أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الصحافة والاعلام - نضال نعيسة - حكــي إنتـرنت















المزيد.....

حكــي إنتـرنت


نضال نعيسة
كاتب وإعلامي سوري ومقدم برامج سابق خارج سوريا(سوريا ممنوع من العمل)..

(Nedal Naisseh)


الحوار المتمدن-العدد: 1191 - 2005 / 5 / 8 - 07:45
المحور: الصحافة والاعلام
    


كثيرا ماكنا نسمع منذ زمن غابر ولّى بكل مآسيه وكوارثه عبارة "حكي جرائد" للتدليل والإشارة إلى تلك الكتابات عديمة الفائدة والقيمة, كانت تقال في هذه المسألة أو تلك,ونراها في الصحف اليومية تتكرريوما بعد آخر حتى ألفها وملها الناس. أوبالإشارة إلى أية قصة فيها شيء من الريبة والكذب والنفاق .وفي الحقيقة كانت هذه اللازمة العفوية تحمل رسائل ذات مضامين في عدة اتجاهات, لعل أهمها تلك التي ترمي إلى التقليل من أهمية الإعلام, ودوره الريادي في الحياة, وتهميش الكلمة وأثرها الفعال في تقويض إمبراطوريات الدجل والنفاق.وسيطرة الفكر الرسمي وتحكمه بمسار الكامة وتوجيهه للرأي العام .وغاصت الأوطان البائسة بشكل عام في حقبة مديدة من دنيا الجهل وأعماق التسطيح والتجهيل والاستغباء . وتم ازدراء هذه الفعالية الفكرية والثقافية الهامة ,وبالتالي التنصل من أية التزامات بتطويرها والتعامل معها وإعطاؤها دورها الواجب في الحياة ,وبما يجب أن يكون عليه الحال في التعامل مع هذا السلاح الفعال ,في حين أن بعض الدول تعتبره السلطة الرابعة بعد السلطة التنفيذية والتشريعية والقضائية.ولقد كانت أي مسألة لا يريد أحد أن يلتفت لها أو يعيرها أي اهتمام ,أو تعتريها الشكوك والمتناقضات أو أي قرار تخديري يوصف بـ "حكي جرايد".وفي الواقع لقد كان "حكي الجرايد "فعلا لا قيمة ,ولا تأثير له, طالما أن السلطة القدرية والدهرية هي التي تتولى الأشراف عليه,وتنتجه,وتسوقه, وتديره من الباب إلى المحراب.وكانت الإدارات الأمنية تتولى تعيين الموظفين والمخبرين من البواب إلى رئيس مجلس الإدارة ,ورئيس التحرير الهمام الذي لم يكن في الواقع سوى صدى لما يقوله ويفكر به الكبار وأصحاب الشأن.وقد وعى الناس بحسهم الفطري العفوي النقي هذه النقطة ,وأدركوا أن كل مايقال في صحافات البلاط لاقيمة له على الإطلاق ,وهو فعلا "حكي جرايد" ليست له أية قيمة على اية حال.وكانت السلطات المختصة المعنية بتخدير الناس وتنويمهم تعمد إلى تسريب أنباء وأخبار وتلفيقات ومشاريع وتبيعهم قصورا في الهواء ,سرعان ما يكتشف المواطن الغلبان بطلانها وزيفها وكذبها ويصمونها بحكي الجرايد الذي لا ثمن ولا قيمة له على الإطلاق.وتحولت تلك الجرائد مع الأيام,وبعد أن فقدت مصداقيتها تماما, إلى مجرد أوراق للف سندويتشات الفلافل برغم أنها تحوي صور الثوار الأبرار الأخيار,وأخبار تنقلاتهم ,واجتماعاتهم,وسفراتهم فيما وراء البحار والتي لم تجلب سوى قبض الريح ,والخسائر وتردي الأحوال .وقد أصبحت هذه اللازمة,بفعل الممارسات الغبية العمياء, تعبيرا عن كل قول تافه لاقيمة ولا معنى له ولا يساوي شيئا في حياةالناس. وقد كرست الممارسات اليومية ,والسياسات الأبدية "التنحة" لهذا الإعلام تلك المقولة وجعلتها حقيقة مطلقة في وجدان الناس لا تقبل النقاش والحوار.

وقد تحول أولئك الكتاب الموظفون إلى مايشبه آلات تسجيل ميكانيكية تدار بالريموت كونترول,وكبسة زر ,وتردد وتنفذ كل مايقال لها ويأتيها من مراكز القرار ,وأصبحت لهم كليشيهاتهم الجاهزة والمعروفة والمعدة مسبقا والمحفوظة عن ظهر قلب. وكانت بعض الخطب ,والبيانات ,وحتى الإحصاءات , تعاد على مدار الأعوام ,ويتم تغيير بعض التواريخ فقط والفواصل والنقاط.ولذلك حين كان أحدهم يبدأ بأية جملة ,كان يمكن لأي عابر سبيل ,أن يكمل "المانيفستو الثوري" أو "الكليشة" دون أية أخطاء نحوية أو إملائية ,وحتى بدون أن يكون قد دخل أية مدارس أو حضانات ,أو عرف حتى شيئا عن الألفباء.كما أصبحت تلك الشعوذات البلاغية مجالا للتندر بين الجموع نظرا لما كانت تحمله من استخفاف بعقول الناس,وأصبح هناك موقف خاص للجميع من الصحافة,انعدمت أهميتها كليا في ضوء الإغلاق الشمولي والتعتيم العام على كل الأخبار والأحداث.وكانت هذه الصحافة الصفراء هي المرآة الوحيدة التي كانت الأنظمة لاتريد أن ترى فيها سوى نفسها,ولاشك أن النرجسية والذاتوية القصوى المريضة ترى لذة بالغة وعارمة عند التمعن والنظر بالذات الفتانة,ولا ترغب في النظر بشيء آخر. وقد تم تهميش وإقصاء الكثير من الأصوات والأقلام الحرة ,ومنها فعلا من طواه عالم النسيان ,وهجر الكلمة وسحرها وألقها وقوتها التي تحطم أعتى الحصون والجدران.ومن المحزن والمؤلم ,وبرغم ثورة تدفق المعلومات الهائلة,فإن البعض مازال يمارس نفس تلك الأدوار معتبرا أن شيئا ما لم يتغير على الإطلاق.

اليوم ,ومع انطلاق فجر الإنترنت,بدت البوصلة في اتجاه مغاير تماما لما كان عليه الحال.إنه الفضاء المفتوح المتحرر من كل قيد والتزام وحتى حشمة ووقار.واتجهت الكثير من العيون الباحثة عن الحقيقة والكلمة الصادقة نحو هذا الفضاء, ووجدت الكثير من الأقلام مساحات واسعة لا حصر لها من الحرية كانت قد افتقدتها وحرمت منها في الإعلام الموجه ,وبات التطرق للكثير من المحرمات أمرا عاديا,وبدأ دق الأبواب الكثيرة المحصنة التي تمترس خلفها القديسون المعصومون الشرفاء لعقود من الزمان.ولم يعد أحد يردد تلك العبارة المهينة لشرف الكلمة التي حاول البعض حثيثا إهانتها من منطلق عدائهم التاريخي للثقافة ,والكلمة والشفافية التي تعني لهم مقتلا ونهاية بأساء.

"حكي الإنترنت",سلاح من أسلحة التغيير الشامل,وكلام حقيقي مجرد من أية رتوش ,فعال وقوي يستمع له الكثيرون ,ويدخل خلف الأبواب العالية,ويصل أعلى الأبراج العاجية الشاهقة,ويتسلل دون استئذان إلى المخادع والخلوات البعيدة التي لا يعرف دهاليزها وخباياها سوى مستشارو الأمن الكبار.فهل من قبيل الصدفة أن يكون "حكي الإنترنت" وراء الكثير من القرارات التي تتخذ الآن في أكثر من مجال ,فيما أشار أكثر من مسؤول بارز ورفيع إلى أخبار وروايات مستقاة من "حكي الإنترنت" ,وهذا يدلل على أهمية "حكي الإنترنت",وقوته الخفية التي أصبحت تتحكم بمراكز القرار.كما أن "حكي الإنترنت"بدأ يزعج المرعوبين الخائفين من سطوع شموس الحقيقة وجعلهم يتحسسون رؤوسهم ,ويسبب لهم قلقا وصداعا مؤرقا, وهذا ما حدا أيضا بالبعض للجوء للقضاء لوقف"المشاكسات" و"المعاكسات"الإنترنتية ظانا,بغباء, أن احتكار الكلمة والرأي والعقول سيدوم حتى نهاية الحياة ,ويفكر فطاحلة آخرون بإصدارقوانين قروسطية زاجرة ورادعة تمنع "ثرثاري"الإنترنت من رمي المحصنين وقذف المعصومين الأشراف بـ"حكي الإنترنت" والعياذ بالله . وماقيام بعض "الأذكياء" بتشفيرمواقع التنوير هنا وهناك إلا إدراك تام لحقيقة الرعب القاتل والخطر الماحق الداهم والقادم من وراء "حكي الإنترنت",الذي ظهر جليا أنه بدأ يأتي أكله,وانهارت معه كل التدابير والبنى الأمنية والتحصينات التي عجزت تماما ,ورفعت الراية البيضاء أمام هذا المد الكاسح والطوفان,كما لم تعد تقارير المخابرات الملفقة مصدرا وحيدا للمعلومات.

"حكي الإنترنت" ينظر الجميع له بإمعان ,ولا يتجرأ أحد على وصمه بما كان يوصم به زميله في صحف البلاط من عدم فائدته ,وأهميته ,وأهليته لأن يتبوأ الآن فعلا مركز السلطة الرابعة ,بدل تلك التي انهارت وتقوضت مع الأيام في أحلك الشموليات الظلماء التي مازالت تصارع الموت ,وتريد البقاء على الحياة.الكل يبدأ يومه الصباحي ,بدل فنجان القهوة,بـ"دوبل كليك" على هذا الموقع أو ذاك لأخذ الخبر اليقين الذي لم تمتد إليه أيادي الرقباء وعقولهم البلهاء, والتعرف على آخر التطورات ومايحمله "حكي الإنترنت " من جديد كل صباح.وعلى الجميع أن يؤرخوا لهذه الحقبة الهامة التي تجتازها البشرية بـ"ماقبل حكي الإنترنت ",ومابعده, نظرا لما سيحمله من تأثيرات فعالة ستظهر آثارها الواضحة على الكثير من السياسات المستقبلية."حكي الإنترنت",ليس بالتأكيد "حكي جرايد" أيام زمان, فهو المادة الأولية ,والفلزات "الخشنة"المستخرجة من بواطن الشبكات العنكبوتية والمعدة خصيصا لعملية تصنيع القرارات,وتوجيه السياسات.



#نضال_نعيسة (هاشتاغ)       Nedal_Naisseh#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كم من العرفاء سيصبح لدينا؟
- أهم الأسباب في لبس البراقع واللثام
- ياليتهم علمانيـون
- متى تكسر جميع الخوابي والجرار؟
- فيـلم عربي طويـل
- محاكمـة البعـــث
- من يجرؤ على محاكمة أكثم نعيسة؟
- عِشْ ودعْ الآخـرين يمـوتون
- ثقافـة التسـامح
- في زيارة خاصة لأكثم نعيسة
- ما ليس عرضـيًا
- العجـوزالشمطـاء
- أمـن الأمريــكان
- على من تقرأ مزاميرك ياشالوم؟
- صبـرًا آل دليـلــة
- تكريساَ لمبدأ المواطنـة
- المرحـلة التاريخيـة
- ما أروعـك أيتها العروبـة
- المفســدون في الأرض
- على القـوائم السـوداء


المزيد.....




- في ظل حكم طالبان..مراهقات أفغانيات تحتفلن بأعياد ميلادهن سرً ...
- مرشحة ترامب لوزارة التعليم تواجه دعوى قضائية تزعم أنها -مكّن ...
- مقتل 87 شخصا على الأقل بـ24 ساعة شمال ووسط غزة لتتجاوز حصيلة ...
- ترامب يرشح بام بوندي لتولي وزارة العدل بعد انسحاب غايتس من ا ...
- كان محليا وأضحى أجنبيا.. الأرز في سيراليون أصبح عملة نادرة.. ...
- لو كنت تعانين من تقصف الشعر ـ فهذا كل ما تحتاجين لمعرفته!
- صحيفة أمريكية: الجيش الأمريكي يختبر صاروخا باليستيا سيحل محل ...
- الجيش الإسرائيلي يوجه إنذارا إلى سكان مدينة صور في جنوب لبنا ...
- العمل السري: سجلنا قصفا صاروخيا على ميدان تدريب عسكري في منط ...
- الكويت تسحب الجنسية من ملياردير عربي شهير


المزيد.....

- السوق المريضة: الصحافة في العصر الرقمي / كرم نعمة
- سلاح غير مرخص: دونالد ترامب قوة إعلامية بلا مسؤولية / كرم نعمة
- مجلة سماء الأمير / أسماء محمد مصطفى
- إنتخابات الكنيست 25 / محمد السهلي
- المسؤولية الاجتماعية لوسائل الإعلام التقليدية في المجتمع. / غادة محمود عبد الحميد
- داخل الكليبتوقراطية العراقية / يونس الخشاب
- تقنيات وطرق حديثة في سرد القصص الصحفية / حسني رفعت حسني
- فنّ السخريّة السياسيّة في الوطن العربي: الوظيفة التصحيحيّة ل ... / عصام بن الشيخ
- ‏ / زياد بوزيان
- الإعلام و الوساطة : أدوار و معايير و فخ تمثيل الجماهير / مريم الحسن


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الصحافة والاعلام - نضال نعيسة - حكــي إنتـرنت