|
مستقبل العملة العراقية
ضياء رحيم محسن
الحوار المتمدن-العدد: 4158 - 2013 / 7 / 19 - 20:54
المحور:
الادارة و الاقتصاد
تعتبر النقود، مصدر ووثيقة تمثل الدولة، وهي رمزها وتعبر عن نظامها السياسي والديني وفلسفتها الخاصة بها. مقارنة بكتابة التأريخ فأن التوثيق عبر العملات لا يمكن التشكيك أو الطعن به كونها حقيقة ووثيقة ملموسة لحقبة معينة من الزمن، وقد إستفادت البشرية كثيرا في التعرف على تاريخ الحضارات عبر دراسة عملاتها ومسكوكاتها يقارن أكتشاف العملة بإكتشاف الطباعة، كونها سهلت عملية التبادل بين الناس والتجار على حد سواء، وتعد العملة من مقومات السوق الرئيسة؛ إذ بدونها لا يمكن أن تتم أي عملية بيع وشراء الى ما قبل دخول قوات الإحتلال البريطاني في تشرين الأول 1914 كانت العملة المتداولة فيما بين الناس هي الليرة العثمانية، بعدها أدخلت سلطات الإحتلال البريطاني الروبية الهندية كعملة للتداول، وبعد الإستقلال أنشئ أول مجلس لإصدار العملة العراقية في عام 1931، وتم ربط الدينار العراقي بالجنيه الإسترليني، وبعد ثورة 14 تموز 1958 تم فك إرتباط الدينار بالجنيه وربطه بالدولار الأمريكي قام البنك المركزي العراقي بإصدار جديد من العملات الورقية والمعدنية، يحمل شعار الجمهورية الجديدة. وقد صدرت إصدارات جديدة من العملة الورقية في عامي 1971 و 1973 و 1978. و قد عانى الدينار العراقي من تدهور مستمر لقيمته بعد بدأ الحرب العراقية الأيرانية، حيث انخفض سعره من 3.3 دولار للدينار في عام 1980 إلى حوالي 4 دنانير للدولار عام 1988. نتيجة لغزوه الكويت وصدور قرارات مجلس الأمن بفرض الحصار عليه، وتدهور قيمة الدينار العراقي،إضطر البنك المركزي العراقي الى إصدار عملات لم تكن متداولة من قبل، فأصدر أوراق نقدية من 50 و 100 دينار، تبعها في العام 1995 فأصدر ورقة من فئة 250 دينار، وفي العام 2000 أصدر ورقة نقدية تحمل فئة 10000 دينار، والملاحظ أن جميع تلك الفئات كانت تحمل على وجهها صورة الرئيس السابق صدام حسين. كان المواطن يحمل رزم ضخمة ليشتري بها حاجاته البسيطة، التي لا تتعدى الأكل والشرب وبعد سقوط النظام السابق، بدأ ذوي الإختصاص بالتفكير في كيفية إعادة الروح للدينار العراقي، وإزالة الإرث الثقيل الذي ينوء به الإقتصاد العراقي، فبدأو بطرح فكرة إزالة ثلاثة أصفار من العملة الحالية تُعَرْف عملية حذف الإصفار (of zero) بأنها عملية يتم بموجبها تعديل القيمة الإسمية للعملة بسبب إرتفاع التضخم وإنخفاض قيمة العملة، ومن البلدان التي تمت فيها مثل تلك العملية البرازيل والأرجنتين( أمريكا الجنوبية) يوغسلافيا وبولندا( بلدان كانت سائرة في فلك الإتحاد السوفيتي) ألمانيا وأيرلندا ( بسبب إنضمامهما الى الوحدة النقدية الأوربية) وهو إجراء يختلف عن عملية تخفيض قيمة العملة (Devaluation) لكن هل يمكن فعلا تنفيذ مثل هكذا إجراء؟ وما هي إيجابياته وسلبياته على الحركة الإقتصادية في العراق؟ وهل يمكن أن يساعد فعلا في تخفيض نسب التضخم؟ وأخيرا، ماهو التوقيت السليم له؟ إن هذه العملية ما زالت مثار جدل في الأوساط الحكومية والنقدية ورجال الأعمال والمتخصصين، فالبعض يرى أن القيام بمثل هكذا عملية سيدفع الى مزيد من الفساد والعبث بالمال العام، بسبب ما يحصل في عملية تغيير العملة، وأنها ستخلق حالة من الفوضى والإرباك في التعاقدات داخليا وخارجيا، وبأنها لن تغير شيئا من واقع الحال فكمية الأوراق المصدرة ستبقى ذاتها في الوقت الذي يرى فيه فريق متفائل، بأن هذه العملية ستدفع الى إعادة الهيبة للدينار العراقي، إذا تلازم ذلك مع تحسين سعر صرف الدينار، كما أن عملية الحسابات في مختلف المجالات ستكون أقل تعقيدا وتتم ببساطة إننا لا ننكر إن عملية حذف الأصفار هي خطوة ضرورية ومهمة تأتي ضمن حاجة البلاد إلى عملية إصلاح إداري للعملة تساهم في تقليل تكاليف المعاملات والتداولات النقدية في العملية الاقتصادية، وتقلل من حجم الكتلة النقدية في البلاد وتساعد على تسهيل العمليات الحسابية وتقلل من تضخيم الأرقام، لو طبقت بشكل صحيح وبالتوقيتات المناسبة. لكن لابد من وجود مقدمات لتلك العملية، منها اختيار التوقيت المناسب الذي يكون فيه الاقتصاد العراقي في حالة من الاستقرار، ثم تهيئة البيئة الاقتصادية بشكل مدروس لتطبيق عملية الحذف، وهذا يحتاج إلى إجراءات وقرارات مالية ومصرفية تتخذها السلطة المالية في البلاد. إن عملية الإستبدال تلك "فيما تمت" فإنها ستكلف ميزانية الدولة مبلغ 172 مليار دينار (150 مليون دولار) وهو مبلغ كبير لا يستهان به، هذا إذا ماأضفنا له الجهد المبذول من قبل الكادر المصرفي والوقت الذي سيضيع من جراء عملية التبديل تلك، ولا يمكن أن ننسى محاولة ضعيفي النفوس الذين سيحاولون التربح من تلك العملية بشتى الوسائل والطرق! صحيح أن هذه العملية لن يكون لها تأثير على القدرة الشرائية للمواطن، كون الذي سيحصل هو إستبدال عملة بعملة أخرى، قد يحدث نوع من الصدمة في السوق من جراء عملية التبديل تلك، لكنها صدمة مؤقتة. ولا ضير في الإطلاع على تجارب دول عديدة إستبدلت عملتها مثل تركيا التي إستمرت عملية تبديل العملة لديها لأربع سنوات، فقد بقي الأتراك يتداولون العملة القديمة مع العملة الجديدة الى أن تم سحبها جميعا من الأسواق بدون أن يرتبك السوق إن أهم السلبيات التي سترافق عملية حذف الأصفار هي الوهم النقدي، إذ أن حذف ثلاثة أصفار من العملة العراقية سيوقع المواطن تحت طائلة الوهم النقدي، والذي يعد أبرز السلبيات التي يمكن أن تصيب المواطن العراقي في حال حذف ثلاثة أصفار من العملة الحالية وهو أثر معنوي، كل ذلك سيكون نتيجة اصطدامه بقيمة العملة الجديدة بعد الحذف مما يؤدي به الى الإعتقاد أن قيمة موجوداته قد إنخفضت بمقدار قسمتها على الأصفار الثلاثة. إن المواطن العراقي يود أن يرى عملته قوية، بالتالي فإن عملية رفع الأصفار ستساهم في رفع قيمة العملة، وتقلل من نسبة الطلب على العملة الصعبة التي تمتاز بالقوة، وسيؤدي الى إعادة التوازن بين القيمة المحلية والأجنبية للعملة وسيعطيها قوة سوقية في الداخل والخارج، الأمر الذي من الممكن أن يؤدي الى إرتفاع قيمة العملة العراقية أمام الدولار الأميركي، ومثال ذلك ان الموظف الذي يستلم 1200000 دينار عند سعر صرف 1200 تكون قدرته الشرائية بالدولار 1000 دولار وفي حال تقوية الدينار ليعادل مثلا 500 دينار للدولار ستصبح قدرته الشرائية 2400 دولار بدلا من 1000 دولار
#ضياء_رحيم_محسن (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الدينار.. صاعد. نازل
-
الديمقراطية الزائفة!!
-
Expired..!!
-
البكاء على زمن صدام
-
الغلو.. والدين
-
الموبقات السبع
-
الغاز المحترق.. ثروة تهدر
-
ما الذي يدفع الحرب الاهلية الوشيكة؟!!
-
لا. لقانون تجريم البعث
-
صناعة.. القائد الضرورة
-
أمنيات بعد الخروج!!
-
القائد الضرورة
-
الاعلانات المروجة للتدخين
-
الاختلاف ليس عيبا
-
الإسلام. دين الإرهاب!
-
العراق. ماليزيا وما بينهما
-
البطاقة التموينية. مبررات الابقاء والالغاء
-
العنف والإرهاب
-
البيوت التراثية .. تستغيث
-
هل هناك أغلبية
المزيد.....
-
البنك الدولي: إسرائيل دمرت 93% من فروع البنوك في غزة
-
يقترب من الـ 51 .. سعر الدولار اليوم في البنك المركزي والبنو
...
-
كلنا هنلبس دهب براحتنا من تاني “تراجع سعر الذهب اليوم عيار
...
-
إحصاءات أوروبية: روسيا ثاني مورد غاز للاتحاد الأوروبي بعد ال
...
-
“27 لاعب في القائمة” تشكيلة العراق المتوقعة في كاس الخليج..
...
-
وفد إسباني يزور الجزائر لتعزيز العلاقات بعد رفع القيود على ا
...
-
الكشف عن أسباب تأخير إرسال الموازنات: أضرار اقتصادية هائلة!
...
-
شركات نفط الإقليم تعلن عن زيادة بالإنتاج هذا العام
-
بلومبيرغ: -هوندا- و-نيسان- تستعدان لمفاوضات اندماج
-
بريطانيا تفرض عقوبات على 20 ناقلة نفط من أسطول الظل الروسي
المزيد.....
-
الاقتصاد الاسلامي في ضوء القران والعقل
/ دجاسم الفارس
-
الاقتصاد الاسلامي في ضوء القران والعقل
/ د. جاسم الفارس
-
الاقتصاد الاسلامي في ضوء القران والعقل
/ دجاسم الفارس
-
الاقتصاد المصري في نصف قرن.. منذ ثورة يوليو حتى نهاية الألفي
...
/ مجدى عبد الهادى
-
الاقتصاد الإفريقي في سياق التنافس الدولي.. الواقع والآفاق
/ مجدى عبد الهادى
-
الإشكالات التكوينية في برامج صندوق النقد المصرية.. قراءة اقت
...
/ مجدى عبد الهادى
-
ثمن الاستبداد.. في الاقتصاد السياسي لانهيار الجنيه المصري
/ مجدى عبد الهادى
-
تنمية الوعى الاقتصادى لطلاب مدارس التعليم الثانوى الفنى بمصر
...
/ محمد امين حسن عثمان
-
إشكالات الضريبة العقارية في مصر.. بين حاجات التمويل والتنمية
...
/ مجدى عبد الهادى
-
التنمية العربية الممنوعة_علي القادري، ترجمة مجدي عبد الهادي
/ مجدى عبد الهادى
المزيد.....
|