|
عودة أردوغان إلى -بيت الطاعة- الاسرائيلي
آزاد أحمد علي
الحوار المتمدن-العدد: 1192 - 2005 / 5 / 9 - 07:57
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
قبل عدة أشهر استفسرت من عدد من المسؤولين الحكوميين في سوريا عن سر المبالغة في الاهتمام بتركيا، و تمحور الحديث أيضا حول التفاؤل المبالغ فيه لأوساط من السلطة السورية للعلاقة الجديدة مع الحكومة التركية والمراهنة على طابعها (الاستراتيجي). ويومها نوهت إلى أن بنية النظام السياسي في تركيا لم يطرأ عليه أي تحول جوهري، وبالتالي تأثير التغيرات التي تحدث في المنطقة والعالم لا تدفعها بالضرورة إلى الحضن العربي والإسلامي. على الرغم من ما يطفو على السطح من شعارات حزبوية للتيار الإسلامي الذي يشكل أغلبية برلمانية مؤقتة في تركيا، ويقود الحكومة الحالية في تركيا. وهذا التيار الإسلاموي هو الوجه الآخر للعلمانوية الأتاتوركية (وقد سبق وتكهنت ببروز هذا التيار منذ أكثر من عشر سنوات في مجلة الحرية الفلسطينية، قبيل أول انتخابات بلدية سجل فيه التيار الإسلاموي هذا بقيادة أربكان حينئذ نصراً انتخابياً، ومازلت أعتقد بأن بروز هذا التيار يترجم أزمة المجتمع التركي المعاصر). وعلى الرغم من تباين الآراء في هذا الموضوع إلا أن الحماس للعلاقة (الاستراتيجية) مع تركيا الإسلاموية لم يتراخى لحظة واحدة في أوساط مختلفة في سوريا، وعلى أعلى المستويات، فما زال السيد رئيس مجلس الوزراء يؤكد في كل اجتماع سياسي أو إداري ( وقد حضرت عدداً منها) على أن العلاقة مع تركيا هو حبل النجاة ليس للاقتصاد السوري فحسب، وإنما لمجمل دور سورية ومستقبلها السياسي ؟! فهل هذا مجرد حنين ماضوي؟ أو إيهام بالبديل السياسي لأكثر من حليف غاب عن الساحة، أم هو في الواقع توهم بأن التغازل حول الملف الكوردي والتوافق في الآراء إزاء وقف التطور في الوعي القومي الكوردي والنهوض الجماهيري الملاييني لهذا الشعب، والإصرار على سياسة الإقصاء والتمييز المشتركة ضده، ستشكل أرضية لتعاون سياسي واقتصادي مثمر؟ إن الاتفاق بين حكومتي أنقرة ودمشق اليوم حول الإبقاء على هذا الشعب محروماً من أبسط حقوقه القومية والإنسانية لا يشكل بالضرورة أرضية لعلاقة استراتيجية، فلكل من القضية الكوردية في البلدين خصوصيتها ومساراتها وأفقها السياسي. ومن الخطأ الفادح بالنسبة للحكم في سورية تناول المسألة الكوردية بنفس الطريقة التي تتناولها الحكومة التركية وخاصة بالصيغة الطورانية الشمولية، وعلى العكس من ذلك قد يشكل الاتفاق على الملف الكوردي نقطة ضعف وخاصة للجانب السوري، على اعتبار أن هذا الاتفاق كان دائماً قائماً بصيغة أو أخرى وبدون معاهدات ومواثيق وتنازلات مطلوب تقديمها باستمرار من الجانب السوري فقط. فالقضية الكورية في تركيا لها جذورها العميقة وتعقيداتها وتختلف عن نظيرتها في سورية. وفي سياق هذه العلاقة المتوهمة ومناخاتها تم الاحتفاء والمراهنة على زيارة السيد سيزار رئيس جمهورية تركيا في الأسابيع الماضية. وباتت أوساط إعلامية سورية تعتبرها نصرا وفتحا سياسيا مبينا على سياسات الغرب وأجنداتها. وفي الوقت نفسه بالغت أوساط تركية أيضاً في وصف تلك الخطوة الجريئة ( أي الزيارة لمجردة الزيارة) واعتبرته تمرداً بل ثورة على أمريكا وأوروبا والحلف الأطلسي جميعا. لكن في المحصلة تمظرت الزيارة برمتها كحدث سياحي. واليوم تأتي زيارة أردوغان الممنهجة إلى إسرائيل لتسدل الستار على مرحلة التهويل والمراهنة هذه. فتركيا في اعتقادنا ستبقى حليفة إسرائيل الموضوعية، حيث أن اللوبي الصهيوني قد ساند وأشرف تاريخياً على إنشاء الجمهورية التركية المعاصرة، وهما دولتان لهما علاقات عضوية (اقتصادية وعسكرية وأمنية) وتناظراً بنيوياً، حيث أنهما دولتان استيطانيتان غريبتان نسبيا عن نسيج المنطقة الحضاري، ومازال وجودهما ملتبسا، وإن بدرجات مختلفة وفي سياق ظروف تاريخية متباينة. وما التيار الإسلاموي (الأردوغاني) إلا حالة طارئة في المجتمع التركي المأزوم، ولا يمكنه الخروج عن المنظومة السياسية والثقافية التي أنتجت تركيا المعاصرة، والتي تظل شرط وجودها الرئيسي. وتأتي زيارة أردوغان الحالية إلى اسرائيل لتؤكد على ثبات هذه المنظومة وتجذرها. فحكومة أردوغان الاسلاموية مثل سابقاتها بحاجة اليوم لمد شرايين الحياة إلى إسرائيل (الكافرة) لأكثر من سبب. بل أنها وصلت معها إلى النهايات السياسية القصوى عندما وافقت على التعاون مع إسرائيل على تجفيف منابع الإرهاب حسب المنظور الإسرائيلي. إن حسن العلاقة السورية ـ التركية المبنية على أسس من التفاهم و التكافؤ والمصالح المشتركة ستكون مفيدة للحكومتين ولكل المكونات القومية والشرائح الاجتماعية للدولتين وخاصة الكورد الذين يقطنون على طرفي الحدود الفاصلة بين سورية وتركيا،شريطة أن تكون هذه العلاقة ترجمة لترابط تاريخي وجوار جغرافي وقراءة موضوعية للواقع، وليست حصيلة لردود فعل سياسية طارئة معتمدة على تهيؤات سياسية. فالتوهم في بناء علاقات استراتيجية على أساس معاداة بعض من شعوب المنطقة وتطلعاتها المشروعة، واختلاق أعداء و أخطار وهمية لا تنتج في المحصلة سوى أوهام سياسية وعلى أرجح أخطاء استراتيجية كبيرة بدأت تظهر ملامحها.
#آزاد_أحمد_علي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
قضايا العمال في العالم المعاصر وأهمية العودة إلى شجرة الحياة
...
-
محكومون بالتعايش
المزيد.....
-
التهمت النيران كل شيء.. شاهد لحظة اشتعال بلدة بأكملها في الف
...
-
جزيرة خاصة في نهر النيل.. ملاذ معزول عن العالم لتجربة أقصى ا
...
-
قلق في لبنان.. قلعة بعلبك الرومانية مهددة بالضربات الإسرائيل
...
-
مصر.. غرق لانش سياحي على متنه 45 شخصًا ومحافظ البحر الأحمر ي
...
-
مصدر يعلن موافقة نتنياهو -مبدئيًا- على اتفاق وقف إطلاق النار
...
-
السيسي يعين رئيسا جديدا للمجلس الأعلى لتنظيم الإعلام
-
ثلاثة متهمين من أوزبكستان.. الإمارات تكشف عن قتلة الحاخام ال
...
-
واشنطن تخطط لإنشاء قواعد عسكرية ونشر وحدات صاروخية في الفلبي
...
-
هايتي: الأطفال في قبضة العصابات مع زيادة 70% في تجنيدهم
-
تحطّم طائرة شحن في ليتوانيا ومقتل شخص واحد على الأقل
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|