غازي الصوراني
مفكر وباحث فلسطيني
الحوار المتمدن-العدد: 4158 - 2013 / 7 / 19 - 11:22
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
في تناولي لهذا العنوان ، أرى ان من المفيد الاشارة إلى حالة الاخلاق العربية الاسلامية الراهنة كامتداد تاريخي مع المفاهيم والقيم الاخلاقية والمجتمعية التي سادت في التاريخ القديم وتواصلت مع التاريخ الحديث والمعاصر ، وذلك يعود –من وجهة نظري- إلى طبيعة التطور الاجتماعي والاقتصادي المشوه تاريخيا وراهنا من ناحية ، وبتأثير التراث الغيبي وضعف نمو وانتشار الرؤى التنويرية أو العقلانية أو الحداثية بحكم قوة التخلف واحتجاز التطور من ناحية ثانية ، بحيث أدى كل ذلك إلى انتاج وترسيخ علاقات اجتماعية وقيمية جاءت انعكاسا طبيعيا لبنية التخلف في الواقع الاجتماعي العربي ، وبالتالي فإننا نلاحظ استمرار سيادة أو هيمنة هذه العلاقات أو الاتجاهات القيمية في الثقافة العربية حتى اليوم عبر مجموعة من الاتجاهات القيمية المتناقضة بين الجديد الحداثي والقديم الرجعي : 1. قيم القضاء والقدر وقيم الاختيار الحر . 2. الصراع بين القيم السلفية والقيم المستقبلية (في تعاملنا مع الحاضر نعود إلى الماضي ولا نتوجه إلى المستقبل . ) . 3 - الصراع بين القيم العقلانية الحديثة، وبين القيم العاطفية والتراثية من عفوية وبداهة وفطرة وايمان وارتجال 5-قيم الامتثال والطاعة وصراعها مع قيم التمرد والتفرد والتحرر . 6. قيم الجمود والانغلاق على الذات . 7. قيم الولاء للسلطة مقابل قيم التمرد والثورة عليها .
لكن عملية التغيير والتمرد والثورة على انظمة الاستبداد والتخلف مشروط بتقدم وتطور وتوسع الاحزاب اليسارية والديمقراطية الثورية في اوساط الجماهير من اجل تحقيق الاهداف العظيمة في الخلاص نهائيا والى الابد من كل اشكال الاستغلال الطبقي الكومبرادوري والطفيلي الذي تجسده قوى الليبرالية الرثة وقوى الرجعية والاسلام السياسي وجماعاته ، وبدون ذلك فان ازمة مجتمعاتنا العربية سيعاد انتاجها من جديد بصور اكثر تخلفا مما كان عليه الحال قبل الانتفاضات العربية ، ومن ثم استيعاب وتكريس ونشر قيم الحرية والديمقراطية السياسية والمجتمعية وقيم العدالة والمساواة، الى جانب نشر وتكريس السمات الأساسية للثقافة العقلانية أو ثقافة التنوير، بمنطلقاتها العلمية وروحها النقدية التغييرية، وإبداعها واستكشافها المتواصل في مناخ من حرية الرأي والمعتقد والمواطنة وفصل الدين عن السياسة، ففي غياب هذه السمات يصعب إدراك الوجود المادي والوجود الاجتماعي والاخلاقي والدور التاريخي الموضوعي للنهوض الحداثي وللثورة الوطنية الديمقراطية وللمشروع القومي التقدمي أو الذات العربية في وحدة شعوبها، ووحدة مسارها ومصيرها، إدراكاً ذاتياً جمعياً يلبي احتياجات التطور السياسي والاجتماعي والاقتصادي العربي ، وهنا بالضبط تتجلى قيمة التأييد والتضامن مع الانتفاضات الثورية العربية الحاملة للرؤى النهضوية العقلانية الديمقراطية بمثل ما تتجلى الحاجة الى مواصلة الثورة الشعبية التغييرية الشاملة بافاقها الاشتراكيةالتي تقتلع الطبقات الاستغلالية من جذورها و تطال كل جوانب البنية المادية والمجتمعية العربية وازاحة التبعية وكل مفاهيم واليات وادوات الاستبداد والاستغلال والتخلف الاجتماعي والاخلاقي في بلادنا .
#غازي_الصوراني (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟