جمشيد ابراهيم
الحوار المتمدن-العدد: 4162 - 2013 / 7 / 23 - 13:07
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
كيف اختفت زوجتي في المقبرة؟
لا ادري لماذا المقابر تخيفني لذا اتجنبها و لكنها ايضا تجذبني: من ياترى هنا و كيف عاش/عاشت؟ هل انه/انها كان/ كانت مثلي او كان/ كانت مهملا/ مهملة اكثر؟ ذهبت الى المقبرة في الصباح الباكر و قبل شروق الشمس بقليل لازور قبرها بعد فترة طويلة و انا ارجف من الخوف و البرد و نسيت ان المقبرة كانت على ارض رملية و لكني كنت اعرف ان قبرها كان في مكان منعزل - هي لوحدها. ليس لقبرها حجر ليكتب عليه اسمها كما ارادت بل مجموعة من الحصو كومت في الوسط و حجز المكان لمدة ثلاثين سنة. ماتت و انا في نسيان لا اعلم السنوات الباقية على ايجار قبرها.
دخلت المقبرة و بدأت ابحث عنها في مكان منعزل هنا و هناك دون جدوى. كنت اعلم عندما كانت على قيد الحياة بانها لها قابلية كبيرة في الاختفاء. اتذكر عندما كنت معها في احدى الاسواق العصرية كيف انها كانت تختفي بمجرد التهائي بالقاء نظرة على شيء او سلعة معينة لدقيقة واحدة و هي تصعد كالبخار الى السماء او تبلعها الارض و كنت اقول لها و انا اضحك يجب عليها عرض خدماتها على دوائر التجسس بهذه القابلية الخارقة. ثم اسأل احدى العاملات: هل رأيت زوجتي؟ و هي تنظر لي باستغراب و تسأل: من اين لي ان اعرف زوجتك؟ فبدأت بوصفها وهي تضحك و تقول: هي بالتأكيد هناك منشغلة في مكان الفواكه منحنية لتفحصها بدقة - تختفي وراء كومة من البرتقال و التفاح و الموز.
كانت زوجتي دائما تسأل بعتاب: لماذا تشتري هذه السلع؟ هل لتأخذها للبيت و يتجمع التراب عليها؟ و الان لربما بدأ التراب يتجمع عليها ان لم تكن تحولت الى تراب بنفسها. استمريت بالبحث عن قبرها واتساءل كيف يا الهي تختفي حتى هنا في المقبرة؟ هل من المعقول ان تتحول الى بخار من جديد او لربما بلعها الارض او انها خذت نصيحتي و بدأت بالعمل في دائرة من دوائر التجسس. و بينما انا في افكاري وقعت في حفرة رملية مختفية تحت بعض النباتات. فجأة حبسني الرمل بقوة خارقة و لم يترك قبضته رغم محاولاتي الكثيرة و صراخي ثم بدأ يجذبني مثل جاذبية الارض و لكن ببطء الى الاسفل و انا في فزع و اصارع الرمل و الموت. عندما وصل الرمل الى اكتافي رفعت صوتي و قلت: لا يهمني من سيكون رئيس الجمهورية غدا و ماذا يعمل اهلي الان و من هو اغنى رجل في العالم و ماذا يحصل لفلوسي بالبنك؟. ثم تذكرت كومبيوتري في البيت و حاولت اعادة تمهيده reboot لالبس حذائي المطاطي من جديد و لكن دون جدوى.
www.jamshid-ibrahim.net
#جمشيد_ابراهيم (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟