أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث قانونية - سلمان كامل سلمان الجبوري - التعسف في استعمال الحق في القوانين والمواثيق الدولية















المزيد.....

التعسف في استعمال الحق في القوانين والمواثيق الدولية


سلمان كامل سلمان الجبوري

الحوار المتمدن-العدد: 4169 - 2013 / 7 / 30 - 09:30
المحور: دراسات وابحاث قانونية
    


ـ بمناسبة يوم القدس العالمي
التعسف في استعمال الحق
في القوانين والمواثيق الدولية

(تلك حدود الله فلا تعتدوها ومن يطع الله ورسوله يدخله جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها وذلك الفوز العظيم.ومن يعصِ الله ويتعد حدوده يدخله ناراً خالداً فيها وله عذاب مهين).[النساء13-14]


لقد كانت القوانين اول الأمر تُعنى بحقوق الفرد وحده,فأثبتت له حقوقاً وأوجبت المحافظة عليها , واطلقت له الحرية في استيفائها من غير مراعاة لما قد يصيب الأخرين من أضرار.
وان مهمة القانون هي الواقع بيان الحقوق ـ حقوق الفرد قبل غيره,أو حقوقه ـ قبل الدولة قبله ـ ومن ذلك ندرك مبلغ الصلة بين القانون والحق فالحق لا يوجد بدون قانون , كما ان القانون لم يوجد الا لينظم العلاقات.
وقد اخذ القانون الفرنسي بذلك حيث قامت الثورة الفرنسية سنة 1789م لتقرر حقوق الأفراد, فكان من نتائجها ان صدور القانون سنة 1804م مقدراً لحقوق الافراد باعتباره أهم عنصر في الحياة , ولا يلاحظ انه جزء من الجماعة فكان قانوناً فردياً ترك للفرد الحرية التامة في استعماله , وعرفت هذه الحقوق بالحقوق الطبيعية للأفراد.
ولم يخالفه غيره من القوانين الكثيرة في هذا المبدأ, ولكن الذي حدث ان الفرد أساء استعمال حقوقه فألحق الأضرار بغيره, ثم جاءت القوانين بعد ذلك تقيده شيئاً فشيئاً حتى انتهى التقييد الى ظهور نظرية التعسف في استعمال الحقوق ولما وصلوا اليها ظنوها جديدة ولكنها كانت مقررة في شريعة الله اكثر من احد عشر قرناً من الزمان.
اما الشريعة الاسلامية فقد قررت الحقوق للافراد وأوجبت المحافظة عليها, فقيدت هذه الحقوق من اول الامر بعدم الأضرار بالغير تحت قاعدة "لاضرر ولا ضرار" وان دفع الضرر العام مقدم على الضرر الخاص, وليس إهداراً بحق الفرد, بل المحافظة عليه.
مما يلاحظ في الشريعة الاسلامية انها لا تعترف بالحقوق الطبيعة التي أقرها القانون الفرنسي ولا الفردية المجردة, وانما تنزع في الحقوق الى الناحية الجماعية او الاشتراكية المنظمة.
ويدرك كل مطلع على فقه الغرب أن من احدث نظرياته في القرن العشرين نظرية (التعسف في استعمال الحق) وقد صاحبتها نظريات ومنها نظرية (الظروف الطارئة) ونظرية(تحمل التبعة) و(مسؤولية عدم التمييز) ولكل نظرية من هذه النظريات الأربع أساس في الشريعة الإسلامية لا يحتاج إلا الى الصياغة والبناء.
وكان تأثير قواعد العدالة في حقل القضاء اليد الطولى في تطوير القانون فقد عمل القضاء عن طريق الاجتهاد بالرأي على تلافي قصور التشريع وسد نقائصه بتقرير عدد من النظريات والأحكام العادلة, ومنها نظرية التعسف والنظريات المذكورة أعلاه.
وعند دراسة جانب من القوانين العراقية القديمة يظهر الهاجس الذي ظل مسيطراً على المشرع في بلاد ما بين النهرين وحلمه بتحقيق العدالة, فعلى سبيل المثال أخذت القوانين في وادي الرافدين بمبدأ عدم التعسف في استعمال الحق الفردي، وهو مبدأ يستند إلى اعتبارات العدالة كما نصت المادة (137) في شريعة حمورابي على أن ضرورة التزام الزوج الذي يطلق زوجته التي أنجبت له أولاداً، أن يتنازل لها عن نصف ثروته لكي تقوم بتربية أولادها كما نصت المادتين (168)و(169)على عدم جواز حرمان الوارث ورثته من التركة، ولا إنقاص نصيب أي منهم ما لم يرتكب الوارث خطأ جسيماً، وتقدير الخطأ الذي يسمح للوارث حرمان ورثته من التركة يخضع لرقابة القضاء فلا يجوز للمورث حرمان ورثته من التركة إلا بعد صدور قرار قضائي وأن يكون ذلك الخطأ قد حدث منه للمرة الثانية.
وما تحتويه الدساتير العربية فيما عدا دستور دولة قطر على تدابير تتعلق باعتقال الأشخاص واحتجازهم لكن عدداً محدوداً من هذه الدساتير تتوافق نصوصها مع المعايير التي تتطلبها الاتفاقية الخاصة بالحقوق المدنية والسياسية، فهناك عدد من الدساتير العربية تتحدث عن الحرية الشخصية بشكل عام على أنها مضمونة، بينما تشير دساتير أخرى إليها باهتمام أكبر فهي "حق طبيعي وهي مصونة لا تمس"، كما جاء في المادة (41) من الدستور المصري أو هي "حق مقدس" في الدستور السوري ( م25/1) والعراقي المادة (15,17) ولا تسمح دساتير الدول العربية بحرمان أحد من الحق في الحرية والأمان الشخصي إلا وفقاً للقانون، وهذا نص يقترب إلى حدٍ ما من الصياغات الدولية لهذا الحق حيث "لا يجوز توقيف أحد أو اعتقاله تعسفاً" (م 9/1) من اتفاقية الحقوق المدنية والسياسية، وهنا يلاحظ غياب مفهوم التعسف في الدساتير العربية، وهو مفهوم كان القصد من وراء استخدامه في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان وفي العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية حماية الأفراد من الأفعال غير المشروعة وغير العادلة بشكل متساو,ٍ فلو اقتصر الأمر على مجرد حماية الإنسان من الأفعال غير المشروعة فقط لما أمكن الطعن في كل أعمال الظلم التي تقوم بها الإدارة الحكومية طالما كانت تلك الأعمال متفقة مع القوانين الوطنية الموضوعة.
وفي العهد الاعظم (1215) وهومن أقدم الوثائق التي ثبتت مجموعة من الحريات وارتبطت بالنزاع الذي نشب بين الملك جون والأشراف نتيجة قيام الملك بفرض الضرائب التعسفية وزج خصومه في السجن دون سبب مشروع مما أدى إلى ثورة الأشراف والقبض عليه حيث ألزم بتوقيع هذه الوثيقة المكتوبة, وتم تجديد وتأييد العمل بما ورد فيها في الأعوام(1216، 1217، 1225، 1297) مع إدخال بعض التعديلات، وأهم نصين جاء بهما العهد الأعظم هما نص المادة (39) التي أكدت على عدم جواز القبض على شخص أو حبسه أو تجريده من حريته أو حرمانه من حماية القانون أو نفيه إلا بحكم قضائي صادر عن المحلفين طبقاً للقانون، أما نص المادة (40) فقد جاءت على لسان الملك ومضمونها "لن نرفض أو نتعصب أو نتساهل في تطبيق القانون وإيفاء العدالة".
ان قيمة هذه الوثيقة مستمدة من تسجيلها لمبدأ خضوع الملك لحكم القانون وان مقاومة استبداده لا يعتبر عملاً غير مشروع فضلاً عن ضرورة أخذ موافقة دافعي الضرائب عن أية ضريبة يراد فرضها.
إلا أن تجارب الواقع أثبتت أن الجهود الدولية لا تستطيع وحدها القيام بهذا الدور... إذ يجب الاعتراف بالخصوصية الثقافية للشعوب مع وجود مقاييس عالمية مشتركة لتحديد هذه الانتهاكات مثل مناهضة التعذيب والحجز التعسفي ، والمحاكمات غير العادلة وما يسود السياسة الدولية من مصالح ذاتية, وأنانية مباشرة، وسياسة القوة.
وقد ورد النص على حق وواجب عصيان الأمر بالمشاركة في عمليات "الإخفاء" وفي حوادث القتل خارج نطاق القضاء في وثيقتين أصدرتها الأمم المتحدة، وأولاهما "الإعلان الخاص بحالات الاختفاء" المادة (6)، والثانية هي "مبادئ المنع والتقصي الفعالين لعمليات الإعدام خارج نطاق القانون والإعدام التعسفي والإعدام دون محاكمة" (المبدأ 3)، كما أن "المبادئ الأساسية بشأن استخدام القوة والأسلحة النارية من جانب الموظفين المكلفين بإنفاذ القوانين" تحمي الحق في العصيان، إذ تنص على عدم إنزال عقوبة جنائية أو تأديبية على أي موظف مكلف بإنفاذ القوانين يقوم ، من باب الالتزام بهذه المبادئ الأساسية وبأحكام "مدونة سلوك الموظفين المكلفين بإنفاذ القوانين"، بعصيان الأمر الصادر إليه باستخدام القوة والأسلحة النارية أو الإبلاغ عن استخدام غيره من الموظفين له.
اما الحق فى احترام الحياة الخاصة فقد تتطلب المادة السابعة عشر من العهد الدولي احترام حرمة الحياة الخاصة وكفالة حق كل فرد في الحماية من التدخل التعسفي أو غير القانوني في حياته العائلية أو مسكنه أو خصوصية مراسلاته واتصالاته أو التعرض لشرفه وسمعته سواء من جانب الأفراد أو سلطات الدولة أو من جانب الأشخاص الطبيعيين أو القانونيين.
كما تتطلب المادة المذكورة من الدول الأعضاء في العهد الدولي إصدار التشريعات اللازمة لصيانة هذا الحق وكفالة الإجراءات الضرورية لحمايته بما في ذلك تحديد السلطات الرسمية التي يجوز لها وحدها وفق القانون والإجراءات الواجب الالتزام بها جواز التدخل في الحياة الخاصة إذا استلزمت مصلحة المجتمع مثل هذا التدخل مع تحديد دقيق للظروف التي تجيز ذلك.
ويعنى ما تقدم أن التدخل في الحياة الخاصة لا يجوز إلا في الحالات التي ينص عليها القانون صراحة أي تحريم التدخل التعسفي حتى إذا كان يستند إلى نصوص قانونية تتعارض مع نصوص العهد الدولي وأهدافه.
أما إذا اقتضت الظروف وفق القانون التفتيش الذاتي لأي شخص من جانب السلطات المختصة وحدها بذلك، فيجب أن يتم ذلك بمعرفة شخص رسمي مكلف من نفس جنس الشخص المطلوب تفتيشه ذاتياً.
ومما تجدر الإشارة إليه أن اللجنة المعنية بالحقوق المدنية والسياسية قد اعتبرت أن قيام السلطات الإسرائيلية بهدم منازل الفلسطينيين خرقاً للقوانين والمواثيق الدولية وألا يعتبر هذه انتهاكاً لحق من حقوق الفلسطينين، وكذلك الصعوبات التي يلاقيها الفلسطينيون في الحصول على تراخيص البناء يعد خرقاً للمادة السابعة عشر من العهد فهو يتعارض كلية مع التزام الدولة دون تمييز لحق كل فرد في الحماية من التدخل التعسفي في مسكنه, ألا يعتبر إهدار للمادة الثانية عشرة التي تحمى الحق في اختيار مكان الإقامة، والمادة السادسة والعشرين الخاصة بالمساواة بين الجميع أمام القانون وفي التمتع بحماية القانون.
وان تقييد وتهجير وقتل وأعمال العنف التي يتعرض لها الفلسطينين من العدوان الاسرائيلي والكثير من الانتهاكات التي تحدث اليوم وأمام أعين المجتمع الدولي عموماً والعربي خصوصاً و ليس لهم سوى ان يدينوا ويستنكروا خوفاً على مصالحهم الشخصية وتنفيذاً لمخططاتهم التي تهدف الى تفكيك المجتمعات وبث الفتنة والتفرقة بين الشعوب على اسس دينية وعرقية وغيرها..... ويعرفون الحق من الباطل ولكن اكثرهم للحق كارهون.



#سلمان_كامل_سلمان_الجبوري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الصحافة تأريخياً و قانونياً


المزيد.....




- الأمم المتحدة ترحب بإعلان وقف إطلاق النار في لبنان
- الأمم المتحدة ترحب بإعلان وقف إطلاق النار في لبنان
- معاناة النازحين اللبنانيين مستمرة
- الأمم المتحدة: غوتيريش يرحب باعلان وقف اطلاق النار بين -إسرا ...
- المفوض الأممي لحقوق الإنسان يدين الهجمات الإسرائيلية على لبن ...
- وزير الخارجية الإيراني يلتقي الامين العام للأمم المتحدة
- الوفد الجزائري يطرد تسيبي ليفني من منتدى الأمم المتحدة لتحال ...
- وفد جزائري يطرد وزيرة خارجية إسرائيل السابقة من منتدى للأمم ...
- عراقجي يؤكد على التنفيذ الفوري لأمر المحكمة الجنائية الدولية ...
- معاناة النازحين في غزة تتفاقم مع قسوة الطقس


المزيد.....

- التنمر: من المهم التوقف عن التنمر مبكرًا حتى لا يعاني كل من ... / هيثم الفقى
- محاضرات في الترجمة القانونية / محمد عبد الكريم يوسف
- قراءة في آليات إعادة الإدماج الاجتماعي للمحبوسين وفق الأنظمة ... / سعيد زيوش
- قراءة في كتاب -الروبوتات: نظرة صارمة في ضوء العلوم القانونية ... / محمد أوبالاك
- الغول الاقتصادي المسمى -GAFA- أو الشركات العاملة على دعامات ... / محمد أوبالاك
- أثر الإتجاهات الفكرية في الحقوق السياسية و أصول نظام الحكم ف ... / نجم الدين فارس
- قرار محكمة الانفال - وثيقة قانونيه و تاريخيه و سياسيه / القاضي محمد عريبي والمحامي بهزاد علي ادم
- المعين القضائي في قضاء الأحداث العراقي / اكرم زاده الكوردي
- المعين القضائي في قضاء الأحداث العراقي / أكرم زاده الكوردي
- حكام الكفالة الجزائية دراسة مقارنة بين قانون الأصول المحاكما ... / اكرم زاده الكوردي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث قانونية - سلمان كامل سلمان الجبوري - التعسف في استعمال الحق في القوانين والمواثيق الدولية