فؤاد الهيلالي
الحوار المتمدن-العدد: 4159 - 2013 / 7 / 20 - 02:13
المحور:
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
سلسلة وثائق المنظمة الماركسية – اللينينية المغربية " إلى الأمام"1979-1980 – الخط الثوري – الحلقة الرابعة- " السجن قلعة النضال "- الجزء الأول –
تحت نيران العدو:من يوميات النضال الثوري لمنظمة "إلى الأمام"
المعارك البطولية لمنظمة "إلى الأمام"
1970-1979
"إن طريق الثورة ليس طريقا مفتوحا بدون حواجز , بدون مفاجآت . تستطيع الجماهير الشعبية , التي تبني بصلابة أكثر فأكثر تنظيماتها الثورية, و المسلحة أكثر فأكثر بالإديولوجيا الثورية للبرولتاريا و بنضالها وبكسبها سلطة النفوس , فتح طريق الثورة باستمرار ...حتى الانتصار ."
الشهيد عبد اللطيف زروال
"لم يعد التاريخ تاريخا للأسرالحاكمة و لا يحق للمؤرخين المزيفين أن يكتبوا تاريخ شعب. فالناس هم من يصنعون التاريخ بدمائهم. و هذا التاريخ يسجل ذلك الإرهاب الذي يزرعه النظام الرجعي في صفوف الشعب عن طريق أجهزته القمعية ..."
الشهيدة سعيدة لمنبهي
الفهرس
الفصل الأول: في سياق بعض الكتابات حول تجربة الاعتقال و السجون
تقديم عام
1-إشارات أولية
2-من الثورة لبرجوازية إلى الثورة الاشتراكية
تقديم عام:
اكتب
و اركع للورقة
و اغرس قلمك في عيني طفلك
و اكتب ما شاء لك السجان أن تكتبه
معين بسيسو
كما تم الإعلان عنه سابقا يقدم الكاتب حلقة جديدة من هاته السلسلة و تحمل عنوان :" تحت نيران العدو : من يوميات النضال الثوري لمنظمة "إلى الأمام" . المعارك البطولية لمنظمة "إلى الأمام" 1970-1979".
و تتضمن هذه الحلقة ستة فصول تتطرق لجوانب مختلفة من حياة المنظمة الممتدة من 1970 إلى 1979.و يتعلق الأمر هنا بمسلسل الاعتقالات و المحاكمات التي تعرضت لها على يد النظام الكمبرادوري المغربي و كذا النضالات التي خاضتها من داخل السجون و المحاكم دفاعا عن مشروع الثورة المغربية و عن المبادئ الثورية الماركسية- اللينينية التي آمنت بها, محولة السجون و المحاكم إلى قلعات للنضال الثوري و منابر للفكر الثوري, هكذا تعرض الحلقة العديد من المعطيات حول الاعتقالات و المحاكمات و نضال السجون و حركة العائلات و جوانب من حياة شهداء الحركة الماركسية – اللينينية المغربية لهاته الفترة.
الفصل الأول: في سياق بعض الكتابات حول تجربة الاعتقال و السجون
1)إشارات أولية:
ليس المقصود من هذا النص تقديم تقرير عن الاعتقالات أو تقديم تقييم لها بما يعني ذلك من محاسبة و تحديد المسؤوليات بالمعنى الماركسي –اللينيني المتعارف عليه ,و لكن تقديم صورة إيجابية عن أحداث و شخوص فاعلة في تلك الأحداث كما هي و كما كانت دون زيادة أو نقصان و دون جلد للذات أو تبخيس للتجربة , و ليس كما تقوم به العديد من الكتابات (بيوغرافيات , مقالات ...) التي يزخر بها ما يسمى عادة عند البعض بأدب السجون.
إن الموضوعية شرط أساسي للسرد التاريخي سواء كان نصا كرونولوجيا أو تركيبيا, ذلك أن تغيير المواقف الإديولوجية و السياسية لا تبرر طمس الحقائق و تزوير الأحداث تفاديا لما قد تثيره من أثر على الحاضر أو المستقبل. لسنا من هواة المنهج "التحليلي" الذي يقدم الواقع بطريقة هذا إيجابي و ذاك سلبي بمجرد وضع الإيجابيات إلى جانب السلبيات و القيام بإحصاء حسابي ثم إصدار حكم على التجربة المعنية, و هذا لعمري لقمة التحليل الصوري. نحن مع الديالكتيك في مواجهة هذا المنهج التبسيطي الذي أصبح سائدا عند العديد من "الثوريين القدامى" الذين ما أن مستهم " إشراقة" الفكرالليبرالي البرجوازي و أصبحوا يرددون على مسامعنا في كل حين أفكارهم التي جعلوا منها مجموعة من المقدسات و المسلمات وذلك دون أن يأبهوا للطبيعة الإديولوجية و الطبقية لذلك الفكر, حتى أصبحوا يحاكمون تجاربهم الفردية و الجماعية تحت شعارات هذا الفكر,الذي أصبح بمثابة إنجيلهم الجديد .
لن نعرض هنا لمسلسل هذا التحول على أرض الواقع, فهذا موضوع يستحق منا دراسة مستفيضة يتم فيها شرح الأسباب و الدوافع المؤدية إلى ذلك التحول خاصة لدى "المثقفين الثوريين", لكن يجدر بنا هنا التطرق لموضوعة الديموقراطية بشكل عام .
إن ما يحصل الآن أو منذ الأمس القريب على وجه التدقيق يذكرنا بعشرينيات القرن العشرين بعد انتصار الثورة الاشتراكية الروسية.
ففي سياق المد الثوري الذي فجرته الثورة البلشفية و الذي جعل من الديموقراطية السوفياتية نموذجا أعلى للديموقراطية وجعل الديموقراطية بمعناها البرجوازي أمرا مشبوها عند البرولتاريا و العديد من مثقفيها الثوريين. أما الآن, و بعد سقوط العديد من النماذج "الاشتراكية" و انتصار الرأسمالية عالميا , أصبحنا نرى العديد من "المثقفين الثوريين" السابقين يرددون على مسامع من يقبل بالاستماع إليهم أسطوانة الديموقراطية البرجوازية باعتبارها نهاية كل ديموقراطية تماما كما هي الرأسمالية هي نهاية التاريخ من منظور فوكوياما.
عموما’ فمفهوم الديموقراطية عند المثقفين هو أساسا و بشكل عام, مفهوم للمساواة السياسية. إن شعار المساواة السياسية باعتباره قمة الإديولوجية البرجوازية لذو تأثير كبير , كما نعلم , على المثقفين الذين يعتقدون كفئة اجتماعية أنه يوفر المثل العليا للحرية والمساواة و التقدم. فهم يعتقدون أن التضامن الاجتماعي سيتولد , و بشكل أوتوماتيكي من المساواة في الحقوق, و لذلك لا يستسيغون مفهوم الصراع الطبقي و ما ينبع عنه من ضرورة القضاء على المجتمع البرجوازي, فتراهم في كل واد يصيحون و يرددون بلازمتهم حول الدولة اللبرالية التي في ظنهم أنها فوق الطبقات لتفقد بذلك الدولة أي مفهوم طبقي , ناهيك عن اعتبارها أداة للقهر و السيطرة.
من هنا يتضح الخطأ التاريخي الذي يسقط فيه المثقفون عموما و بعض "الماركسيين"البرجوازيين الصغار, وهو خطأ شائع لم تخل منه فترة من فترات الصراع بين الفكر الماركسي و الفكر البرجوازي و منوعاته( الاشتراكية الديموقراطية, التحريفية ...).
صحيح أن الثورات البرجوازية قد دشنت عهدا جديدا لحقوق الإنسان في سياق صعود البرجوازية و الرأسمالية المتحررة من قيود الإقطاعية و أنظمتها الاستبدادية ’ لكن هذا التطور كان متناقضا بحيث أنه في نفس اللحظة التاريخية وقع انشطارتولد عنه ظهور الفكر الاشتراكي "الطوباوي" ,لأن العهد الرأسمالي الجديد ظهر كعهد للاستغلال و تفقير للشعب و استغلال للطبقة العاملة. هكذا و حتى قبل ظهور الفكر الماركسي بدأ يتجلى للمفكرين الاشتراكيين الأوائل أن المثل العليا التي تبشر بها البرجوازية من قبيل : الحرية و المساواة السياسية غير قادرة على تحقيق الحرية و المساواة للطبقات الكادحة و البرولتاريا.
و من هنا نشأ مفهوم الديموقراطية الاجتماعية الذي ارتكز على إبراز تناقضات الفكر السياسي للطبقة البرجوازية لما قابل بين حرية التعبير السياسي و ما تخفيه من تبعية اقتصادية للطبقة العاملة و الأغلبية الساحقة من المجتمع, كما أن شعار المساواة أمام القانون يخفي اللامساواة في الممتلكات, بالإضافة لكون شعار الأخوة لا يمكن أن يتحقق بين المستغل(بكسر الغين) و المستغل( بفتح الغين) لكونهما متصارعان ويوجدان في وحدة متناقضة لا مجال لتغيير طرفها السائد وتغيير مضمونها لصالح المستغلين( بفتح الغين) دون ثورة حقيقية.
يقول سان سيمون أحد رواد الاشتراكية الطوباوية فاضحا الطابع الطبقي للديموقراطية البورجوازية : " إن الغنى هو الأساس الحقيقي و الوحيد لكل تأثير سياسي و لكل قيمة ".
لقد نشأت فكرة الديموقراطية الاجتماعية باعتبارها التجسيد الحقيقي للمثل العليا للمساواة التي لا يمكن أن تتحقق إلا بالقضاء على النظام البرجوازي.
والخلاصة الأساسية التي يمكن التأكيد عليها, هي كون المساواة الاجتماعية وليس المساواة في الحقوق بمعناها البرجوازي , هو ما يحدد مضمون الديموقراطية, و من تمة سمو نظام الجمهورية الاشتراكية على نظام الجمهورية البرجوازية, لأن الأولى هي مضمون التحرر الديموقراطي للجماهير, وأن أشمل ديموقراطية هي تلك التي تقضي على الاقتصاد الرأسمالي باعتبار ذلك شرطا ضروريا .
بناءا على ذلك, يحتل مفهوم الصراع الطبقي و تحقيق الثورة الاشتراكية مبدآن أساسيان لتحقيق ديموقراطية أشمل : الديموقراطية الاشتراكية.
لقد أثبت التاريخ أن مجموعة من الشروط الاقتصادية الأساسية تظل خارج التشريع السياسي للبرلمانات البرجوازية رغم المساواة السياسية و منها استملاك فائض القيمة و الربح و إخضاع السيرورة الاقتصادية لمبدأ التراكم الرأسمالي حيث يتم عبرها خضوع المجتمع لسيطرة الرأسمال الكبير.
من هنا تتبدى ضرورة البديل الاشتراكي الذي يتحقق عن طريق تقدم الصراع الطبقي الثوري.
ودون الدخول في نقاش مستفيض ( الشيئ الذي سنخصص له حلقات في الوقت المناسب )أكدت التجربة التاريخية صحة الطرح الماركسي - اللينيني((تجربة كومونة باريس, تجربة الديموقراطية السوفياتية, تجربة الكومونات الشعبية بالصين, تجربة الثورة الثقافية الصينية… ).
يقول لينين: " إن الديموقراطية البرولتارية هي مليون مرة أكثر ديموقراطية من أية ديموقراطية بورجوازية,و سلطة السوفياتات هي مليون مرة أكثر ديموقراطية من الجمهوريات البرجوازية الأكثر ديموقراطية. لينين:" الثورة البرولتارية و المرتد كاوتسكي"
إن لينين يكثف هنا جوهر الديموقراطية البرولتارية من خلال مقارنة بين الديموقراطيتين البورجوازية و البرولتارية.( لمن يشككون في هذا الطرح ندعوهم لقراءة كتابان لمؤلفين غير ماركسيين عالجا الحقبة اللينينية من الديموقراطية السوفياتية: "ثورة البلاشفة" للمؤرخ الانجليزيإدوارد هالت كار- الأجزاء الأربعة . دار الكتاب العربي للطباعة و النشر 1970, و كتاب " الصحافة و تطور السلطة في روسياالسوفياتية(1921 -1927)" وهوباللغة بالفرنسية لصاحبيه بييروإرين سورلان ,مكتبة أرماند كولان, 1972.
ففي رده الشهير على كاوتسكي, أقام لينين الحدود بين الديموقراطيتين و السلطتين:
- الديموقراطية السوفياتية( يعني الديموقراطية الإشتراكية التي تبنيها البروليتاريا) تدعو الجماهير للحكم بينما الديموقراطية البرجوازية تبعد الجماهير عن ذلك.
- السوفياتات(شكل السلطة البروليتارية) تنظيم مباشر لجماهير العمال بينما البرلمان البرجوازي يعترض على مساهمة الجماهير.
- السلطة السوفياتية تعمل على القضاء على البيروقراطية بينما الدولة الرأسمالية تعمل على تطويرها.
- في الدولة السوفياتية حرية الصحافة أكبر بينما حرية الصحافة في الدولة الرأسمالية تقوم على النفاق.( انظر الكتاب المشار إليه أعلاه)
- الحق في الاجتماع هو مليون مرة أكثر في الدولة الاشتراكية منه في الدولة الرأسمالية حيث يظل الحق في الاجتماع في هذه الأخيرة محدودا.
2) من الثورة البرجوازية إلى الثورة الاشتراكية
انبثقت الماركسية من قلب الصراع الطبقي الدائر رحاه في المجتمع الرأسمالي و من قلب الأفكار الفلسفية والاقتصادية و السياسية و الاجتماعية, التي كانت تعرف مخاضا كبيرا هيأ التربة لنشوء الماركسية كنظرية ثورية للطبقة العاملة.
لقد أكدت كل الثورات في التاريخ على مبدإ أساسي و هو الحق في الثورة. و إذا كانت العلاقات النظرية ذات صلة جدلية بالعلاقات التاريخية, فالثورة الاشتراكية هي نقيض الثورة البرجوازية على المستوى التاريخي, فلسفة و فكرا و إديولوجيا و ذاتا ثورية.
فمقابل الحق البرجوازي في الثورة: " عندما تخرق الحكومة حقوق الشعب, تصبح الانتفاضة بالنسبة للشعب و لكل جزء من الشعب,الحق الأكثر قدسية و الواجب الأكثر ضرورة "(الفصل 35 من إعلان حقوق الإنسان و المواطن,24 يونيو 1893.), انبثق مفهوم "الحق في الثورة" الماركسي الذي تم التأسيس العلمي له انطلاقا من الفكر المادي الجدلي و المادي التاريخي: "إن الماركسية تتضمن عدة مبادئ , لكن يمكن ردها كلها في آخر التحليل إلى جملة واحدة : لنا الحق في أن نثور "( ماو تسي تونغ) (للمزيد من الفهم الرجوع إلى كتاب " نظرية التناقض" ل ألان باديو, سلسلة ماسبيرو).
#فؤاد_الهيلالي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟