أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - محمد عبد القادر الفار - وهم القصة الواحدة














المزيد.....

وهم القصة الواحدة


محمد عبد القادر الفار
كاتب

(Mohammad Abdel Qader Alfar)


الحوار المتمدن-العدد: 4159 - 2013 / 7 / 20 - 00:25
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


من أنت ... إنك لا تعرف عن نفسك سوى قصتها الحالية، المشهد الحالي الذي هي حاضرة فيه ... تتوقع المستقبل حسب معطيات ماضيك الذي لا يعود بك إلى ما قبل ولادتك، بل لعلك لا تذكر أي شيء قبل عمر ثلاث سنوات مثلا ...
وهذا كاف جدا ليكون الواقع الذي تعيشه صلبا جدا، ومتماسكا جدا، بالنسبة لك...

فلو كنت ابن خمس وعشرين سنة، فإن تراكمات اثنين وعشرين سنة من الخبرات والمعلومات هي ما تشكل وعيك بكل شيء، هي ما تحكم تصوراتك لكل ما هو كائن... وعيك بذاتك ..

هذا قصتك إذا، بدأت قبل خمس وعشرين سنة، وقد تنتهي بعد خمس وعشرين سنة أخرى مثلا، أو ربما أربعين.... حسب خبراتك خلال 22 سنة سابقة، فإن قصتك ستنتهي كما تنتهي قصص الآخرين... يفترض أن تكون واثقا جد من ذلك، وتشعر وكأن الثواني تفلت منك وتدفعك حتما لنهاية قريبة، مهما بدت بعيدة...

علم النفس قد يقدم لك تفسيرا مقنعا جدا عن انشغالك عن هذه النهاية الحتمية خلال حياتك وكأنها لن تكون .... فأنت تتكيف مع هذه الحقيقة لينعكس خوفك من الموت على شكل استماتة لنقل جيناتك أو لإنجاز شيء ما أو ربما أشياء أكثر دقة وخفة...
هل هو حقا تكيف تتم ترجمته لنزعات وأفعال؟ أم أن هناك خيطا رفيعا يربطك بحقيقة حضورك الكامل، الحقيقة المحجوبة؟...

إن مجموع خبراتك يجعلك حبيس واقع يقول أن قصتك بكاملها تدور بين الولادة والموت، وبالتالي يحجب عنك حقيقة حضورك الكامل .. داخلا في كل القصص وخارجا منها... حضورك خارج القصص ...

وضمن هذا الواقع الذي فرضته تراكمات "الذاكرة"، لا سبيل إلى الحضور بعد نهاية القصة إلى من خلال سيناريوهات للخلود هي محكومة بتصور الزمن على أنه يتقدم فعلا نحو الأبد واللانهاية ... الخلود ترجمة لحقيقة الحضور الكامل، ضمن مفردات واقع محكوم بالزمن.. ومحكوم بالتراكيب والأشياء المنفصلة التي تتباعد وتتقارب...

أما عن قصتك الحالية، فهي كلها ذاكرة، وأنا وأنت مثلا التقينا في هذه القصة، قصتك الحالية وقصتي الحالية، وطالما أنني أستطيع أن أوصل لك المعنى من خلال كلمات تربطها علاقات تستطيع ذاكرتي وذاكرتك أن تستحضرها الآن على الأقل، فمن الواضح أننا لا نستطيع أن نفكر أو نتصور شيئا بعيدا عن الذاكرة،وخلال اثنين وعشرين سنة مثلا، أصبحت التجارب الجديدة التي يمكن أن تطرأ، مألوفة بشكل عام، يكسب بعضها بعضا صلابة واقع مادي فيه أشياء كثيرة جدا لا يمكن تغييرها...

بداية قصتك هي الولادة... وهذه بداية للذاكرة ... أنت منذ الولادة لوح أبيض تماما... هنا بدأت الذاكرة.. هذا مؤكد

ولكن... هل انتهت الذاكرة هنا أيضا؟ .... هل تمت عملية فرمتة للذاكرة عند لحظة الولادة لتعود لوحا جديدا...

لا بد أنك تحلم أحيانا ... وما يحدث في الحلم شبيه بهذه العملية ..

بداية الحلم هي بداية قصة، تنتهي حين تصحو... هي بداية لذاكرة معينة إذا..

وفي نفس الوقت ... لا بد أن تنسى حتى يبدأ الحلم... لا بد أن تنسى أنك وضعت رأسك على الوسادة ونمت قبل قليل، لا يمكن لذاكرة الحلم أن تبدأ ويكتسب الحلم أية صلابة تجعله ينطلي عليك خلال فترة الحلم، طالما لم تنس تلك الحقيقة، حقيقة أنك دخلت الغرفة ونمت قبل قليل...

نسيان ذلك إذا هو ضروري لإكساب الحلم الصلابة ... إن تذكر كل شيء يعني أن لا ينطلي علينا شيء بعد الآن... وأن لا يعود أي شيئا صلبا ... ولا يعود هناك مستحيل ... وبالمختصر تفقد كل التراكيب المنفصلة والعلاقات بين هذه التراكيب كل صلابة وكل وحدة خاصة بها لتبدو كما هي فعليا، حقلا متشابكا من كل شيء...

هذه ليست القصة إذا ... هذه هي فقط : شروط الذاكرة..

ويبقى أن نسأل أنفسنا: هل ننسى لأن ذلك مفروض علينا فقط... أما أننا ننسى لأننا نريد ذلك أيضا

إننا ننسى بإرادتنا أحيانا، طالما كان النسيان سينقلنا إلى قصة جديدة (أعني هنا تجربة جديدة ضمن حياتنا) حين يصبح جزء من هذه الذاكرة عبئا لا يمكن أن تنطلي علينا معه أية قصص جديدة!



#محمد_عبد_القادر_الفار (هاشتاغ)       Mohammad_Abdel_Qader_Alfar#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- خمر وصلاة 2003
- الصوفي المتمرد
- الإفلات من إله الشر - الماتريكس
- الماتريكس الحقيقي – الشيطان
- هل الكون يتآمر عليك - عودة للماتريكس الحقيقي
- اليأس من وجود الله
- حين اكتشف الله أنه الله
- تناسخ الأرواح، تلك المعضلة
- معنى النسيان
- معنى الذاكرة
- دوامة الوعي
- المتصوف المتمرد 5
- النوم كغاية يومية
- ثوري .. وهذه الثورات لا تمثلني
- المتصوف المتمرد ... 4
- المتصوف المتمرد ... 3
- صهيونية، بما لا يخالف شرع الله
- المتصوف المتمرد ... 2
- المتصوف المتمرد ... 1
- لست حرا ما دمت تسعى


المزيد.....




- سعد الحريري يُدين اغتيال حسن نصرالله: دفعنا غاليا من أحبتنا ...
- كيف عرفت إسرائيل موقع حسن نصرالله؟ شاهد ما قاله عقيد متقاعد ...
- عمل كمستشار عسكري في الحرب الأهلية في سوريا.. الكشف عن هوية ...
- إليكم من قد يخلف حسن نصرالله كزعيم جديد لحزب الله
- الحوثيون: حسن نصرالله نال ما تمناه.. ومقتله -خسارة فادحة-
- الجيش الإسرائيلي ينشر لقطات لتجنيد لوائي احتياط للقتال في ال ...
- قصف عنيف جدا الآن على الضاحية الجنوبية لبيروت
- موسكو تدين جريمة الاغتيال السياسي لأمين عام -حزب الله- حسن ن ...
- الإعلام العبري: تفعيل صفارات الإنذار في المنطقة الوسطى بإسرا ...
- أبرز ردود الفعل على اغتيال زعيم حزب الله حسن نصر الله؟


المزيد.....

- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي
- فلسفات تسائل حياتنا / محمد الهلالي
- المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر / ياسين الحاج صالح
- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام
- سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري - / الحسن علاج
- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - محمد عبد القادر الفار - وهم القصة الواحدة