وسيم أبازيد
الحوار المتمدن-العدد: 4158 - 2013 / 7 / 19 - 22:00
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
تتميز الاحزاب الديمقراطية عن الاحزاب الشمولية ، بان الاحزاب الديمقراطية تعتمد على التنظيم الديمقراطي المبني على نظام داخلي صارم ، وبرنامج عمل وطني واضح .. بينما تعتمد الاحزاب الشمولية على الخطاب الشعبوي المعتمد على الشعارات العريضة المفرغة من مضمونها ، وبرامج عمل فضفاضة و بنية داخلية تعتمد على القائد الفرد الاوحد ..
وتبنت كل الاحزاب ، - حتى الشمولية - ، مبدأ المركزية الديمقراطية في التنظيم ، وشكل البناء الهرمي العمودي ، وطبّقته كل حسب طبيعة الحزب الديمقراطية أو الشمولية .
المركزية الديموقراطية بمفهومها المجرد تعتمد على مبادئ اساسية : خضوع الهيئات الادنى للهيئات الاعلى ، وخضوع الأقلية للأكثرية ، والنقد والنقد الذاتي والمحاسبة .
ولكن كل الاحزاب التي انشأت وتبنت مبدأ المركزية الديمقراطية في التنظيم ، حتى التقدمية والثورية منها ، استخدمت هذا المبدأ بالذات للتحول الى الشمولية بالتدريج ، ولذلك عدة اسباب ، تتعلق بشكل أساسي بالبيئة التي تنشأ فيها هذه الاحزاب ، ويأتي منها اعضاؤها ، والتي مازالت تخضع للزعيم الفرد العائلي والعشائري والديني والعرقي والطائفي .....
وتتعلق ايضا بمفهوم المركزية الديمقراطية ، وطريقة تطبيقها ، والغرض منها .
والعامل الاخر الذي يؤدي باستخدام المركزية الديمقراطية للوصول الى الاستبداد ، هو شكلها الهرمي العمودي .
المشكلة ليست بالمركزية الديمقراطية ، بل في فهمها و تطبيقها ، حيث تطرح عادة بشكلها المجرد المكون من مبادئها الاساسية وشكلها العمودي ، بما يخدم تطلعات الديكتاتور الصغير الذي يسعى للتربع على رأس الهرم ،
بينما غرض مبدأ المركزية الديمقراطية ، هو الديمقراطية المباشرة و الشاملة ، وشكلها الحقيقي هو افقي وليس عمودياً .
بتحليل كل عنصر من عناصرها ، نجد انها مازالت هي المبدأ الوحيد الصالح لبناء احزاب ديمقراطية وثورية ، ان هي فهمت بما هي عليه ، وليس بالصورة التي تقدّم بها .
يقدّم مبدأ المركزية الديمقراطية عادة على هذا الشكل ، وبهذا الترتيب بالذات :
1- وجود مركز واحد يقود كافة منظمات الحزب
2- انتخاب جميع الهيئات القيادية في الحزب من القاعدة إلى القمة
3- الهيئات الدنيا ملزمة بقرارات الهيئات العليا.
4- الانضباط الصارم والدقيق وخضوع الأقلية للأكثرية.
5- ممارسة مبدأ النقد والنقد الذاتي
6- القيادة الجماعية وهي أحد المبادئ الأساسية في القيادة الحزبية وشرط لا غنى عنه لنشاط منظمات الحزب.
وبهذا الترتيب بالذات ، الذي يطرح عادة ، يبدو ان الغرض منها هو الاستبداد ، بينما بعكس الترتيب سيبدو من حيث الشكل والأولويات ، ان غرضها الديمقراطية الشاملة والمباشرة .
الشكل الجديد اللازم طرحه الان لمبدأ المركزية الديمقراطية ، هو التالي :
1- القيادة الجماعية وهي أحد المبادئ الأساسية في القيادة الحزبية وشرط لا غنى عنه لنشاط منظمات الحزب.
2- ممارسة مبدأ النقد والنقد الذاتي .
3- الانضباط الصارم والدقيق والتزام ( وليس خضوع ) الأقلية برأي الأكثرية.
4- انتخاب جميع الهيئات في الحزب من الوحدات الاساسية الى المركزية .
5- الهيئات المركزية ملزمة بقرارات الهيئات الاساسية .
6- وجود مركز واحد ( الهيئة المركزية ) ، يتخذ القرارات ، بناءاً على التصويت عليها في الوحدات الاساسية ، وينفذ ما تراه هذه الوحدات مناسبا ومنسجما مع نهج الحزب .
ومن حيث التطبيق والممارسة ، يتم الطرح على الشكل التالي - ( مع الانتباه للمصطلحات الدارجة والمصطلحات الواجب استخدامها ) :
يقوم الحزب على نظام داخلي ، يحدد مفاصل الحزب التنظيمية وهيئاته ومهامها ، وواجبات الاعضاء وحقوقهم .
تقوم الوحدات التنظيمية ( الاساسية ) - ( وليس الادنى ) ، المكونة من الاعضاء ، حسب مناطق تواجدهم ، بانتخاب رئيسا للوحدة ، يكون مسؤولا أمامها ( وليس عنها ) ، عن نقل وجهة نظرها بأمانة عن كل ما يتعلق بالحزب ، ونتائج التصويت على القضايا المركزية ، الى ( الهيئة المستوى الثاني) ، - ( وليس الاعلى ) ، وكذلك نقل القرارات بأمانة من الهيئات المركزية ( وليس القيادة ) الى الوحدات الاساسية المسؤولين أمامها .
مجموع مسؤولي الوحدات الاساسية في منطقة أو مدينة ، يشكلون هيئة مستوى ثاني ، تنتخب رئيسا ، يكون مسؤلا أمامها ، و يقوم بدوره بالتواصل مع هيئات المستوى الثالث ، وتتوالى المستويات بنفس المتوالية الحزبية ، وصولا الى تجمع مسؤولي الهيئات في المستوى الاخير اللازم للعمل الحزبي ، في هيئة مركزية ، تنتخب أمينا عاماً ، يكون مسؤولا أمامها ، ويقوم بالمهام التي تكلفه بها الهيئة المركزية ، وحسب حدود واجباته وحقوقه المحددة في النظام الداخلي .
وبهذا المفهوم لمبدأ المركزية الديمقراطية ، تصبح الوحدات الاساسية ( وليس القواعد ) ، بمجموع أعضاء الحزب هي القيادة ، وتصبح الهيئة المركزية ، هي من تنفذ قرارات مجموع اغلبية الوحدات الاساسية القيادية ..
ويصبح مفهوم الكادر مختلفا ، ولا يتم تجميعه اوتوماتيكيا في ( قيادة مركزية ) قامت تاريخيا في كل الاحزاب ، الى تحويلها الى شمولية ، وتميزت بالاستبداد ، و تعزيز الديكتاتورية ، وعبادة الفرد .
وبهذا المفهوم لمبدأ المركزية الديمقراطية في بناء الاحزاب ، يصبح شكل الاحزاب افقياً ديمقراطيا شاملا ، وليس عموديا هرميا شمولياً ، يركّز السلطة والوصاية بيد القائد الفرد ...
#وسيم_أبازيد (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟