فلاح خلف الربيعي
الحوار المتمدن-العدد: 4157 - 2013 / 7 / 18 - 19:47
المحور:
الادارة و الاقتصاد
حقق العراق أعلى معدل نمو اقتصادي لعامي 2012-2013 على مستوى العالم بلغ (10.5%) علما أن أفضل عشر اقتصادات في العالم لم يتجاوز معدل نموها (5.5%) خلال نفس العام . ولا شك أن معدل النمو المرتفع المتحقق هذا يعد من العلامات الإيجابية حول أداء الاقتصاد العراقي ، لكونه جاء بعد حالة من الركود التضخمي طويل الأجل استغرقت أكثر من عقدين ، ولكن الأمر الأهم من الناحية الاقتصادية هو مدى القدرة على استدامة هذا النمو وبالتالي مدى القدرة على الحفاظ على هذا الارتفاع في معدل النمو خلال السنوات القادمة .
ومن المعروف أن هذا النمو جاء بسبب الزيادة في إنتاج النفط التي وصلت إلى أكثر من 3.3 مليون برميل في اليوم ، وما أسفر عن ذلك من زيادة كبيرة في العوائد النفطية ، ولذلك ينبغي التحذير من الإفراط في التفاؤل حول مستقبل النمو وعملية التنمية في العراق ، فمهمة الحكومة الحالية والتي ستليها ليست سهلة ، في ظل استمرار المشكلة الرئيسية التي تواجه الاقتصاد العراقي، وهي تهالك البنيان الإنتاجي الذي يستند إليه هذا النمو، فضلا عن عوامل عدم التأكد المحيطة بالاقتصاد العراقي والمخاطر المحلية والإقليمية المحيطة به ، التي تسهم في إجهاض السياسات الهادفة إلى الحفاظ على ما تحقق من نمو . ولكي تستمر استدامة هذا النمو المرتفع لا بد من تركيز السياسات الاقتصادية على تحقيق زيادة في معدلات الإنفاق الاستثماري في قطاعات الإنتاج غير النفطي وبخاصة الصناعة التحولية والزراعة والبناء والتشييد والسياحة كما نوهت الى هذا التوجه خطة التنمية (2013-2017) ، غير ان واقع الحال ما زال يشير الى استفحال عمليات ترييع الاقتصاد ، المصحوبة بإهمال شبه كامل للقطاعات الإنتاجية والخدمية المولدة لفرص التشغيل ، فضلا عن إهمال الدور التنموي للقطاع الخاص ، واستمرار الفساد والمحاصصة الطائفية في أجهزة الدولة وتخبط السياسات الاقتصادية وافتقارها لعنصر التنسيق والتكامل ، أن تلك التوجهات ستقود حتما إلى استمرار عمليات تبديد الفائض الاقتصادي ، كنتيجة لارتفاع حجم الإنفاق الاستهلاكي الخاص والعام فضلا عن الاعتماد شبه الكامل على الاستيراد ،كما أن تفاقمها سيقود إلى استفحال الأزمة الاقتصادية من ناحية وتأجيج حالة الانقسام السياسي والطائفي من ناحية ثانية ويدفع باتجاه تغذية الصراع العنيف على الغنيمة (الريع النفطي).
هذا السيناريو المتشائم ليس من نسج خيال الكاتب ، بل هو واقع يومي معاش، فتلك الصورة القاتمة تترافق مع الصورة الوردية عن معدلات النمو المرتفعة ، مما يجعل المراقب الاقتصادي يصحو من حلمه الجميل ليصطدم بصخرة الواقع الذي يعيد إلى الأذهان الحقيقة المرة التي تفيد بأن ما تحقق في العراق لحد الآن لا يعد بكل المقاييس تنمية اقتصادية ناهيك عن كونه تنمية مستدامة ، بل أن ما تحقق فعلا هو تنمية للتخلف بجميع أبعاده الاقتصادية والاجتماعية والسياسية ساهمت بتكريسه السياسات الاقتصادية التي طبقت خلال العقد الماضي بعد 2003 ، فتلك السياسات همشت قطاعات الإنتاج الحقيقي في تخصيصات الإنفاق الاستثماري وبذلك فأنها قد عملت على إعادة إنتاج التخلف وكانت بعيدة كل البعد عن التوجه التنموي المطلوب للنهوض بالاقتصاد العراقي
#فلاح_خلف_الربيعي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟