قاسم حسين صالح
(Qassim Hussein Salih)
الحوار المتمدن-العدد: 4169 - 2013 / 7 / 30 - 23:30
المحور:
الصحة والسلامة الجسدية والنفسية
ما من أحد منّا لا يحب أن يعجب به الآخرون.هذا يعني أنّ في داخل كلّ واحد منّا حاجة نفسية للأعجاب.وربما كانت هذه الحاجة فطرية ايضا ،بدليل انها توجد لدى حيوانات وطيور..تمارس نوعا من الاستعراضية بهدف جعل الطرف الآخر يعجب به..كنفش الطاووس ريشه لأنثاه وزقزقة العصفور بطريقة خاصة امام عصفورته!.
والمدهش ان هنالك فروقا نفسية وفسلجية بين الاعجاب والحب.فأنت تبتسم اذا نظرت في عيون الشخص المعجب به ،فيما يحمّر وجهك خجلا اذا نظرت في عيون من تحب..وينشط قلبك قليلا حين ترى معجبا به،فيما تزداد دقات قلبك حين تلتقي بمن تحب، وتتألم لألم المعجب به لكنك تحزن لألم من تحب.
والشائع اننا نميل الى الاعجاب بالأشخاص الذين لهم قيم واتجاهات وشخصيات متشابهة معنا،لأن هذا التشابه يمنحنا متعة المشاركة بالمسّرات ، ويزيد من احساسنا بالثقة بأنفسنا. وتشير الدراسات الى اننا نشعر بالارتياح لمن يعجبون بنا ونعتقد انهم مخلصون، وان حالات الاعجاب بالأفراد الذين يصعب تكوين علاقة معهم تكون افضل واطول ديمومة مع الذين تأتي العلاقة معهم سهلة،وان الاعجاب يقوى بنفس الدرجة حين يتزايد تدريجيا بين الطرفين.
ورغم أن الاعجاب حاجة نفسية تثير المتعة لدى الفرد والاحساس بمعنى وجوده،فان الخطر فيه يكون عندما يتحول اعجاب الفرد بنفسه الى حاجة عصابية يصبح حاله فيها كحال جهنم..يسألونها :هل اكتفيت؟ تقول هل من مزيد!.فان كان قدرك قد اوقعك بحب امرأة معجبة بنفسها فانها لا يكفيها منك ان تتغزل بجمال عينيها بل تستحثك على ان تقول المزيد فتنتشي حين تقول لها:ان سحر جميع العيون الجميلات اجتمع في عينيك..وستتألق فرحا لو قرأت لها قصيدة السياب:عيناك غابتا نخيل ساعة السحر،او اسمعتها ما رقّ وحلّق من شعر نزار قباني!.
والمعجب بنفسه غير الواثق من نفسه..والفرق، أن الثاني يقيّم صفاته وقدراته بموضوعية ويعترف بما يجهله ويأتي احترام الآخرين له تلقائيا ،فيما المعجب يضخّم قدراته ويعظّم صفاته ويدّعي انه يعرف كلّ شيء،ويطلب من الآخرين ان يحترموه..ولهذا يبتعد عنه من حوله لأنه (شايف روحه) بتعبير العراقيين.
وننبه الى أن الاعجاب الزائد بالنفس يبدأ في مرحلة المراهقة ويشيع بين الفتيات المراهقات اكثر، وانه ما لم يتم ترويضه من قبل الأهل والمدرسة بأساليب ارشادية فانه قد يتطور الى حاجة عصابية ويصبح مرضا نفسيا لا يشعر به صاحبه الا حين يصبح راشدا.
ومن يدري..فقد يكون بين قرّاء هذا الموضوع من هو مصاب به.فان كنت تعتمد كثيرا على التطمين المتواصل من الآخرين ،الذي يأتيك بشكل اعجاب او استحسان أو رياء،وان كنت تتحاشى الأوضاع او المواقف التي لا تشير اليك بالاعجاب او التميز،ويغيضك ان ترى غيرك احسن او اكفأ منك..او تحسده..فتلك بعض اعراض هذا المرض..عافاك الله منه.
#قاسم_حسين_صالح (هاشتاغ)
Qassim_Hussein_Salih#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟