|
دراسة قانونية بعنوان : وضعية دولة فلسطين في الأمم المتحدة على ضوء أحكام القانون الدولي.الاستحقاقات والاستثناءات......الحلقة رقم 5.
عبد الحكيم سليمان وادي
الحوار المتمدن-العدد: 4152 - 2013 / 7 / 13 - 16:55
المحور:
دراسات وابحاث قانونية
الحلقة رقم 5. المبحث الثاني : فلسطين و البحث عن الدولة في إطار الشرعية الدولية . لقد إضطرت منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي و الوحيد للشعب الفلسطيني بسبب المأزق العسكري والسياسي الذي وصلت إله بعد خروجها من لبنان سنة 1982 ، نتيجة تفاقم أزمتها الداخلية الناتجة عن تأثير المال السياسي في ضرورة إعادة النظر في المرجعية التي تستند إليها في المطالبة بالحقوق السياسية الفلسطينية وفي الأدوات النضالية ، ففي الشرعية التاريخية و الثورية التي تحدد الحقوق الفلسطينية بكامل أرض فلسطين الممتدة من النهر إلى البحر ، إنتقلت وبنوع من التجريبية السياسية إلى الشرعية الدولية حيث إعترفت بقرارات الشرعية الدولية الخاصة بقضية فلسطين ، بدون وضع أي إستراتيجية واضحة في كيفية التعامل مع هذه المستجدات الدولية و كذلك بدون التوافق الوطني الفلسطيني من حولها ، فمن سنة 1988 وفي كل مرة تتعثر فيها المفاوضات ما بين الإسرائيليين والفلسطينيين و تكون دولة الإحتلال الإسرائيلي مطالبة بدفع إستحقاقات التسوية و الإنسحاب من أرض فلسطين المحتلة لحدود سنة 1967 ، تهدد منظمة التحرير الفلسطينية باللجوء إلى الشرعية الدولية فيما تتمسك دولة الإحتلال الإسرائيلي بعدم الربط ما بين التسوية و قرارات الشرعية الدولية وعلى أثر فشل المفاوضات مع الفلسطينيين في كامب ديفيد الثانية ، قال المستشار القانوني لحكومة الإحتلال الإسرائيلي المدعو " إلياكين رون شتاين " حيث قال أن قرار مجلس الأمن 242 لا ينطبق على الأراضي الفلسطينية و كل الحكومات الإسرائيلية الاحقة رفضت الإحتكام للشرعية الدولية بسب الدعم الأمريكي وهذا ما دفع بالرئيس الفلسطيني في نهاية عام 2011 الذهاب للأمم المتحدة لإنتزاع الإعتراف بعضوية دولة فلسطين بعد ضياع سنوات المفاوضات منذ توقيع إتفاقية أوسلو سنة 1993.وحتى اللحظة. وهذا ما سنتطرق إليه من خلال ملابسات الإنتقال من الشرعية التاريخية إلى الشرعية الدولية( المطلب الأول)، وكذلك الموقف الدولي المتباين من عضوية فلسطين في الأمم المتحدة ( مطلب ثاني ) . المطلب الأول : ملابسات الإنتقال من الشرعية التاريخية إلى الشرعية الدولية . نقصد بالشرعية التاريخية أن حق الفلسطينيين في دولة لا يستمد من أي تفاهمات أو أي إتفاقات دولية أو أي قرارات دولية ، وبالتالي فحدود فلسطين السياسية هي حدودها التي كانت عليها قبل حرب سنة 1948 ، أما الدولة في إطار الشرعية الدولية فهي فلسطين التي تحددها قرارات و تفاهمات دولية بدأت منذ قرار التقسيم رقم 181 سنة 1947 ، ومازالت مستمرة حتى اليوم من خلال إشارات مبهمة إلى الدولة في مفاوضات خريطة الطريق أو بيانات الرباعية ، أو من خلال الطلب الذي تقدم به الرئيس محمود عباس في سنة 2011 . الفقرة الأولى: إنتقائية الإعتراف بقرارات الشرعية الدولية . إن الإعلان عن دولة فلسطين بالجزائر سنة 1988 ، عن قيام الدولة الفلسطينية المستقلة و ما ترتب عنه بإعتراف من قرارات الأمم المتحدة و بالتالي بما يسمى إسرائيل قد وجد إستجابة حذرة من طرف الولايات المتحدة الأمريكية التي إعتبرت أن إعلان الإستقلال في الجزائر كان مبهماً من حيث تحديد المرجعية القانونية الدولية ، حيث بدأت في إتصالات سرية و علنية شاقة مع منظمة التحرير الفلسطينية عبر وسطاء متعددين كان الهدف منها أن تعترف المنظمة بيهودية إسرائيل وبكل وضوح بالشروط الأمريكية وهي الإعتراف بالقرارين 242 و 338 الصادرين عن مجلس الأمن ، وكذلك نبذ الإرهاب و الإعتراف الواضح والصريح بما يسمى دولة إسرائيل. ولم يهدأ بال الأمريكيين إلا بعد أن قرأ الزعيم الفلسطيني ياسر عرفات بياناً في المؤتمر الصحفي الذي عقده في 14 ـ 12 ـ 1988 ، الذي يلبي الشروط الأمريكية في إدانته للإرهاب بشكل عام . وعليه فقد كان التوجه الفلسطيني نحو التسوية السياسية على قاعة القرارين مجلس الأم 242 ـ 338 دون غيرهما توجها لا يخلو من مخاطرة ، وخصوصا أن التحرك نحو التسوية لم يكن بمبادرة دولية أو تحت إشراف الأمم المتحدة بل كان تحت إشراف التصور الأمريكي للتسوية و في إطار الإستراتيجية الأمريكية في المنطقة ، وهكذا إستطاع الأمريكيون و مباركة عربية ، وخصوصا مصر والأردن والسعودية أن يجروا القيادة الفلسطينية إلى مواقعهم و يلزموها بشروطهم ، بحيث فقدت مبادرة السلام الفلسطينية روحها في تحقيق تسوية عادلة تحت مظلة وإشراف الأمم المتحدة ، حيث صرح الرئيس الأمريكي بوش الأب قائلا : " أن منظمة التحرير الفلسطينية أصدرت بيانا اليوم قبلت بموجبه قراري الأمم المتحدة 242 ـ و 338 و إعترفت بحق إسرائيل بالوجود بسلام و أمان و قد نبذت العنف ، وكنتيجة لذلك تعلن الولايات المتحدة الأمريكية إستعدادها لحوار جوهري مع ممثلي المنظمة . وهذا ما بين بداية الحوار الفلسطيني الأمريكي وتوقفه يوم 20 ـ 6 ـ 1990 ، شهدت المنطقة كثافة في الإتصالات و تعددا في المبادرات ومنها مبادرة شولتس الأمريكية و المبادرة الإسرائيلية و المبادرة المصرية ، والمبادرة الروسية التي قدمها شيفرناتزة ، فقد إستغلت الولايات المتحدة الأمريكية هذا التهافت على التسوية من أجل إفقاد المرجعية الدولية قيمتها و إستبدالها بمرجعية التفاوض ، وإستطاعت أن تجعل المنظمة الفلسطينية أن تحضر المفاوضات كطرف غير مساوم لبقية الأطراف الأخرى وأن لا تستمد بالحقوق الفلسطينية من قرارات الأمم المتحدة بل عبر ما يتم الإتفاق عليه على طاولة المفاوضات وهذا ما أكدته صياغة الوثيقة الأمريكية المكونة من خمس نقاط التي أعلن عنها وزير الخارجية الأميركي جيمس بيكر بتاريخ 6 ـ 12 ـ 1989 ، أن التصور الأمريكي للتسوية لا تتطرق إلى منظمة التحرير و لا تعترف بصفتها التمثيلية للشعب الفلسطيني كما أنها تتجاهل قرارات الشرعية الدولية ولا تتطرق إلى المؤتمر الدولي للسلام ، وأن أهم ما جاء في هذه المبادرة الأمريكية هو فتح حوار ما بين ما يسمى إسرائيل و الوفد الفلسطيني المفاوض بعد أن يتم تشكيله بإستشارة من مصر و إسرائيل و أمريكا ، و المقصود بذلك أن لدولة الإحتلال الإسرائيلي الحق في تحديد من ستتفاوض معهم ، وهذا ما يمنع أن تعطى المبادرة للفلسطينيين في إمكانية إختيار الأعضاء وكذلك في إثارة القضايا المتعلقة بكيفية نجاح المفوضات التي تم حصرها على أساس مبادرة الحكومة الإسرائيلية فقط. ورغم هذا الإجحاف فقد أعطت المنظمة موافقتها الأولية، ولكنها طلبت توضيحات من الإدارة الأمريكية والتي جاء رداً عليها بإرسال مذكرة توضيحية بوساطة مصرية وذلك بتاريخ 16 ـ 11 ـ 1981 ، ومما جاء في المذكرة التوضيحية قيام القوى السياسية الناشطة في الساحة الفلسطينية بتسمية أعضاء الوفد المشاركين في الحوار، والذي سيضم عشر أشخاص فقط ، ثمانية منهم فقط من الأرض المحتلة و إثنان من الخارج ، ومع ذلك أعطت أمريكا لإسرائيل حق النقض و الإعتراض على الأسماء حيث إستطردت تقول" أن أمريكا لا تستطيع و لن تحاول إرغام إسرائيل الجلوس مع أناس لا تقبل بهم كشركاء في الحوار" وكنوع للترضية لمنظمة التحرير الفلسطينية وبدون أن يكون ذلك ملزما لأمريكا و إسرائيل نصت المذكرة التوضيحية على أن " أمريكا لن تعارض قيام الفلسطينيين بالمطالبة في نقاش قراري مجلس الأمن 242 ـ 338 والحاجة لمؤتمر للسلام ، وعليه أرسلت المنظمة ردها في تاريخ 18 ـ 11 ـ 1989 ، وفيه تعلن قبولها بخطة جيمس بيكر مؤكد على ما يلي : 1 ـ إستعدادها لإجراء حوار بين وفد من المنظمة يمثل الشعب الفلسطيني من الداخل و خارج الأراضي الفلسطينية أما وفد من الحكومة الإسرائيلية . 2 ـ أن يكون جدول هذا الحوار مفتوحا و بدون شروط ، يطرح فيه كل وفد ما يشاء من موضوعات . 3 ـ أن يجري الحوار تحت إشراف الأمم المتحدة والدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن و مصر والسويد . 4 ـ أن يكون هذا الحوار خطوة تمهيدية نحو عقد المؤتمر الدولي للسلام في الشرق الأوسط الذي يعقد تحت إشراف الأمم المتحدة ، وعلى أساس قرارات الشرعية الدولية ، وتشارك فيه كافة أطراف الصراع في المنطقة ، وتحضره الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن للوصول إلى الحل العادل والشامل في المنطقة . ولكن سرعان ما إنتهى هذا الحلم و المراهنة الفلسطينية بسبب بداية إنهيار الإتحاد السوفيتي والمنظومة الإشتراكية ، و كذلك توقف الحوار الأمريكي الفلسطيني في تاريخ 20 ـ 6 ـ 1990 ، ثم بداية الزلزال العربي المتمثل في حرب الخليج الثانية التي إندلعت على أثر الغزو العراقي للكويت ، بإعتبار هذه الحرب قد غيرت الموازين في المنطقة و أعلنت تفاعلات جديدة للتسوية السلمية في ظل عالم متغير أحادي القطبية . وعليه ، وبعد هذا الإنهيار للنظام الإقليمي العربي وللإتحاد السوفيتي و ظهور نظام عالمي جديد تم عقد مؤتمر مدريد للسلام سنة 1991 ، وتلاه بعد ذلك توقيع إتفاقية أوسلو للسلام 1993 وما تلاه من إتفاقيات ثنائية بين الفلسطينيين و الإسرائيليين بعيدا عن إشارف الأمم المتحدة . مع العلم أن نصوص إتفاق أوسلو قد نسفت روح قراري 242 ـ و 338 وأفقدتهما قيمتها الدولية ، وذلك من خلال غياب الأمم المتحدة عن هذه المفاوضات و عن رعايتها إلى هذا الإتفاق ، إضافة إلى أن آلية تطبيق إتفاقية أوسلو كانت تسير بخط معارض لمقتضيات الشرعية الدولية بحيث كانت محكومة إلى مبدأ أن العقد شريعة المتعاقدين ، وليس تطبيقا لقرارات الشرعية الدولية . وهذا ما يوضح أسباب تراجع قرارات الشرعية الدولية كمرجعية للتسوية الدولية و إحلال محلها شرعية جديدة هي الشرعية التفاوضية . الفقرة الثانية : غياب تعامل عقلاني مع قرارات الشرعية الدولية . إن غالبية ما صدر عن المنتظم الدولي بخصوص ما سمي بالصراع في الشرق الأوسط بعد عام 1967 وحتى اللحظة ، هي توصيات غير ملزمة أو قرارات كانت ملزمة في حينها بالرغم من تباين التفسيرات حولها مثل : قرار 242 و338 ،إلا أن مستجدات الأحداث قللت من قوة إلزامية هذه القرارات. و صحيح أن العديد من توصيات الجمعية العامة وقرارات مجلس الأمن تعترف بحقوق للفلسطينيين وتعترف بهم كشعب بل وتعطيهم الحق في المقاومة، إلا أنها مع ذلك لا ترقى إلى درجة الاعتراف الواضح بحق الفلسطينيين في إقامة دولتهم المستقلة، إن هذا الحق متضمن بطريقة غير مباشرة في هذه القرارات والتوصيات، أو بشكل آخر إن تطبيق هذه القرارات قد يؤدي إلى قيام دولة فلسطينية، فهي تشكل الأرضية الدافعية القانونية والسياسية لقيام الدولة الفلسطينية كاملة العضوية وصاحبة السيادة على الأرض وليس كما تم التصويت عليها مؤخرا في الأمم المتحدة بتاريخ/29/11/2012 ومنحها عضوية مراقب فقط ، تكون محرومة من حقين أساسيين في الأمم المتحدة وهما أولا التصويت وثانيا الترشح في كافة الأجهزة التابعة للأمم المتحدة وليس بعضها لاسيما وإنها لا تستطيع الترشح لتكون دولة عضو في مجلس الأمن . إن أخطر ما صدر عن الأمم المتحدة بعد عام 1967 حتى الآن ، كان أكثرها إزعاجاً لإسرائيل هو القرار رقم 3379 الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة في 10/11/1975 والذي اعتبر الصهيونية (شكلا من أشكال العنصرية والتمييز العنصري) فهذا القرار شكل ضربة موجعة لإسرائيل وللحركة الصهيونية لأنه ينسف الأساس التاريخي والديني والأخلاقي للكيان الصهيوني من حيث اعتبار العقيدة التي يقوم عليها هذا الكيان شكلاً من أشكال العنصرية. وقد بقيت إسرائيل ومعها الولايات المتحدة تتحينان الفرصة لإبطال هذا القرار وهو ما حدث بعد حرب الخليج وانهيار المعسكر الاشتراكي وبالتالي تبدل موازين القوى داخل الجمعية العامة للأمم المتحدة . لا يعني ما سبق أن قراري مجلس الأمن رقم 242 و338 لا قيمة لهما ولا يخدمان القضية ، الفلسطينية والعربية، بل المقصود أن ما يسمي إسرائيل وأمريكا لديهم من أساليب المناورة والحجج القانونية ما يمكنهم من جعل هذين القرارين ليسا ذا قيمة للفلسطينيين. من المعلوم أن القرار 242 صدر بعد حرب 67 وقرار 338 بعد حرب 73 وهو يبين آليات تطبيق الأول المهم هو قرار 242 فهو يخاطب الدول المشاركة في الحرب ويدعو إلى: 1ـ سحب القوات الإسرائيلية من أراض (الأراضي) التي احتلتها في النزاع –حرب 1967 . 2ـ إنهاء جميع ادعاءات أو حالات الحرب واحترام واعتراف بسيادة ووحدة أراضي كل دولة في المنطقة واستقلالها السياسي وحقها في العيش بسلام ضمن حدود آمنة ومعترف بها وحرة من التهديد أو أعمال القوة، بعد ذلك يؤكد القرارـ ضمن أمور أخرى ـ على تحقيق تسوية عادلة لمشكلة اللاجئين،ومن الواضح أن القرار يخاطب الدول المشاركة في الحرب ولا يشير من قريب أو بعيد للحقوق السياسية للشعب الفلسطيني ولا لمنظمة التحرير الفلسطينية بل لم تُذكر كلمة فلسطين بتاتاً في هذا القرار ـ كما أنها لم تُذكر في قرار338، وحتى عندما تحدث القرار عن تسوية مشكلة اللاجئين لم يقل اللاجئين الفلسطينيين بل اللاجئين دون تحديد جنسيتهم . وكما هو معروف تزعم إسرائيل وأمريكا أن نص القرار هو سحب القوات الإسرائيلية من (أراض احتلتها في النزاع الأخير) وليس (الأراضي التي احتلتها...) والمقصود من ذلك أن تدعي إسرائيل أنها طبقت القرار بمجرد انسحابها من أي جزء من الأراضي المحتلة، والأخطر من ذلك عدم وصف الأراضي/أراض بأنها عربية بمعنى إسقاط هوية هذه الأرض وخصوصاً الضفة الغربية وقطاع غزة، وهو الأمر الذي سمح لإسرائيل فيما بعد الادعاء بحقوق تاريخية وتوراتية في الضفة الغربية بل سمح لها بضم الجولان أيضاً . إذن القرار يخاطب إسرائيل وسوريا ومصر والأردن، والأرض المقصودة هي الجولان وسيناء وغزة والضفة الغربية، وعليه فان الذين يجب عليهم المطالبة بتطبيق هذا القرار هي الدول الثلاثة المشار إليها وليس منظمة التحرير الفلسطينية المُغيبة عن القرار بل التي لم يكن قد أُعترف بها كممثل شرعي للشعب الفلسطيني آنذاك لا عربيا ولا دولياً ، قد يقول قائل إن الاعتراف حدث عام 1974وإنه في 30/7/88 تم فك الارتباط ما بين الأردن والضفة الغربية . إن منظمة التحرير الفلسطينية هي مسئولة عن الشعب الفلسطيني ومسئولة عن الأرض الفلسطينية وبالتالي يمكنها أن تحل محل الأردن ومصر، هذا كلام صحيح ونافذ بيننا كعرب ومفهوم حسب العقلية العربية ولكن لا قيمة له في القانون الدولي ولا يؤثر على منطوق القرار 242 أو تفسيره لان منظمة التحرير ليست عضواً كاملاً في الأمم المتحدة، وبالتالي موقف المنظمة المطالب لإسرائيل بتطبيق قرار 242 سيكون ضعيفاً لأنه موقف طرف غير معني في نظر القانون الدولي وسيكون موقف المنظمة أقوى إن كان مدعوماً بموقف عربي وخصوصاً من دول المواجهة. ومن هنا فإن اعتراف المنظمة بالقرارين المشار إليهما كان مكسباً إسرائيلياً أكثر مما كان مكسباً فلسطينياً وخصوصاً أنه لم يقابله اعتراف إسرائيلي واضح بالانسحاب الشامل من الأراضي المحتلة عام 1967 ولا اعتراف بحق الفلسطينيين في إقامة دولة مستقلة على هذه الأراضي . أن مصالح هذه الدول الكبرى تتجلى في توجهاتها الجديدة ضمن إطار العلاقات الدولية والمتمثلة في الانخراط في منظومة اقتصادية مشتركة وفى تكريس مبدأ الشراكة الإستراتيجية وفى التحالف ضد القوى الضعيفة. وضد الدول النامية وخاصة الدول العربية والإسلامية,حيث عملت بعد نهاية الحرب الباردة على تضخيم الشرعية الدولية على حساب المشروعية الدولية في إطار ما يسمى بالحرب على الإرهاب وهو ما يعنى بالنتيجة توسيع سلطات مجلس الأمن الذي تهيمن علية الدول الخمس الكبرى الدائمة العضوية فيه، كما إن الولايات المتحدة وحلفائها أصبحت تستخدم وبصورة سافرة القانون الدولي كأداة في يدها للسيطرة على الدول النامية وإخضاعها، وتحديدا في منطقة الشرق الأوسط وكذلك للسيطرة على منطقة الخليج العربي النفطية. وقد تجلى ذلك في تضخيم الشرعية الدولية على حساب المشروعية الدولية في الحرب على الإرهاب وتوسيع مفهوم الإرهاب ليشمل دولا وحركات مناوئة للسياسات الأمريكية والغربية والصهيونية. الفقرة الثالثة: آلية صدور القرارات الدولية و صفتها الإلزامية. على الرغم من خطاب الشرعية الدولية الذي بدأت منظمة التحرير الفلسطينية، تتبناه و تبني على أساسه التعامل مع القضية الفلسطينية في مرحلة التسوية السياسية إلا أن الملاحظ أنها لم تكن تتوفر على إستراتيجية واضحة للتسوية السلمية على أساس قرارات الشرعية الدولية . وقد دخلت معترك التسوية السياسية و الشرعية الدولية ولسان حالها يقول ، فلندخل ونرى ماذا سيحدث ، وكان لابد لهذه السياسة أن تؤدي إلى ما وصلت إليه الأمور اليوم . لا ريب أن كل ما صدر من قرارات و توصيات عن الشرعية الدولية بشأن القضية الفلسطينية لا يصل إلى طموحات هذا الشعب كما لا يتطابق مع حقوقه التاريخية ، إلا أنه يعد مكسبا سياسيا يجب التمسك به والعمل على مراكمته ، وإستغلاله للدفاع عن عدالة القضية الفلسطينية بناءا على إتفاقيات جنيف ولاهاي و المعاهدات الدولية الخاصة بالأراضي المحتلة و كيفية التعامل معها ، إضافة إلى إستغلال الرأي الإستشاري لمحكمة لاهاي بشأن جدار الفصل العنصري ، بالإضافة إلى تقرير غولدستون الخاص بالحرب على غزة سنة 2008 - 2009 ، وتعتبر جميعها إنجازات تضفي طابعا دوليا على القضية الفلسطينية ، و تكرس وجود الشعب الفلسطيني كشعب خاضع للإحتلال و تنقل قضيته و معاناته إلى العالم في وقت أصبح فيه للإعلام وللرأي العام العالمي تأثيراً في تطور الأحداث في مختلف بقاع العالم . و المشكلة لا تكمن في هذه القرارات الدولية بل أيضا في فهم ملابسات صدورها، وفي كيفية التعامل معها فلسطينيا و عربيا و دوليا . لقد كانت القضية الفلسطينية تطرح في المحافل الدولية ، كقضية لاجئين ولم يتحول نظر العالم للفلسطينيين إلا بعد أن حمل الفلسطينيون السلاح و مارسوا الكفاح المسلح بناء على حقهم الشرعي في تقرير المصير ، والذي كفلته القوانين الدولية ، فالبندقية الفلسطينية هي التي جعلت العالم يتعامل معهم كشعب له قضية سياسية يناضل من أجل الإستقلال و الحرية و تقرير المصير . وعليه بدأ العالم أجمع يدرك أن هناك شعبا له هوية وله قضية وطنية سياسية وليس مجرد لاجئين ، ومنذ ذلك الوقت بدأت الأمم المتحدة تتعامل مع القضية الفلسطينية بمنظور مختلف وبدأت تصدر قرارات و توصيات تؤكد على حق الشعب الفلسطيني بالنضال لإسترداد حقوقه وعلى رأسها حقه في تقرير مصيره، وتندد بالسياسة الإستعمارية الصهيونية في فلسطين. نستنتج مما سبق أن الإهتمام العالمي بالقضية الفلسطينية ، وما صدر عن الأمم المتحدة من قرارات و توصيات تعترف بحقوق الشعب الفلسطيني لم تأتي كمنحة من أحد، بل جاءت كتجاوب من المنتظم الدولي مع النضال الفلسطيني من خلال البندقية الفلسطينية والشهيد الفلسطيني و الأسير الفلسطيني و معانات الشعب الفلسطيني ... كل هذا أجبر العالم على الإعتراف بالحقوق السياسية لهذا الشعب مع العلم أن قرارات و توصيات لا ترقى لطموحات الشعب الفلسطيني لأنها لا تنص على قيام دولة فلسطينية ولا تعطيه حقا قانونيا واضحا بتأسيسها ، إلا أنها تهيئ الظروف المناسبة لتأسيس دولته مستقبلا و تضع اللبنات الأولى على طريق الدولة ، وحتى ترقى هذه القرارات والتوصيات إلى المستوى الإعتراف الواضح و المباشر بالدولة الفلسطينية ، كان الأمر يحتاج المزيد من النضال و خصوصا في الجانب الدبلوماسي والسياسي ، وعدم الإكتفاء بما صدر من قرارات هزيلة أثبتت عدم جدية المنتظم الدولي في تطبيق قراراته وعدم قدرته على إلزام دولة الإحتلال الإسرائيلي بتطبيقها ، والإنسحاب من الأراضي الفلسطينية المحتلة . مع تحياتي ونلتقي في الحلقة رقم 6 بهذا العنوان : المطلب الثاني :الموقف الدولي المتباين من عضوية فلسطين في الأمم المتحدة. دراسة قانونية بعنوان : وضعية دولة فلسطين في الأمم المتحدة على ضوء أحكام القانون الدولي.الاستحقاقات والاستثناءات......المقالة رقم 6. د.عبد الحكيم سليمان وادي..رئيس مركز راشيل كوري الفلسطيني لحقوق الإنسان ومتابعة العدالة الدولية.
#عبد_الحكيم_سليمان_وادي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
تعريف مفهوم الإسلام السياسي .
-
وضعية دولة فلسطين في الأمم المتحدة على ضوء أحكام القانون الد
...
-
مشروع الشرق الأوسط الجديد مهد الطريق للربيع العربي الفوضوي
-
وضعية دولة فلسطين في الأمم المتحدة على ضوء أحكام القانون الد
...
-
الموضوع: استراتيجيات التفاوض...الحلقة 6
-
وضعية دولة فلسطين في الأمم المتحدة على ضوء أحكام القانون الد
...
-
دراسة قانونية بعنوان : وضعية دولة فلسطين في الأمم المتحدة عل
...
-
المفاوضات ..التعريف ولغات التواصل...الحلقة 5
-
أنواع المفاوضات
-
ما هو المقصود بالمفاوضات قانونيا. الحلقة الثانية
-
ما هو المقصود بالمفاوضات قانونيا ؟
-
الاستثناءات الواردة على مبداء عدم اللجوء لاستخدام القوة في ا
...
-
بحث قانوني: حماية الفئات الهشة في ظل النزاعات المسلحة
-
بحث قانوني: أزمة تطبيق قرارات الشرعية الدولية ,فلسطين نموذج
-
بحث قانوني بعنوان : الدولة وأنواع الحدود
-
بحث بعنوان: ماهية البعثات الخاصة
-
بحث بعنوان :أسباب انتهاء العلاقات القنصلية
-
الأمن القومي العربي و الأخطار الجديدة
-
الصين والأمن القومي العربي
-
الاعتراف بالدولة الفلسطينية وانواعة القانونية
المزيد.....
-
الخارجية الفلسطينية: تسييس المساعدات الإنسانية يعمق المجاعة
...
-
الأمم المتحدة تندد باستخدام أوكرانيا الألغام المضادة للأفراد
...
-
الأمم المتحدة توثق -تقارير مروعة- عن الانتهاكات بولاية الجزي
...
-
الأونروا: 80 بالمئة من غزة مناطق عالية الخطورة
-
هيومن رايتس ووتش تتهم ولي العهد السعودي باستخدام صندوق الاست
...
-
صربيا: اعتقال 11 شخصاً بعد انهيار سقف محطة للقطار خلف 15 قتي
...
-
الأونروا: النظام المدني في غزة دُمر.. ولا ملاذ آمن للسكان
-
-الأونروا- تنشر خارطة مفصلة للكارثة الإنسانية في قطاع غزة
-
ماذا قال منسق الأمم المتحدة للسلام في الشرق الأوسط قبل مغادر
...
-
الأمم المتحدة: 7 مخابز فقط من أصل 19 بقطاع غزة يمكنها إنتاج
...
المزيد.....
-
التنمر: من المهم التوقف عن التنمر مبكرًا حتى لا يعاني كل من
...
/ هيثم الفقى
-
محاضرات في الترجمة القانونية
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
قراءة في آليات إعادة الإدماج الاجتماعي للمحبوسين وفق الأنظمة
...
/ سعيد زيوش
-
قراءة في كتاب -الروبوتات: نظرة صارمة في ضوء العلوم القانونية
...
/ محمد أوبالاك
-
الغول الاقتصادي المسمى -GAFA- أو الشركات العاملة على دعامات
...
/ محمد أوبالاك
-
أثر الإتجاهات الفكرية في الحقوق السياسية و أصول نظام الحكم ف
...
/ نجم الدين فارس
-
قرار محكمة الانفال - وثيقة قانونيه و تاريخيه و سياسيه
/ القاضي محمد عريبي والمحامي بهزاد علي ادم
-
المعين القضائي في قضاء الأحداث العراقي
/ اكرم زاده الكوردي
-
المعين القضائي في قضاء الأحداث العراقي
/ أكرم زاده الكوردي
-
حكام الكفالة الجزائية دراسة مقارنة بين قانون الأصول المحاكما
...
/ اكرم زاده الكوردي
المزيد.....
|