ترددت كثيراً قبل أن أقرر الرد على السادة( الطاهر إبراهيم –
منير الغضبان – محمد الحسناوي) الذين تناولوا مقالتي المنشورة بتاريخ 23-8-2002 تحت
عنوان " قراءة مختلفة لميثاق الشرف الوطني " (رغم أنه لم يكن العنوان الدقيق الذي
اخترته ) ،ولم أشأ حينها الرد، حتى لا أنخرط في سجالات لا تعبر بمحتواها عن أي غاية
معرفية، وحتى لا يكون الدفاع عن الذات (الكاتبة) ورأسمالها الرمزي هي المحرك
الأساسي لإطلاقها ، ولكني شعرت أخيراً بأن الأمانة – أمانة الموقف – تقتضي أن أعقب
، خصوصا عندما وظفت هذه القراءة توظيفا مجتزءا لم يوضح مسؤولية النظام السوري
المباشرة عن كل الماسي السورية ( شعبان عبود في جريدة النهار بتاريخ 792002 )،
ولو دون الخوض في تفاصيل كثيرة ربما كان من الضروري أحياناً التطرق إليها .
وقد
كنت أتمنى أن يكون المنهج النقدي التحليلي هو الأسلوب المؤسس والموجه للمقالات التي
تناولت قراءتي لميثاق الشرف الوطني، وأن لا يتموضع أصحاب المقالات الثلاث في منطق
خاص مغلق، يعيد اجترار استراتيجية الرفض المرفق في كثير من الأحيان بعنف رمزي، كما
ظهر في مواقع متعددة وفي المقالتين الأوليتين بشكل خاص، زاعماً أن تعقيبي سيكون
مجدياً أكثر حينما يتناول المُشْترَك في المقالات الثلاث، لأن هذا المشترك سيبرز
الملامح العامة لخلفية الكتاب الثلاثة الإسلامية السياسية،( والذي يساهم من وجهة
نظري ، هذا المشترك الفكري في تسليط الضوء على جانب من أزمة الفكر الإسلامي)، الأمر
الذي يصوب هذه الورقة ويبعدها عن الوقوع في دورة الدفاع المتوتر عن الذات والتي
كثيراً ما ملأت صفحات الجرائد في منطقتنا.
وانطلاقاً من ذلك أرصد وأسجل ما يلي
:
- قراءة النص تماما كفهم الواقع مسألة صعبة وخطرة، فالواقع بتعدد أبعاده
وتداخلها وكثافتها لا يقدم نفسه بسهولة ، وفي النص حين يناط باللغة ( عبر النص)، و
باللغة وحدها رسم هياكل الواقع وبناه وحركته، تصبح قراءته مسألة شائكة و مشبعة
بالخطورة ،مما يهدد القدرة على الاقتراب من حمولة النص المعرفية و رسالته و ما يريد
قوله أو إقراره ،الأمر الذي يستدعي امتلاك أدوات معرفية فاعلة في قراءة النصوص
تساعد على تفكيك النص والبحث في ترميزا ته وقراءة ما بين سطوره ، ثم الحرص على عدم
عزل النص عن شروط إنتاجه السياسية والثقافية والاجتماعية والاقتصادية ، ودون أن
يغيب عن الوعي الجهة التي أنتجته وصيرورة إنتاجه والمرجعيات المؤسسة لمفاهيمه، كل
تلك الأدوات تضيء النص وتساهم في خلق العوامل التي تساعد على الوصول إلى شحنته
المعرفية.
- إن القراءة( قراءتي للميثاق )كانت مجرد محاولة لفهم المآل الفكري
والسياسي للجماعة انطلاقا من خطابها السياسي المقدم على هيئة نص الميثاق – ميثاق
الشرف الوطني – معتبرا أن الصياغة التقريرية جاءت على هيئتها تلك رغبة في الوضوح
وعدم التردد والفعالية ، و معتذرا (ضمنا) عما يمكن أن تدعيه هذه الصيغة من احتكارها
للحقيقة أو اختزال أبعادها المتعددة بالضرورة( المثير أنه وبالرغم من هذا الوضوح
وتلك التقريرية في الصياغة لم يستطع أحد الكتاب المعقبين فهم أي بعد معرفي حوته هذه
القراءة ) ،وبالتالي فإن ما جاء في آخر القراءة من تأكيد على أحقية الجماعة في
الوجود والتعبير السياسي لم تكن رشوة محشوة بالسم – كما عبر أحد المعقبين على
مقالتي - أو ادعاء متحضراً مني أو سعيا لارتداء آخر صيحات موضى الفكر والسياسة بعد
انهيار المنظومة الاشتراكية ، وإنما عودة ضرورية عما يمكن أن توحي به تلك الصياغة
للآخر ( جماعة الإخوان المسلمين السورية ) بعدم القبول بها تيارا سياسيا له الحق هو
و غيره في اللجوء للناخب و الاحتكام للعملية الديمقراطية .
- كيف يمكن أن نفهم
السياسة .....وكيف نستطيع التعاطي معها ..... وهل يمكن أن نتعاطى السياسة دون أن
نعي الواقع ....ِ! ثم هل الواقع حركة وضجيج وعنف فقط ...!، وإن كان الأمر كذلك، فهل
هي( الحركة و الضجيج و العنف ) إلا تجليات لمخبوءات عقيدية وأنساق معرفية متباينة ،
أليس الخطاب( النص ) مرحلة أولى وأساسية في تعبير الفكر عن نفسه .
إن ما ورد في
مقالة ( السيد الحسناوي ) من أن مقولة (المتلقي يساهم في صنع النص هي مقولة أدبية
وغير سياسية ) ، أوحت لي بتلك الأسئلة و بذلك الانتقال التحليلي السابق .
- أن
استشرافي لما يمكن أن يصبح عليه حال الجماعة بعد وصولها للسلطة كان انطلاقاً من
محاولتي لاستخدام تلك الأدوات واعيا لشروط الانتقال من الفكر إلى الممارسة (على
أنها امتداد مادي للخطاب الذي يطلقه الفكر)، فعندما يقدم الخطاب صورة للمتلقي(
والذي افترضنا أن يساهم في رسمها وفق أدواته هو و دون التحرر التام من خلفيته
الفكرية و الأيديولوجية ) فإن تلك الصورة وحين يتم إطلاقها في واقع ما فإن تفاعلها
معه ، من خلال تعبيرها عن تركيبتها، يصبح أمراً يخضع لمراقبة موضوعية، ولا مكان
للغيبية أو التخمين في تلك المراقبة ( على عكس ما ادعى السادة ) ، ما يجعل توقعي
مسار الجماعة السياسي بعد توثبها إلى السلطة ، و بعد اكتمال صورتها التي قدمها النص
، ووفق أدواتي في التلقي، مجرد مراقبة موضوعية لتفاعل منظومة فكرية ما في بيئة
محددة، هي سورية بخصوصية تركيبتها (الإثنية و الدينية و السياسية ) ، و لذلك فإن
تحليل البنية الأيديولوجية و المحتوى العقائدي و المرجعيات المؤسسة لفكر الإخوان
السوريين و علاقة هذه المرجعيات( التي لم تتعرض لإعادة الدراسة و النقد و المراجعة
) بالمعطيات السياسية و الثقافية و الاقتصادية للواقع السوري ، مع مقارنة علمية
تاريخية معاصرة، بما آلت إليه صيرورة قوى دينية سياسية (مشابهة قليلا أو كثيرا )،
في ممارستها للسلطة أو قربها منها و تأثيرها عليها ( حالة السودان و إيران ) ،
يحيلنا من وجهة النظر هذه ( مجرد وجهة نظر ) إلى الاستنتاج الذي خلصت به المقالة
والتي تصدى الكتاب الثلاثة لها.
- إن دعوتي أحزاب المعارضة السورية إلى قراءة
زاهدة سياسيا لموقف الجماعة من خلال ميثاقها للشرف الوطني ، و إلى تحليل دقيق
للحالة السورية و رسم صورة حقيقية غير متخيلة لها ، لا تعني مقاطعة الإخوان أو شن
الحرب عليهم أو اقتلاعهم ، بل على العكس إنها تتضمن دعوة لحوار ناضج ، حوار لا
ينتهي بتبويس اللحى وإطلاق المجاملات والعبارات التوفيقية ،والوقوف دوما على سطح
الخلاف والتناقضات ، بل على العكس ....السير عميقا لمناقشة أكثر القضايا المحرمة
فكرياً وسياسياً ودينياً ، رغبة في إحراز تقدم حقيقي على طريق التشخيص الدقيق لأزمة
الفكر – الإسلامي أولا و الفكر الاسلامي السياسي ثانيا ، ودون الخوف من حملة تخوين
وتكفير تشنها أطراف على أخرى ، و في إطار الديمقراطية و قبول الآخر، وعبر الإيمان
بقيم التسامح بمعناه العميق ( التسامح حين يكون الاختلاف عميقا و جذريا ) .
و
إذا كانت المبادئ الديمقراطية تقضي بأن تحدد صناديق الاقتراع التيار السياسي الذي
يتولى زمام الحكم أيا كان هذا التيار، فإن تلك المبادئ ذاتها تقضي أيضا بأن تقاوم
ديمقراطيا ( ليس استبعادا و نفيا ) كل محاولة للسير إلى الوراء حيث ماضوية الفكر
وأسلمة واحتكار السياسة .
ولعل إسقاط الاستحقاقات التي تفرضها المبادئ
الديمقراطية على الحال السوري تجعل من الإقرار للإخوان المسلمين على أنها التيار
السياسي صاحب الغلبة السوسيولوجية (ذات البعد الطائفي السني) في الشارع السوري أمرا
لا مفر منه، بل أمر تستوجبه ضرورة الاعتراف الذي لا بد أنه حاجة أساسية لإنعاش أية
حيوية وديناميكية يتطلبها التفاعل الإيجابي مع الواقع بمختلف أبعاده .
إلا أن
ذلك لا يستدعي القول أبداً بأن الجماعة استطاعت تجاوز إرث الإسلام السياسي ( إرثها
هي بالذات ) فالخطاب السياسي المعتدل للجماعة لا تولده إرادة أو حسن نية لخط
البيانو ني المراقب العام لجماعة الإخوان المسلمين في سورية وبعض من يعتنقون خطه ،
بل يكون تالياً طبيعياً لمراجعة نقدية تطبق على مجمل التراث الإسلامي باستخدام أحدث
المناهج التي دشنت الفتوحات الهامة في علوم الإنسان والمجتمع وخصوصا النصوص
الرئيسية ( القرآن والسنة )، فالخطاب كونه أولى تجليات فكر ما لا يمكن أن يتغير ،
إذا بقي الفكر ثابتاً وساكناً ومتعالياً فوق التاريخ ، والمشكلة ولدى كل الحركات
الإسلامية السياسية سنية وغير سنية تكمن أساساً في إيمانها المطلق بلا تاريخية
الفكر الإسلامي عبر صلاحيته الكلية و استعصائه على الزمن و الحركة.
- وقع
الكتاب الثلاثة الذين عقبوا على المقالة في نفس المأزق حين قرر كل منهم بالإشارة أو
مباشرة ،أن المرجعية الفكرية لصاحب المقالة، هي المرجعية الماركسية، فأحدهم قرأ
طفولة يسارية. عبر عنها يوما ما زعيم أحد الفصائل الماركسية السورية، ونوه الآخر
لذات الفكرة حين استحضر وجمعني " بأبو جهل وأبو لهب وماركس ولينين" ولهدف واحد وهو
القضاء على الإسلام...!، وقرر الثالث أن لغة القراءة ( قراءتي للميثاق ) لغة
سوفيتية بائدة ......الخ ولعل أزمة السياسة تتضح بأحد أعمق أبعادها حين يتم ربط
العلمانية بالماركسية وبالماركسية وباليسار فقط بحيث يسلط هذا الربط القسري الضوء
على الآلية المشوهة والتوفيقية لنشأة معظم الأحزاب السورية إذ أنها لم تكن تعتبر
نفسها إلا مجموعات محددة تقدم تصورات واليات و منهجيات محددة للتعامل مع البنى
الاجتماعية و الاقتصادية و السياسية للمجتمع ، والذي اعتقده أن الحزب السياسي ليس
فقط كذلك، بل هو وقبل كل شيء بنية عصرية تبلورت في مرحلة جديدة من تاريخ البشرية
،وهذه المرحلة هي بالضبط التي ظهرت فيها رؤية جديدة و مختلفة تماما للوجود بما
يؤنسنه و يعيده إلى ساحة العقل و الإرادة البشرية ( لكن ذلك و حسب رأيي لا يعني
الإلغاء النهائي للعامل الديني ، بل نسف انغلاقه و طقوسيته و احتكاره لمعايير الحق
و الخير، وإنهاء لسيطرته على الفضاء الاجتماعي)، ولذلك فإن عزل الحزب السياسي في
بنيته و خطابه عن البيئة المعرفية ( حيث العلمانية مادتها الأساسية ) الذي نشأ فيها
يجعل منه في أحسن الأحوال بناء سياسيا عصري شكلا و قبلي و عصبوي ضمنا مما يورثه
التناقض و يفقده الانسجام و الديناميكية .
لكن تبني أغلب التيارات الماركسية
خطاً علمانياً متزمتاً فيه ابتعاد حقيقي عن روح العلمانية بمفهومها الواسع والمعني
بخلق كل الشروط التي تساعد على انعتا ق الروح وتحررها وليس قسرها وملاحقتها (ومن
هذه الرؤية فالعلمانية في جوهرها تتعارض مع كل الممارسات القمعية والإقصائية، إنها
عملية تحريرية بامتياز.) ، و عدم قدرة الكثيرين و خصوصا الاسلاميين منهم على
التمييز بين الهجوم الاستبعادي أو الميكانيكي للعامل الديني( كما فعلت الماركسية
عموما ) و بين النقد العلمي أو المواجهة المعرفية ، ذهب بكتاب المقالات الثلاث إلى
اتهامي بالماركسية واليسار ( و إن كنت لا اعتبرهما تهمة، خصوصا حينما أتذكر الدور
الوطني الفريد و الرائد للماركسية الوطنية السورية عندما رفعت شعار الديمقراطية في
مراحل مبكرة و لا تزال، و تمايزت بل ابتعدت عن املاءات السوفييت و سواهم ،و يكفي أن
نشير بفخر إلى الحزب الشيوعي السوري – المكتب السياسي و أمينه الأول الرمز السوري
الأول لمقاومة الاستبداد رياض الترك) ، و قد كان ذلك على الرغم من امتناعي عن
استخدام المفردات التي قد توحي باحتكار السياسة على أطياف سياسية معينة والتأكيد
بشكل واضح و مباشر على أحقية الجماعة السورية في الوجود السياسي، إلا أنهم رأوا في
محاولة المواجهة المعرفية والتوصيف العلمي نبذا أو إقصاء ،
- إن أي تحليل
للواقع السوري لا يشير إلى دور النظام السوري الكارثي في ما آل إليه الحال السوري
بآفاقه المسدودة وأزماته المتوالدة والمتراكبة يفقد موضوعيته ومصداقيته، ولكن ذلك
لا يمنع إدراك أن أزمة السلطة في سورية هي جزء من أزمة المجتمع بل انعكاس لها في
السياسية والإدارة إذ أن هناك الكثير من العوامل الذاتية الكامنة في الشخصية
السورية تعطي للأزمات جذرها الثقافي و الاجتماعي .
، ولكن طبقة السلطة في سورية
ومنذ أحداث 1979-1982 أصبحت تمتلك المفاتيح الوحيدة للمستقبل السوري، إذ أنها
استأثرت بها و أوصدت كل الأبواب التي لاتمر عبر رؤيتها والتي لا تقود إلى تكريس
مصالحها واستمرار نفوذها.
ولأنه لم تتوافر في السلطة القوة والبنية المتوازنة
وبالتالي الإرادة و المصلحة بما يكفي لتجاوز عطالة المجتمع السوري الذاتية ، بل في
أحيان كثيرة تلاقت مصلحة طبقة السلطة مع هذه العطالة على ذات المحور وفي الجهة
نفسها فكانت المحصلة ليس مراوحة أو سكوناً فقط بل مسيراً عكسياً إلى الوراء أعيد
فيها للعصبية و وعناصر الانتماء القديمة التقليدية ..ما كانت قد فقدته ... إبان
انتعاش الإيديولوجيا التبشيرية واليوتوبيا السياسية في العالم ( الحلم بتنظيم
المجتمعات وفق قواعد ينتفي عبرها الاستغلال و تتحقق فيها العدالة و الحرية و
المساواة ) و زادت من تهميش السوري و إفقاره و إبعاده عن الاهتمام بالشأن العام .
فما فعلته السلطة إذن هو أنها عزفت على الإيقاع التقليدي لوجود السوريين
الاجتماعي وفاقمت في تقليديته ، وعرفت كيف تستغل الموقع المعرفي القروسطي الطابع
التي تحتله الثقافة السورية لتكريس هيمنتها وتعميق مكاسبها .
- ليس من الوطنية
في شيء رسم الصور الجميلة للوطن في المخيلة والنوم عليها طويلاً، وليس من السياسة
في شيء تجاهل أخطر الأزمات والمزاودة على تجاهلها، ثم إن عدم رؤية أزمة ما لا يعني
غيابها ،و لعلي أشير بذلك إلى ما يدعي بعض السياسيين من مغتصبي السلطة أو من
المعارضة من أن القول بطائفية الشارع السوري ليس إلا كفراً بالوطنية وإثارة للفتن ،
فيكفي أن ينزل المراقب إلى الشارع السوري ...إلى الجامعة بين صفوف الجيش و في كل
بيت، ليرصد دون عناء أزمة الهوية و الغيتوات النفسية و الاجتماعية التي تعيشها
مختلف الطوائف السورية ( انظر فقط ظاهرة الزواج بين الطوائف السورية ) ،
لقد
حان الوقت بالنسبة للمعارضة على الاقل أن ترتفع عن الذرائعية السياسية و تشير
للوقائع و الأزمات كما هي فهذه من أهم وظائفها السياسية .
- لا يمكن الحديث عن
جماعة الإخوان دون الرجوع بالوعي إلى دورة العنف والمجازر التي كانت طرفاً رئيسياً
فيها ، لكن تطرف السلطة(رغم أنها هي الطرف المناط به أصلا حماية القانون وتطبيقه)
إلى الحد الذي فاق كل تصور بدءاً بقتل كل الإرادة السورية المعارضة ، وارتكابها
المجازر المروعة بحق السوريين الإخوان و غير الإخوان منهم ، وصولاً إلى انتهاكها
حقوق الإنسان الذي بات ناظماً للحياة السورية ، واحتكارها للسياسة، و إصرارها بتنوع
أدواتها على منع كل حراك سياسي ، يجعل طبقة السلطة الآن هي العائق الأكبر و ربما
الوحيد أمام أي انفتاح ديمقراطي حقيقي .
إن الخطوة الأولى اللازمة كي يتجاوز
السوريون على تعددهم (...) حقبة الثمانينات المخيفة ،تكمن في اعتراف السلطة
بمجازرها وانتهاكاتها ومعالجتها لكل الملفات المتعلقة بتلك المرحلة واعتذارها من
السوريين بما فيهم جماعة الإخوان السلمين التي وصل انتهاك حقوق الإنسان في التعامل
مع حالتها إلى أبشع الصور، هي المقدمة الضرورية لأي تقدم يتم إحرازه في الشأن
السوري ، ولكن ذلك لا يعفي الجماعة هي الأخرى من دورها في الإقرار بمجازر وانتهاكات
قامت بها و التبرؤ علنا من مرتكبيها، و عدم المضي في تمجيد و تبجيل من كان وراءها
أو دعا إليها ضمنا، أو علنا
لعل تلك الخطوة تكون بمثابة تمهيد نفسي يؤسس لبناء
الثقة من جديد ٍبين مختلف الأطياف السورية .