|
ليالي رمضان بين الترويح والتراويح
الكبير الداديسي
ناقد وروائي
(Lekbir Eddadissi)
الحوار المتمدن-العدد: 4156 - 2013 / 7 / 17 - 09:22
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
ذ. الكبير الداديسي لرمضان في المغرب سلطته وعاداته وتقاليده وطقوسه مما يجعل من هذا الشهر شهرا متميزا ومتفردا عن باقي شهور السنة ، ولعل هذا التميز يكاد يتجلى في الليل أكثر من النهار ، فليالي رمضان تجمع بين النسك والعبادة من جهة وبين الفساد والدعارة من جهة ثانية ولهذا اخترنا لهذ المقال عنوان :( ليالي رمضان بين التراويح والترويح ) عدد كبير من المغاربة بعد ساعات الإفطار يخرجون لصلاة التراويح ، بعد أن قضوا سحابة يومهم صائمين يبحثون عن أجر الصيام وقيام الليل ويعودون لمنازلهم لمتابعة البرامج التلفزية مقتنعين أن أيام رمضان تقتصر على أعمال كالصوم والتبضع والصلاة وصلة الرحم ومتابعة برامج التلفاز وقراءة أو الاستماع للقرآن الكريم ، ويزداد الاقتناع بكون رمضان شهر الصوم والعبادة عندما يلاحظ المرء تلك الأفواج الهائلة التي تتقاطر على مختلف المساجد لأداء صلاة التراويح لدرجة أن معظم المساجد لا تقوى على استيعاب مرتاديها فتراهم يشكلون صفوفا خارج أسوار المساجد بل كثيرا ما تغلق تلك الصفوف بعض الشوارع ...وكما تكتض المساجد ليلا في رمضان تكتض المقاهي ومجالس الطرب والسمر ، قد يلاحظ الكثير من الأسر في ليالي رمضان خلق فضاءات للسهر والترويح عن النفس من خلال التردد على مجالس العناء والطرب ولعب الكارطا والضامة لكن ما لا يبدو للبعض هو أن ليالي رمضان تعرف نشاطا – في إطار الترويح - لظاهرة يمكن تسميتها بظاهرة الدعارة الرمضانية فما المقصود بالدعارة ؟؟؟ وما خصوصيات دعارة رمضان ؟؟ الدعارة هي استئجار أو تقديم أو ممارسة خدمات جنسية بمقابل مادي إنها ببساطة "بيع الخدمات الجنسية"، ويمكن التمييز فيها بين الدعارة القسرية والدعارة الطوعية. والدعارة ظاهرة قديمة بقدم الإنسانية وإن ربطها البعض بالفقر. وقد استعملها آخرون بمعاني رمزية فتحدثوا عن الدعارة السياسية معتبرين ممارسة أية مهنة أو التفوه بأية فكرة أو موقف سياسي من أجل المال فقط أو المنفعة والمصالح نوعا من الدعارة. وحتى وإن تعالت بعض الأصوات هنا وهناك داعية إلى تقنين الدعارة بين واعتبار( صنعة للجنس) و (أقدم مهنة امتهنتها المرأة ) كباقي الصناعات يجب تقنينها وحماية المتعاطين لها من كل خطر صحي او اجتماعي واستثمار عائداتها المالية الضخمة فيما يعود بالنفع على الدول فإن معظم القوانين والشرائع تحرم وتمنع الاتجار في لحوم البشر كما أن الأعراف تقلل من شأن من يتعاطاها .... صحيح أن الدولة تعمل على منع بيع الخمر في هذا الشهر فتقفل الحانات ومتاجر بيع الخمر لكن مقابل ذلك تفتح آلاف المحلات للسهر فكثيرة هي المقاهي والكارجات والفضاءات التي حولت مجالا للأغاني الشعبية والسهر تنقل عددا من زوارها من أجواء العبادة والنسك والتراويح إلى الترويح عن النفس يستمر عملها حتى اقتراب موعد السحور ..كما أن العديد من الأمكنة تغدو مجالا للمواعدة والتمهيد للبغاء .. أن المتردد على المقاهي ليلا برمضان سيلاحظ أن زبناءها من النساء في تزايد ، فيكفي أن تتسلل لأي مقهى لتلاحظ أنامل رقيقة تمسك بين السبابة والوسطى سجائر في غنج .. وشفاة ناعمة تنفت الدخان في نخوة ، معظمهم في ريعان الشباب وأحيانا كثيرة فيهن قاصرات ... موضوعنا اليوم ليس تدخين النساء في المقاهي لكن العديد من هؤلاء الفتيات يجلسن وحيدات او مع بعضهن البعض في انتظار قدوم ضحية تدفع ثمن المشروب وتٌستدرج للجنس ... فبعد آذان المغرب وما أن تٌملأ البطون بالحريرة حتى يهرع العديد من النساء إلى الشارع فترى الأسراب جيئة وذهاب في كل شارع منهن من تضرعت بالصلاة ومنهن من ادعت زيارة قريب أو صديق ، أو القيام بجولة مع صديقة ... لكن عددا منهن يخرجن كل يوم ليبعن بعض ما بين أفخاذهن من حرارة ... إلى عهد قريب كان في كل مدينة حي خاص بالدعارة يقصده الشبان والعزاب يفرغون فيه بعض ما يؤرق بالهم ويطفون فيه بعضا من نار الشهوة المشتعلة في الأحشاء والجوانح ... لكن مكوث بائعات الهوى في منازلهن وانتظار الزبون أو المناداة عليه من النافذة أو الجلوس في أبواب المنازل بصدور أو سيقان شبه مكشوف مع تلويك العلكة .... أصبح تجارة كاسدة لا فائدة منها خاصة مع دخول جيل جديد من الفتيات منهن القاصرات ميدان التنافس ... لذلك أصبح الشارع محط تنافس بين مختلف الفئات من نساء الدعارة ، أكيد أن الأغلبية الساحقة من الفتيات والنساء في الشوارع لا شريفات وبريئات لكن هوس البحث عن الزوج يجعل ليالي رمضان فرصة للقاء بين الجنسين في صفوف الشباب .. من ضمن هؤلاء النسوة يوجد عدد منهن يمتهن الدعارة ولعل ما يجعل الظاهرة لافتة للانتباه في رمضان هو خروجهن جميعا في وقت محدد ( من التاسعة إلى الحادية عشر) ومن فاتها الموعد فقد لا تظفر بأي غنيمة ... تتعدد الأمكنة التي يقصدها بائعات الهوى حسب المستوى الاجتماعي وحسب الضحايا المتربص بهم . لصاحبات الدرك الأسفل أماكن معلومة غالبا ما تكون الأزقة الضعيفة الإنارة أو خلف المحطات الطرقية أو قرب محطات القطار أو محطات الحافلات يكاد المرتادون على هذه الأمكنة يحفظون وجوههن وهن في الغالب بجلاليبهن ومن هن من تحمل خمارا في ستر مقصود للوجه وكأنهن يشعرن بأنهن يفعلن ذلك على مضض ... وتكفي إشارة بالرأس أو اليد للظفر بالشهوة المعروضة على الرصيف أما الفئة الثانية منهن فتفضل الشارع تقطعه طولا وعرضا وانتظار أي زبون صاحب دراجة نارية أو سيارة يكفيه الوقوف لدقائق لتراهما يركبان الريح في اتجاه النشوة المنتظرة .... وتشكل المقاهي والفنادق المكان المفضل للجيل الجديد وصغيرات السن اللواتي رفضن انتظار الزبون وفضلن الخروج إليه والاقتراب منه في أماكن راقية ... ويكفي الفتاة أن تضع أمامها سيجارة من النوع الغالي الثمن و مشروبا وتنظر من يدفع الثمن.. وإن كانت منهن من غدت تعتمد التكنولوجية الحديثة في البحث عن الزبائن : تجلس في المقهى وترسل رسالة بالبلوتوت قد تظفر من خلالها بهدفها في دقائق أما النوع الأكثر أمانا فهو الذي يخرج من البيت وقد حدد هدفه مسبقا، بعد ربطت علاقة بين الطرفين حددت فيها حيثتيات اللقاء (المكان والزمان ..) ،فتخرج العشيقة منتشية مستعجلة نحو الهدف ( منزل ، سيارة ، موقع رومانسي ..) هذه بعض ملامح الترويح والتراويح في رمضان انطلقنا فيها من مدينتنا ، بعد ما رصدنا حركية المجتمع وحاولنا تعميمها على مدن أخرى متجنبين تحديد أسماء الأزقة والمقاهي لما قد يلحق أصحاب هذه المقاهي من أذى مع ضرورة الإشارة إلى أن الوقت الذي تمتلئ فيه المقاهي والشوارع بهكذا سلوكات تكاد المساجد تضيق بالمصلين فترى أكثر المغاربة ملتزمين على أداء الصلوات في وقتها ، متشددين في التردد على المساجد وهذا ما جعل المغرب بلدا متسامحا متنوع الثقافة لكل فيه موقعه ويمارس طقوسه بكل حرية
#الكبير_الداديسي (هاشتاغ)
Lekbir_Eddadissi#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
بعض قضايا الربيع العربي الجزء الأول
-
الوزيرة والرئيس انتهى عرض الغزل سيدي
-
من البنية التبعية إلى البنية العبودية
-
تأثير الساعة المضافة على التلاميذ
-
بيان المغرب بعد صدور القرار الأممي حول الصحراء
-
الدم من القداسة إلى النجاسة
-
هزيمة المغرب أمام طنزانيا رب ضارة نافعة
-
هل اقتربت ساعة الأغنية المعصرية في المغرب
-
أكبر من صدفة أن يقطع رأس طه حسين والمعري في نفس الوقت
-
الإقبال المتزايد على البضائع والملابس المستعملة
-
التقبيل بين الحب والتضليل
-
كرتنا التي تنهزم بشرف
-
عارك عليك أستاذ
-
المغاربة يخلدون رأس السنة الأمازيغية في غياب أي احتفال رسمي
-
منظر بيداغوجا الأهداف والكفايات والإدماج في المغرب يتنكر ...
...
-
العنف المدرسي يغير جلده في المغرب
-
هل أتاك حديث الدستور الذي قسم المصريين
-
الدولة متهمة بقتل الفكر الإنساني مع سبق الإصرار
-
دستور مصر العجلة والاستعجال
-
مصر تصنع فرعونها الجديد
المزيد.....
-
وجهتكم الأولى للترفيه والتعليم للأطفال.. استقبلوا قناة طيور
...
-
بابا الفاتيكان: تعرضت لمحاولة اغتيال في العراق
-
” فرح واغاني طول اليوم ” تردد قناة طيور الجنة الجديد 2025 اس
...
-
قائد الثورة الإسلامية: توهم العدو بانتهاء المقاومة خطأ كامل
...
-
نائب امين عام حركة الجهاد الاسلامي محمد الهندي: هناك تفاؤل ب
...
-
اتصالات أوروبية مع -حكام سوريا الإسلاميين- وقسد تحذر من -هجو
...
-
الرئيس التركي ينعى صاحب -روح الروح- (فيديوهات)
-
صدمة بمواقع التواصل بعد استشهاد صاحب مقولة -روح الروح-
-
بابا الفاتيكان يكشف: تعرضت لمحاولة اغتيال في العراق عام 2021
...
-
كاتدرائية نوتردام في باريس: هل تستعيد زخم السياح بعد انتهاء
...
المزيد.....
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
المزيد.....
|