|
وداعا لليبرالية العربية
احمد عسيلي
الحوار المتمدن-العدد: 4168 - 2013 / 7 / 29 - 09:41
المحور:
المجتمع المدني
لن اكون مبالغا ابدا اذا قلت ان ما حدث في مصر يوم 3 تموز يشكل اكبر خسارة تتعرض لها الليبرالية العربية عامة و المصرية خاصة منذ نشأتها و تبلورها على يد المؤسسين الاوائل ....فحين تقلب المفاهيم فورا و يفقد التيار الليبرالي هويته الفكرية و مبادئه التي قام عليها فهذا فعل لا نستطيع وصفه سوى انه عملية انتحار قام بها الليبراليون المصريون و ساندهم بها و للاسف العديد من الليبراليون العرب فمن اكثر الحقائق تجاهلا ان الاسلاميين لم يعمدوا يوما الى محاولة الوصول الى السلطة عن طريق الانقلابات العسكرية و ان كانوا لجأوا للعنف في بعض الفترات التاريخية في سوريا و مصر فهو عنف لم يكن بواسطة الجيش و ليس للاستيلاء على الحكم و انما جاء ضمن ظروف القهر و الاستفزاز التي تعرضوا لها و دون ادنى احساس بالمسؤولية من قبل الانظمة الحاكمة في تلك الفترة ممثلة في البعث الراديكالي في الستينيات و حكم عائلة الاسد في السبيعينات و ايضا في فترة الدكتاتور عبد الناصر الذي قضى على كل اشكال الحراك السياسي بل ان الاسلاميين و اقولها كلمة حق امام الناس و التاريخ كانوا عبر تاريخهم كله اكثر التزاما بقيم الديمقراطية و مفهوم الانتخابات و البرلمانات و قد لعب الاخوان السوريون دورا سياسيا هاما اثناء فترة الحكم الليبرالي في سوريا و لم يحاولوا ابدا الانقلاب على الشرعية البرلمانية بل عاشوها و انغمسوا بتلك التجربة و دافعوا عنها....و كانت دائما تأتي المحاولات الانقلابية اما من قبل اليساريين او القوميين.... وحين حاول الاخوان المسلمين في سوريا تشكيل الجبهة الاسلامية في السعودية لاحقا و قدموا من خلالها رؤيتهم لواقع سوريا الجديدة نادوا باقامة دولة اسلامية ليبرالية حسب هذه المشروع السياسي وبعد سقوط الانظمة السياسية القمعية في تونس و مصر و ليبيا وجدنا التزام كامل من قبل تيارات الاسلام السياسي بمعايير الديمقراطية في تلك البلدان وواجهوا الحكم في تونس و ليبيا ببراغماتية واضحة جدا ربما اكون كليبرالي و علماني ضد فكر الاخوان المسليمن في كل مكان و ضد ما فعلوه في مصر من محاولة لفرض قناعات لم تكن الظروف و لا الواقع يسمح لهم بهذا الفرض.....و ربما اكون ايضا كليبرالي من اشد المؤيدين للضغط على الاخوان من اجل تغيير سياساتهم هذه.....و اعلم ايضا ان الاخوان في مصر لم يعرفوا ابدا ممارسة دورهم كسلطة فدخلوا بصراعات كبيرة مع اجهزة الدولة المختلفة و هي اجهزة تكن لهم بالاصل كل العداء لانها بالنهاية هي نفس الاجهزة التسلطية التي اقامها حكم مبارك السابق.... وان كانت هذه الحقائق لا تشفع لهم لان للحكم متطلباته و قوانينه و قد عجزوا عن التقاط هذه القوانين و التعامل مع الوقائع التي يفرضها الحكم لكن حتما هذا لا يشفع ابدا للمؤسسة العسكرية للانقلاب عليهم و الغاء ما اقرته صناديق الاقتراع دون الرجوع لهذه الصناديق اصلاو و على كل فان ما فعله العسكر في مصر ليس بالامر الغريب لان الانقلاب هو طبيعة المؤسسة العسكرية في العالم العربي لكن الغريب هو هذا التهليل من قبل الليبراليين لهذه التطور في المشهد السياسي المصري غريب لدرجة بت اتساءل مالذي بقي لليبراليين المصريين ان يقولوه لاحقا او يدافعوا عنه او ينظروا له بعدما سقطت كل تنظيراتهم مع اول بارقة امل في الامساك بالسلطة و على اي اساس سيبنى الفكر الليبرالي المصري لاحقا اذا كان تنازل عن اهم الاسس التي تحدد هويته و توجهاته من اعلاء لشأن صناديق الاقتراع و ابتعاد العسكر عن التدخل في الشؤون السياسية بل و حتى ذريعة الخوف على هوية مصر من القوى الظلامية اصبحت لا معنى لها لانهم تحالفوا مع تجمعات اسلامية اكثر راديكالية من الاخوان في نظرتهم الى الدين و المجتمع و هم حزب النور السلفي.....فاي اساس فكري بقي لليبرالية؟؟ و مع اني كنت من اشد الفرحين بحركة تمرد لانها للمرة الاولى في تاريخ المنطقة يلجأ بها العلمانيون للاعتماد على الشارع كوسيلة ضغط في وجه القوى الاسلامية و كنت اتمنى ان تنموا هذه الظاهرة و تشتد لتضغط اكثر على القوى الاسلامية اي ان يهزم الليبراليون تلك القوى في ملعبها وبقوانينها و بأساليبها التي كانت دائما تفخر بها...و لكن اي معنى لهذه الفرحة بعد استلامهم للسلطة ببيان عسكري؟ و هذا ما لمسه المفكر الاسلامي د. عبد الكريم بكار حين كتب (مهما تكن مكاسب الليبراليين في مصر كبيرة اليوم فان خسائرهم ستكون مدوية غدا لانهم فقدوا الاساس الفكري لاتجهاهم السياسي) و للاسف.. ما يقوله هذا المفكر الاسلامي عن التيار الليبرالي صحيح.....و للاسف....فان دروس الديمقراطية اصبح علينا ان نأخذها من المفكرين الاسلاميين بعد ان كنا نعيب عليهم محاولتهم التلاعب بمفاهيم الشرعية و اللهاث وراء السيطرة على الحكم باستغلال الدين فاصبحوا هم المتمسكين بمفهوم شرعية الصندوق الانتخابي و الليبراليون هم من يدافعون عن شرعية الانقلاب؟؟فماذا بقي لليبرالية بعد ذلك؟.....بل ماذا اصبح لنا كشعوب عربية بعد ذلك بعدما سقطت كل المشاريع الفكرية التي بنيناها خلال قرن و نصف تقريبا منذ بداية النهضة العربية......هل هذا يعني انع علينا محاولة البناء من جديد؟؟؟
#احمد_عسيلي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مؤيدي الاسد و الثورة في تركيا.......محاولة لمقاربة نفسية
-
من هؤلاء؟؟؟؟
-
اعلام نظام الاسد في ظل الثورة السورية
-
لا تظلموا جبهة النصرة
-
تصريحات رجل الدين الايراني مهدي طائب..........لماذا الان؟
-
الثورة السورية و الطب النفسي
-
بعض دلالات صفقة تبادل الاسرى في سوريا
-
الجماعات الاسلامية في ظل نظام الاسد
-
نبيل فياض و موقف الليبراليين من الثورة السورية
-
قراءات حول الفيديو المسرب
-
و انتصر اردوغان مرة اخرى
-
سأبقى عاشقا لايران
-
سورية.....ما الذي يطبخه لنا العالم؟
-
شيرين عبادي ... مذكرات الثورة و الامل
-
ادونيس... محاولة لقراءة نفسية في موقفه من الثورة السورية
-
من أجل وقفة شجاعة و صريحة
-
لست خائفا على مصر
-
النظام السوري و السياسة الامريكية في المرحلة القادمة
-
العلمانيون و النكسة الثالثة
-
ماذا لو لم يسقط النظام السوري خلال 6 اشهر
المزيد.....
-
الأمم المتحدة: إسرائيل منعت وصول ثلثي المساعدات الإنسانية لق
...
-
مقارنة ردة فعل بايدن على مذكرتي اعتقال بوتين ونتنياهو تبرزه
...
-
كيف أثر قرار إصدار مذكرات اعتقال بحق نتنياهو وغالانت على دعم
...
-
سفير ايران الدائم بالأمم المتحدة: موقفنا واضح وشفاف ولن يتغي
...
-
سفير ايران بالأمم المتحدة: أميركا وبريطانيا تساهمان في استمر
...
-
كنايسل تنتقد ازدواجية المعايير لدى الغرب تجاه مذكرات الاعتقا
...
-
-المملكة المتحدة ستفي بالتزاماتها القانونية-.. لندن تعلق على
...
-
5 شهداء وعشرات الإصابات بقصف الاحتلال خيام النازحين بخانيونس
...
-
شهيدان وأكثر من 20 جريح بقصف الاحتلال خيام النازحين بخانيونس
...
-
مدفيديف: روسيا تدعم قرارات الأمم المتحدة لحل الصراع الفلسطين
...
المزيد.....
-
أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال
...
/ موافق محمد
-
بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ
/ علي أسعد وطفة
-
مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية
/ علي أسعد وطفة
-
العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد
/ علي أسعد وطفة
-
الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي
...
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن
...
/ حمه الهمامي
-
تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار
/ زهير الخويلدي
-
منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس
...
/ رامي نصرالله
-
من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط
/ زهير الخويلدي
-
فراعنة فى الدنمارك
/ محيى الدين غريب
المزيد.....
|