فاطمة ناعوت
الحوار المتمدن-العدد: 4168 - 2013 / 7 / 29 - 15:01
المحور:
حقوق الانسان
عزيزي القارئ، إن وصلك من عنوان المقال أنني أقصد د. مجدي يعقوب، أحد أكبر أساطين الطبّ في العالم، ملك القلوب، كما نعتته بريطانيا، بعدما منحته الملكة إليزابيث لقبَ "فارس"، الذي لا يُمنح إلا لعدد محدود من البشر، فقد صدق حسدُك، فهو مَن أقصده. وإن وصلتك الصورةُ التي رسمها عنوانُ المقال كما أردتُها: [طفلٌ صغير قلبه واهن على وشك الموت، يدخل المستشفى حاملاً كفنَه (رمزيُّا) ، فيحمله الطبيبُ الطيب بحنو، ويُرقده على طاولة الجراحة، ثم يشقُّ الصدرَ النحيل، وينزع الداءَ اللعين، ويخيطُ الشق، فيصحو الطفلُ بريئَا من العلّة، يركض إلى صدر أمه ضاحكًا، فتبتسمُ، وتمسح عن عينيها دموعًا تنهمرُ منذ شهور، فيحرر الطفلُ نفسه من حضن أمه ويجري نحو أترابه يلعب ويقفز ويملأ الفضاءَ بصيحات الطفولة والصحة، فتبتسمُ السماءُ راضيةً، بعدما مدّت يدها بالشفاء للطفل، على يد ذاك الطبيب النابه، فيهدأ قلبُ الأم التي لم تذق النوم شهورًا طوالا]، إن كانت هذه هي الصورة التي وصلتكَ من عنوان المقال، فأنت مصيبٌ تمامًا. فهذا ما وددتُ رسمَه.
لكن ثمة معانيَ غير جميلة رسمها عنوان مقالي كذلك، بعدما ينسحبُ من المشهد ذاك الطبيبُ العلاّمة، ويحتلُّ محلّه آباءٌ وأمهاتٌ معدومو الضمير، فقيرو الروح، قساةُ القلوب، لا يستحقون لقب: أمّ، وأب.
ما شاهدناه من صور مخيفة في "معتقل رابعة العدوية". أشياءُ ما كنّا نصدق أن تحدث في تاريخ البشرية، فضلاً عن حدوثها في مصر الطيبة، التي كرّمت الإنسانَ وكرّمت الطفولة منذ فجر التاريخ! طفلٌ صغير لم يتجاوز السنوات الثلاث، يحمل "الكفن" الأبيض، ومن وراءه أمّه تشجعه على المُضيّ في طريق الشهادة! وطفلٌ آخر كتب أبوه على ظهر جلبابه الصغير: "اسمي حمزة، مشروع شهيد"!!!!
من أيّ صخر قُدَّ قلبُ امٍّ تدفع ابنها لحمل الكفن للاستشهاد في سبيل عميل خائن اسمه مرسي؟ مَن هو مرسي؟ ماذا قدّم لمصرَ غير الويل والخراب والافتتان والاقتتال وبحور الدم؟ إياك أن أسمع غافلاً مغفّلا يقول: إنما الشهادة من أجل الإسلام! أيُّ إسلام أدخله مرسي وجماعته في بلد مسلمة منذ 14 قرنًا؟ كذوبٌ منافق دعيٌّ داعي للفرقة والاقتتال مُحرِّضٌ على الآمنين، أيكونُ مسلمًا؟ بأي منطق يتحدثون؟!
والآن، بعدما اكتملت الصورتان اللتان رسمهما عنوانُ المقال. دعونا نتأمل ونقارن بين عالِم إنسان يحمل طفلاً مريضًا (لا يعرفه)، لينتزع من قلبه المرضَ، فيُشفَى، ويُلقي بالكفن عرضَ الحائط، وبين (أب) يُجبر (طفلَه) "السليم المعافَى" على حمل كفن الكتان الأبيض، ليَلقى حتفَه، مرضاةً للشيطان والمرشد والعياط؟!
#فاطمة_ناعوت (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟