|
إرهاصات الخطاب الكردي في ظل الثورة السورية .... وجهة نظر عربية
مهند الكاطع
الحوار المتمدن-العدد: 4154 - 2013 / 7 / 15 - 11:15
المحور:
القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير
خلقَ اللهُ الناسَ شعوباً وقبائل ليتعارفوا ، ولو شاءَ اللهُ لجعلهم كلهم (عرباً ) أو (أكراداً ) ، لكنهُ سبحانه خلقَهم متمايزين لحكمة يعلمُها وحده ، و قدْ وضَعَ الإسلامُ ضوابطَ هذا الإختلاف العرقي في أُطرٍ تُجنِّبُنا النظرية الشوفينية القائمة على مفهومِ التفوقِ العرقي ، فقال تعالى : ( إن أكرمكم عند الله أتقاكم) . و رغم أنني لستُّ متفقهاً في الدين ، إلا أنني أدركُ تماماً بأنَّ مُعظمَ مشاكلنا السياسية في الجزيرة السورية حصراً ناجمةٌ عن تركِ العملِ بهذا المفهوم الآلهي الرائع. ما يزيدُ الأمورَ تعقيداً هو عدمُ وجودِ خطابٍ كردي موحدٍ نستطيعُ من خلالهِ تقييمَ الموقف الكردي ، حيث نجد هذا الخطاب منقسمٌ بين خطاب قومي متطرف وخطاب معتدل يعتزل بخصوصيته ، وكذلكَ الخطاب العربي الذي بات منقسماً بين خطابٍ إسلامي (بكافة أشكاله المعتدلة والمتشددة) و خطابٍ شعوبي مدني معتدل مع ملاحظة ضمورٍ شبه تام للخطاب القومي العروبي (بإستثناء الجوقة الإعلامية للنظام ) والغير مقتنعة ضمناً بهذا الخطاب . أما بخصوصِ الحراك السياسي في الجزيرة السورية والذي لا يمكننا وصفه بالحراك السياسي الطبيعي أو المستقل وخاصة في المناطق التي تخضع لسيطرة النظام ، وذلك نتيجة للتأثيرات التي يحدثها النظام في هذا الحراك ، حيثُ لا تزالُ أجهزته الأمنية متواجدة و بقوة في المنطقة ، وما زالت محتفظة بأوراق اللعبة السياسية ، و قادرة على خلطها أيضاً متى شاءت ، وذلك من خلال التنظيمات المسلحة ( الكردية والعربية ) التي أنشأها أو عززها النظام لخدمةِ مصالحهِ ، و باتت تلكَ القوة عاملاً مهماً في تجنيب النظام الأصطدام مباشرة مع الشعب ، فجعل مثلاً من القوة المسلحة العربية والمتمثلة بما يسمى بجيش الدفاع الوطني أداة لمجابهة أي نشاط عربي معارض وأداة لإعتقال المطلوبين العرب في المحافظة دون وجود أي هدف أستراتيجي لهؤلاء الشبيحة سوى الأستفادة من الرواتب التي يقدمها لهم النظام ، بينما أختصت قوات مايسمى بالحماية الشعبية الكردية بقمع أي حراك ونشاط كردي وفرض أجندة مشتركة ضمن بُعدٍ أستراتجي مشتركٍ و مصالحَ أقتصادية وسياسية أكبر من الفتات المُقدَّم لما يسمى (جيش الدفاع الوطني) . في الفترة الأخيرة أستفحلت الممارسات الأستفزازية الفردية والأحادية الجانب من قبل فصيل كردي معين ، يستند لقوة عسكرية مدعومة من النظام و ينتهج خطاب قومي موتور يسعى لفرض سلطته وتسلطه الأستبدادي على المنطقة دون التشاور مع الآخرين من عرب وسريان وحتى أكراد من تيارات أخرى، وتلوح بفرضِ واقعٍ جديد على المنطقة مستعينةً بما وفره لها النظام من إنتشار عسكري على الأرض و دعم لوجستي وعسكري قوي لتحقيق أهداف مشتركة في المرحلة الحالية . بقية الأحزاب القومية الكردية تكمن مشكلتها الحالية بسعي هذا الفصيل للسيطرة الأحادية على المنطقة ، و تطالبه بسيطرة "مشتركة" من جميع التيارات الكردية وأقامة قوات كردية مشتركة تدير مناطق أسمتها " مناطق كردية" و دون الأكتراث بطبيعة الحال بالمكونات الآخرى الرئيسية في تلك المناطق و التي بطبيعة الحال لا تشكل مناطق ذات أغلبية عرقية كردية حتى يتم تمرير هذا المسمى القومي المستحدث مع بداية الثورة السورية و بدون مبرر أخلاقي واضح ، الأمر الذي خلق ردة فعل و حالة من تراجع دعم المكونات الأخرى لما يمكن إعتباره مطالب محقة للأخوة الأكراد. إن عدم وجود مشروع قومي عربي "في الجزيرة السورية " جعل الخطاب العربي في إطار أهداف الثورة السورية في تحقيق دولة مدنية تعددية للجميع ، هذا ما يتضح جلياً و بدون مواربة من خلال الفكر والخطاب الذي يسعى لتصديره المثقف العربي في كل منبر وعلى جميع الاصعدة ، مؤكداً على مفهوم التعايش المشترك من خلال الرد على الدعاية القومية للأحزاب الكردية والغير المبررة والتي تتحدث عن مشروع يحمل صبغة قومية كردية تدعي أحقيتها دون غيرها في تسمية مناطق بمناطق قومية ، و تطالب بإدارة كردية ذاتية لتلك المناطق في أطار الحكم الذاتي تحت مفهوم "الحقوق القومية" في محاولة لتكرار نموذج الخطاب السياسي الكردي العراقي دون ملاحظة أختلاف الظروف السياسية والديموغرافية و حتى التاريخية والجغرافية في كلتا الحالتين !!!! و لا ننسى بإن الكثير الأبواق القومية الكردية تحاول تصوير البحث التاريخي والعلمي الموثق من قبل بعض السوريين في حقيقة الإدعاءات القومية الكردية بأنه (عنصرية متجددة ضد الشعب الكردي) خصوصاً وأنها تنفي كل المزاعم القومية الكردية والمسوغات التي تتبناها لخطابها القومي الذي يسعى للاستحواذ والتسلط ومحاكاة إقامة كيان قومي بشكل أو آخر ، متلاعبين بالحقائق من خلال الضرب على الوتر القومي الذي تزينه كلمات عريضة تنطلق من مفاهيم سامية حقوق الإنسان. ختاماً أوجه رسالة لجميع أبناء الجزيرة متمثلين بالعرب بشقيه (المسلم والمسيحي) وبالأخوة الأكراد وأقول : لنتذكر جميعاً بأن دمائنا أختلطت ، وأنسابنا تقاربت شئنا أم أبينا ، وفضلاً عن ذلك كله يجمعنا المفهوم الإنساني والتعايش المشترك المبني على الأحترام المتبادل على مر العصور. فليحترم كل شخص منا أختلاف الآخر ، ولسانه ، وثقافته وحقوقه . ولا تكن تلك الشعارات البراقة في الحقوق سبباً لترك الواجبات ، ومبرراً لأرتكاب الأنتهاكات والتعديات على حقوق الآخرين . و ليسعى كلِ منّا لتشجيع وتبني الخطاب المتسامح ، والكَفِ عن إعتبار ذلك الخطاب مؤشراً للضعف بقدر ما هو شعوراً عالياً بالمسؤولية إتجاه أحتقان تسببه الخطابات الإيديولوجية المتطرفة والذي قد يؤدي تفاقمه إلى إشتعال ناراً تلتهم الجميع دون أن تكترث بأعراق أو إنتماءات !
#مهند_الكاطع (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
12 آذار بين أنتفاضة قامشلو ... وأحداث القامشلي
-
ما بعد أحداث القامشلي .... رؤية واقعية
-
الرد على ماجاء في مقال السيد اسماعيل حمد الجبوري
المزيد.....
-
القبض على -سفاح صيدنايا- ومقتل شجاع العلي في سوريا
-
زيارة مثيرة للجدل: رئيس المخابرات العراقية يلتقي أحمد الشرع
...
-
ماذا نعرف عن تعيينات الحكومة الانتقالية السورية الجديدة؟
-
حقائب مهجورة وزجاج على الأرض.. هكذا بدا مطار صنعاء الدولي بع
...
-
بولندا تتولى الرئاسة الدورية للاتحاد الأوروبي والتركيز على ا
...
-
الدرك المغربي يداهم قرية ويحرر 19 شخصا كانوا محتجزين في ظروف
...
-
شولتس يعلن اتفاقه مع ترامب على تنسيق المواقف بشأن النزاع في
...
-
ريابكوف: موسكو ترى مؤشرات على انطلاق سباق تسلح جديد بالفعل
-
الحوثيون يقصفون مجددا مطار بن غوريون
-
أوروبا 2024.. هزيمة استراتيجية التصعيد
المزيد.....
-
الرغبة القومية ومطلب الأوليكارشية
/ نجم الدين فارس
-
ايزيدية شنكال-سنجار
/ ممتاز حسين سليمان خلو
-
في المسألة القومية: قراءة جديدة ورؤى نقدية
/ عبد الحسين شعبان
-
موقف حزب العمال الشيوعى المصرى من قضية القومية العربية
/ سعيد العليمى
-
كراس كوارث ومآسي أتباع الديانات والمذاهب الأخرى في العراق
/ كاظم حبيب
-
التطبيع يسري في دمك
/ د. عادل سمارة
-
كتاب كيف نفذ النظام الإسلاموي فصل جنوب السودان؟
/ تاج السر عثمان
-
كتاب الجذور التاريخية للتهميش في السودان
/ تاج السر عثمان
-
تأثيل في تنمية الماركسية-اللينينية لمسائل القومية والوطنية و
...
/ المنصور جعفر
-
محن وكوارث المكونات الدينية والمذهبية في ظل النظم الاستبدادي
...
/ كاظم حبيب
المزيد.....
|