أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - ميرزا حسن دنايي - البعد السايكوسوسيولوجي في نظرة الشارع الكوردستاني للسياسة المعاصرة














المزيد.....

البعد السايكوسوسيولوجي في نظرة الشارع الكوردستاني للسياسة المعاصرة


ميرزا حسن دنايي

الحوار المتمدن-العدد: 1194 - 2005 / 5 / 11 - 10:22
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


الشارع الكوردستاني يختلف عن المجتمعات الاخرى، شارع يمكن أن يوصف أنه الاكثر عاطفية متأثراً بالحدث السياسي، والاكثر انجراراً وراء تقلبات السياسة، فالتغييرات على الساحة تخلق تحولات جذرية في نفسيته، وهي عادة تحولات غير ثابتة يمكنها أن تنقلب مئة وثمانون درجة.
وهذا ما كان يحدث دوماً وهذا ما نلاحظه هذه الايام، أثناء الإستماع إلى آراء الناس في مناقشاتهم حول مفاوضات القيادة الكوردية في اقليم كوردستان، والتي لم تنجح لحد الان في توحيد الصفوف. فكان لذلك تأثيراً عاطفياً خطيراً على الكثيرين. في الوقت الذي لم نلاحظ في ثقافة الحزبين الرئيسيين أية إجراءات إعلامية تظهر الحقائق، أو تبين على الاقل أن طبيعة وآلية التفاوض ليست دليلاً على أن هذا الخلاف بينهما جذري وإنما خلافات شكلية.
فالحزبان الرئيسيان مع الاسف، رغم وعيهما السياسي يتركان مناصريهما في نار هائجة، إن لم نقل في نار الحقد على (الطرف الاخر). والسبب في ذلك لأن الثقافة الحزبية غير ناضجة، وتنطلق من مبدأ الخوف من أن يبدل المؤازر ولاءه إذا ما ذكرت محاسن الطرف الآخر، فتظل التقاليد الحزبية تدور حول أخطاء الآخر، بل وتفسر كل شئ (آخر) على أنه خطأ.

ولو عالجنا الموضوع بطريقة نفسية-تحليلية، نلاحظ أن للكوردستانيين تراث غير محبوب في الانجرار وراء أي خَبَرٍ بعاطفةٍ جياشة. فالتركيبة السايكوسوسيولوجية لسكنة الجبال هي انهم سريعوا الانفعال وتنجرح مشاعرهم بسرعة، وتعود أسباب هذه الخاصية بالدرجة الاولى إلى عوامل بيئية وطبيعية يعيشونها. فنقاء الهواء والماء والخضرة الدائمة وانتشار ألوان الورود هي من مميزات المحيط البيئي، التي تخلق في نفسية الفرد سعياً دائماً وراء المثالية أو السمو، وتترسخ تلك الميزات كعناصر نفسية مقارنة في العقل الباطن. ولايشعر الانسان (الكوردي) الجبلي بنفسه، إلا وهو ينظر إلى الحياة ويتعامل معها من هذا المنطلق، فتراه يثور بسرعة كلما أحس بإن الواقع لاينطبق على مثاليته (الباطنية). ونستطيع أن نقول أن هذه الناحية في شخصية الكوردي ناحية هدامة تلعب فيها الغرائز البدائية الدور الأكبر، بعيدة عن مقاسات العقل (الانا –حسب تعبير علم النفس التحليلي).
ومن هنا أيضا كانت معظم أخطاء الشعب الكوردي التاريخية، وخاصة الاقتتال الاخوي. فالعاطفة الآنية والانفعال الوقتي مع أي حَدَثٍ لم يكن يطابق مثالية (مزعومة) كانت دوماً العامل الاول للخلاف الذي يخرج من سيطرتهم. والشارع كان يتفاعل بإخلاص عاطفي مع (قيادته)، التي هي نفسها جزء من تلك العاطفة –الغير مسيطر عليها-.

مشكلة الشارع الكوردي اليوم لاتختلف عن مشكلته قبل اربعمئة عام، فبالرغم من أن قيادة الحزبين الاتحاد والبارتي قد اثبتتا للعالم انها ليست أقل حنكة وقوة نوعية من أي تيار متنفذ في الشرق الاوسط عامة والعراق بالذات، وقد اثبتت القيادة انها تستطيع أن تجلس جنباً إلى جنب مقابل المفاوض الغير كوردي، ولكن الشارع المؤيد لهاتين القيادتين لم يرتقي إلى ذلك المستوى بعد. ومن السهل أن يكون –بتركيبته وتوجهاته الحالية- ضحية أية سياسة خاطئة، فيدخل في نفس الجُحر الذي وقع فيه مئات المرات. لأن هذه التركيبة النفسية تنظر إلى قياداتها وإلى الأحزاب التي تناصرها نظرة قدسية، وتنظر إلى الماضي بكل جروحه وأخطاءه نظرة أكثر قدسية. مما يوقعها في فخ الانجراف العاطفي كعاشق أو حاقد، بدلاً من مؤيد أومعارض عقلاني. والماضي بالنسبة للشارع الكوردستاني هو القوت اليومي، وهو المصدر والمعيار الوحيد لتقييم الواقع والمستقبل. فالرؤية الذاتية لشئ أو طرف مقابل، حتى لبعض السياسيين أحياناً، تنطلق دوماً من تحليل خاطئ لتاريخ ذلك الشئ وحده دون تقدير لعامل الزمن، أو بالاحرى (متغيير الزمن). لأن نفسية الانسان الكوردي لاتقبل العملية الرياضية-الفيزيائية التي تحسب دوماً (متغيير الزمن) ضمن المعادلة. فالكورد يحسبون معادلاتهم دون متغييرات ودون الاعتراف بها، لأن الزمن عندهم متوقف عند حدث ما. فالشخص أو الحزب الذي قام بممارسةٍ ما في تاريخه، سواء كانت تلك الممارسة إيجابية أو سلبية، يقاس دوماً ومهما بَعُدَ ذلك الماضي، ومهما جرت المتغيرات والاحداث اللاحقة، يظل دوماً محسوباً ضمن تلك المعادلة القديمة ووفق ذلك المنظور القديم، فينظر الكورد إلى ذلك الشخص أو ذلك الحزب من تلك المعادلة بسلبيتها أو إيجابيتها. ولهذا أيضا يكون ولاء الشارع الكوردستاني لسياسييه المعاصرين ولاءاً يعتمد على الماضي أكثر منه إلى الحاضر أو ما قد يقدموه للمستقبل.

إن هذه المسألة ليست دقيقة فحسب، وهي وإن كانت الأحزاب الان مستفيدة منها، إذا ما حسبناها من أجل الولاء الدائم، ولكنها خطيرة ومن المفروض العمل على تغييرها بأساليب أكاديمية صحيحة. فالشعوب التي تسعى إلى النمو الحضاري، تحاول دوماً أن تستفيد من تجاربها، وتغيير نفسها وفق تلك التجارب، على عكس الشارع الكوردي البسيط الذي يملك حساباته الثابتة التي لاتتغير مع الزمن.

ولهذا فأن القيادة الكوردستانية اليوم وبتوفر كل هذه الامكانيات الهائلة ملزمة بنشر الوعي المدني بين أبناء الشعب، وملزمة بتأسيس مراكز بحوث ودراسات نفسية-اجتماعية، وملزمة بأن تأخذ بآراءها ومقترحاتها وتنفذ حلولها للمعالجة، وإلا فإن هناك قنبلة موقوتة مزروعة في قلب كل انسان كوردي، خاصة في ظروف التخلف المتجذر في أركان المجتمع، وبوجود فجوات خلقت نتيجة أخطاء سياسية تمتد منذ تاريخ الصراع الصفوي-العثماني ومرورا بالثورات الكوردية المتلاحقة وانتهاءا بصراعات القيادات الكوردية في كوردستان المعاصرة. لأن القيادة المعاصرة بذلك فقط سوف تضمن شعباً يخطو بخطواته إلى أمام دون خوف من صدمات، تأتيه من الخارج والداخل.

_________________________________________________________
باحث دكتوراه في كلية الطب جامعة يينا- المانيا




#ميرزا_حسن_دنايي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ضوء على كلمة حاجم الحسني: بئس ذلك البرلمان الذي يستكنف رئيسه ...
- لا للفيدرالية الغربية قبل حل مشكلة الاقليات في الموصل
- هل الجدل القائم بين المثقفين العراقيين حول القضية الكوردية س ...
- هل كان اغتيال الحريري المسمار الاخير في النعش السوري؟
- على هامش الانتخابات والتصويت: تساؤلات وحيرة في الوقت الضائع
- قراءة في أحداث الموصل: هكذا تحولت مدينة السلام إلى مدينة الر ...
- الحلقة الناقصة في الديمقراطية العراقية: أحزاب لم تناقش منهاج ...
- مذكرة من أجل تثبيت حقوق الاقلية الدينية للكورد الايزيديين وح ...
- مراحل التحول السايكوسوسيولوجي وتأثيرها في مستقبل العراق


المزيد.....




- -حالة تدمير شامل-.. مشتبه به -يحوّل مركبته إلى سلاح- في محاو ...
- الداخلية الإماراتية: القبض على الجناة في حادثة مقتل المواطن ...
- مسؤول إسرائيلي لـCNN: نتنياهو يعقد مشاورات بشأن وقف إطلاق ال ...
- مشاهد توثق قصف -حزب الله- الضخم لإسرائيل.. هجوم صاروخي غير م ...
- مصر.. الإعلان عن حصيلة كبرى للمخالفات المرورية في يوم واحد
- هنغاريا.. مسيرة ضد تصعيد النزاع بأوكرانيا
- مصر والكويت يطالبان بالوقف الفوري للنار في غزة ولبنان
- بوشكوف يستنكر تصريحات وزير خارجية فرنسا بشأن دعم باريس المطل ...
- -التايمز-: الفساد المستشري في أوكرانيا يحول دون بناء تحصينات ...
- القوات الروسية تلقي القبض على مرتزق بريطاني في كورسك (فيديو) ...


المزيد.....

- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي
- فلسفات تسائل حياتنا / محمد الهلالي
- المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر / ياسين الحاج صالح
- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام
- سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري - / الحسن علاج


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - ميرزا حسن دنايي - البعد السايكوسوسيولوجي في نظرة الشارع الكوردستاني للسياسة المعاصرة