|
الأكراد السوريون وطنيون يدعون إلى الديمقراطية
احسان طالب
الحوار المتمدن-العدد: 1190 - 2005 / 5 / 7 - 11:22
المحور:
القضية الكردية
استطاع التيار السياسي الكردي في سورية أن يجعل القضية الكردية هما وطنيا تتبناه أطياف سياسية مختلفة على أساس أن الحقوق المسلوبة للأكراد، حقوق وطنية عادلة مما أعطى المسألة عمقا فكريا نظريا وانتشارا إعلاميا واسعا، ومع نضوج التجربة الديمقراطية في العراق ووصول جلال طالباني إلى رأس السلطة هناك والتركيز من قبل الأكراد على همومهم الداخلية واندماجهم في العملية السياسية الديمقراطية ، وخشيتهم من إثارة خلافات حادة مع الجوار ـــ سورية وتركيا وإيران ـــ و هم بأمس الحاجة لتعاون تلك الدول ومساندتها وخاصة في المسائل الأمنية كل ذلك همش اهتمام أكراد العراق بالدولة القومية ، خصوصا وأن الإنجازات التي حققوها تعد فريدة ومميزة زادت من ارتباطهم بدولتهم الوطنية ودورهم الفعال فيها. هذه التطورات الإقليمية إلى جانب التقارب السوري التركي بعد زيارة الدعم والمساندة التي قام بها مؤخرا الرئيس التركي إلى دمشق. والضغوط الأوربية على حكومة أنقرة من أجل إعطاء المزيد من الحريات والخصوصية للأقليات. كل ذلك دفع الأكراد السوريين إلى الالتفاف أكثر نحو وطنهم والاشتغال بالهم الداخلي بصورة رئيسة. وبالرغم من أن الأحزاب الكردية في سورية ما زالت لم تحسم أمرها تجاه العديد من العناوين الرئيسة لنضالاتها التاريخية خاصة فيما يتعلق بالعلاقة مع الدول المجاورة والطموحات القومية القديمة. فإن التوجهات الوطنية والانخراط مع بقية الأحزاب السورية المعارضة في المطالبة بالتغيير الديمقراطي أصبحت واقعا ملموسا في الخطاب الكردي السوري. وفي قراءتنا لمشروع البرنامج السياسي لحزب الوحدة الديمقراطي سنتوقف عند ثلاث محاور : • ملاحظات أولية • ما خلا منه البرنامج • مقترحات ملاحظات أولية: مشروع هادئ غير انفعالي وطني يظهر رؤية عصرية متطورة تأخذ بعين الاعتبار مفاهيم العولمة وآثارها على مجمل القضايا المحلية والدولية ومنها قضية الشعب الكردي آخذة بعين الاعتبار المتغيرات الإقليمية والأممية. احتوى المشروع على مجمل المطالب الوطنية السورية وبذلك يلتقي الحزب مع أطياف المعارضة المنادية بالتغيير الديمقراطي. كما يؤكد المطالب الشعبية الكردية كاملة تقريبا. يظهر البيان رغبة حقيقية وملحة لدى الحزب في التعاون والتعامل مع التجمعات المدنية السورية والأحزاب غير الكردية من أجل التضامن والعمل سوية لتحقيق سورية المستقبل كما يرغب أبناؤها. كما أبدى المشروع نظرة قومية إنسانية تثق بالذات وتعترف بالآخر متجاوزا ما عرف سابقا لدى الأحزاب القومية عموما من تشنج وعدائية للآخر ، لذلك أظهر البيان انفتاحا ايجابيا قائما على الحوار وتبادل الخبرات مع الأحزاب الكردية الأخرى وغيرها تاركا الباب مفتوحا للرأي الآخر بما يتيح بلورة ونضوج فكر سياسي وتحرك استراتيجي مشترك يوصل إلى الغاية المطلوبة . وبذلك يعد المشروع خطوة متقدمة نحو حوار وطني يستقطب كافة الأطراف الراغبة في المساهمة باللعبة السياسية السورية. ما خلا منه البرنامج : لم يتطرق المشروع إلى المسار الاقتصادي ومسألة التنمية . ترتبط الديمقراطية بشكل مباشر بالتنمية ويولي كثير من المفكرين مسألة التنمية الشاملة اهتماما خاصا للحفاظ على الديمقراطية وتهيئة الظروف المناسبة لها. فالشعب الذي يمارس الديمقراطية سيساهم بشكل فعال في التنمية لوجود الرقابة والتخصص. وبالتالي عندما تتوفر التنمية تتاح فرصة أكبر لنجاح التجربة الديمقراطية. والناس عندما يطالبون بالديمقراطية يرغبون في حياة أفضل. والتنمية الشاملة للموارد الاقتصادية والبشرية تفرز مستويات معيشة تتقارب بالتدريج مع الشعوب المتقدمة التي ترتبط فيها الديمقراطية مباشرة بالنمو الاقتصادي . خلا البيان من موقف محدد تجاه مسألة حق تقرير المصير الذي تطرحه الأحزاب الكردية الأخرى : هل هوــ إدارة محلية كباقي المناطق السورية وهو الحل الأمثل في نظرنا ــ حكم ذاتي أو أي موقف آخر قد تكون له عواقب غير مدروسة ــ الربط أو الانفكاك في حق تقرير المصير مع الأكراد غير السوريين والذي نراه اعتبار الشعب الكردي في سورية جزءا لا يتجزأ من اللحمة الوطنية لبلدنا الذي يشمل العديد من الاختلافات الثقافية التي أثرت الحضارة السورية على مر العصور . خلا المشروع من الإشارة إلى برامج عملية داعمة للبرنامج السياسي ولم يتعرض إلى آليات التغيير المطلوب ومقترحات لطرائق التغيير . ومن المفيد البدء بإعداد مسودات مشاريع دستورية وقانونية واقتصادية وطرحها ومناقشتها مع الآخرين وهذه النقطة في الحقيقة تعتبر مسؤولية مشتركة ينبغي النهوض بها وتقع على عاتق مجمل التيارات السورية العاملة في المجال السياسي مقترحات : وهي على محورين : 1 ــ صياغية 2 ــ متعلقة بالقضية الكردية بشكل عام • مقترحات صياغية : أ ــ تعاد صياغة المقدمة تحت عنوان المرتكزات الفكرية للحزب ب ــ أن تكون محاور البرنامج على الشكل التالي : أولا : محور الشعب الكردي السوري يتم التصريح فيه بالعلمانية واعتماد الليبرالية، والتأكيد على احترام كافة الأديان والمعتقدات المختلفة التي ينطوي تحتها مجمل النسيج السوري البشري الفريد. بالإضافة إلى ما ذكره المشروع في هذا البند. ثانيا : العلاقات الإقليمية الكردية : يتناول هذه العلاقات بشكل عام ويتضمن موقفا محددا من المطالبة بالدولة الكردستانية . بالإضافة إلى ما ذكره المشروع في هذا البند. ثالثا :المحور الوطني السوري : وفيه يتم التقاطع مع طروحات ومطالب أحزاب المعارضة السورية . والعمل على إقامة ندوات حوارية يتم من خلالها تبني مشاريع مشتركة. بالإضافة إلى ما جاء في البند الثالث من البرنامج. رابعا : المحور العالمي الإنساني : ويكون الحديث فيه حضاري إنساني أوضح بالإضافة لكل ما جاء في هذا البند . • المقترحات العامة : يشكل العمل على القضايا المؤثرة التي لا يلغيها قرار سياسي ، وإثراء مفاهيم الثقافة الشعبية ومكوناتها العنصر الأهم في الحفاظ على الخصوصية. و ذلك يتم بتشكيل لجنة ثقافية تعمل على التنقيب في التراث الفلكلوري الثقافي الكردي وجمعه وتوثيقه وإشاعته بين عامة الناس ويشمل هذا التراث عادة : القص الشعبي. الأمثال. الأغاني. الرقصات. الأزياء والموسيقا، والعمل على تنظيم مهرجانات ثقافية كردية والتعريف بالكتّاب العالميين الأكراد، وهنا لا بد من الإشارة إلى نقطة هامة : ـــ الرغبة في الانطواء تحت الراية الوطنية السورية لا يعني قطع جذور الماضي وإغفال التاريخ الحضاري الإنساني للأكراد في العالم. إن أكراد سورية مواطنون أصيلين وارتباطهم بأكراد العالم ارتباط حضاري ثقافي إنساني ينمو بالتواصل اللغوي المكتوب. إن التعريف بالحضارة الكردية الإنسانية قديما وحديثا لا يعني خرق مفهوم المواطنة بل على العكس يعتبر وجود رواد عالميين يكتبون بالكردية روائع أدبية عالمية مساهمة في تحقيق الثقة بالنفس وتعزيز التعايش مع الشعوب الأخرى خاصة عندما يتم البعد عن مفاهيم القومية الفوقية التي تعتبر ذاتها خير الأمم وتزدري الأمم الأخرى ولو بشكل غير مباشر. ـــ التركيز على مساهمة أبناء الشعب الكردي في مقاومة الاحتلال الفرنسي وإزالة الالتباس المتوارث في هذا الشأن وبيان مساهمات الكرد في تاريخ سورية الحديث السياسي والثقافي لما لهذه الأمور من أثر بالغ في المكانة والتآخي بين القوميات. ـــ تجنب الفخ الذي تقع فيه الأحزاب السياسية بإغفالها الجانب المدني والتركيز على العنصر الرجالي فقط. فالمشاركة النسائية السياسية والمدنية تعطي الأحزاب في كل دول العالم طابعا وطنيا إنسانيا يجعلها قادرة على توصيل ما لديها إلى الناس. من الضروري التأكيد على تعلم العربية وإتقانها إلى جانب الكردية وذلك يعطي الأكراد قوة في التأثير لدى المجتمع السوري وفي البلدان العربية الأخرى كذلك السعي لنشر اللغة الكردية بين بقية السوريين عن طريق المعاهد والمراكز الثقافية. التركيز على موضوع التثقيف والتنمية للأكراد في القرى البعيدة ومناطق الجزيرة وإلحاق هذه المسألة بالتركيز على مفهوم التنمية الشاملة وإدخال الثقافة والسياسة إلى المجتمعات السورية عموما. أخيرا ينبغي إيلاء موضوع الإصلاح الزراعي المضلل اهتماما مركزا والإعداد لدراسات قانونية ومخططات واقعية تكون جاهزة ( بعد مناقشتها والاتفاق عليها ) لعرضها في سبيل إعادة الحقوق لأصحابها والتعويض عن الضرر الذي ما زال مستمرا أكثر من ثلاثة عقود. إن هذه المقترحات و الملاحظات و الآراء التي عرضناها تندرج في باب التحاور و التشاور و ليست مختصة بفئة بذاتها أو حزب بعينه. و ربما كان من المفيد مناقشتها و التفاهم حولها مع العديد من أطياف التيار السوري السياسي المتواجد حالياً. وهي دعوة للالتقاء و التحاور بين الجميع.
#احسان_طالب (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
من بيروت إلى بغداد حكومة الأمل و البشائر
-
وحيدة أنا
-
التحالف بين التيار الديني و الأنظمة الشمولية الفردية
-
التغيير الراهن في سورية و دور المعارضة في تجنب التجربة العرا
...
-
عندما يصبح الاعتقاد جريمة أحكام قتل المرتد
-
الجوع للأنثى
-
التراث
-
العدل و النساء. إشكالية تعدد الزوجات
-
الدولة الدينية أم الدولة الحديثة رؤية نقدية في بيان الإخوان
...
-
امنيات على الشيخ حسن نصر الله
-
مرثية لدمشق
-
فلسفة مؤسسة الحجاب
-
هل انقضى عهد الولاء المطلق؟ ممارسة حق المواطتة
-
ألا لا يجهلن أحد علينا
-
نداء إلى بهية الحريري
-
عذرا سيدي العقيد أصواتنا غير مسموعة
-
مسلمات العقلية العربية بين التخلف والديكتاتورية
-
قصيدة الناقوس
-
شمولية التطبيق ومصالح الحكام هل يمكن تطبيق الشريعة كاملة؟!
-
قصيدة أمل مفقود
المزيد.....
-
الأونروا: النظام المدني في غزة دمر تماما
-
عاصفة انتقادات إسرائيلية أمريكية للجنائية الدولية بعد مذكرتي
...
-
غوتيريش يعلن احترام استقلالية المحكمة الجنائية الدولية
-
سلامي: قرار المحكمة الجنائية اعتبار قادة الاحتلال مجرمي حرب
...
-
أزمة المياه تعمق معاناة النازحين بمدينة خان يونس
-
جوتيريش يعلن احترام استقلالية المحكمة الجنائية الدولية
-
العفو الدولية: نتنياهو بات ملاحقا بشكل رسمي
-
مقرر أممي: قرار الجنائية الدولية اعتقال نتنياهو وغالانت تاري
...
-
جنوب السودان: سماع دوي إطلاق نار في جوبا وسط أنباء عن محاولة
...
-
الأمم المتحدة تحذر من توقف إمدادات الغذاء في غزة
المزيد.....
-
سعید بارودو. حیاتي الحزبیة
/ ابو داستان
-
العنصرية في النظرية والممارسة أو حملات مذابح الأنفال في كردس
...
/ كاظم حبيب
-
*الحياة الحزبية السرية في كوردستان – سوريا * *1898- 2008 *
/ حواس محمود
-
افيستا _ الكتاب المقدس للزرداشتيين_
/ د. خليل عبدالرحمن
-
عفرين نجمة في سماء كردستان - الجزء الأول
/ بير رستم
-
كردستان مستعمرة أم مستعبدة دولية؟
/ بير رستم
-
الكرد وخارطة الصراعات الإقليمية
/ بير رستم
-
الأحزاب الكردية والصراعات القبلية
/ بير رستم
-
المسألة الكردية ومشروع الأمة الديمقراطية
/ بير رستم
-
الكرد في المعادلات السياسية
/ بير رستم
المزيد.....
|