|
بالرغم من أنهم كانوا، ومازالوا، الأوفى للوطن
حمزة الجواهري
الحوار المتمدن-العدد: 1189 - 2005 / 5 / 6 - 10:58
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
2005-05-05 قبل كل شيء أنا في هذا المقال أمثل رأيا شخصيا ولا أمثل أي جهة كانت، ولكن أكتب ما يمليه علي ضميري من موقف، وأستميح القارئ عذرا بأن أبتعد عن قليلا عن التحليل السياسي بعد أن وعدته أن لا أكتب إلا بالتحليل السياسي المحايد، ولكن في هذه المقالة أريد أن أضع شهادة للتاريخ فقط وأترك الباقي لمن يدفع نحو الفرقة وافتعال الخصومة بين أطياف المجتمع السياسية في العراق، بالضبط كما فعل بعضهم وراح يسب السيد السيستاني، حفظه الله ودام ظله، من على منابر إعلامية ساقطة أخلاقيا وسياسيا كسقوطهم الأخلاقي والسياسي، ولكن المؤلم حقا أن من يفتعل الخصومة هذه المرة هو من ينبغي أن يحاربها، لكن لله في خلقه شؤون!!!! منذ أن كانت الحرب العراقية الإيرانية قائمة، كنت قد سألت أحد القادة السياسيين العراقيين الذين يتخذون من سوريا ملاذا لهم، وقتها كنت في دمشق، سألته عن مدى التعاون مع القوى السياسية التي تعارض النظام البعثي الهمجي وموقفهم من الحرب الظالمة على إيران والتي يذهب وقودها أبناء شعبينا على حد سواء؟ فقال بلهجة تهكمية ملؤها الألم، حين نسأل في التلفون عن الشيخ، يأتي الجواب إنه الآن يصلي، أو إنه في الدرس، أو نائم، وما إلى ما ذلك من الأعذار الواهية، يكون هذا الجواب فيما لو كانت القوات الإيرانية تحقق انتصارات وتتقدم نحو العراق، ولكن تلفون الشيخ لا يهدأ أبدا فيما لو كان الهجوم عراقيا نحو إيران ويحقق الانتصارات على أرض المعركة، هذا حالنا معهم. وقتها لم أستطع التعقيب على الجواب بسؤال آخر لأن فيه من البلاغة ما يغني عن أي توضيح آخر. كان لي أيضا حديثا في سدني مع أحد أبطال انتفاضة العام 91 والذي حصل على لجوئه السياسي في استراليا حين كان هاربا ويسكن مخيمات اللجوء في إيران. كان السيد (إبن رصول الله) رجل تربويا وذو تاريخ سياسي حافل وأحد مسئولي حزبا يساريا في محافظة النجف قبل هروبه إلى إيران، كان الرجل السيد قد برز كأحد قادة الانتفاضة الكبرى في مدينته. سألته عن الأحوال في مخيمات اللجوء الإيرانية، فقال بغض النظر عن الحالة المزرية، البرد، الجوع، القمل المحسن، لكن كنا نواجه ثلاثة أجهزة مخابرات شرسة في سعيها للنيل منا، الأولى كانت تتمثل بمن أرسلهم النظام البعثي معنا ليكونوا شهودا علينا فيما لو عدنا للعراق، والثانية كانت مخابرات النظام الإيراني، أما المخابرات الثالثة فقد كانت منا نحن اللاجئين وهي الأخطر، حيث كانوا يؤسسون إلى قاعدة بيانات بأسماء، اليساريين بالذات، لكي يكونوا أول الأهداف، قبل البعثيين، يوم تنتصر إيران، ويكون اليوم لهم!! بالرغم من أني لم أردف بسؤال آخر لكن الرجل أسهب في شرح التفاصيل لمدة تزيد على الساعة وسط استغراب الجميع وتعليقاتهم من حين لآخر، أنْ ليس هناك إرثا من الصراع الدامي يستدعي كل هذا الحقد الأعمى!!!! بالرغم من تطابق المواقف بين اليسار والإسلاميين من مسألة التعاون مع أمريكا لإسقاط النظام البعثي الهمجي، إلا أن الإسلاميين نأو بمواقفهم إلى الطرف الآخر. بالرغم من أن اليسار العراقي هو من تنازل للتيار الصدري عن كرسي في البرلمان المؤقت من أجل الإعلان عن حسن النوايا وتأسيسا لنوع راقي من التكافل السياسي والتلاحم الوطني لصد الهجوم الغاشم على الشعب العراقي والعراقيين ونجاح العملية السياسية، حدث بالفعل ذلك بالرغم من أن التيار الصدري هو الأبعد عنهم من الناحية الفكرية. بالرغم من أن الكتاب اليساريون كانوا المبادرين وأثبتوا إنهم من أقوى وأصلب المدافعين عن مواقف المرجعية في النجف الأشرف، وكانوا من أوائل الذين أشادوا بمواقفها ومازالوا يفعلون، ليس نفاقا بل إيمانا بسلامة مواقفها، بالرغم من مصادرة موقف المرجعية لجانب معين تجنيا على الآخرين، وخصوصا على حساب اليسار العراقي. كل ذلك في الوقت الذي يعرفون به إن مواقف هذا الطيف السياسي أبعد ما يكون من النفاق السياسي، ومعيارهم بذلك هو حقن الدماء والاستمرار بتدوير العجلة السياسية لبناء العراق الديمقراطي، لذا كانوا الأكثر تناغما مع مواقف المرجعية الدينية بما يتعلق الأمر بالجهود الرامية إلى درء الفتنة الطائفية، في الوقت الذي كان الآخرون يغذوها، ولكن سرا. بالرغم من أن الجميع يعرف إن أقدم الأطياف السياسية دفاعا عن العراق ووحدته وعن الحريات الديمقراطية في العراق هو اليسار العراقي، ومن أصلب المدافعين عن مصالح الطبقات المسحوقة والفقراء، ومن أكثر القوى التي قدمت قوافل من خيرة مناضليها قرابين على محراب الشهادة. وبالرغم من أن اليسار العراقي كانوا أول من أسس، ومازال يؤسس، لفكر وثقافة التوافق، حيث هم أول من وضع أسس التحالفات الوطنية من أجل الوصول على نظام ديمقراطي للعراق. بالرغم من أنهم قد تساهلوا بما سرق منهم من أصوات خلال الانتخابات من أجل أن تمضي العملية السياسية دون منغصات، وإليكم ما قاله لي مسئول في أحد الأحزاب اليسارية في أحد أقضية النجف، كنا نتوقع أن يكون لنا على الأقل أربعة آلاف صوت في القضاء والريف التابع له، وكان لنا من المبشرين الذين انتشروا في القرى والأرياف وفي أزقة المدينة أكثر من خمسماءة رفيق، ولكن جاءت النتائج أن ليس لنا صوت واحد، بما فيهم صوتي الانتخابي، تصور صوتي أنا قد تحول إلى قائمة أخرى بقدرة قادر في الخفاء!!!! وكان هذا الأمر ما حدث في كل محافظات الجنوب العراقي بشكل أو بآخر. في الواقع إن هذا الرجل ليس مجرد شاهد عيان، بل هو رجل سرقوا منه صوته الانتخابي شخصيا، ولكن بالرغم من ذلك لم تأخذ هذه القوى العاقلة موقفا حازما من أجل أن تمضي العملية السياسية بسلام. بالرغم من أنهم قد استبعدوا اليسار من أول حكومة منتخبة في العراق والتي كان ينبغي أن تكون حكومة توافقية تظم جميع أطياف الشعب، لكن الآخرين قد فهموا أن الأطياف العراقية على أنها فقط الأطياف القومية والطائفية ونسوا، أو بالأحرى، تناسوا أن هناك أطيافا سياسية أيضا. كادت التجربة أن تمر من دون رد فعل غير ما صدر من تصريحات لا تحمل غير العتاب، والذي يعني ضمنا أنه يحمل بطياته الود والحب، فقد كان الظن، من أنها سقطة سياسي محرج أمام طوفان من الضغوط السياسية والاستحقاقات التي لا قبل له بها واستيعاب إشكالاتها. لكن جاء ما لم يكن بالحسبان، وبعد بضع كلمات من الخطاب المنتظر، إن يدين أهم فصيل من الفصائل التي تشارك بالعملية السياسية، ويعلن ضمنا إنه يتبنى دجل البعثيين، أو كما يفعلون بقلبهم للحقائق، ويحشر اسم حفصة بين أسماء هي أغرب ما تكون عنها شكلا ومضمونا، وقميص حفصة البالي هذا كان البعث قد رفعه يوما ما كذريعة لارتكاب جرائمهم الوحشية بعد انقلاب شباط المشئوم. ما الذي يريد أن يقوله هذا الرجل المتدين المؤمن؟ فهل القصد من حشره لاسم حفصة هو النفاق السياسي لجهات قاطعت العملية السياسية؟ أم هو التأكيد على مواقف سابقة تتمثل بإقصاء الآخر؟؟؟؟ إما إذا كان القصد هو النفاق، فهو كإسلامي، أعرف بوصف الله سبحانه وتعالى للمنافقين، وكم مرة ذكرهم القرآن الكريم، أما إذا كان القصد هو التأكيد على مواقف سابقة بإقصاء الآخر، فإنهم يعرفون أيضا إن الإمام علي عليع السلام قال ""إن الدهر يومان، يوم لك ويوم عليك، فإذا كان لك فلا تبطر، وإذا كان عليك فلا تكفر""، وللأسف نراهم يبطرون من قبل أن يكفروا، والعياذ بالله من البطر والكفر معا. بقي هناك سؤال آخر، يتعلق بتلك الرواية عن قاعدة البيانات، فهل ما كان يرمي إليه من خطابه هو إن قاعدة البيانات تلك مازالت تأخذ الأولوية على طاولة الحكم؟ تلك الطاولة التي من أوصلهم إليها هو نضال الآخر ودماء شهدائه؟ بالرغم من هذا وذاك، سأبقى وفيا للعراق والعملية السياسية بإقامة نظام ديمقراطي، وسأدعم حتى الذين يحملون قواعد البيانات ماداموا يعملون الآن من أجل عراق ديمقراطي، وليس نظاما على مقاساتهم. وآخر القول، كنت متخوفا عليهم من مسيرة في حقول الألغام التي ضاعت خرائطها وفي مقال مازال منشورا على صفحات الإنترنت، ولكن للأسف كانت أول الخطى تقع على لغم يطيح بصداقة أقوى حليف وداعم للعملية السياسية ومازال الأوفى لها والعراق.
#حمزة_الجواهري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الجعفري والمسيرة وسط حقول الألغام
-
حتى الشعلان تعَرَق خجلا من تصريحات النقيب
-
الهروب للأمام لم يعد مجديا
-
زيارة رامسفيلد تعيد الصراع للمربع الأول
-
سقوط النظام الدكتاتوري، هل هو احتلال أم تحرير؟
-
هل هي حقا محاصصة طائفية وقومية؟
-
النظرية العلاوية في السياسة
-
على ذمة المنجمين، غرة ربيع الأول آخر موعد لتشكيل الحكومة
-
حارث الضاري يضع البرنامج الأمني للمرحلة القادمة
-
أغلال الحرية والديمقراطية في العراق
-
هل ستمضي العملية السياسية كما أريد لها؟
-
كان على الجميع أن يتوقعوا تأخير تشكيل الحكومة
-
مازق الدكتور الجعفري بتشكيل الوزارة
-
الثورة اللبنانية بقيادة منظمات المجتمع المدني
-
القوات المسلحة هي كلمة السر لتحالفات الفترة الانتقالية
-
مشاهد الانتخابات ليست مجرد مشاهد رومانسية
-
نصائح كسينجر وشولتز الجديدة للإدارة الأمريكية
-
المأزق الحقيقي بعد الانتخابات
-
الديمقراطية عدوهم اللدود
-
لم لا نحلم معا أيها الصديق؟
المزيد.....
-
هوت من السماء وانفجرت.. كاميرا مراقبة ترصد لحظة تحطم طائرة ش
...
-
القوات الروسية تعتقل جنديا بريطانيا سابقا أثناء قتاله لصالح
...
-
للمحافظة على سلامة التلامذة والهيئات التعليمية.. لبنان يعلق
...
-
لبنان ـ تجدد الغارات الإسرائيلية على الضاحية الجنوبية لبيروت
...
-
مسؤول طبي: مستشفى -كمال عدوان- في غزة محاصر منذ 40 يوما وننا
...
-
رحالة روسي شهير يستعد لرحلة بحثية جديدة إلى الأنتاركتيكا
-
الإمارات تكشف هوية وصور قتلة الحاخام الإسرائيلي كوغان وتؤكد
...
-
بيسكوف تعليقا على القصف الإسرائيلي لجنوب لبنان: نطالب بوقف ق
...
-
فيديو مأسوي لطفل في مصر يثير ضجة واسعة
-
العثور على جثة حاخام إسرائيلي بالإمارات
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|