أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عيبان محمد السامعي - في نقد الفكر الديني المُسيَّس















المزيد.....

في نقد الفكر الديني المُسيَّس


عيبان محمد السامعي

الحوار المتمدن-العدد: 4153 - 2013 / 7 / 14 - 13:25
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


(1)
يأتي حديث العقل الديني في المجال السياسي بمقولات "أهل الحل والعقد" و"الصفوة" و"الخواص أو خاصة الخاصة" و"الفرقة الناجية" و"الجماعة المختارة"...إلخ. فهو لا يقر بكيانية الفرد ابتداءً, ولا يتحدث في خطابه عن فئات المجتمع وطبقاته.. فمنطق الصراع لديه يتأسس على الهويات الدنيا ( الطائفية والمذهبية) وليس بناءً على المصلحة الاجتماعية الجامعة (*).
إن الفكر الديني المُسيَّس, هو فكرٌ اصطفائيٌّ, فوقيٌّ, قدري, يسند المسألة السياسية والاجتماعية لنخبة تعيد تشكليها وصياغتها وفقاً لمصلحتها (**). وهو بالتالي لا يمكنه أن ينتج فكراً سياسياً أو يبلور مشروعاً اجتماعياً يقود إلى تغيير تتحقق من خلاله آمال الناس وتطلعاتهم في العيش الكريم والحرية والعدالة الاجتماعية والحقوق المواطنية.
وهو إلى ذلك يحتكر الحقيقة وأدوات ممارستها.. فهو لا يريد للناس أن يكون لهم صوتاً يُسمع.. أو رأياً يُقال, أو دوراً يُؤدَّى.. لأن ذلك مدعاة للفتنة, و"الفتنة نائمة لعن الله من أيقظها"..!!
إنه فكرٌ اقصائي, لا إنساني, مضمَّخٌ بثقالات من العنصرية و(التفريقوية) بحيث يُفرِّق بين المرء وأهله..!
لا مجال إذن في المجال السياسي وعمليات التغيير الاجتماعي لفكرٍ اصطفائيٍّ كهذا..
الحاجة تفرض وجود فكر اجتماعي يستوعب مجريات اللحظة الراهنة ومقتضيات المرحلة ويبلور المشروع الاجتماعي الناهض لمجتمع إنساني جديد..!

(2)
"المرشد".. تعددت الدلالات والوظيفة واحدة..!

يأتي لفظ "المرشد" محمولاً بدلالات أيديولوجية أو بتعبيرات أمنية محضة..!!
فهو في الحالة الأولى يرمز إلى سلطة كهنوتية/ ثيوقراطية فوقية ترتفع عن الناس وحاجاتهم وتعمد إلى تشكيل مزاجهم العام والخاص. ليس ذلك وحسب, بل تمارس وصايتها على الفرد والمجتمع وتحدد لهم ما هو مسموح القيام به وما هو محظور عن ذلك بتعِلّة الاصطفاء والنيابة عن الله في الأرض..!!
"مرشد الإخوان المسلمين", و"المرشد الأعلى للثورة الإسلامية الإيرانية", يبدوان للناظر "البرّانّي" اسمين مختلفين بل ومصطرعين, فيما هما في حقيقة الأمر اسمان لنموذج واحد:
النموذج الثيوقراطي في ممارسة السلطة والسياسة, نموذجٌ كهنوتيٌّ أوتوقراطيٌّ يحتكر الدين والفهم المعرفي والسياسي للحقيقة في تشكيلة نخبوية الهدف منها تأمين المصلحة الدنيوية لها.. ولذا فهو يعطي لنفسه الأحقية اللاهوتية والتاريخية في التقرير عن الناس فيما يخص خياراتهم العامة والخاصة.. بل يعطي لنفسه الأحقية في التدخل في شؤونهم وبكل وقاحة, فهو يحدد لهم كل شيء تقريباً.. ابتداءً من نمط علاقتهم بشاغلي السلطة وانتهاءً بتحديد كيفية أكلهم لطعامهم وقضاء حاجتهم..!

فيما يأتي في صورته الثانية, كأداة أمنية بوليسية بما يلعبه (أي المرشد) من دور "المخبر" الذي يُجنِّد نفسه لاستقصاء أمور الناس وتتبع أخبارهم وإحصاء أنفاسهم خدمة لسلطة عسكرتارية قامعة, تقول عن نفسها ـ على سبيل الفكاهة ـ أنها حامية الأمن القومي للوطن.
لقد اُستخدم ـ ولا يزال ـ "المرشد" كأداة فعالة خلال عقود حكم الاستبداد وسلطات القبض القهري في مجتمعات عربية عديدة لمحاربة الوطنيين والتسبب في الزج بهم في غياهب المعتقلات, ومن ثمَّ تصفيتهم من الوجود, أو التسبب في تصفية حضورهم من الحياة في عمليات بشعة من الإخفاء القسري..

في اليمن ـ إبان العهد الإمامي.. كان "المرشد" يقوم بمهمة "إيمانية", فقد كان يُوكل له مهمة التيقُّن من إسلامية الناس وإيمانهم..!! حيث ينبغي عليه التأكد من مدى التزام هؤلاء الناس (ذكوراً وإناثاً) من أدائهم للشعائر الدينية, فكان يمر على مختلف المناطق ويحث الناس على الصلاة والصيام وأداء الواجبات الزكوية ...إلخ. وكان لازماً على الأهالي وكل فرد أن يدفع له مبلغاً من المال لقاء ذلك..!!
لا فرق إذن.. كل هذه النماذج المذكورة آنفاً وإن اختلفت في دلالاتها أو الأدوات التي ترتكز عليها إلا أنها تتحالف لتؤدي وظيفة واحدة... تصفية الوجود الكياني الإنسانوي للفرد وتعطيل طاقاته ومصادرة حقه الأصيل في حرية الاختيار وتقرير المصير..!



هامش:
(*) ما يلزم الإشارة إليه في هذا المقام, أن أية ظاهرة حية تأخذ أوجهاً متعددة وفقاً لإيقاع حركتها الداخلية والتأثيرات الخارجية الواقعة عليها والوسط التفاعلي الذي تنشأ وتتحرك فيه. ومن هنا تتعدد التفسيرات وتبرز الالتباسات وتختلف الدوافع والأساليب في التعاطي مع هذه الظاهرة. ورغم ذلك تظل عملية التفريق المناهجي بين ما هو جوهري وما هو شكلي, وما بين ما هو واقعي/ قائم وما هو متوهم/ طارئ مسألة أساسية.
إن حالة الصراع كنموذج ماثل تظهر بأشكال متباينة وتتخذ مجالات وأدوات كثيرة؛ أغلبها شكلي بارز للعيان بفعل عوامل مختلفة لا مجال لذكرها هنا. فيما الجوهري تناله استقصادات الإزاحة والإبعاد؛ ذلك أن الفاعلين في ميدان الصراع لديهم مصالح تنشأ وتتسع وفقاً لشكل الصراع المتخذ. لذا يحرص أرباب الإسلام السياسي وجلاوزة الأنظمة الفاشية وأمراء الحروب في إبعاد الناس عن طبيعة الصراع وجوهره, وجرّهم إلى ساحة أخرى تحتدم فيها أوار المعارك وتفاقم الخسارات الإنسانية, فيما تتعاظم مكاسب الأطراف المحرِّكة وتتوفر لهم مزيداً من فرص السيطرة والإخضاع.
يظهر هذا جلياً في التحريض الطائفي الهائل الذي تتصدر له القوى الانتفاعية والتقليدية, وما تمارسه من تغذية موجَّهة باتجاه إثارة النعرات المذهبية والمناطقية والحزازات الإثنية واستدعاء الهويات التاريخية والثقافية بقصد إغراق المجتمعات في دوامة من الصراعات والتمزقات اللامحدودة, تغدو معها هذه المجتمعات رهينة, مشلولة, وفاقدة القدرة على امتلاك فرص مواتية في تصويب مسار الصراع بالاتجاه الصحيح.. مسارٌ يتمركز على الحاجات الإنسانية وتلبية المصالح الاجتماعية لعموم الناس ويتخذ الشكل السياسي اللاعنفي في تقديم ما هو جدير ولائق بإنسان هذه البلدان.

(**) لم يأتِ الحديث هنا عن الإسناد إلى قوى غيبية كما هو ساري وسائد في المتناول النقدي لهذه المسألة؛ لأن القول بإسناد الحقائق الشاخصة لقوى غيبية هو نوع من التعمية عما هو كائن وواقع, وينطوي على تضليل خطير تتورط فيه نخب فكرية أحياناً..!
إن واقع الحال يكشف أن تلك القوى الغيبية يستعملها الإسلام السياسي؛ توسلاً في إضفاء المشروعية لمقولاته والتغرير بها في أذهان الناس, مستغلاً الاختلال المريع في بنية الوعي وغياب قلق السؤال في منظومة التفكير الفردي والجمعي.
هذا يفرض علينا في مسعى الكشف عن أستار التضليل والتزييف القائمين أن نستظهر ما هو مُستبطَن في الممارسة الدنيوية للإسلام السياسي, وما ينجُم عن هذه الحالة الممارسية من مساس بمصالح الناس والإقامة خارج إطار الحاجة الجامعة وأسئلتها الشائكة؛ خدمة لمصالح نخبوية وفئوية مقيتة..



#عيبان_محمد_السامعي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إشكالية الدولة والمجتمع في اليمن .. مقاربة أولية
- الثورات العربية وإعادة الاعتبار للذات الجمعية
- تثاؤب في وجه السماء !!
- المزاح ذو العيار الثقيل !! قصة قصيرة
- الشباب والحالة الراهنة


المزيد.....




- تسفي كوغان: الإمارات تقبض على 3 أوزبكيين بتهمة قتل الحاخام ا ...
- في رحلة لعالم الروحانيات.. وزان المغربية تستضيف الملتقى الدو ...
- ثبت تردد قناة طيور الجنة الجديد على النايل سات وعرب سات
- تردد قناة طيور الجنة الجديد 2024 Toyor Aljanah نايل سات وعرب ...
- اللواء باقري: القوة البحرية هي المحرك الأساس للوحدة بين ايرا ...
- الإمارات تكشف هوية مرتكبي جريمة قتل الحاخام اليهودي
- المقاومة الإسلامية تستهدف المقر الإداري لقيادة لواء غولاني
- أبرزهم القرضاوي وغنيم ونجل مرسي.. تفاصيل قرار السيسي بشأن ال ...
- كلمة قائد الثورة الاسلامية آية الله السيد علي خامنئي بمناسبة ...
- قائد الثورة الاسلامية: التعبئة لا تقتصر على البعد العسكري رغ ...


المزيد.....

- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عيبان محمد السامعي - في نقد الفكر الديني المُسيَّس