أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الطبيعة, التلوث , وحماية البيئة ونشاط حركات الخضر - احمد عبدول - حديقة الدار














المزيد.....

حديقة الدار


احمد عبدول

الحوار المتمدن-العدد: 4164 - 2013 / 7 / 25 - 23:21
المحور: الطبيعة, التلوث , وحماية البيئة ونشاط حركات الخضر
    


من حسن الحظ والتوفيق إنني انتمي الى جيل كان قد نشأ وترعرع وسط بيوت تتمتع بوجود حدائق غناء تسر النظر وتبعث في النفوس الغبطة والبهجة والتفاؤل كانت دارنا أبان سبعينيات القرن الماضي كما هي دور الآخرين من أبناء الطبقة المتوسطة مزدانة بمختلف الأشجار والورود والنباتات بالإضافة الى صنوف الكائنات الحية من طيور وفراشات بمختلف الألوان والاشكال كان النصف الثاني من عقد السبعينيات من القرن الفائت بمثابة الفصل الأشد اخضرارا وتفاؤلا ومحبة بالنسبة للعائلة العراقية عموما حيث تكتظ المنازل بأشجار التين والزيتون والرمان والنخيل والسدر والكالبتوز والتي كانت تتسابق تحت ظلالها مختلف النباتات الموردة وغير الموردة الدائمة والموسمية .وسط هكذا أجواء تعبق برائحة ورود الرازقي والجوري والياسمين والجعفري بالإضافة الى أزهار الدفلة البيضاء وذات اللون الوردي المميز كنا قد نشأنا ونحن نتوافر على مقدار كبير من الثقة بالنفس يحدونا الأمل والإصرار على المضي قدما في طريق الحب والخير والمعرفة جراء ما نراه ونتلمسه ونستنشقه ونعشقه من خضرة وظلال وتربة زكية برائحة حضن إلام الرءوم .حديقة الدار كانت تمثل لنا ذلك الحبل السري الذي يربطنا بأمنا الكبرى (الطبيعة )الحديقة كانت في منازلنا بمثابة السلك الموصل الذي يؤمن لنا الالتصاق بقيم الاخاء والنقاء والصفاء والطهر والصدق والمحبة الى أخر قيم الطبيعة النبيلة .
لطالما كنا نشاهد إباءنا المتحدرون من بيئة ريفية فلاحية وهم يقضون جل أوقاتهم في حديقة الدار متنقلين من شجرة الى أخرى ومن غرس الى غرس كنا نرافقهم ونساعدهم على صغر أعمارنا في بعض المهام البسيطة كما كنا نتأثر بحركاتهم وأساليبهم في العمل وطرائق تدخينهم لسكائر (بغداد واريدو والجمهوري ).
في تسعينيات القرن الفائت شهدت المساحات الخضراء الزاهية داخل منازلنا انحسارا ملحوظا بسبب ذلك الحصار الهمجي الجائر الذي تسببت فيه سياسات النظام البائد آنذاك لقد فقدنا حبلنا السري الذي كان يربطنا بقيم الخير والسلام عندما فقدنا حديقة الدار فكانت حسرة الإباء على تلك المساحات الزاهية لا تعادلها حسرة عندما اضطروا الى التفريط بها تحت ضغط الظرف الاقتصادي الخانق ليتم بيعها وإقامة الأبنية على حساب أشجارها ونباتاتها وأزاهيرها وشدو طيورها ، بفقدنا حديقة الدار فقدنا الحلقة الأصغر التي كانت الطبيعة قد اختزلت فيها كل قواها وسحرها وشذاها ، سنوات ما بعد مصادرة تلك المساحات وانحسار رقعتها داخل المنازل والمدن والمحافظات ترعرعت بين أظهرنا أجيال لا تعرف للحديقة معنى في مفردات قاموس وجودها ، كان هذا الأمر احد أهم أسباب تصحر تلك الأجيال العاطفي والنفسي والثقافي فيما بعد .إن وجود الأشجار والنباتات والإزهار داخل البيوت لا يقل أهمية بحال من الأحوال عن وجود الأسرة والمدرسة والجامع والجامعة في حياة الإفراد والجماعات الطبيعة متمثلة في حديقة المنزل هي ذلك الجزء المغروس داخل كل منا والذي نحنّ إليه ونتوق لمعانقته ولعل هذا ما أشارت إليه الآية الكريمة بقوله (مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْ تَارَةً أُخْرَى) الآية كانت قد أشارت الى الحلقة الأهم والأبرز في الطبيعة إنها التربة التي تسترد أجساد أبنائها بعد ان يقضوا فوق سطحها وطرا . الحق أقول لكم يا إخوتي إننا اليوم أحوج ما نكون الى العودة لأحضان الطبيعة وتمتين عامة الأواصر والعلائق مع صورها وتمظهراتها ومستويات سحرها الخلاب نحن اليوم بحاجة ماسة الى ان نيمم وجوهنا شطر صور ومفاهيم الطبيعة عبر تحويل كل ما نمر عليه من مساحات جرداء الى بقع خضراء داكنة ، كل حسب طاقته واجتهاده لكي نسترد بعض قيمنا المفقودة بفقدان عالم تختلط فيه زقزقة العصافير مع حفيف الأوراق وخرير المياه وذكريات الأمس القريب الذي يعبق برائحة الزهور والإباء ، لقد استطاع الإرهاب ان ينفث سمومه داخل أروقة المجتمع عامة عندما وجد له من النفوس الضعيفة والمريضة ما يجسد أجندته التدميرية فوق الأرض إلا ان الإرهاب قد فشل فشلا ذريعا في ان يتسرب الى الطبيعة وقيمها النبيلة والفاضلة حيث بقيت قيم الطبيعة عصية على التلوث بقيم الشر والحقد والكراهية أتدرون لماذا بقيت الطبيعة بتلك القوة والصلابة لأنها الام التي تمثل الخصب والخير والنماء فهل رأيتم أو سمعتم بأم كانت مصدرا للكره والشرور والموبقات ؟.



#احمد_عبدول (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- دماء العراقيين هل تحتاج إلى فتوى لتحريمها ؟
- رجل دين ، رجل سياسة
- هل تقف امريكا وراء تقسيم العراق؟
- هل من معجزة؟
- وماذا عن المرجعية ؟
- ما الذي يجري في العراق واقعا ؟
- هل تعيد المصافحة للعراقيين قتلاهم؟
- مزامير الاغنياء
- الصحابة في ميزان علي ( عليه السلام )
- الشعوب ليست قطيعا
- البعث مرة اخرى
- شعب الله الثرثار
- الطائفية السياسية ..بين الواقع والشعار
- علي بن ابي طالب رائد المصالحة التاريخية
- ثنائية الخوف والطمع
- موتانا وموتاهم
- النص والمرأة
- مطر السوء
- القوم الكافرون
- أضغاث أحلام


المزيد.....




- الأكثر ازدحاما..ماذا يعرقل حركة الطيران خلال عطلة عيد الشكر ...
- لن تصدق ما حدث للسائق.. شاهد شجرة عملاقة تسقط على سيارة وتسح ...
- مسؤول إسرائيلي يكشف عن آخر تطورات محادثات وقف إطلاق النار مع ...
- -حامل- منذ 15 شهراً، ما هي تفاصيل عمليات احتيال -معجزة- للحم ...
- خامنئي: يجب تعزيز قدرات قوات التعبئة و-الباسيج-
- الجيش الإسرائيلي يعلن تصفية مسؤولين في -حماس- شاركا في هجوم ...
- هل سمحت مصر لشركة مراهنات كبرى بالعمل في البلاد؟
- فيضانات تضرب جزيرة سومطرة الإندونيسية ورجال الإنقاذ ينتشلون ...
- ليتوانيا تبحث في فرضية -العمل الإرهابي- بعد تحطم طائرة الشحن ...
- محللة استخبارات عسكرية أمريكية: نحن على سلم التصعيد نحو حرب ...


المزيد.....

- ‫-;-وقود الهيدروجين: لا تساعدك مجموعة تعزيز وقود الهيدر ... / هيثم الفقى
- la cigogne blanche de la ville des marguerites / جدو جبريل
- قبل فوات الأوان - النداء الأخير قبل دخول الكارثة البيئية الك ... / مصعب قاسم عزاوي
- نحن والطاقة النووية - 1 / محمد منير مجاهد
- ظاهرةالاحتباس الحراري و-الحق في الماء / حسن العمراوي
- التغيرات المناخية العالمية وتأثيراتها على السكان في مصر / خالد السيد حسن
- انذار بالكارثة ما العمل في مواجهة التدمير الارادي لوحدة الان ... / عبد السلام أديب
- الجغرافية العامة لمصر / محمد عادل زكى
- تقييم عقود التراخيص ومدى تأثيرها على المجتمعات المحلية / حمزة الجواهري
- الملامح المميزة لمشاكل البيئة في عالمنا المعاصر مع نظرة على ... / هاشم نعمة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الطبيعة, التلوث , وحماية البيئة ونشاط حركات الخضر - احمد عبدول - حديقة الدار