|
الإعلام السلطوي والوجه الآخر للسقوط
طلال سيف
كاتب و روائي. عضو اتحاد كتاب مصر.
(Talal Seif)
الحوار المتمدن-العدد: 4169 - 2013 / 7 / 30 - 17:20
المحور:
الصحافة والاعلام
الإعلام السلطوي والوجه الآخر للسقوط
يظل الرهان على الإعلام التجاري ، كمن يراهن على صاحب " سوبر ماركت " أن يبيع بضاعته بالمجان . فالإعلام التجاري أو الحر كما يحلو لك أن تسميه ، ما هو إلا وجه مماثل للشركات والمؤسسات الربحية ، التي لا يعنيها سوى الربح ، بأي ثمن وبأي بضاعة مباعة ، طالما أن السوق يستوعب تلك البضائع الرخيصة أو الثمينة المهم فى النهاية ما يحققه صاحب قناة الاتصال من ربح مادي مباشر أو غير مباشر ، كربح سياسي يتحول بفعل التراكب على ظهر السلطة إلى ربح مادي ، ولا لوم على هذه القنوات ، طالما أن هذه طبيعة عملها ، فمن الجنون أن تطالب صاحب " كباريه " أن يقدم اللبن والسواك لرواد المرقص ، ولطالما أيضا أنه لا يوجد فى عالمنا العربي محض منمنمات أخلاقية فى شكل ميثاق شرف إعلامي ، يوازيه مجموعة قوانين فاعلة ، لمن يتعدى تلك الحدود المتعارف عليها فى العالم بأسرة . وهذا لا يعني بأي حال من الأحوال أن جميع هذه المحطات رأس ماليه طفيلية . لكن أيضا لا يمكن أن تقنع عاقلا أو مجنونا أن الرأسمالية الوطنية العاملة فى هذا المجال ، تسعى لوجه لله والوطن . فكل الرأسماليات تسعى إلى الربح ، لكن الفارق بين الطفيلي والوطني ، ما هو إلا تحري الحلال والحرام . الغث والثمين . الصادق والكاذب ، ورغم ذلك فالمعيارية هي الربحية حتى وإن كانت المحطة رأسمالية وطنية بالدرجة الأولى . لذا كان الرهان فى تجاوز أزمات أمتنا العربية والنهوض بها ، هو القذف بفكرة الإعلام السلطوي فى مراحيض الفكر الرجعى والثقافة المكتبية ، فلطالما أثبتت تلك النظرية سلبيتها وفشلها فى تحقيق فعل المثاقفة والخروج من الأزمات . نظرا لكفر المتلقي بمحطات أنظمة كفر بها المواطن العربي من مشرق الأرض إلى مغربها . فالإعلام السلطوي فى أبسط تعريف له : هو تلك الوسائل التي تنطق بلسان حال الحكومات بغض النظر عن صواب الرسالة أو خطئها . فمن علوج الصحاف وزير إعلام بغداد زمن الحرب إلى ركوب العقيد القذافي رحمه الله فى توك توك ، وحتى الهجوم على الحرس الجمهوري المصري وأحاديث اعتصام ميدان رابعة العدوية ، لم يلب الإعلام السلطوي رغبات عقل المتلقي العربي ، الذي ذهب إلى القنوات الخاصة فى الوطن وخارجه ، وراح بين التشتيت والتشكيك ، لأنه لا يملك مقدار خردلة من ثقة فى إعلامه الوطني . ذلك الإعلام الذي ترك المحطات الغربية تزور الحقائق كيفما شاءت ، كي تقنع الناخب الغربي ، بأن الملايين التي خرجت فى يونيو من هذا العام تطالب برحيل رئيس مصر محمد مرسي ، على أنها ملايين تؤيد وتدعم المعزول شعبيا ، كمحطات الس إن إن . وفرانس 24 والجزيرة وغيرهم من المحطات التخابرية ، ووقف الإعلام التجاري المصري والسلطوي عاجزين أمام هذه الممارسات المقلوبة ، ولم يسعهم إلا سباب تلك المحطات والصراخ كالعجائز دون وجود حلول جذرية لمواجهة أزمة تكاد أن تعصف بمصر وكيانها وتدخلها فى حرب أهلية ، إذا ما استطاعت المحطات المخابراتية كسب عطف وتأييد الناخبين الغربيين ، كمقدمة لإتخاذ قرار من الأمم المتحدة بالتدخل العسكري فى مصر . فهذا العجز الإعلامي إن دل على شئ ، فلا يدل إلا شلل تام فى إدارة المنظومة الإعلامية المصرية والعربية فى مواجهة المنظومة الغربية المنظمة والمقنعة لشعوبها . فلا أمل لنا إلا بالسرعة الفائقة فى تطبيق نظام إعلام المسئولية الاجتماعية على الفور ، وإصدار ميثاق شرف إعلامي ممنهج من قبل خبراء حقيقيين ، وليس منظرين فضائيين ، لا يجيدون إلا الصراخ عبر الشاشات ، وإعادة النظر فى تعريف الإعلام العالمي من جديد وعدم الانجرار إلى مفاهيم الغربيين أمثال أوتوجروت ولازويل وغيرهما من أصحاب المفاهيم العقيمة والبائدة والتي لا تصلح لموضوع تعبير فى المرحلة الثانوية . فماسبيروا الذي يعتبر أهم وأقدم تليفزيون عربي ، أصبح مثل أرملة تبكي فقيدها وتتسول على أبواب الحاجة ، فتارة فى حضن الإخوان وتارة فى حضن الليبراليين وثالثة فى حضن السخرية بتلك القناة التي أطلقوها تحت مسمى صوت الشعب ولا يتابعها من الشعب سوى العاملين بها على أعلى تقدير . ملايين ومليارات الجنيهات يتم إنفاقها عبثا دون دراسات علمية مسبقة ، وقد ظهر الفشل جليا وقت الأزمة فى مواجهة الغربيين . كان الأولى من البكاء والصراخ والعويل ، أن يطلق ماسبيرو مع بدايات الثورة المصرية قناة متعددة اللغات على القمر الأوربي ، ومدعومة من الخارجية المصرية ، تحسبا لتلك الأزمات . لكننا لن نبكي اللبن المسكوب وقد سبق السيف العزل ، وما فكر منظروا الفضائيات ولا الخبراء الوهميين الذين يجيدون الفتوى والصراخ والتوك شو ، أن يشتروا مساحات ممولة على الشاشات الأكثر مشاهدة فى أوروبا وأمريكا لعرض حقائق الوضع فى مصر . ما فكر أحدهم فى عمل حملة منظمة يشارك فيها الشباب المصري المغترب فى شكل رسائل فيديو تجوب الشوارع والحدائق والشواطئ لعرض الحقائق ، تلك العروض التي يجب أن تكون مدروسة بعناية وخارجة من عقول حقيقية وليست عقول فضائية . متى سنرحم أوطاننا من هذا الإعلام الذي سيحيلنا حتما للسقوط . ارحموا .. ترحموا يا سادة .
#طلال_سيف (هاشتاغ)
Talal_Seif#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
دبي حاضنة النور
-
حينما تموت القضايا
-
خاتم سليمان من الطمس إلى الاشتياق
-
الانقلاب .. الدم .. الخيانة
-
ثنائية الرأسي والأفقي فى حصن براون الرقمي وشوارع محمد ناجي ا
...
-
الثورات العربية من عقل الكاميرا إلى غباء السياسة
-
إعلام العار .. عورة العقل
-
معذرة ماركس .. الكهنة تجار الأفيون
-
أوتوجروت الألماني وإعلام جحر الضب العربي
-
الإخوان من السياسة إلى المخولة.. الرئيس مرسي يستخول للبقاء ف
...
-
دعوة إلى الكفر
-
(سورة الإنسان -- إلى ملح الأرض عمال مصر ) قصيدة للشاعر سامح
...
-
فى انتظار المسيح
-
برامج النميمة من قناة الجزيرة إلى تليفزيون الحارة
-
إزميل و- استراكا - ويد واحدة للحفر
-
النقد التليفزيوني - من المنهجية إلى الارتجال -
-
- إختشي يا صلاح -
-
الشيخ الشوارعي - محمد عبدالله نصر -
-
الفريق شفيق .. المنتخب مرسي
-
جماعة الاخوان وجماعة عبدالحميد أبوصبري
المزيد.....
-
وقف إطلاق النار في لبنان.. اتهامات متبادلة بخرق الاتفاق وقلق
...
-
جملة -نور من نور- في تأبين نصرالله تثير جدلا في لبنان
-
فرقاطة روسية تطلق صواريخ -تسيركون- فرط الصوتية في الأبيض الم
...
-
رئيسة جورجيا تدعو إلى إجراء انتخابات برلمانية جديدة
-
وزير خارجية مصر يزور السودان لأول مرة منذ بدء الأزمة.. ماذا
...
-
الجيش الإسرائيلي يعلن تدمير بنى تحتية لحزب الله في منطقة جبل
...
-
برلماني سوري: لا يوجد مسلحون من العراق دخلوا الأراضي السورية
...
-
الكرملين: بوتين يؤكد لأردوغان ضرورة وقف عدوان الإرهابيين في
...
-
الجيش السوري يعلن تدمير مقر عمليات لـ-هيئة تحرير الشام- وعشر
...
-
سيناتور روسي : العقوبات الأمريكية الجديدة على بلادنا -فقاعة
...
المزيد.....
-
السوق المريضة: الصحافة في العصر الرقمي
/ كرم نعمة
-
سلاح غير مرخص: دونالد ترامب قوة إعلامية بلا مسؤولية
/ كرم نعمة
-
مجلة سماء الأمير
/ أسماء محمد مصطفى
-
إنتخابات الكنيست 25
/ محمد السهلي
-
المسؤولية الاجتماعية لوسائل الإعلام التقليدية في المجتمع.
/ غادة محمود عبد الحميد
-
داخل الكليبتوقراطية العراقية
/ يونس الخشاب
-
تقنيات وطرق حديثة في سرد القصص الصحفية
/ حسني رفعت حسني
-
فنّ السخريّة السياسيّة في الوطن العربي: الوظيفة التصحيحيّة ل
...
/ عصام بن الشيخ
-
/ زياد بوزيان
-
الإعلام و الوساطة : أدوار و معايير و فخ تمثيل الجماهير
/ مريم الحسن
المزيد.....
|