|
عصام العريان، وحكايا عالم سمسم
فاطمة ناعوت
الحوار المتمدن-العدد: 4169 - 2013 / 7 / 30 - 11:49
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
-;- يعيش الإخواني عصام العريان في عالم حالم افتراضيّ، تحكمه مفردات الطفولة، والرعونة. عالمه الخياليّ لا يربطه بواقعنا الراهن أية روابطَ، اللّهم إلا خيوطٌ هشّة من أحلام قديمة، زرعها في قلوبهم أسلافُهم القدامى، بعدما قرّ في وعيهم أنهم أسيادُ الناس، وأن أستاذية العالم آتيةٌ لا ريب فيها، تُبذل من أجلها الأراوح (أرواح أتباعهم من الفقراء والعامة، لأن دماء القادة ذكيةٌ عزيزة). تلك العوالم الغرائبية تأصلت فيهم وسرت في شرايينهم مسرى الدم، فلا يبرحونها ولا تبرحهم. عالمٌ ينتمي إلى حكايات الجِنيّات Fairy Tales، التي قرأناها صغارًا في سلسلة "المكتبة الخضراء"، التي كانت تصدر عن دار المعارف منذ عقود. تقول إحدى الحكايا الأسطورية، التي تسكن عقل العريان ويحكيها للعالم (الغربيّ) الآن: إن مجموعة إخوان من الأطفال الأبرياء الأنقياء الأصفياء: المرشد، الشاطر، صفوت، عاصم، البلتاجي....، كانوا يعلبون في سرور وحبور في حديقة قصر أبيهم الملك. يصطادون العصافير بالنبال والفخاخ، ويطاردون الفراشات واليعاسيب ليُصّبروها في ألبوم فراشات العائلة التي يعود تاريخها إلى ثمانين عامًا خلت. وفجأة، جاء "العمّ الشرير"، وقبض على أبيهم الملك العياط، وسرق القصر. ثم زعق جندُ القصر في الأطفال، وطاردوهم ففزعوا، وركضوا إلى الغابة المسحورة يحتمون بها من الجنرالات الأشرار. وجد الأطفال أنفسهم وحيدين منبوذين، فلجأوا إلى أطفال القصور المجاورة يستنجدون بهم لينصاروهم في استعادة القصر. نجحوا في إقناع القليل منهم، وسخر منهم الشطرُ الأعظم. نادوا على غربان وصقور تسكن الأشجار وضباع وذئاب تربض في الأحراش المجاورة. ثم رجعت تلك الثلّة إلى القصر يرشقونه بالحجارة ويحطمون نوافذه وأبوابه ويزعقون ويصرخون، فما عبأ بهم أحد. فلجأوا إلى حيلة جديدة، وهي كتابة رسائل بلغات أجنبية يربطونها في أقدام الحمام الزاجل ويطيّرونها إلى بلاد أخرى طلبًا للغوث: "نحن أبناء الملك الشرعي للقصر، عمو الشرير "الجنرال" وجنوده سرقوا قصرنا، فتعالوا بجندكم وعسسكم وعتادكم وسلاحكم، وأعيدوا لنا قصر أبينا، أو حطموه على مَن فيه." لم يذكر الأطفال في رسائلهم أن أبيهم الملك المزعوم جاسوسٌ عميل، سرق القصر من أصحابه بمساعدة أعداء المدينة بعدما وقّع على وثيقة بيع جزء منه للطامعين. وبعدما مرّت سكرةُ المفاجأة من الاحتلال المباغت، هبّ أصحابُ القصر الأصلاء، واستعادوه. لا يكفُّ عصام العريان، الإخواني "المفضوح" عن المتاجرة بمصر وثورات مصر ومستقبل مصر، كأنها ميراثه الشخصيّ الذي استلبه منه الخونة! أدلى بتصرحيات خيالية لشبكة CNN الأمريكية قائلا: "المهم الآن استعادة الدولة من الجنرالات ووقف ‘الانقلاب العسكري"". وفي جملة صغيرة كهذه تكمن عدة مغالطات غرائبية. أولا، عن أية دولة يتحدث؟! هل كانت مصرُ في عهدهم دولة؟ أم دغلٌ يسكنه الإرهابيون وقطّاع الطرق، يروعون الآمنين ويسرقون ثروات الأرض لصالح عشائرهم في حماس وقطر؟ وعن أية "جنرالات يتحدث؟ هل يحكمنا الجيش، أم سلّم الدولة يومَ البيان إلى حاكم مدني وحكومة تكنوقراط؟ وهل مازال عاقلٌ يتشدق بعبارة "الانقلاب العسكري" السخيفة؟ إنما هي ثورة شعبية استثنائية هائلة خرجت فيها عشرات الملايين من شعبنا الطيب في شوارع مصر ومياديينها ترفع "الكارت الأحمر" في وجه الفاشية الإخوانية. "الانقلاب يحكم"، فهل حكمنا العسكر بعد 30 يوينو ساعةً واحدة؟ ثم يكمل العريان لـ CNN: "نحن منظمة تعمل تحت سيادة الدستور والقانون، ولم نخرق القانون أبدا ونعمل بشكل سلمي لاستعادة الديمقراطية والدولة من الجنرالات." وهنا نطق العريان بالحق: "هم "منظمة"، دون ريب، فقط أغفل أن يزيد نعوت: "إرهابة دولية سرية مسلحة". ثم يعود إلى عالم سمسم فيتكلم عن الديمقراطية واحترام القانون! ناسيًا أن أباه العياط قد اخترق القانون وداس على الدستورية والديمقراطية في أول يوم من عهده المرير. ثم يتكلم بصفاقة عن "السلمية"، بعدما قتلت قبيلة رابعة عدة أبرياء وهشمت بالمواسير عظام فقراء وبترت أصابع وفقأت عيون ومثّلت بجثامين وهاجمت منشأت عسكرية وشوهت معالم حضارية وشيدت مراحيض في الشوارع والميادين! ويضيف العريان: "لست أنا أو أحد القيادات الإخوانية، بل الدولة ككل، نريد استعادة دستورنا." وهنا أشعر بالشفقة على الطفل الذي لا يبرحه الخيال. أي "دولة ككل" يتكلم باسمها وقد شاهد بام عينه ملايين المصريين يطالبون بسقوط مرشد الإخوان؟! كيف يعتبر بضعة آلاف من الغافلين أو المرتزقة "الدولة ككل"؟ ثم يتكلم عن دستور باطل كتبه الإخوان منفردين في 3 ساعات ومرره مرسي باستفتاء باطل عبثي. ويضيف العريان: "الرئيس مرسي مهم بالنسبة لنا، ليس كشخصه فقط بل للرمز الذي يمثله"! نسي أن يضيف: "المعزول- السابق"، ثم تكلم عن "الرمز"! فهل حافظ مرسيه على رمز رئيس مصر ساعة واحدة، أم ملأت فضائحه وأكاذيبه وتخابره مع دول أجنبيه السماء والأرض؟ ثم يعترف العريان، في زلّة لسان عفوية كشأن الأطفال الأبرياء حين يقعون بألسنهم، بأنهم ماضون في شلّ البلاد، وهو ما تأكد حدوثه حين احتل الإخوان ميدان رمسيس الحيوي، وجامع الفتح. متى يفيق العريان وأهله من وهم حكايا الجنيات ويهبطون إلى أرض الواقع الذي يقول كلمة واحدة حاسمة: إن الشعب قد لفظكم ولم يعد قادرًا على تحمل مزيد من دمويتكم وأنانيتكم وأكاذيبكم"؟ إنه عالم الإخوان العرايا من الجمال.
#فاطمة_ناعوت (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الفريق السيسي، صانع الفرح
-
عزيزي مقهى إيليت
-
يعقوب، وطفل يحمل الكفن
-
مفتاح الحياة، يا مصرييييييين!
-
إيد واحدة
-
الشاهدُ على لحظة الفرح: المقدم حسين شريف
-
حلمُ العودة إلى 1954
-
مادةٌ -فوق- دستورية!
-
-نريدْ/ إسقاط/ ْأبواقِ النظام -
-
يومٌ آخر من ميدان التحرير، قلب مصر النابض
-
لليوم الخامس عشر على التوالي، يحدث في مصر
-
نحتاجُ رئيسًا بحجم تحضّرنا
-
رسالة إلى كل أسرة مصرية، أرجوكم، لا تكونوا طابورًا خامسًا
-
أكتب إليكم من ميدان التحرير
-
احذرْ كتابَ التاريخ
-
جمعةُ الغضب الساطع
-
أشرف ثورة في تاريخ مصر
-
شيءٌ من الخيال لن يفسدَ العالم
-
حوارٌ مع صديقي المتطرّف
-
يا نعيش سوا يا نموت سوا
المزيد.....
-
مستوطنون يقتحمون المسجد الأقصى بحماية شرطة الاحتلال الإسرائي
...
-
أجراس كاتدرائية نوتردام بباريس ستقرع من جديد بحضور نحو 60 زع
...
-
الأوقاف الفلسطينية: الاحتلال الإسرائيلي اقتحم المسجد الأقصى
...
-
الاحتلال اقتحم الأقصى 20 مرة ومنع رفع الأذان في -الإبراهيمي-
...
-
استطلاع رأي إسرائيلي: 32% من الشباب اليهود في الخارج متعاطفو
...
-
في أولى رحلاته الدولية.. ترامب في باريس السبت للمشاركة في حف
...
-
ترامب يعلن حضوره حفل افتتاح كاتدرائية نوتردام -الرائعة والتا
...
-
فرح اولادك مع طيور الجنة.. استقبل تردد قناة طيور الجنة بيبي
...
-
استطلاع: ثلث شباب اليهود بالخارج يتعاطفون مع حماس
-
ضبط تردد قناة طيور الجنة بيبي على النايل سات لمتابعة الأغاني
...
المزيد.....
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
المزيد.....
|