أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - جهاد علاونه - حكمة من التوراة














المزيد.....

حكمة من التوراة


جهاد علاونه

الحوار المتمدن-العدد: 4169 - 2013 / 7 / 30 - 04:13
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


من أجمل ما قرأته من التوراة تلك الجملة التي تقول: تطيبُ الدنيا للأشرار,وتقسو على الأبرار.

وأيضا تتعامل بشدة وبغلظة مع المحترمين الذين يحترمون أنفسهم ويحترمون الناس أجمعين , وإن حياتنا على الأرض فيها الكثير من الأشياء الغريبة بحيث الدنيا تكون تصرفاتها عجيبة جدا وللغاية, فبدل أن تكون الدنيا رومانسية مع الناس الرومانسيين وصادقة مع الصادقين نجدها كاذبة مع الصادقين ,ومن المفترض أيضا أن نجدها حنونة على الناس الحنونين وعطوفة على الناس العاطفيين,وبدل أن تكون جميلة مع الناس المحبين للجمال ,نعم,بالرغم من كل ذلك نجد الدنيا قاسية وصلبة مع الناس الرقيقين والحنونين أولئك الناس الذين ينخدش حياؤهم من أبسط الكلمات وأكثر رقة وشفافية,ونجد الدنيا غرورة و(بنت كلب) مع الأوفياء ولئيمة وخبيثة ودموية مع الناس الرومانسيين الذين تنزل وتفيض عيونهم بالبكاء من أبسط الأشياء والكلمات والمشاهد المثيرة للشفقة التي تستعطف قلب الشاهد والمستمع معاً, وإن الدنيا تفتح أبوابها للناس الأشرار وتترك الأخيار بالعراء دون أي غطاء,إن هذه الدنيا تخون الأمينين وتكذب على الصادقين,ونجدها بخيلة مع الناس الكريمين وأخيرا نجدها تعامل الطيبة بالخبث وتجني على المحرومين بدل أن تعطيهم من أسباب السرور وتمنحهم بعض الذي ينقصهم, والدنيا مثل الأغنياء الذين يريدون أخذ ما عند الفقير لزيادة ثراءهم فكذلك الدنيا تأخذ من الذي لا يملك لتضيفه إلى رصيدها وحدها.

إن هذه الحكمة التي قرأتها في التوراة لم أقرئ مثلها في القرآن,فلماذا لم نجد جملة مثل هذه الجملة الموجودة في التوراة والتي هي عبارة عن مذهب فلسفي بحد ذاته؟,إننا هنا حين نضع القرآن إزاء التوراة نكتشف بأن القرآن لم يتحدث عن كل شيء وخصوصا عن الفلسفة بحد ذاتها ممثلة بالرواقية والغنوصية ولم يتحدث أيضا عن كبار الفلاسفة مثل أفلاطون وسقراط وأرسطو, وإذا ما تركنا هذه المشكلة لنبحثها في مقالة أخرى نكتشف أيضا حقيقة الدنيا التي تحدثت عنها التوراة فالتوراة اكتشفت بجد حقيقة الدنيا التي تقول شيئا وتتصرف بعكس ما تقوله,تلك الدنيا التي تغدر بأصحابها وتشجع على ارتكاب الشر, فالدنيا تشجع على ارتكاب الشر حين يرى الناس بأن الدنيا تعطي البخلاء وتترك الكرماء فلذلك يتشجع الناس على البخل,وأيضا الناس يتركون الرومانسية والعاطفة والحنان ويتجهون إلى القسوة وعدم المبالاة لكي تحترمهم الدنيا كلها والناس, وهذا تشجيع آخر قد لمسناه هاهنا من خلال المعادلة المعكوسة.

والناس أيضا تعلموا من هذه الدنيا القسوة فنجدهم لا يحترمون الفقير ولا يحترمون أصحاب المشاعر الرقيقة وكما يقال بالأمثال العامية(الناس يركبون الحيط الواطي), ولا أحد من الناس يحب الإنسان أو الناس الطيبين جدا ويتهمونهم بالهبل أو بالمرض النفسي, فيقولون:فلان طيب جدا زيادة عن اللازم,وفلان عاطفي جدا زيادة عن اللزوم, وفلان كريم جدا زيادة عن اللازم, إن الدنيا كلها بالنسبة للناس عبارة عن مخلوق مخادع يسيء الأمانة للأمينين,وتكره كل من يحبها,وتخدع كل من لا يخدعها,ونجدها متطرفة جدا مع الناس المساكين والدراويش, فهؤلاء المساكين يحتملون الكثير من الأذى بعكس المنطق حيث يقول المنطق بأن الطيبين يجب أن لا يحتملوا الأذى,ذلك أن أعصابهم لا تحتمل كل هذا الألم,وقلوبهم الرقيقة أيضا لا تحتمل كل هذا الوجع ويجب على القساة القلب والأعصاب أن يحملوا عن الرومانسيين بعض أحمالهم وأثقالهم.

وفي النهاية يحتل الله مكانة الدنيا فيصبح في النهاية هو الدنيا التي تُعطي اللصوص كل ما هو خير ويأخذ من الأمناء أمانتهم ويقصيهم ويستبعدهم من قائمة الأخيار الذين يستحقون التوفيق من الله, فبدل أن يوفق الله المحترمين نجده يعثر خطاهم ولا يبارك حياتهم بل على العكس من كل ذلك يأخذ منهم كل شيء ليعطيه لمن لا يستحقه كما يقال بالأمثال العامية(الله يعطي اللحم للي ما إلهوش أسنان)و(الله بعطي الحلق للي ما عندهاش آذان).

ومهما دافعنا على عكس وجهت نظرنا ومهما اختلف القراء معي أم اتفقوا نجد في النهاية أن كل ما قلته ليس خياليا وليس فانتازيا أو يوتوبيا بل حقيقة نلمسها على أرض الواقع فكم أخذت الدنيا من الذي لا يملك إلا القليل لتعطيه للذي يملك الكثير, وكم قست الدنيا والظروف الاقتصادية على الأخيار أصحاب المشاعر الرقيقة ,وكم أرسلت على الضعفاء والفقراء شتى الأمراض الجلدية والتناسلية وتركت غالبية الأغنياء بدون أي ألم



#جهاد_علاونه (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ما الفائدة من ختم القرآن
- القرآن هو السبب
- هل القرآن فعلا كتاب الله؟ 2
- هل القرآن فعلا كتاب الله؟
- أمريكيا والإسلام
- التعب الفكري
- نشرنا الغسيل
- أنا مليونير حقيقي
- فشلوا في تربيتي
- الكفار هم خير أمة أخرجت للناس
- نحن أكذب أمة عرفها التاريخ
- خوفي وقلقي
- أيهما أفضل المواطن المسلم أم المُلحد؟
- حقيقة الدين الإسلامي
- بين الأمس واليوم
- نحن
- عصر التنوير
- السحر الحقيقي
- بوذا والتخلص من الرغبات
- نفحات مسيحية


المزيد.....




- المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه ...
- عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
- مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال ...
- الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي ...
- ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات ...
- الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
- نزع سلاح حزب الله والتوترات الطائفية في لبنان.. شاهد ما قاله ...
- الدعم الأميركي لكيان الاحتلال في مواجهة المقاومة الإسلامية
- إيهود باراك يفصح عما سيحدث لنتنياهو فور توقف الحرب على غزة
- “ألف مبروك للحجاج”.. نتائج أسماء الفائزين بقرعة الحج 2025 في ...


المزيد.....

- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - جهاد علاونه - حكمة من التوراة