيوان فى ملابسه وستر عوراتة واتقاء البرد
** المرحلة الثالثة بدأت مع البشر العاقل وهو اقرب مايكون الى البشر الحاليين تشريحيا فى شكل الفك واليدين والقدمين متمثلا فى بشر نياندرتال أحد أنواع جنس الهومو الذي استوطن أوروبا وأجزاء من غرب آسيا وآسيا الوسطىوالتى ظهرت اولى آثاره فى أوروبا لحوالي 350,000 سنة مضت لينقرض قبل حوالي 24,000 سنه ن يقابلة بشر جاوا وبكين فى نفس التوقيت ، ليظهر بعدها انسان جديد يغزو اوروبا قادما من افريقيا عاش البشر كل تلك المراحل التطورية التى يقدرها علماء الانثربولوجيا زمنيا مابين 1,5 : 2 مليون سنه فى التنقل والترحال داخل القطيع والذى نتقل فيما بعد من صلة النوع الى صلة الدم دون ان يعرفوا اى مفهوم للمواطنه ودون اى اسهامات فى الحضارة الانسانية
2) بداية الانسنة : ( اتحدث هنا عن منطقة الشرق الاوسط ) بعد انتهاء العصر المطير وبعد ان شقت مياه الامطار القادمة من افريقيا طريقها شمالا لتصب فى النهاية فى البحر الابيض حاملة الغرين ( الطمى ) ليختلط برمال الصحراء على جانبى النهر المتوسط مما ساعد على خصوبة الارض وقابليتها للزراعة وكذا فى سوريا والعراق بنهرى دجلة والفرات القادمين هذه المره من الشمال حيث سهول الاناضول الى الجنوب حتى مارا بسوريا والعراق لينتهى فى بحر العرب لتتكون المشتركات القروية الاولى والتى انتهت بالدول المركزية او الدول المدينية ، ومع الاستقرار وفائض الانتاج الزراعى بدأت البلاد النهرية خطواتها الاولى نحو الانسانية والحضارة باختراع الكتابه والتدوين واكتشاف قوانين الفلك والهندسة والرسم والنحت وسائر الفنون وبداية القانون الاخلاقى والبداية الاولى لمفهوم المواطنة المرتبط بالارض . وتركت اهل الصحراء يعيشون الحالة البشرية الاولى فى الانتماء الى القبيله والارتحال بحثا عن مواطن الكلأ والماء فـ ( وطنى قبيلتى ) ومرت الانسانية فى صراع طويل بينها وبين البشرية ، ولم تستطيع الاديان الابراهيمية الثلاثة ان تتوافق على مفهوم مشترك للالوهية ومفهوم مشترك للايمان ، وتضع اللبنات الاولى للحضارة الانسانية نجد ان معظم حروب العالم منذ ظهور هذه الاديان وحتى الان فى قتال دائم سواء بين معتنقى الدين الواحد بمذاهبه المتعددة او بين الاديان الاخرى . والى من يتغنى بالحضارة الاسلامية ويطلقها على الامبراطورية العربية البدوية التى احتلت نصف العالم القديم وجب عليناان نوضح بايجاز مفوما مختصرا للحضارة ( فالحضارة هى قدرة الانسان على صنع وتقديم مايخفف الام البشر ويقلل من معاناتهم امام الطبيعه من العلوم والفنون والاداب ، ويلبى الحاجات المتزايدة للانسان ويجيب على تساؤلاتهم المشروعة بطريقة علمية منطقية ) فهل قدمت الاديان اى من هذه القيم ؟ وبجانب الجينات المتوارثة من حق القوة وحق الاعتداء التى مر بها الجنس البشرى قبل ان ينتقل الى المرحلة الانسانية ، زادت الاديان الموقف اشتعالا وقضت المسيحية على البواكير الاولى للفسلفة اليونانية كما قضى الاشاعرة والحنابلة على البواكير الاولى للفلسفة العربية فى عاصمة الخلافة الاسلامية ببغداد متمثلا فى المعتزلة . واستمرت الانسانية وهى تحمل بعض من جذورها الحيوانية والبشرية الاولى ننراوح بين حق القوه (من المرحلة البشرية ) وقوة الحق ( مع بداية المرحلة الانسانية ) حتى قيام الثورة الفرنسية 1789 بمادئها الانسانية الرفيعه ، وهنا بدات الارهاصات الاولى للحضارة الانسانية الرفيعة متصادمة مع المخزون الحضارى القديم ، ليصل الصدام الى قمته متمثلا فى الحربين العالميتين الاولى والثانية وتنتهى بمقتل مالاقل عن ثلاثين مليونا من البشر . ومن بين النار والدم يظهر الى الوجود الميثاق العالمى لحقوق الانسان الصادر عن الامم المتحدةعام 1945 ليضع نهاية للصراعات الدينية والقبيلة والعرقية وتبدا الحضارة الانسانية الحديثة بكل ما انتجته من علوم وفنون وآداب . فهل جماعة الاخوان المسلمين والسلفيين الذين يتنادون الان بحقوق الانسان اى اسهامات فى هذه الحضارة التى انتجت هذه الحقوق ؟ وهل منظومة حقوق الانسان الراقية يمكن تطبيقها والتعامل بها مع مجموعات بشرية لم تراوح حتى الان مكانها فى سلم التطور ووقفت عند المرحلة البشرية دون ان تدخل الى المرحلة الانسانية ودون ان تعترف بالانتماء الوطنى وتستعمل العنف والقتل والترويع تجاه الاخر المختلف معها دينيا او عرقيا اوسياسيا ؟ اخطا الغرب ( اوروبا الغربية وامريكا ) كثيرا عندما عاملوا الهاربين من االاحكام العسكرية التى صدرت ضدهم فى اواخر فترة السادات واوائل حكم حسنى مبارك بمعايير حقوق الانسان التى يطبقونها فى بلادهم . كانت هذه الدول لاتعترف بالمحاكم العسكرية ولا بالقوانين الاستثنائية التى حوكت بها هذه الجماعات فى بلادها ، وكثيرا ما طالب حسنى مبارك الغرب بعدم ايوائهم وحمايتهم حتى ان الاعلام المصرى خرج وقتها ليروج ان الغرب يستبقيهم عنده من اجل الضغط على الحكومة المصرية ورعايتهم واعدادهم ليصلوا الى سدة الحكم فى بلادهم ويكونوا عونا للغرب ، وحدث رد الجميل على الطريقة الاسلامية الاصولية بالتفجيرات التى اصابت امريكا ولندن ومدريد وعدة مناطق اخرى تصديقا لمقولة زعيم الانصار فى العهد النبوى لاتباع محمد ( سمن كلبك يأكلك ) . لقد تعامل الغرب برومانسية حقوق الانسان لبشر خارج المنظومة الانسانية ومازالوا يعيشون فى المرحلة البشرية قبل الرقى الانسانى ويمارسون قانون حق الاعتداء البدوى المعروف . فى تعاملنا مع هذه الجماعات لابد لنا ان نفرق بين حقوق الانسان التى كانت افرازا للجدل البشرى مع الواقع خلال رحلته التطورية من المرحلة البشرية الى المرحلة الانسانية وبين من لايزال يعيش فى المرحلة البشرية الاولى وكل انتماءاته للقبيلة او الشيخ ام المرشد وليذهب الوطن الى الجحيم .
#هشام_حتاته (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
خواطر رمضانية ( الحلف الثلاثى واللواء صلاح حتاته والاخوان )
-
ردا على مقالة خير اجناد الارض للزميل يونس : نعم .. مصر خير ا
...
-
كيميت تنهض من جديد وحورس يحلق فى سمائها
-
العودة للقرابين البشرية فى أبو النمرس
-
ردا على مقالة خير اجناد الارض للزميل يونس : نعم .. مصر خير ا
...
-
( حور محب - السيسى ) هل يتكرر التاريخ ؟
-
مرسى بين ايزيس المصرية والبعولة العربية
-
القول الاخير فى سباق الاسلمة والتنصير
-
الاخوان بين السندان الامريكى والمطرقة السلفية
-
مرسى بين سخرية القدر وسخرية المصريين
-
ردا على مقال زميلى الاستاذ / لطيف شاكر
-
مرسى وشرعية الصندوق
-
تأملات فى الشخصية المصرية : الرجل الفهلوى
-
حول لقاء ( مرسى – الليثى ) واشكالية الحكم الدينى
-
هل يطيح الجيش المصرى بحكم الاخوان ؟
-
تاملات فى الشخصية المصرية : الابن العاق 2/2
-
الى السيد اوباما : الاخوان على خطى الحبيب
-
مرثية وطن .. قبيل الرحيل
-
جحافل الامن المركزى واليد الحديدية
-
ماعادت نساء مصر من لعب ولا رجالها لمن غلب
المزيد.....
-
ماذا يعني أمر اعتقال نتنياهو وجالانت ومن المخاطبون بالتنفيذ
...
-
أول تعليق من أمريكا على إصدار مذكرتي اعتقال بحق نتنياهو وغال
...
-
الحكومة العراقية: إصدار المحكمة الجنائية الدولية مذكرات اعتق
...
-
العفو الدولية: نتنياهو بات ملاحقا رسميا بعد مذكرة المحكمة ال
...
-
البيت الابيض يعلن رسميا رفضه قرار الجنائية الدولية باعتقال ن
...
-
اعلام غربي: قرار اعتقال نتنياهو وغالانت زلزال عالمي!
-
البيت الأبيض للحرة: نرفض بشكل قاطع أوامر اعتقال نتانياهو وغا
...
-
جوزيب بوريل يعلق على قرار المحكمة الجنائية الدولية بحق نتنيا
...
-
عاجل| الجيش الإسرائيلي يتحدث عن مخاوف جدية من أوامر اعتقال س
...
-
حماس عن مذكرتي اعتقال نتنياهو وغالانت: سابقة تاريخية مهمة
المزيد.....
-
مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي
/ عبد الحسين شعبان
-
حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
-
فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة
/ زهير الخويلدي
-
المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
-
نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا
...
/ يسار محمد سلمان حسن
-
الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
-
نطاق الشامل لحقوق الانسان
/ أشرف المجدول
-
تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية
/ نزيهة التركى
-
الكمائن الرمادية
/ مركز اريج لحقوق الانسان
-
على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
المزيد.....
|